قضايا وآراء

من النكسة إلى الوكسة.. سنرى ليلا مُلتهبا

فراس ياغي
حرائق خلفتها صواريخ حزب الله- جيتي
حرائق خلفتها صواريخ حزب الله- جيتي
تلتئم حكومة الكيان على عَجل الآن بعد عِظَم ما يأتي من جبهة الشمال، فـ"حزب الله" يقوم بعمليات دقيقة وجريئة ومؤذية بشكل أفقد العقول في كل مؤسسة الكيان، واستنفد كل استراتيجيته ووضعها في مأزق خياراتها فيه محدودة بل تكاد تكون صفرية.

قلنا سابقا إن ما بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر ليس كما قبله، وزمن الهزائم ولّى، وشعار وحدة الساحات والجبهات تم تطبيقه بطريقة أو بأخرى وبمسميات مُتعددة؛ منها ما سُمي جبهة إسناد ومنها ما سُمي جبهة مشاغلة ومنها ما كان جبهة حصار اقتصادي، ما أدى لحضور "الناتو" بقيادة أمريكية في محاولة منه لوقف ذلك ولم يستطع ولن يستطيع، وهناك جبهة "الضفة" التي تُقدّم بشكل يومي ما تستطيع لأسباب ليس الآن هو المجال لذكرها، ولكنها قادمة لا محالة.

اليوم نستطيع القول بأن بدايات الطوفان التي بدأت من غزة الشرف والكرامة والتي أخذت أشكالا متعددة؛ تتدحرج نحو المعركة الفاصلة التي تقترب شيئا فشيئا، وأن الفرصة لفرض واقع جديد ومشهد غير مألوف للكثيرين سيظهر حتما، لأن مشهد الإبادة لا يمكن أن تكون نتيجته ألاعيب أمريكية ومحاولات لليّ التاريخ الذي كُتبَ بدماء الأطفال والنساء، ورُسم بالدمار الذي أحدثته الآلة الأمريكية بيد جيشٍ مجرم لا أخلاقي حوّل قطاع غزة الى كتلة ركام.

بدايات الطوفان التي بدأت من غزة الشرف والكرامة والتي أخذت أشكالا متعددة؛ تتدحرج نحو المعركة الفاصلة التي تقترب شيئا فشيئا، وأن الفرصة لفرض واقع جديد ومشهد غير مألوف للكثيرين سيظهر حتما، لأن مشهد الإبادة لا يمكن أن تكون نتيجته ألاعيب أمريكية ومحاولات لليّ التاريخ الذي كُتبَ بدماء الأطفال والنساء، ورُسم بالدمار الذي أحدثته الآلة الأمريكية بيد جيشٍ مجرم لا أخلاقي حوّل قطاع غزة الى كتلة ركام

تجتمع حكومة الكيان وهي تعلم أن حادثة "حورفيش" كانت رسالة واضحة لما هو أعظم، وأن التصعيد الذي تتحدث عنه أقطاب حكومة نتنياهو نتيجته قيام "الحزب" باستهداف قاعدة عسكرية في "حورفيش"، أي أنّ الرد كان عمليا وببث مباشر، كما صرح بذلك سابقا أمين عام حزب الله السيد "نصر الله". وهو بذلك يقول لنتنياهو بأن عليكم التفكير مليون مرة قبل القيام بعمليات تتجاوز قواعد الاشتباك، وفي نفس اللحظة يقول لسيده في البيت الأبيض الرئيس "بايدن" عليك أن تستعجل الموقف الإسرائيلي بالموافقة على شروط "حماس" و"المقاومة" في غزة، لأن هذا هو وحده القادر على منع الهزيمة الاستراتيجية لك ولمستعمرتك في غرب آسيا، لكن السؤال وضمن المتابعات لما يصدر ويُصرَّح به في الإعلام لدى الكيان يوحي بأمور مختلفة تُعبر عن مفهوم الاستعلاء والاستكبار الذي لا يعكس حقيقة الواقع، خاصة بعد الملحمة في غزة العزة.

أعتقد أن الفرصة بالنسبة إلى نتنياهو قد نضجت وأصبح بالإمكان استغلالها، وهذا يتلخص بما يلي:

أولا: نتنياهو في أزمة داخلية مع أقطاب حكومته المتطرفين وأيضا مع القادمين إلى حكومة الطوارئ (المعسكر الوطني)، وهو بحاجة إلى حدث جديد يعطيه الفرصة لكي يُلملم نفسه من جديد.

ثانيا: نتنياهو في أزمة مع حليفته الاستراتيجية، الولايات المتحدة، ومع كل العالم وبالذات حلفاءه في أوروبا.

ثالثا: نتنياهو مهدد من محكمة الجنايات الدولية بإصدار قرار باعتقاله، و"إسرائيل" تحاكَم في محكمة العدل الدولية بشبهة الإبادة الجماعية.

رابعا: "إسرائيل" كلها تعيش أزمة على مستوى العالم ككل، وتعيش أزمة الانقسامات الداخلية المتعددة؛ من أسرى ومحتجزين، إلى قانون التجنيد، إلى الاتهامات المتبادلة بين مؤسسة الجيش والأمن من جهة والمستوى السياسي الحاكم والمتطرف من جهة أخرى.

خامسا: "إسرائيل" على الصعيد الداخلي أصبحت في واقع أصعب مما كانت عليه قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر؛ خلال فترة الصراع على ما سُميَ بـ"الإصلاح القضائي".

قلنا لكم ونعيدها، ليس السابع من تشرين الأول/ أكتوبر سوى البداية وتداعياته عظيمة؛ لأنه حدث غير مسبوق في التاريخ المعاصر، وكشف عيوب دولة الاستعلاء وصاحبة الإفراط بالقوة، ومقولة "ما لا يأتي بالقوة سيأتي بمزيد من القوة"، وهنا ووفقا لتلك العقلية التي لا تريد أن تُغادر مربع القوة، فإنها سوف تذهب إلى:

1- تصعيد في كل منطقة الجنوب اللبناني عبر حملة جوية مكثفة.

2- محاولة القيام بعمليات اغتيال ضد قادة من المقاومة.

3- استخدام قوة مفرطة وبذخائر غير مسبوقة.

وهذا سيكون بهدف الذهاب إلى حرب محدودة جدا يحاول نتنياهو من خلالها التالي:

معضلة نتنياهو أن الأمور والوقائع مختلفة كليا عما سبق، وأن ما قام به جيشه ودولته من إجرام في قطاع غزة يجب أن يدفع ثمنه، وهذا الثمن ليس أقل من رؤية سياسية تؤدي لرسم خارطة جديدة في المنطقة كلها؛ أساسها السيادة لشعوبها وليس للمستعمرة الأمريكية، أي انتهاء نظرة الاستكبار والاستعلاء، بحيث يحصل الشعب الفلسطيني على حقه في الحرية والاستقلال

أولا: الخروج من أزمته الداخلية والذهاب إلى صفقات شاملة تُعفيه من سقوط حكومته.

ثانيا: الذهاب لصفقة مع حزب الله تُعيد الهدوء لفترة طويلة وتؤدي لعودة المستوطنين في الشمال إلى مستوطناتهم.

ثالثا: الذهاب إلى صفقة في غزة تؤدي إلى إنهاء الحرب وصفقة تبادل للأسرى.

رابعا: بعد ذلك سيذهب نتنياهو لانتخابات مبكرة في محاولة منه لجني ثمار الصفقات وعودة الهدوء.

معضلة نتنياهو أن الأمور والوقائع مختلفة كليا عما سبق، وأن ما قام به جيشه ودولته من إجرام في قطاع غزة يجب أن يدفع ثمنه، وهذا الثمن ليس أقل من رؤية سياسية تؤدي لرسم خارطة جديدة في المنطقة كلها؛ أساسها السيادة لشعوبها وليس للمستعمرة الأمريكية، أي انتهاء نظرة الاستكبار والاستعلاء، بحيث يحصل الشعب الفلسطيني على حقه في الحرية والاستقلال، وأيضا واقع جديد في لبنان والجولان وسوريا.

"انظروا إلى الميدان"، هذا ما قاله السيد "حسن نصر الله"، فالميدان هو صاحب الكلمة الفصل، وهو الذي سيقرر كل المشهد، نعم من سيقرر ليس الخطط "الأمريكية" ولا الـ"تريكات" والخدع السياسية لنتنياهو، فقط هو "الميدان" حيث هناك "المقاوم" حافي القدمين ولابس "الزنوبة- الشبشب"، وذاك المختفي بين أشجار وتضاريس الجنوب اللبناني.. فمن النكسة إلى الوكسة سنرى ليلا مُلتهبا، ومن أسلوب رقصة "التانغو" الإسرائيلية إلى رقصة "الدحية" لمحور كامل.. ليست بعيده.
التعليقات (0)