طالبت عائلة الطبيب
الفلسطيني إياد الرنتيسي، بالتحقيق في ظروف وفاته داخل
سجون الاحتلال، بعد اعتقاله من أحد الحواجز العسكرية جنوب
غزة، في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
وتتكتم قوات الاحتلال على استشهاد الطبيب الرنتيسي لمدة تزيد على السبعة أشهر، ما أثار شكوكا لدى عائلته تدفعها للمطالبة بالتحقيق في الأسباب الحقيقية لوفاته، خاصة أنه لم يكن يعاني من أي مشاكل صحية.
واعتقل الرنتيسي في 10 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، عند حاجز للجيش الإسرائيلي أثناء نزوحه مع أسرته من شمال قطاع غزة إلى المناطق الجنوبية منها، لتفقد أسرته أي نبأ عن مصيره حتى تاريخ 19 حزيران/ يونيو الجاري.
ففي ذلك التاريخ، كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية الخاصة أن الطبيب الرنتيسي، الذي كان مديرا لمستشفى نسائي في مدينة بيت لاهيا بقطاع غزة، توفي في مركز تحقيق تابع لجهاز الأمن الداخلي "الشاباك" في مدينة عسقلان، بعد أسبوع من اعتقاله.
اظهار أخبار متعلقة
تفاصيل يوم الاعتقال
تقول رندا زوجة الطبيب الرنتيسي، إن زوجها اُعتقل على يد قوة لجيش الاحتلال متمركزة على حاجز عسكري بمحور نتساريم، الذي يفصل شمال غزة عن جنوبه، وزعمت "تل أبيب" آنذاك أنه ممر آمن.
وتضيف الزوجة المكلومة راوية تفاصيل هذا اليوم الصعب بالنسبة لعائلتها: "توجهنا في ذلك التاريخ إلى الممر الآمن المزعوم للنزوح إلى المناطق الجنوبية، بناء على أوامر الجيش للمتواجدين شمال قطاع غزة".
وتتابع: "كان زوجي حينها على رأس عمله بمستشفى (أصدقاء المريض) في مدينة غزة يجري عملية جراحية لإحدى السيدات، وعندما انتهى منها رافق العائلة (الزوجة وأبناءه الثلاثة ووالدته وشقيقته) في رحلة النزوح، ولم يسعفه الوقت لتبديل ملابس عمله (زي الأطباء الأخضر) التي كانت تحوي بقعا من دماء الجرحى"، وفق ما صرحت به لوكالة الأناضول.
وتستطرد: "أثناء مرور العائلة ضمن أعداد أخرى من النازحين عبر الحاجز العسكري بمحور نتساريم، الواقع على شارع صلاح الدين شرق مدينة غزة، أمر الجيش الإسرائيلي النازحين بالنظر إلى الأمام وعدم الالتفات، قبل أن يأمرهم بالتوقف عن السير، ليبدأ في عملية تصويرهم والتدقيق في هوياتهم".
وتواصل: "فجأة أمر الجنود الطبيب الرنتيسي بالتوجه إلى النقطة العسكرية على الحاجز، وحين وصل إلى هناك أجبروه على الجلوس على ركبتيه، فيما تلقى الجميع أوامر باستئناف السير مرة أخرى".
وتشير إلى أنهم بعد أن عبروا من الحاجز سمعوا أصواتا لإطلاق نار من قبل الجيش الإسرائيلي على نازحين، فيما هرعت سيارات إسعاف إلى المكان، ونقلت العديد من الشهداء والجرحى إلى مستشفى "شهداء الأقصى" شرق مدينة دير البلح، وسط القطاع.
وقالت: "حينها شعرنا بالخوف والقلق"، لافتة إلى أن العائلة أخذت تستفسر عن مصير الرنتيسي وعن ما حدث له عبر سؤال نازحين فروا من المكان بسرعة خشية استهدافهم من الجيش، حيث توقع البعض إطلاق سراحه، فيما قال البعض الآخر إنه اُعتقل.
اظهار أخبار متعلقة
التكتم على الوفاة
وتعرب الزوجة عن صدمة العائلة من وفاة الطبيب الرنتيسي، الذي كان يتمتع بصحة جيدة، بعد اعتقاله بأسبوع واحد، والتكتم الإسرائيلي على هذا النبأ مدة سبعة أشهر.
وتشير إلى أن المعاناة من فقدان زوجها بدأت مع العائلة منذ اللحظة الأولى لوصولهم إلى مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة، حيث بقيت العائلة تبحث في كل يوم عن بصيص أمل حول مصيره.
وفي هذا الصدد، تواصلت العائلة مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر في محاولة لمعرفة مصير ابنها الطبيب، لكنها لم تتلق أي معلومات بالخصوص، وبقيت تنتظر على أحر من الجمر.
وتستغرب رندا الأنباء التي تحدثت عن وفاة زوجها بأزمة صدرية، وتؤكد أن الرنتيسي البالغ من العمر 53 عاما "لم يكن يعاني من أي أمراض، بل كان معطاء نافعا للناس محبوبا من الجميع".
وتتساءل مستنكرة: "ما هو الذنب الذي ارتكبه الرنتيسي والكوادر الطبية التي تم اعتقالها من المستشفيات والمراكز الطبية في غزة؟ ما ذنب هذه الكوادر الطبية التي تقدم خدمة إنسانية للمدنيين؟"، مطالبة دولة الاحتلال بتسليم العائلة جثمان زوجها.
إخفاء قسري
من جهتها، تقول هناء شقيقة الطبيب إياد الرنتيسي وشقيقة الأسير سهيل الرنتيسي: "فقدت العائلة أخي الطبيب إياد ولا نريد أن نفقد أخي سهيل، الذي يتعرض لظروف اعتقال سيئة للغاية".
وتضيف: "منذ اعتقال شقيقي إياد الرنتيسي وحتى الإعلان عن استشهاده أثناء التحقيق معه في سجن عسقلان، لم نصل لأي معلومة عنه".
وتتابع: "كنا نحاول معرفة أي معلومة عنه من خلال الأسرى المحررين، لكن المعلومات كانت إما غير صحيحة أو غير دقيقة".
وتطالب هناء بإجراء تحقيق فوري وعاجل في ظروف اعتقال شقيقها الطبيب، وأسباب وفاته، خاصة أنه كان يتمتع بصحة جيدة وقت اعتقاله، ولم يكن يعاني من أي أمراض أو مشاكل صحية، مستغربةً من وفاته بعد أسبوع من اعتقاله وعدم الإعلان عن ذلك أو إبلاغ العائلة.
كما أنها تطالب بتسليم جثمانه للعائلة حتى تقوم بدفنه بحسب الشريعة الإسلامية، وحتى يتمكن أهله وأقاربه وعائلته وزملاؤه من توديعه ومواراته الثرى في قطاع غزة.