ملفات وتقارير

غضب بين محامي مصر رفضا لقانون الفاتورة الإلكترونية

محامون يرون الإجراءات الحكومية مجرد جباية لتغطية عجز الموازنة الناتج عن سوء إدارة الدولة والمشاريع الضخمة التي لا تدر دخلا
محامون يرون الإجراءات الحكومية مجرد جباية لتغطية عجز الموازنة الناتج عن سوء إدارة الدولة والمشاريع الضخمة التي لا تدر دخلا

تواصل الحكومة المصرية فرض قرارات مثيرة للجدل تهدف منها جمع أكبر قدر من الأموال من الفئات المختلفة من المصريين، وهو ما دأبت عليه السلطات الحاكمة في عهد رئيس النظام عبد الفتاح السيسي، وفق متحدثين لـ"عربي21".

ووجهت مصلحة الضرائب المصرية الخميس الماضي، بيانا تحذيريا لأصحاب المهن الحرة كالطبيب، والمهندس، والمحامي، والفنان، والمحاسب القانوني، والاستشاري، يلزمهم بالتسجيل بمنظومة الفاتورة الإلكترونية، بموعد أقصاه 15 كانون الأول/ ديسمبر 2022.

ذلك التحذير، أكد أنه على تلك الفئات إرسال فواتيرهم حال التعامل مع منشآت مسجلة بمصلحة الضرائب، على منظومة الفاتورة الإلكترونية، وحال تعاملهم مع المستهلك النهائي فهم ملزمون بمنظومة الإيصال الإلكتروني.

وكان نقيب المحامين المصريين عبد الحليم علام، قد أعلن الخميس الماضي، عن توقيع بروتوكول القيمة المضافة بين نقابة المحامين ووزارتي المالية والعدل، بشأن تحصيل وتوريد ضريبة الجدول المقررة بقانون الضريبة على القيمة المضافة، الصادر بالقانون رقم (67 لسنة 2016).

وأثار تحذير الضرائب المصرية وإعلان نقيب المحامين عن بروتوكول ضريبة القيمة المضافة حالة من الغضب الشديد بين المحامين على وجه خاص. ،اعترض المحامون على تطبيق الفاتورة الإلكترونية وقانون القيمة المضافة، مؤكدين أن تلك التوجهات تضر بمهنة المحاماة.

"أضرار مادية ومعنوية"

وحول أسباب رفض المحامين لقرار تطبيق الفاتورة الإلكترونية قال عضو نقابة المحامين، المحامي هاني عوض: "يرجع رفض المحامين لقرار تطبيق الفاتورة الإلكترونية إلى أنهم يرون أن المحاماة مهنة حرة".

وأضاف في حديثه لـ"عربي21" أن مهنة المحاماة "تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة"، مؤكدا أنهم "لا يقدمون سلعا تباع للمستهلك، وليسوا من الشرائح المحددة بتناول واستعمال وإصدار فواتير منتظمة".

وتابع: "كما أنهم لا يخضعون لتقديم الخدمات وفقا لمفهوم قانون القيمة المضافة"، مبينا أنه "وبالتالي فإن للرفض أسبابا وجيهة من وجهة نظرهم؛ خاصة لما سيترتب على هذا القرار من حدوث أضرار مادية ومعنوية لهم، فهم غير مشتغلين بالأعمال التجارية أو أعمال المقاولات".

وواصل: "فلا مجال هنا لخضوعهم للتسجيل بهذه المنظومة، كما أن هذا القرار مخالف لنصوص قانون المحاماة رقم (17) لسنة 1983، (المواد 16، 63، 64، 81، 93، 94، 121)، ومخالف للدستور المصري الصادر في 2014، (المواد 54، 97، 98، 198)".

ولفت المحامي المصري، إلى أنه "حتى هذه اللحظة لم يتم الفصل قضاء في كون المحامين من المخاطبين بقانون ضريبة القيمة المضافة من عدمه، وكذلك انفراد جهة الإدارة بإصدار هذه القرارات المصيرية بإرادتها المنفردة دون التشاور مع أصحاب الشأن".

وحول تحرك المحامين المحتمل، ختم بالقول: "كل هذا وأكثر سوف يجعلنا نتخذ كل الإجراءات القانونية لوقف مثل هذا القرار بالطعن عليه أمام القضاء الإداري، وكذلك التحرك في كل المسارات الشرعية للحيلولة دون تطبيق هذا القرار".

"جباية تتعارض مع الدستور"

المحامي بالنقض والدستورية والإدارية العليا‏ نبيل زكي، قال: "ما يحدث الآن يماثل تماما باقي القوانين التي تُستخدم لإجبار الشعب على استنزاف أمواله كجباية للحكومة، حتى تسدد عجز الموازنة العامة وسداد أقساط الديون التي استدانتها للإنفاق على مشاريع لا تدر عائدا ولا تفيد معظم الشعب".

وحول مدى دستورية هذه القوانين ومدى تعارضها مع الدستور، تساءل في حديثه لـ"عربي21": "منذ متى يحترم النظام الحاكم الدستور وحتى القوانين والأحكام التي تصدرها المحاكم، ولا ترضي النظام الحاكم".

وأكد أن الطرق القانونية التي يمكن لتلك الفئات استخدامها لوقف تنفيذ هذا الإجراء الذي يرونه مضرا بهم وبمهنتهم، تتمثل في "الطعن على هذه القوانين بعدم الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا".

"منطق الجباية"

من جانبه، قال المحامي والباحث في السياسات التشريعية عباس قباري: "يتعامل النظام المصري مع الجميع بمنطق الجباية، فيستخدم التقنيات والتكنولوجيا المتطورة في تحصيل الضرائب والرسوم، في الوقت الذي يقدم فيه خدمات بدائية تضيق أكثر مما تساعد أصحاب المهن".

وأوضح لـ"عربي21"، أن "إجراءات مثل الفاتورة الإلكترونية تأتي ضمن إجراءات يثيرها وزير المالية (محمد معيط)، بين الحين والآخر ترفضها النقابات في البداية ثم تقوم بتوقيع بروتوكول لكل نقابة مع وزارة المالية".

وأكد أنه في النهاية تمرر الحكومة من خلال تلك البروتوكولات "حزمة من الإجراءات مقابل تنازلها عن الإجراء الأصعب؛ وهكذا تمرر ما تريد بعد رفع سقف الإجراءات في مناورة تتقنها السلطة، ويرضخ لها أصحاب المهن في علاقة إذعان لا نقاش فيها ولا حوار".


"تحركات وانتقادات"

وفي السياق، دعا عضو مجلس نقابة المحامين المحامي محمد عبد الستار بدر، في تصريحات صحفية محلية، لجمع توقيعات من أعضاء المجلس لعقد اجتماع عاجل بهدف بحث ملف الفاتورة الإلكترونية.

وأصدر نحو مائة من أعضاء نقابة المحامين بيانا موجها إلى نقيب المحامين المصريين عبد الحليم علام، محملينه مسؤولية ما آلت إليه أوضاع المحامين، وما اعتبروه خطرا داهما على مهنتهم بسبب ما فرضته أو تفرضه الدولة عليهم من أعباء.

وأشاروا إلى التنكيل بعشرات المحامين، ومجابهة السلطة التنفيذية أمام الفروض الضريبية القديمة والمستحدثة بقانون الإجراءات الضريبية الموحد، والرسوم كالميكنة والميكروفيلم وأتعاب المحاماة أثناء رفع الدعوى، بجانب الأعباء المعيشية.


وانتقد المحامي الشهير منتصر الزيات، تنفيذ ضريبة القيمة المضافة على المحامين، قائلا عبر صفحته بـ"فيسبوك": "قضايانا تحتاج إلى معالجات موضوعية قوية ومؤثرة مستمرة".


وقال المحامي عاطف عوض: "إذا لم تتحرك نقابة المحامين نقيبا وأعضاء تجاه أزمة القيمة المضافة والفاتورة الإلكترونية، فليتركوا مناصبهم لمن يستطيع قبل أن يتم التعامل مع المحامين كتجار ماني فاتورة".

 

 

ومنذ الانقلاب العسكري منتصف العام 2013، تواصل السلطات المصرية انتهاج سياسة الجباية من جميع فئات الشعب المصري، واستخدمت التشريعات الجديدة والتعديلات على القوانين لابتزاز أصحاب المهن الحرة والتربح من ورائهم، وهو ما أكده خبراء في القانون.


التعليقات (0)