كتاب عربي 21

بين النصوص المقدّسة والعالم المتغير: أي دور للدين اليوم في مواجهة التحديات؟

قاسم قصير
أعاد الزلزال الأخير النقاش حول التفسير الديني للكوارث الطبيعية- الأناضول
أعاد الزلزال الأخير النقاش حول التفسير الديني للكوارث الطبيعية- الأناضول
نشهد خلال السنوات الأخيرة دعوات مختلفة من أجل إعادة قراءة النصوص المقدّسة (القرآن والإنجيل) على ضوء المتغيرات الحاصلة في العالم، ومن أجل فهم جديد لدور الدين اليوم وكيفية مواجهة التحديات المختلفة.

ولعل السجالات والنقاشات التي شهدناها مؤخرا، في العالم عامة وفي العالم العربي والإسلامي خاصة، حول الموقف من الكوارث والزلازل ودور الله في هذه الأحداث وعلاقة كل ذلك بالفساد والشرور والجرائم المنتشرة في العالم، كل ذلك يؤكد أهمية كل المحاولات لإعادة قراءة النصوص الدينية بروح جديدة ومنطق متطور؛ من أجل مواكبة المتغيرات وكي يبقى دور الدين فاعلا في الحياة البشرية والإنسانية ولمواجهة بعض موجات الإلحاد أو التخلي عن الإيمان.

وفي إطار المحاولات المستمرة لإعادة قراءة النصوص المقدسة بروح علمية جديدة، نشطت جمعية الكتاب المقدّس في لبنان وبالتعاون مع كلية العلوم الدينية في جامعة القديس يوسف في بيروت بإقامة سلسلة مؤتمرات من أجل إعادة قراءة النصوص الدينية والكتب المقدّسة، وفي إطار التعاون مع العديد من المؤسسات الإسلامية والشخصيات الفكرية والدينية لتقديم رؤية جديدة للدين والنص المقدّس، تكون قادرة على مواكبة المتغيرات والتحديات المختلفة.

لعل السجالات والنقاشات التي شهدناها مؤخرا، في العالم عامة وفي العالم العربي والإسلامي خاصة، حول الموقف من الكوارث والزلازل ودور الله في هذه الأحداث وعلاقة كل ذلك بالفساد والشرور والجرائم المنتشرة في العالم، كل ذلك يؤكد أهمية كل المحاولات لإعادة قراءة النصوص الدينية بروح جديدة ومنطق متطور

وقد نظمت جمعية الكتاب المقدس على مدار ثلاث سنوات مؤتمرات علمية حول هذه الموضوعات، وقد عقد المؤتمر الأول في العام 2020 تحت عنوان: "من الوحي إلى الكتاب، إشكاليات النص المقدّس في المسيحية والإسلام"، وعقد المؤتمر الثاني في العام 2022 تحت عنوان: "من النص إلى الوحي بين التناغم والتعارض".

وأما المؤتمر الثالث فقد عقد الأسبوع الماضي في بيروت تحت عنوان: "تاريخ قراءة النص المقدّس في الإسلام والمسيحية"، وشارك فيه عدد كبير من الكـتّاب والمفكرين ومنهم رئيس جامعة القديس يوسف في بيروت الأب الدكتور سليم دكاش، وأمين عام جمعية الكتاب المقدس الدكتور مايك باسوس، ورئيس منظمة جسر إبراهيم في كندا الدكتور كورت ريشاردون، والأب الدكتور عيسى دياب، والدكتورة علا صقر، والبروفيسور صلاح أبو جودة اليسوعي، والدكتور بولس نديم طرزي، والدكتور عبد الله كلداري، والدكتور أمين فرشوخ، والدكتور وجيه قانصو، والخوري الدكتور سامي نعمة، والأخت الدكتورة ياره متّى، والدكتور محمد خير فرج، والمطران الدكتور أنطوان عوكر، والبروفيسور أحمد حطيط، والدكتور محمد عبد الجبار الرفاعي، والقس الدكتور هادي غنطوس.

ومن أهم الموضوعات التي تناولها المؤتمر: تعدد قراءات النص المقدس طوال التاريخ؛ هل هو إثراء أو سبب نزاع؟ ما بين التفسير والتأويل: محاولة تقويم، قراءات النص المقدس بين التقليد والحداثة، تأثير عاملي الزمان والمكان في فهم النص المقدس.

وحفلت المؤتمرات بنقاشات علمية وفكرية هامة على ضوء الواقع المعاصر وما نشهده من تحديات جديدة تواجه الأديان بشكل عام، وكذلك الحركات والتيارات الدينية التي انتشرت في العقود الأخيرة، وخصوصا تلك التي تصدت للعمل العام والسلطة والإدارة بأسماء دينية متعددة، ومنها تلك التي تقدّم قراءاتها الخاصة لما يجري في العالم من أحداث وتطورات متنوعة وتحاول أحيانا فرض رؤيتها الخاصة على العالم.

ومن خلال متابعة هذه النقاشات في هذا المؤتمرات وغيرها من الحوارات والنقاشات في الأوساط الدينية أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة، نلحظ حجم الأسئلة والتحديات التي تواجه الأديان اليوم، مما دفع البعض للابتعاد عن الأشكال الدينية التقليدية أو الطقوسية والذهاب إلى أشكال جديدة للبحث عن الأمان أو الطمأنينة، في حين أن أتباع الأديان التقليدية يزدادون في العالم، بل إننا نشهد موجات من التطرف والتعصب الديني وتحوّل ذلك إلى أشكال من العنف والكراهية وشن الحروب والصراعات المختلفة.

نلحظ حجم الأسئلة والتحديات التي تواجه الأديان اليوم، مما دفع البعض للابتعاد عن الأشكال الدينية التقليدية أو الطقوسية والذهاب إلى أشكال جديدة للبحث عن الأمان أو الطمأنينة، في حين أن أتباع الأديان التقليدية يزدادون في العالم، بل إننا نشهد موجات من التطرف والتعصب الديني وتحوّل ذلك إلى أشكال من العنف والكراهية وشن الحروب والصراعات المختلفة

ومن الواضح أن قراءة النصوص الدينية لا يمكن أن تكون في اتجاه واحد، وأن ما توصل إليه الفقهاء والعلماء والمفكرون على مدار التاريخ كان اجتهادات فكرية في قراءة النصوص على ضوء العلوم والوقائع والمتغيرات، مما يعني أن هناك إمكانيات كبيرة لإعادة قراءة النصوص الدينية بروح جديدة ومن خلال الاستفادة من العلوم الحديثة، وكل ذلك بهدف تعميق فهمنا للأديان والنصوص المقدسة وتقوية إيماننا ووعينا وكي نكون قادرين على مواجهة التحيات الجديدة.

ورغم حالة الإيمان العالية التي تسود أوطاننا اليوم، ولا سيما في العالم العربي والإسلامي، فإننا نشهد عند كل حدث كبير نقاشات كثيرة، سواء كان حدثا طبيعيا مثل الزلازل والهزات والكوارث، أو حدثا سياسيا أو عسكريا، وتكون لذلك تداعيات سلبية على الناس والبلاد، وتطرح أسئلة كثيرة حول دور الله في الكون ودور الدين وأسباب البلاءات والمحن، وهذا يتطلب مجددا إعادة قراءة النصوص المقدسة بروح جديدة غير تقليدية، والمهم الحفاظ على روح الإيمان والدين.

هذه المؤتمرات والنقاشات المتجددة تفرض علينا وعلى المفكرين والعلماء اليوم وغدا إعادة النظر بآليات عملهم وكيفية مقاربة النصوص بروح جديدة ومعاصر.، وكان المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل يؤكد دوما: إن أهم مسؤولية أمام علماء الدين تعلم لغة العصر كي يكونوا قادرين على مواجهة مختلف التحديات.

فهل سنكون قادرين على ذلك؟ أم أن التحديات والمتغيرات التي يشهدها العالم اليوم ستأخذنا إلى آفاق وعوالم جديدة لا يعلم مداها إلا الله عز وجل؟

twitter.com/kassirkassem
التعليقات (3)
احمد
السبت، 11-03-2023 07:15 م
لم يظهر التطرف الا بعد ثوره الخميني قبلها كان الجميع يعيش ولا يعرف حتى معنى كلمه تطرف .. ايران الشيعيه الاثنى عشريه دمرت العالم الاسلامي و ازهقت ملايين و خربت اقتصاد كل البلاد التي تدخلت بها و لعل لبنان خير مثال .. عندما تنتهي ايران من تشيعها المجوسي يعود السلام و الوئام للجميع ..
الاسئلة الكبرى
الأربعاء، 08-03-2023 07:48 م
ان هذه الأمة في حاجة ماسة اليوم الى قراءات جديدة للتنزيل الحكيم كتلك التي قام بها بعض المفكرين المعاصرين، (ومنهم مثلا المفكر الكبير د محمد شحرور)، والتي من شأنها احداث ثورة فكرية دينية شاملة، تؤدي لتصحيح القناعات المجتمعيه للعقل العربي، والى احياء الأمة بعد سباتها الطويل. لقد انعزلت أمة العرب عن بقية امم الارض المتحضرة لمئات السنين. وكان من نتائج هذا الانعزال، انها اصبحت عاحزة عجزا شبه تام عن انتاج المعرفة. وكانت الثقافة الدينية الموروثة الخاطئة هي السبب الرئيسي في هذا الانعزال. وذلك اضافة الى التناقضات الكثيرة في كتب الموروث الديني، مع ايات التنزيل الحكيم، سواء بين الطوائف المتعدده او ضمن الطائفة الواحده، مما اثر سلبا في تشكل العقل الجمعي العربي واختلاف طوائفه وتناحرها. وكان السبب الرئيسي لذلك التناقض هو قيام ائمة وعلماء المسلمين (الاوائل والمعاصرين ومن مختلف الطوائف)، بنقل اسلوب الحياة الدنيوية للنبي عليه السلام وصحابته، على انه جزء من الدين، واعطوا ذلك صفة القداسة والشموليه والعالميه والابديه. فكان من تنيجة ذلك ان اصبحت المحرمات بين ايدينا بالمئات بل بالالاف بدلا عن اقتصارها على الاربعة عشر محرما المنصوص عليها في كتاب الله تعالى، والتي تؤكد أن الله تعالى هو صاحب الحق الوحيد في التحريم. فكل ما حرمه علماء الفقه في كتبهم (أو ادّعوا أن الرسول عليه السلام حرّمه) خارج المحرمات الالهية المبينة في الايات المذكوره ما هو الا منهيات او محظورات لاترقى الى درجة التحريم.
أبو فهمي
الأربعاء، 08-03-2023 04:59 م
وتطرح أسئلة كثيرة حول دور الله في الكون ودور الدين وأسباب البلاءات والمحن !!!!!!!!!!! وكيف يكون له دور وهو الخالق الواحد الأحد الذي خلق الكون ثم """"""" خلق ابن آدم """""" من تراب ووضع له """""""" السكة """"""" التي عليه السير فيها مستقية بدون لف أو دوران !!!!!!!!!!!!!!!. هل يعقل أن هناك من يسأل ما دور الله جل جلاله في هذا الكون!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!.