بيت أمر "بيت الانتفاضة" في فلسطين.. تقاوم الاحتلال و"الفتنة"

بلدة يخنقها الاستيطان وحواجز الاحتلال وجدار الفصل العنصري، وفي ظل تنامي المقاومة المسلحة في البلدة يحاول الاحتلال الإسرائيلي خنقها حتى لا تتحول إلى ساحة مقاومة أشبه بمخيم جنين عبر تغذية المشاكل الداخلية بين عائلات البلدة، وإثارة الفتنة من خلال شخصيات معينة يدعمها الاحتلال بالأسلحة.

تقع البلدة العريقة "بيت أمّر" شمال غربي مدينة الخليل على بعد 11كم، وترتفع حوالي 987 م عن مستوى سطح البحر وتبلغ مساحتها المبنية حوالي 55 دونما من مجمل مساحة أراضيها البالغة نحو 30,129 دونما، وتتبع محافظة الخليل ويبلغ عدد سكانها نحو 19 ألف نسمة في تعداد عام 2008.


                 قرية "بيت أمر" أقيمت على أنقاض بلدة "معارة" العربية الكنعانية

تشتهر بالزراعة وأهمها العنب والبرقوق (الخوخ) والتفاح واللوزيات والخضار، ويحدها من الشمال مستوطنة "غوش عتصيون" والتي بدورها التهمت ما يقارب 30% من أراضيها ناهيك عن جدار الفصل العنصري الذي ابتلع مساحات من كرومها. ومن الجنوب يحدها مستوطنة "كرمي تسور" وأيضا ابتلعت من أراضيها الكثير وصودر أكثر من 53% من مساحتها الأصلية، وهناك طريق التفافي للمستوطنين سيلتهم جزءا كبيرا من أراضيها في منطقة واد الشيخ وهي منطقة زراعية تقع شرقي القرية بالقرب من مخيم العروب.

وتقول كتب التاريخ إن قرية "بيت أمر" أقيمت على أنقاض بلدة "معارة" العربية الكنعانية ومعناها موضع مكشوف أو مكان عار من الأشجار، وقد ذكرها الإفرنج في العصور الوسطى باسم "بيت مان"، وورد ذكر "معاره" في كتب العهد القديم على أنها إحدى المدن الستة من الجبل، وذكرت أيضا خلال الحروب الصليبية باسم "بيت امان" وكذلك "الباي تمر" نسبة للأمير يلباني والأمير تمر الدين، الذين نزلا القرية لإتمام مشروع السبيل بين العروب والقدس، أما الاسم الحالي "بيت أمر" فمأخوذ من بيت الأمراء، وهناك رواية يرددها سكان البلدة أن اسم القرية كان "بيت عمر" نسبة إلى الخليفة عمر بن الخطاب الذي نزل القرية أثناء مروره لفتح القدس.

وكان قد استقر بها إبراهيم محمد علي باشا عام 1831 وأطلق عليها اسمها الحالي.

وتحوي البلدة الكثير من المواقع الأثرية والمباني القديمة ومقابر منحوتة عموديا بالصخر .

وأظهرت نتائج المسح الميداني للأبنية القديمة الذي نفذه مركز المعمار الشعبي الفلسطيني (رواق) عام 1999 أن عدد الأبنية القديمة في بيت أمر بلغ 334 مبنى.

وهي أيضا من أجمل وأرقى بلدات فلسطين إذ تشرف على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وتتسم بالتربة الخصبة والمناخ العليل، وتعد من أكثر البلدات الفلسطينية تعليما ولكن بشكل نسبي.

 وتشتهر البلدة في الوقت الحالي وعلى الصعيد الوطني باستفزازات وتحرشات من مستوطني المستعمرات المجاورة للبلدة .

وتقيم قوات الاحتلال نقطة عسكرية ثابتة على مدخلها الرئيس لاستفزاز المواطنين وإهانتهم والتضييق عليهم.


                        قوات عسكرية إسرائيلية ضخمة في اقتحام بلدة بيت أمر

ولا يقف أهالي البلدة عاجزين أمام هذا الاستفزاز إذ تأخذ المقاومة المسلحة في "بيت أمر" منحى تصاعديا وتشهد مواجهات متواصلة منذ أشهر مع قوات الاحتلال وسيارات المستوطنين، لتشكل نقطة ساخنة في جنوب الضفة الغربية، تعادل وتوازي سخونة وانتفاضة مثيلاتها في "سلواد" في رام الله، و"بيتا" في نابلس، وبلدتي "جبع" و"قباطية" في جنين، إلى جانب عشرات البلدات التي تمتد على خريطة الضفة الغربية وتشعل مواجهات يومية مع قوات الاحتلال.

كانت بيت أمر من أوائل المناطق في الضفة المحتلة التي استخدم فيها الاحتلال الطائرات العمودية وراجمات الحجارة لتفريق الحشود والمواجهات. وتعيد المواجهات مع جنود الاحتلال إلى الذاكرة شدة المواجهات في البلدة خلال الانتفاضة عام 1987، وقدمت القرية منذ احتلالها عام 1967 وحتى اليوم أكثر من 70 شهيدا وشهيدة.

تحارب "بيت أمر" على عدة جبهات منها جبهة الاحتلال ومقاومة جميع مشاريعه الاستيطانية، والجبهة الداخلية بمواجهة مثيري الفتنة وفضحهم وكشف جرائمهم، ويضاف إلى ذلك ما يقوم به المستوطنون من تدمير للمزروعات والممتلكات وإقامة البؤر الاستيطانية.

وبلدة "بيت أمر" ماضية في مقاومة جميع الجبهات بإرادة لا تلين ولا ترفع الراية البيضاء أبدا.

المصادر:

ـ بيت أمر، قضاء الخليل، (قرية حالية )، الباحث علاء عادي، موسوعة القرى الفلسطينية.
ـ شكري عراف، المواقع الجغرافية في فلسطين: الأسماء العربية والتسميات العبرية، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2004.
ـ مصطفى مراد الدباغ، بيت أمر محافظة الخليل، بلادنا فلسطين، ص 186.
ـ دليل بلدة بيت أُمر، معهد الأبحاث التطبيقية، القدس (أريج)، 2006 -2009، قاعدة بيانات نظم المعلومات الجغرافية، بيت لحم.
ـ مالك نبيل، بيت أمر الفلسطينية.. مقاومة مسلحة متصاعدة رغم "الفتنة" والاستيطان، العربي الجديد، 19/2/2023.
ـ محمد يوسف ابريغيث، بيت أمر الأصالة والحضارة، 1995.
ـ بيت أمر.. ثلاث مستوطنات لم تخمد الثورة، المركز الفلسطيني للإعلام، 26/1/2017.
ـ  يامن نوباني، بيت أمر الانتفاضة، وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، 3/8/2021.