ملفات وتقارير

من مُشاركة الأساتذة إلى إقصاء الأمازيغية.. انتقادات تُلاحق "الإحصاء" في المغرب

مشاركة 17 ألفا و162 إطارا تربويا وإداريا في عملية الإحصاء بالمغرب- و.م.ع
مشاركة 17 ألفا و162 إطارا تربويا وإداريا في عملية الإحصاء بالمغرب- و.م.ع
منذ اللحظة الأولى التي أُعلن فيها عن انطلاق عملية الإحصاء في المغرب، تم تداول جُملة من الانتقادات بخصوص عملية تنظيمه، انطلاقا من مشاركة الأساتذة فيه، مع تزامن الموسم الدّراسي الحالي، ما يعني وفقا للمنتقدين، تخلّفهم عن الأقسام الدراسية لمُدّة أربعة أسابيع.

كذلك، من الانتقادات التي تسارعت على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، على عملية الإحصاء في المغرب، هو إشارات من المواطنين، بإقصاء الأمازيغية، في الوقت الذي لا يفهم فيه الكثير من المغاربة، اللهجة المغربية المتداولة (الدّارجة).

تبادل للتّهم.. وانتقادات مُتسارعة
وفي هذا السياق، انتقد عزيز غالي، وهو رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، مُشاركة عدد من رجال ونساء التعليم في الإحصاء العام للسكان والسكنى، من خلال وصفهم بـ"العطاشة" وهي كلمة بالدّارجة المغربية تشير إلى من يبحث عن كل الفرص الصغيرة للزّيادة في مدخوله، أو كل من يسرق فرص شغل مؤقتة من الطلبة والمعطلين.

وأوضح غالي، خلال منشور له على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أن "مكان رجل التعليم ونساء التعليم في شهر سبتمبر هو القسم، وليس الإحصاء، وذلك من أجل المصلحة الفضلى للتلاميذ وصورة المدرسة العمومية".

وأضاف المتحدث: "قبل كنّا نقول هذا تعليم طبقي أولاد الشعب في الزناقي (الشوارع).. الآن مع الإحصاء سنقول أولاد الشعب في الزناقي، العطّاشة في الإحصاء". وهو ما خلّف موجة انتقادات "عارمة" خاصة من طرف رجال ونساء التّعليم أنفسهم، ممّن أعربوا عن الاستياء من استهدافهم.



من بينهم، جمال سكيم، وهو أستاذ، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وجّه منشوره إلى غالي، بالقول: "موقعك الحُقوقي يفرض عليك تحديد الجهة التي قامت بالخرق، وتحليل الأسباب والغايات التي دفعت الدولة إلى هضم حق التلاميذ في التعليم لمدة مهمة".

ودعا الأستاذ نفسه، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، لضرورة تحديد الأسباب التي وصفها بـ"الملموسة والحقيقية وراء بطالة المعطلين، وتحميل الدولة كامل المسؤولية في ذلك، عوض تدوينات هنا وهناك توجّه وعي المعطل في اتجاه القبول بالعمل المياوم، وجعله كتلة احتياطية في يد الدولة بهدف استعماله وقت حاجتها له".

"عليك أن تضغط على الدولة لاحترام تكوين الطلبة، لأن مكانهم الطبيعي في سبتمبر هو المعاهد والكليات ومراكز التكوين وليس الإحصاء، عوض إعطائها الضوء الأخضر للاستفادة من خدماتهم لمدة شهر" أضاف الأستاذ، خلال المنشور نفسه، الذي حظي بتفاعل واسع.

اظهار أخبار متعلقة


وختم الأستاذ، منشوره بالقول: "عليك أن تطرح أسئلة كبرى مرتبطة بهدر المال العام في الإحصاء العام للسكان والسكنى، خصوصا في ظل التطور التكنولوجي وتوفر الدولة على جزء كبير من المعطيات الرسمية بشكل دائم.. بمعنى قم بطرح أسئلة كبيرة وعميقة تلائم وضعك كرئيس أكبر جمعية حقوقية في البلد".

وفي الوقت الذي أدّت فيه مشاركة 17 ألفا و162 إطارا تربويا وإداريا، لانتقادات لاذعة على "رجال ونساء" التعليم الذين قبلوا المشاركة في عملية الإحصاء التي تتزامن مع موعد الدخول المدرسي؛ قلّل وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي، من تأثير مشاركة الأساتذة في عملية الإحصاء.

إلى ذلك، دافع شكيب بنموسى، وهو وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، عن مشاركة الأساتذة في عملية الإحصاء العام للسكان والسكنى التي انطلقت بداية أيلول/ سبتمبر الجاري، مؤكدا أن "أثرها على الدخول المدرسي وتحصيل التلاميذ يبقى محدودا".

وأوضح بنموسى، عبر ندوة صحفية، الجمعة الماضية، أن "حوالي 17 ألفا من الأطر التربوية والإدارية يشاركون في عملية الإحصاء موزعين على مختلف الأقاليم، وبعملية حسابية بسيطة فهم يشكلون تقريبا 30 في المئة من المشاركين في عملية الإحصاء البالغ عددهم 50 ألفا تقريبا".

وأضاف: "نتوفّر في المجمل على 280 ألف أستاذ ما يجعل الأثر محدودا على السير العادي للدراسة"؛ مبرزا في الوقت نفسه، أن "أغلبية الأساتذة المشاركين في الإحصاء يدرسون مادة واحدة وداخل المؤسسة والمديريات الإقليمية، يتم إيجاد حلول محلية".

مسؤولون على خط النّقاش
رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، قد دعا، في وقت سابق، الوزراء وكافة المسؤولين عن الإدارات والمؤسسات العمومية والمصالح اللاممركزة التابعة لهم، وكذا الجماعات الترابية، إلى الترخيص للموظفات والموظفين العاملين تحت إشرافهم ممن تتوفّر فيهم الشروط المطلوبة والذين سيتم انتقاؤهم في المشاركة في الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024، الذي سينطلق في فاتح أيلول/ سبتمبر الجاري، وسوف ينتهي في الـ 30 من الشهر نفسه.

كذلك، كان أحمد الحليمي علمي، وهو المندوب السامي للتخطيط (المؤسسة المشرفة على عملية الإحصاء)، قد شدّد على أهمية تكوين المنظومة البشرية باعتبارها عاملا حاسما في نجاح الإحصاء العام للسكان والسكنى، مشيرا إلى أن "المندوبية السامية للتخطيط أرست نظاما معلوماتيا لانتقاء المشاركين الأكثر ملاءمة لوظيفة الباحثين والمراقبين والمشرفين، الذين سوف يشكلون الموارد البشرية لإحصاء 2024".

وأوضح في حوار سابق مع "وكالة المغرب العربي للأنباء" (رسمية) أنه "من بين 500 ألف ترشيح تم تلقيه، تم الاحتفاظ بـ 55 ألف مرشح بعد عدة مراحل للانتقاء. وتم بعد ذلك استدعاء هؤلاء لمتابعة التكوين الحضوري، بتأطير من المشرفين الإقليميين للمندوبية، بغية تعزيز مكتسباتهم عن طريق الممارسة".

أين هي الأمازيغية؟
في ظل تبادل التّهم والانتقادات بين عدد من الشخصيات، بخصوص المُشاركة في الإحصاء، اختار عدد من رواد مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، الاستفسار عن جدوى عملية الإحصاء بأكملها، في الوقت الذي تتوفّر فيه السلطات سلفا، على كافة المعلومات المُستفسر بخصوصها.



كذلك، أبرز مواطنون كُثر عبر عدد من التغريدات والمنشورات، رصدتها "عربي21" على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، أنّ عملية الإحصاء الجارية حاليا في كافة ربوع المغرب، قد عمدت إلى "إقصاء واضح للأمازيغية في الاستمارات، وسارت نحو استخدام اللغة الدارجة المغربية في طرح الأسئلة"، وهو ما أكّدوا أنه "سوف يؤثّر على دقة النتائج".

Image1_9202413155428651895073.jpg

Image1_9202413155515448322113.jpg

وفي السياق نفسه، كشفت الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي، أن "المندوبية السامية للتخطيط قد فشلت في عملية الإحصاء العام للسكن والسكنى لسنة 2024، خاصة فيما يتعلق بتفسير أحكام الدستور المتعلقة بالتعدد اللغوي في المغرب، حيث خلطت بين اللغة العربية والدارجة المغربية، رغم أن هناك فرقا بينهما".

وأشارت الجمعية، عبر بلاغ لها، وصل "عربي21" نسخة منه، إلى أن "المندوبية بقيادة أحمد الحليمي علمي المندوب السامي للتخطيط، استمرّت في الأخطاء السابقة خلال كل عملية إحصاء، حيث تصنف المغاربة وفقا للتعبيرات التي يتحدثون بها".

اظهار أخبار متعلقة


"هذا التصنيف، في عمقه، هو تصنيف إثني أكثر منه ديموغرافي"، تابع البلاغ نفسه، مردفا أن "هناك إصرارا على تقزيم عدد المتحدثين بالأمازيغية بالمغرب، من خلال تصنيف المواطنين في المدن الكبرى على أنهم يتحدثون بالعربية".

Image1_9202413155551101349687.jpg

وأكدت أن "المندوبية تتعامل بكيل بمكيالين عند الحديث عن لغات المغاربة، فعندما يتعلق الأمر باللغة الأمازيغية، يتم التفريق بين أمازيغية الريف وأمازيغية الأطلس وأمازيغية سوس، بينما لا تتطرق المندوبية عند الحديث عن الدارجة إلى اختلاف التعبيرات الدارجة في مختلف مناطق المغرب (دارجة الشمال، دارجة الشرق، دارجة الغرب، دارجة الوسط، ودارجة الجنوب)".
التعليقات (0)