فلسطين هذه الكلمة كبيرة المعنى والدلالة، كثيرة هي
أسماء البلاد في عالم اليوم الواسع لكن فلسطين لها معنى آخر، مع أن ساكنها اليوم
هو الإنسان الفلسطيني وهذا حقه الأصيل (ومعه غيره من الصهاينة الغزاة اللصوص مع الأسف
الشديد) حسب ما هو متعارف عليه.
هي بلد الإنسان التي عاش وتربي فيها وعشق أرضها زيتها
وزيتونها وتينها المبارك كإنسان فلسطيني، لكنها للكل العربي، للكل المسلم أيضا. لكن
أين هو هذا الكل إن؟ ياه.. تشغله طبيعة الحياة المادية وإحداث التوازنات فيها..
ياه كل عمل هذا الكل العربي المسلم صار اليوم ماديا.. مادة مادة.. ما هذا؟ ملل ملل
للنفس الحرة الأبية.
يغيب هذا الكل عن فلسطين الأرض والإنسان، أرض
الأقصى
الشريف وقبة الصخرة، أرض الحرم الإبراهيمي وغيرها من علامات النبل بمعانيه الحق،
بينما يحضر في المشهد ذلك الفتى وتلك الطفلة والشاب والصبية والشيخ والحاجة
الكبيرة قدرا وعمرا، مع ذلك الحجر الصغير مقارعة للغاصب الصهيوني ومحاولة إبعاد
جبروته عدوانه. أين أنت أيها الكل العربي المسلم؟ اه مشغول بالمادة بترتيب الوضع
أو بنكسات قد حلت على بلدك كان أولها النكسة أو النكبة الفلسطينية حدثت وجرت معها
باقي الأحزان؟
لم ينتبه ذلك الكل العربي يومها، ظل يحصر موضوعها حتى
تم حصره بالإنسان الفلسطيني فقط ويكتفي باقي الكل العربي المسلم اليوم بالمشاهدة
ثم الشجب والاستنكار فقط. ياه صعب هو المشهد من زاوية قريبة مؤلم أن يبقى
الفلسطيني الحر وحيدا في غابة الوحش الصهيوني الغاشم سارق الأرض وابتسامة الزيتون
وفرحة الطفولة، من غزة ومن كل فلسطين.
كان -وهو اليوم كذلك- هذا الفتى وهذا الجد الفلسطيني
وتلك الصبية والسيدة الفلسطينية، هذا المجموع.. هو صاحب الأمانة الطيب الذي حمل
هولها وصعوبتها نيابة عن أمة كاملة. ثقيل هو الحمل يكسر الظهر لكن ظهره لم ينحن إلا
سجودا إلى الله العظيم. ياه كم أنت كبير في قدرك ومقامك يا فلسطيني اليوم. محمد
الدرة وإسراء جرابص، وغيرهما الكثير. منك أصل القصة والبطولة والحكاية حكاية المسك
والعنبر، لذلك البطل الشهيد وتلك السيدة الشهيدة! وسام لكم من الله تعالى يقول
استمروا قدركم هذا بريح الياسمين، صعب هو أكيد لكن آخره جنة الله ورضاه.
الكل العربي المسلم اليوم يغيب بصمته وسكوته أنه الأقصى
الشريف. هل من عرف بالأمر يأتي الجواب بهمسات ونبرات صوت وإشارات ضعيفة. الله يعين
فلسطين وأهلها. وتعاود الكرة وتعود عجلة الحياة في عالم العروبة وبلاد الاسلام هي
نفسها منذ عشرات السنين، شجب استنكار. قام هذا الكل بكل الواجب تجاه فلسطين وأبنائها،
اه لقد تم حصر الموضوع بالإنسان الفلسطيني، إذن الأقصى الشريف ما هي قصته؟ كيفيته وماهيته؟
أجب يا ذلك الكل العربي المسلم.. هنا يعود الصمت قليلا وتعود بعده وتيرة الحياة
بنسقها المعهود.
الأمر صعب، الأقصى الشريف الحقوا به انصروه. لا حركة
ولا حراك ويقال
السلام مع أبناء صهيون هو المفيد هو الاختيار السحري الأمثل. آخ يا
وجع الحياة يا فلسطين، يا دمعة العين الزكية صارت المعاناة اليوم كبيرة كثيرة
متعددة في بلاد العروبة أغلبها في ألم شديد يعاني الأهوال، ربما السبب أنهم -أي
العرب- قد وافقوا على حصر موضوع فلسطين واختصاره عبر الزمن ليصير اليوم قضية
فلسطينية بحتة.
هل نِعم الله قليلة شحيحة على أمة العروبة والإسلام؟
هل يدهم قصيرة والعين بالوضع بصيرة؟ هذا الحال للأسف عكس الحقيقة لكن العرب منذ
عقود منذ أجيال قد أدمنوا البعد عن الحقيقة، هي حقيقة لكن قدر إمكانهم يبتعدون
عنها، يبحثون دائما عن حلول ومخارج للالتواء عليها ومعاودة مسار الحياة اليومي..
لكن إلى متى هذا المسار؟ فلسطين اليوم تضيع بشكل فعلي والموضوع ليس مقاومة بعض
قطعان من لصوص الصهاينة، هو اليوم دفاع عن حق ديني في الأساس، دفاع عن الدين الإسلامي
وعن الهوية العربية بشكل كامل. هل يتصور العقل صلاة وصيام وعبادة صحيحة دون الأقصى
الشريف؟ كيف ذلك؟
إسرائيل تريد للعروبة هذا الوضع؟ هذه العروبة التي
عملت كل شيء لإظهار سلميتها ومسارها السلمي مع هذه الإسرائيل، لكنها لم ولن ترضى.
واقع الحال يقول ذلك، هي تريد الهيكل الوهمي.
إذن كل الدعم لك يا ابن فلسطين حامل الأمانة الطيب، أنت
باقات الورد لك ولتستمر في كفاحك، احمِ فلسطين، أنت عنوان مجدها وكبريائها وسيد
العروبة كلها وفارسها الإصيل. استمر وقاوم بني صهيون، بالعربي الفصيح لا يريدون
السلام.. سلام ونووي وموساد وشاباك.. آخ العقل السليم لا يحتمل ولا يستوعب ذلك
المشهد. كل هذا وضعه الصهاينة في فلسطين ويقولون في الحديث وفي الكلام نحن أبناء
صهيون من صنع السلام!