نشرت صحيفة "
وول ستريت جورنال" الأمريكية تقريرًا تحدثت فيه عن حرب
اليمن التي من المحتمل أن تمثل اختبارًا حقيقيًّا للاتفاق الذي توسطت فيه
الصين لاستعادة العلاقات بين الخصمين الإقليميين.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن مسؤولين أمريكيين وسعوديين أكدوا أن
إيران وافقت على وقف شحنات الأسلحة السرية إلى حلفائها
الحوثيين في اليمن كجزء من صفقة بوساطة الصين لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع
السعودية، وهي خطوة من شأنها ضخ زخم جديد في الجهود المبذولة لإنهاء أطول الحروب الأهلية في المنطقة.
وذكرت الصحيفة أنه لسنوات، دعمت السعودية وإيران أطرافًا متعارضة في الصراع اليمني، مما أدى إلى تأجيج حرب كان لها عواقب إنسانية وخيمة وامتدت إلى ما وراء حدود البلاد، حيث شنت قوات الحوثي هجمات صاروخية وبطائرات مسيرة على المملكة العربية السعودية. حسب مسؤولين أمريكيين وسعوديين، إذا توقفت طهران عن تسليح الحوثيين، فمن المحتمل أن تتمكن من الضغط على الجماعة المسلحة للتوصل إلى اتفاق لإنهاء الصراع.
ورفض متحدث باسم الوفد الإيراني لدى الأمم المتحدة التعليق عندما سئل عما إذا كانت طهران ستعلق شحنات الأسلحة، ولكن طهران تنفي علنًا أنها تزود الحوثيين بالأسلحة، لكن مفتشي الأمم المتحدة تعقبوا مرارًا شحنات أسلحة مُصادرة عائدة إلى إيران.
وبعد إعلان السعودية وإيران عن اتفاق لإعادة العلاقات الدبلوماسية بعد سبع سنوات من قطعها؛ قال مسؤولون في كلا البلدين إن إيران ستضغط على الحوثيين لإنهاء الهجمات على السعودية. في هذا الصدد؛ أوضح مسؤول سعودي أن المملكة تتوقع أن تحترم إيران حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة والذي يهدف إلى منع وصول الأسلحة إلى الحوثيين. وقد يؤدي قطع إمدادات الأسلحة إلى عرقلة الضربات الموجهة إلى المملكة العربية السعودية ومنع استيلائهم على المزيد من الأراضي اليمنية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين وسعوديين قولهم إنهم يريدون معرفة ما إذا كانت إيران ستلتزم بجانبها من الاتفاق بينما تمضي طهران والرياض في الخطط المحددة في الاتفاق لإعادة فتح سفارتيهما في غضون شهرين. في هذا الشأن؛ أوضح مسؤول أمريكي أن الاتفاق على استئناف العلاقات السعودية الإيرانية يُبشر باحتمال التوصل إلى صفقة يمنية في المستقبل القريب، مشيرًا إلى أن نهج إيران تجاه الصراع سيكون "اختبارًا حقيقيًّا" لنجاح الاتفاق الدبلوماسي.
وأضافت الصحيفة أن هانز جروندبرج، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، سافر إلى طهران في وقت سابق من هذا الأسبوع لمناقشة دور إيران في إنهاء الحرب، ثم إلى الرياض. والتقى تيم ليندركينغ، المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن، بمسؤولين سعوديين في الرياض الأربعاء للقيام بمحاولة أخرى لتنشيط محادثات السلام المتوقفة.
اظهار أخبار متعلقة
وتابع المسؤولون أن الأولوية القصوى هي تأمين اتفاق لتمديد وقف إطلاق النار الذي استمر في اليمن منذ ما يقرب من سنة. وقد انتهت الهدنة الرسمية في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، لكن الفصائل المتناحرة استمرت في احترام الشروط لا سيما في ظل تراجع حجم الضربات الجوية التي يشنها التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن والهجمات التي يشنها الحوثيون عبر الحدود.
وأكدت الصحيفة أن الدبلوماسيين يهدفون للتوصل إلى اتفاق جديد بشأن تمديد وقف إطلاق النار قبل بداية شهر رمضان الأسبوع المقبل، على الرغم من أن المسؤولين الأمريكيين قالوا إن الالتزام بهذا الموعد النهائي سيكون مهمة شاقة. وفي لقائه مع جروندبرج هذا الأسبوع، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان لدبلوماسي الأمم المتحدة إن طهران مستعدة لبذل المزيد من الجهود للمساعدة في إنهاء الصراع في اليمن.
وأوضحت الصحيفة أن الصفقة الدبلوماسية التي توسطت فيها بكين يمكن أن تعيد تشكيل الديناميكيات الإقليمية من خلال منح الصين نفوذًا دبلوماسيًا أكبر في الخليج العربي، وتقليص النفوذ الأمريكي، وتقويض الجهود العالمية لعزل إيران، ودرء جهود إسرائيل لتطوير علاقات سياسية مفتوحة مع الدول الإسلامية في جميع أنحاء العالم.
ويعتبر اليمن في قلب الخلاف بين إيران والسعودية بعد أن استولى مقاتلو الحوثي المدعومون من طهران في سنة 2014 على العاصمة اليمنية وطردوا الحكومة المعترف بها دوليًا من السلطة. وشنت الرياض حملة عسكرية ضد الحوثيين في السنة التالية، والتي تحولت إلى صراع طويل الأمد، وسرعان ما تحول الصراع إلى حرب بالوكالة، بعد أن صعدت إيران دعمها للحوثيين.
وتابعت الصحيفة أن أكثر من 150 ألف شخص لقوا مصرعهم كنتيجة مباشرة للحرب، وأودت الضربات الجوية التي شنها التحالف الذي تقوده السعودية بحياة آلاف المدنيين اليمنيين، مما أثار دعوات للولايات المتحدة وحلفائها بقطع الدعم العسكري عن الرياض.
واتهمت الولايات المتحدة والسعودية طهران بتسليح الحوثيين بصواريخ وطائرات مسيرة متطورة استخدمها المسلحون لاستهداف صناعة النفط في المملكة وأكبر مدنها. من جانبها، اتهمت واشنطن إيران باستخدام الهدنة الأخيرة لمحاولة إرسال المزيد من الأسلحة إلى الحوثيين في انتهاك لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة، وهو ما نفته طهران.
ونوهت الصحيفة إلى أن الجيش الأمريكي وحلفاءه استولوا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة على أربع سفن قبالة الساحل اليمني تحمل أكثر من 5 آلاف بندقية هجومية و1.6 مليون طلقة ذخيرة وعشرات الصواريخ المضادة للدبابات والأسمدة التي يمكن استخدامها لصنع متفجرات. بينما رحّب الحوثيون علنًا بالاتفاق بين إيران والسعودية، أعرب بعض المسؤولين بشكل خاص عن مخاوفهم من أن الاتفاق قد يؤدي إلى تراجع الدعم من طهران.
وأوردت الصحيفة عن ندوى الدوسري، الزميلة غير المقيمة في معهد الشرق الأوسط، أن الاتفاق السياسي قد يترك البلاد في قبضة حرب أهلية، وأضافت أن "الجميع في أمسِّ الحاجة إلى خروج السعوديين من اليمن ويربطون وجود السعودية بحرب اليمن ونشر السلام".
اظهار أخبار متعلقة
وتجدر الإشارة إلى أن أحد الأسئلة الرئيسية التي لم تتم الإجابة عنها هو ما إذا كان الاتفاق يحظى بدعم الجيش الإيراني؛ حيث لم يعلق الحرس الثوري الإسلامي القوي في البلاد على صفقة الأسبوع الماضي مع السعودية، وهو صمت أثار مخاوف بين المسؤولين الأمريكيين والسعوديين، الذين يتساءلون عما إذا كان الجيش سيحترم الالتزامات التي تعهد بها القادة السياسيون الإيرانيون، لا سيما أن الحرس الثوري كان يتبع أجندة خاصة به بمنأى عن الحكومة.
وفي ختام التقرير، نقلت الصحيفة عن نائب رئيس قسم الشؤون الخارجية في المجلس الانتقالي الجنوبي، أنيس الشرفي قوله إن "هذا الاتفاق يتوقف على إيران، ولا سيما الحرس الثوري الإيراني، لسحب دعمها من الإستراتيجية العسكرية للحوثيين التي تسببت في حالة الفوضى التي تعيشها البلاد منذ سنة 2014".