مر عام على أحداث
طوفان الأقصى التي انطلقت في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وقد قامت كتائب
القسام بذلك دفاعا عن حرمة المسجد الأقصى، ورغم الخسائر البشرية والمادية التي حلت
بالمقاومة سواء في غزة أو لبنان إلا أن هذا اليوم غيّر معالم المرحلة القادمة، فقد
أصيب الكيان الصهيوني بالوهن رغم ما يمتلكه من سلاح وعتاد ومساندة أمريكية وغربية،
ولم يبتعد هذا الوهن عن
اقتصاده الذي بات هشا ومعرضا لخطر الإفلاس.
فمع تصعيد الكيان
الصهيوني الحرب في الجبهة الشمالية ضد حزب الله، أعلنت وكالة موديز الدولية للتصنيف الائتماني خفض
تصنيف إسرائيل الائتماني
من "A2" إلى "Baa1"، وذلك للمرة
الثانية هذا العام، وهذه المرة بدرجتين.
وأشارت الوكالة
إلى وجود مخاوف من تفاقم المخاطر السياسية المحلية والمخاطر الجيوسياسية، مع عواقب
سلبية مادية على الجدارة الائتمانية للبلاد في الأمد القريب والبعيد، حيث إن
إسرائيل ليس لديها استراتيجية خروج من الصراع العسكري، لاستعادة مستوى اليقين
والأمن، لذا لا تتوقع الوكالة انتعاشا اقتصاديا سريعا وقويا. وتوقعت موديزأن ينمو الاقتصاد الإسرائيلي بمعدل بطيء قدره 0.5
في المئة في عام 2024، وخفضت
توقعاتها للنمو للعام المقبل إلى 1.5 في المئة، من 4
في المئة سابقا.
التخفيضات المستمرة للتصنيف الائتماني لإسرائيل لن تتوقف ما دام هناك توسع وامتداد لتلك الحرب الجائرة، وسوف يكون أثرها على اقتصادها انتكاسة حقيقية، خاصة وأن الاقتصاد الإسرائيلي يعاني من الشلل التام. فالمزيد من هذه التخفيضات، من شأنه أن يخلق ذعرا لدى المستثمرين ويؤدي إلى المزيد من هروب رأس المال خارج الكيان الصهيوني
ولم تمر أيام على
تصنيف موديز، وبعد قيام إيران بإطلاق عدد كبير من الصواريخ البالستية
على إسرائيل، قامت وكالة ستاندرد آند بورز (S&P) العالمية كذلك بتخفيض التصنيف
الائتماني لإسرائيل، للمرة الثانية هذا العام، حيث خفضت الوكالة تصنيف إسرائيل من "+A" إلى "A"، وحافظت على توقعات سلبية، مشيرة إلى أن هناك مخاطر من تصعيد القتال مع حزب
الله في لبنان وخطر حرب مباشرة أكثر مع إيران، مما يسرع تداعيات ذلك على الاقتصاد
والمالية العامة لإسرائيل. فالنشاط العسكري الإسرائيلي في غزة وتصاعد القتال عبر الحدود الشمالية -بما في ذلك الاجتياح البري في لبنان- قد يستمر حتى عام 2025، مع مخاطر
الانتقام من إسرائيل. وأضافت الوكالة أنها تتوقع أن تؤدي التهديدات الأمنية
المتزايدة إلى إضعاف ثقة المستهلكين والمستثمرين، في حين ستظل قطاعات السياحة
والبناء والزراعة متأثرة. وحذرت من أن عملية برية أوسع نطاقا في لبنان التي تتطلب استدعاء قوات
الاحتياط من شأنها أيضا أن تقيد التعافي الاقتصادي في الأمد القريب.
ولا شك أن هذه
التخفيضات المستمرة للتصنيف الائتماني لإسرائيل لن تتوقف ما دام هناك توسع وامتداد لتلك الحرب الجائرة، وسوف يكون أثرها على
اقتصادها انتكاسة حقيقية، خاصة وأن الاقتصاد الإسرائيلي يعاني من الشلل التام. فالمزيد من هذه التخفيضات، من شأنه أن يخلق ذعرا لدى
المستثمرين ويؤدي إلى المزيد من هروب رأس المال خارج الكيان الصهيوني. وقد أشار
تقرير نشرته صحيفة "كالكاليست" المالية العبرية إلى أن المستثمرين المؤسسيين حولوا
مبالغ ضخمة تقدر بمبلغ 151 مليار شيكل (40 مليار دولار) إلى خارج إسرائيل منذ اندلاع الحرب مع حركة
حماس.
وهروب هذه
الاستثمارات يؤدي بالطبع إلى التأثير سلبا على الإنتاج، وإضعاف العملة الإسرائيلية
(الشيكل). وهذا الضعف للشيكل سيزيد من تكاليف الاستيراد، ومن ثم
زيادة تكلفة المعيشة وتسارع التضخم، لا سيما وأن آخر بيانات لمنظمة التعاون
الاقتصادي والتنمية (OECD) كشفت أن إسرائيل
احتلت المركز الأول في قائمة الدول المتقدمة من حيث غلاء المعيشة في عام2022 ، حيث كانت الأسعار في إسرائيل
أعلى بنسبة 38
في المئة من المتوسط مقارنة بدول (OECD).
وللحد من التضخم
سوف تتجه الحكومة الإسرائيلية لرفع سعر الفائدة وهو ما ينتج عنه زيادة عبء الرهون
العقارية وديون الأسر والشركات، بل إن رفع سعر الفائدة سيزيد من تكلفة القروض الحكومية، التي من المتوقع أن
تزداد بفعل ظروف الحرب وارتفاع النفقات الأمنية وتكاليف إعادة الإعمار، وهو ما
يؤدي إلى تفاقم عجز الموازنة في السنوات المقبلة. وقد يؤدي تقاطع هذه العوامل إلى تراجع النمو الاقتصادي
ومزيد من التخفيضات للتصنيف الائتماني لها في المستقبل.
دولة الكيان الصهيوني باتت فاقدة للاستقرار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، حتى أن هيئة البث الإسرائيلية ذكرت أن نحو ربع الإسرائيليين فكروا في مغادرة البلاد خلال العام الماضي. وشرارة طوفان الأقصى التي انطلقت منذ عام لها ما بعدها، ليس على المنطقة فحسب، بل على العالم أجمع
إن تكاليف الحرب
المباشرة على إسرائيل منذ اندلاعها في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وصلت إلى
أكثر من 250 مليار شيكل (67.6 مليار
دولار)، وهو ما أدى إلى ارتفاع العجز المالي في إسرائيل في آب/ أغسطس
الماضي إلى 8.3
في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الشهر الخامس الذي ظل
فيه العجز أعلى من الهدف السنوي للحكومة البالغ 6.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي المحدد لنهاية عام 2024.
كما أن الحكومة
لن تتوقف احتياجاتها لتعويض التكاليف العسكرية والمدنية المتزايدة للحرب، ولا مفر
لديها من سياسة تقشفية بخفض الإنفاق في مجالات أساسية كالتعليم والصحة لصالح البعد
العسكري، وهو ما سوف ينتج عنه كذلك وجود زيادات ضريبية لزيادة دخل الدولة والتعامل
مع فجوة مالية في عام2025 تقدر بنحو 30 إلى 40 مليار شيكل.
إن دولة الكيان
الصهيوني باتت فاقدة للاستقرار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، حتى أن هيئة البث
الإسرائيلية ذكرت أن نحو ربع الإسرائيليين فكروا في مغادرة البلاد خلال العام
الماضي. وشرارة طوفان الأقصى التي انطلقت منذ عام لها ما بعدها، ليس على المنطقة فحسب، بل على العالم أجمع، وإذا كانت
القوة العسكرية في صالح هذا الكيان فإن قوة الإعداد والإيمان لا تنفك عن المرابطين
في غزة ولبنان. وما يعاني منه الاقتصاد الإسرائيلي من ترهل وضياع لن
يجعله يستمر في حرب لا قبل له من قبل، سواء من حيث المدة أو الخسائر، وهروب نتنياهو مما ينتظره من مساءلة قضائية تلاحقه بمد أمد هذه الحرب أوشك
على الانتهاء.
x.com/drdawaba