ملفات وتقارير

هل يتمكن العراق من تنفيذ اتفاقياته الضخمة مع فرنسا وألمانيا في ظل أزماته؟

عراقي يرفع لافتة احتجاج خلال تظاهرة على أزمة الدولار في بغداد- الأناضول
عراقي يرفع لافتة احتجاج خلال تظاهرة على أزمة الدولار في بغداد- الأناضول
في توجه أثار الكثير من التساؤلات، أبرم رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال مدة لا تتجاوز الاسبوعين، اتفاقيات ضخمة مع ألمانيا وفرنسا، تتعلق بمشاريع الكهرباء والخدمات الصحية والتعليم والزراعة والصناعة، إضافة إلى التسليح.

ولعل من أبرز التساؤلات التي أثارتها الاتفاقيات مع ألمانيا وفرنسا هي مدى إمكانية تطبيقها على أرض الواقع، في ظل وجود أطراف أخرى مستفيدة من أزمة الكهرباء والغاز مثل إيران، وكذلك التسليح علما بأن الولايات المتحدة هي الجهة الوحيدة الموردة لأسلحة العراق".

"واقع مغاير"


من جهته، رأى مدير مركز "بغداد" للدراسات الاستراتيجية، مناف الموسوي، في حديث لـ"عربي21"، أن "الوضع في العراق حاليا قد لا يسمح لمثل هذه الاتفاقيات بأن تأخذ طريقها للتطبيق، لأن هناك أزمة واضحة تتعلق بالدولار الأمريكي، إضافة للأزمات الاقتصادية".

وأضاف الموسوي أن "الأجواء في العراق قد لا تبدو مثالية بشكل كبير، لذلك لم توقع اتفاقيات بقدر ماهي مذكرات تفاهم، لأن أي اتفاقية بحاجة إلى تنضيج بشكل أكبر، وحتى اللحظة لا توجد بوادر حقيقية للحديث عما جرى التطرق إليه بخصوص ملفات النقل ومترو بغداد وحتى في ملف الطاقة فهي مواضيع استراتيجية بحاجة إلى إنضاج أكثر".

وتابع: "تم توقيع اتفاق أيضا مع شركة توتال الفرنسية في عهد رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، وبالتالي فإن هذه المشاريع التي توصف بأنها تاريخية من المبكر الحديث عنها بهذه الطريقة، خصوصا أن الوضع في العراق غير مستقر بسبب الأزمة الاقتصادية وارتفاع الدولار".

وأردف: "كذلك كانت هناك زيارة لرئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي إلى ألمانيا وفرنسا، وكان الحديث عن إجراء اتفاقيات، لكن بالنتيجة لم ير النور، وبالتالي فإن الأمر لا يزال في طور الانضاج، وكل ما حصل حاليا هو توقيع مذكرات تفاهم للبدء بمشاريع".

وفي السياق ذاته، قال أستاذ الإعلام والمحلل السياسي العراقي، غالب الدعي لـ"عربي21" إن "الاتفاقيات مع دول أوروبية سمعنا عنها منذ أول حكومة تشكلت في العراق بعد عام 2003 وحتى اليوم، لكن لم يتحقق منها أي شيء، لذلك أعتقد أنها تبقى مرهونة باتفاقات أخرى خلف الكواليس".

ورأى الدعمي أنه "إذا استطاع العراق إقناع الدول الأوربية بالعمل معها، فإنه سينتقل من ركوده الحالي الاقتصادي والسياسي والأمني نحو فرص كبيرة جدا في الإعمار والبناء".

اظهار أخبار متعلقة


وتابع: "كذلك.. يجب على العراق أن يقوض الفساد ويفتح مجال الاستثمار فيه، وإذا تحقق هذان الشرطان فإن العراق سيمضي نحو الافضل، لكن هذه الاتفاقيات لا نستطيع وصفها بالفاعلة والناجعة لأزمات البلد ما لم يبدأ تطبيقها على أرض الواقع".

ولفت الدعمي إلى أن التفاؤل كان كبيرا جدا لكن الواقع ننتظره خلال الأشهر المقبلة، لكني على يقين بوجود اتفاقيات خلف الكواليس تتعلق بمدى قدرة الدول الأوروبية على سحب العراق من محوره الحالي والذي يسمى بـ"محور المقاومة والممانعة".

وأشار إلى أنه "إذا استطاعت الدول الأوربية سحب الحكومة العراقية إلى ساحتها فإن الاتفاقيات ستنفذ، وخلاف ذلك فإن العراق سيبقى على حاله، لأن البلد حاليا سوق واعد للطاقة وممكن أن يلبي حاجات العالم من غاز ونفط ومعادن أخرى، لكن هذا مرهون بتحقيق اتفاقات أخرى خلف الكواليس".

تدخلات خارجية


أما بالنسبة للتدخلات الخارجية ومدى سماحها بتنفيذ الاتفاقيات، فقال الموسوي إن "التدخل الخارجي أمر واضح، وإن الوضع داخل العراق قد يكون عاملا آخر لا يساهم في إنضاج مثل تلك المشاريع التي جرى الحديث عنها، كونها مشاريع استراتيجية تحتاج إلى بيئة آمنة ومستقرة سياسيا".

وأوضح الموسوي أن "العراق يشهد مشكلات بين القوى السياسية خصوصا داخل ائتلاف إدارة الدولة، ولا سيما بين الإقليم والمركز بخصوص الاستحقاقات المالية وقانون النفط والغاز، إضافة إلى وجود غضب شعبي من ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الدينار".

وأردف رئيس مركز "بغداد" للدراسات، قائلا: "لذلك فإن كل هذه العوامل ربما قد لا تعطي تصورا واضحا بخصوص إنضاج هذه المشاريع"، متسائلا: "هل من الممكن أن تتحقق أم تكون مثل سابقاتها من المشاريع والاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي لم تر النور حتى اليوم؟".

من جانبه، قال الدعمي إن "هناك وضعا دوليا جديد بدأ يفرض نفسه، لكن يبقى ذهاب العراق باتجاه الاستثمار والشراكة مع الدول الأوروبية التي كنا نسمع بأن البلد بحاجة لها من أجل مغادرة الوضع المأساوي الذي يعيشه العراق، ذلك كله مرهون بإرادة الحكومة العراقية، فمتى ما تمكنت من مغادرة الفضاء الذي تعيشه حاليا كلما تحقق ذلك".

ورأى الدعمي أن "الاقتراب من أوروبا لا يعني أن علينا الابتعاد عن دول إقليمية مثل إيران، فهذا ليس من مصلحة العراق، وإنما من مصلحته أن يكون قراره السياسي والتجاري والاقتصادي مستقلا".

وتابع: "إذا استطاع العراق أن يفهم الجميع بما فيهم إيران وأمريكا وأوروبا أنه دولة مستقلة تريد أن تنهض وتبني وتعمر فإن الجميع سيحترمه، وبدون ذلك سيبقى البلد ساحة خلفية للجميع من دون استثناء".

وأشار إلى أن الرفض السابق للولايات المتحدة الأمريكية من رغبة العراق في شراء منظومة إس-400 الصاروخية الدفاعية من روسيا هو لوجود حصار مفروض على الأخيرة، وليس لسبب آخر".

وفي زيارة استمرت يوما واحدا إلى فرنسا، الجمعة، أبرم رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، اتفاقية الشراكة الاستراتيجية مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

اظهار أخبار متعلقة


وقالت وكالة الأنباء العراقية إن "الاتفاقية مع فرنسا تتكون من أربعة فصول، وستة أبواب و50 مادة و64 فقرة ونقطة"، مشيرة الى أن "هذا أول اتفاق من نوعه بعد العام 2003 وهو الأشمل بين البلدين منذ العام 1968".

وفي اليوم ذاته، نقلت شبكة "رووداو" العراقية عن مستشار السوداني، حسين علاوي أن العراق يحتاج إلى نقل "التجربة الفرنسية في مجال مكافحة الفساد، وتطوير إدارة الحكومة والجهاز الحكومي، وتعزيز الشفافية واسترداد الأموال العراقية، إضافة إلى نقل الكهرباء عبر شركة توتال الفرنسية، وكذلك شركة كريستون بخصوص القطار المعلق في بغداد، الذي قد ينتقل بالمراحل المقبلة إلى المحافظات الأخرى أيضا، علما بأنه لم ير النور منذ 20 عاما".

وأضاف أن السوداني "مصرّ على التعاقد التام وتوفير الأموال اللازمة من خلال الموازنة الاتحادية واستثمار قدرات فرنسا في الغاز المخترق، وبالتالي إعادة كبس وضخ الغاز المصاحب إلى المحطات الكهربائية العراقية، إلى جانب توقيع عقود خاصة في مجال الشراكات الاقتصادية بين الشركات الفرنسية والوزارات والشركات العراقية، من أجل تطوير قدراتها الفنية". 

وكان السوداني قد بدأ عهده الجديد بإبرام اتفاقية مع ألمانيا، إذ صرح أثناء تواجده في برلين في الـ13 من الشهر الجاري أن التعاون مع ألمانيا في مجال الطاقة واعد، وأن العراق يطمح للاستفادة من الغاز المصاحب لإنتاج النفط. وأوضح أن العراق هيأ الميزانية المالية لعقود الكهرباء مع سيمنز.

وحول صفقة التعاون التي وقعها العراق مع شركة سيمنز الألمانية، أكد السوداني أن "هذه المشاريع مشاريع مهمة سوف تساهم في تأمين الطاقة الكهربائية. سوف يعقب هذه المذكرة، توقيع عقود في بغداد. والشيء الإيجابي أننا هيأنا الميزانية المالية لتنفيذ هذه المذكرة وهذه من أهم الخطوات التي تختلف عن سابقاتها في مذكرات كانت مسألة تأمين المخصصات المالية أهم عائق".
التعليقات (1)
احمد
الأربعاء، 01-02-2023 06:49 م
(( نقلت شبكة "رووداو" العراقية عن مستشار السوداني، حسين علاوي أن العراق يحتاج إلى نقل "التجربة الفرنسية في مجال مكافحة الفساد، وتطوير إدارة الحكومة والجهاز الحكومي، وتعزيز الشفافية واسترداد الأموال العراقية، إضافة إلى نقل الكهرباء عبر شركة توتال الفرنسية، وكذلك شركة كريستون بخصوص القطار المعلق في بغداد، )) هذا الغبي يهرف بما لا يعرف لو سكت لكان افضل اولا لا توجد اي تجربه فرنسيه لمكافحه الفساد لان فرنسا لم تحكمها مافيات ايران و ثانيا كيف لتوتال نقل الكهرباء وهي شركه بتروليه لا صله لها بالكهرباء اما شركه مد خطوط القطارات فهي ليست كريستون و انما أليستون !! تصوروا مثل هذا الجحش مستشار لرئيس الوزراء لكم تخيل مستوى البغل رئيس الوزراء !! اما المحللين ( العباقره ) فلكونهم شيعه يطبلون لمافياتهم فلن يكونوا بافضل حالا من مستشار البغل فشرقوا و غربوا ولم يصلوا الى الحقيقه وهي ان حكومه الشيعه تتوسل و تغري الالمان و الفرنسيين بصفقات و عقود من اجل التأثير على الامريكان لاطلاق الاموال الموجوده في حساب العراق في البنك الفيدرالي الامريكي ومن ثم ينقلوها لايران و نسوا ان الامريكان هم من يؤثر بل يتحكم بكل اوربا اليوم بعد ازمه اوكرانيا بما فيهم الالمان و الفرنسيين الذين