آراء ثقافية

"فلسطين" في عيون جان لوك غودارد.. الراحل مؤخرا

توفي غودارد في أيلول/ سبتمبر الماضي- جيتي
توفي غودارد في أيلول/ سبتمبر الماضي- جيتي

"الزمن يحل محل المكان، ويتكلم باسمه"


هنا وهناك- غودارد

عام 1970 وفي الأردن، كان غودارد يصور فيلمه عن المقاومة الفلسطينية بعد معركة الكرامة 1968، ليقع أيلول الأسود ويحمل غودارد ما صوره ويعود لفرنسا صانعاً من ذاك الأرشيف فيلمه البديل عن ما كان قد عزم على صنعه، الفيلم المعنون بـ "حتى النصر: أساليب العمل والتفكير للثورة الفلسطينية" ليحمل عنوانا آخر "هنا وهناك" ويكون تعبيراً عن موقف غودارد من السينما والسياسة.

 

فهو لا يريد أن يصنع فيلماً سياسيا، بل أن يكون الفيلم بحد ذاته موقف سياسي، فكان "هنا وهناك" فيلم يعبر عن الرفض ويوجه انتقادات مباشرة بأساليب فنية معاصرة مستغلا كل إمكانية تتيحها السينما أمامه، حيث كان الفيلم أشبه بلوحة كاملة لا تستطيع عزل جزء منها عن الآخر، فالشكل هو المضمون، والصدمة عليها أن تصل للمشاهد لتصفعه على وجهه. هنا وهناك، يناقش الثورات والتاريخ يسائل عن مفهوم الحقيقة والذاكرة، يواجه الأيديولوجيات المختلفة من داخلها.


(الصمت، الصورة، الشكل، اللغة، الكلمة، الصدى والتكرار والسخرية) تركيبة تُشكّل خلطة غودارد لصناعة فيلم يقول (لا)، فيلم يرفض بكل معنى الكلمة وليس فقط يعبر عن الرفض.

هنا وهناك مقاربة فنية سياسية للواقع الإنساني والسياسي والاجتماعي، مقاربة تنبش في التاريخ، مقاربة قائمة على أسس بحثية وفكرية كطرح مفاهيم وأسئلة فلسفية تشكل ثنائيات مثل المكان/الزمان، والحقيقة/ الوهم، الغنى/ الفقر، الأنا/ الآخر، وغيرها من الأسئلة، ويقارب غودارد الأحداث التاريخية المتزامنة تاريخيا مع بعضها في مكانين مختلفين فيمر على الثورات العربية والتغيرات في أوروبا، جاعلا المشاهد يغرق بالتفكير كمقاربة عام 1917 بين اتفاقية سايكس بيكو عربياً والثورة البلشفية.

عبر تقنيات جديدة كلياً وطرح سينمائي جديد قائم على المونتاج وتشويه الصور، والروي بشكل يعتمد على التكرار، وتدوين الكلام على الشاشة بشكل موجه للجمهور، فالصورة المتحركة لدى غودارد تمتلك خطابها الخاص المنفصل عن الروي ليكون الفيلم كثيفاً بالمعنى مثقلاً بالأفكار.

 

اقرأ أيضا: فوز "مذكرات" منير شفيق بجائزة فلسطين العالمية للآداب
 

من أكثر الكلمات التي قيلت وظهرت في الفيلم هي حرف العطف (و) الموجود في العنوان والذي يظهر طوال الفيلم سواء في جمع الثنائيات أو على شكل حرف مكتوب، حرف العطف هذا الذي يحاول كسر الحواجز بين مكانين بين فرنسا التي يصور فيها عائلة برجوازية صغيرة في فترة انتشار البطالة عائلة تحيا أمام التلفاز على الاعلانات وبنفس الوقت يصور تدريبات الفدائيين الفلسطينيين.

لم يكن غودارد يصور ويطرح فكرته كمخرج فرنسي متعاطف مع القضية الفلسطينية، ولم يكن من هواة الأفلام الوثائقية بل كان انساناً له موقف واضح فتعامل معه كقضية نضالية ووثيقة سياسة. غودارد ليس دخيلاً على الحياة السياسية، بل منذ بداية عمله في عالم صناعة الأفلام كان سياسياً وتعتبر مرحلة صناعته الأفلام السياسية هي الولادة الثانية لسينما غودارد، حيث فكك ما بناه سابقاً وأعاد صياغته بما يتوافق مع رؤيته للسينما، تشكل سينما غودارد مدرسة بحد ذاتها، مدرسة ثورية صنعت قلبه في تناول السينما كفن.

"بعد كل شيء، أنا أحمق، أنا مجبر". عبارة يقولها ميشيل بطل فيلم "على آخر نفس، أو لاهث" كافتتاحية للفيلم الذي أعتبر مانفيستو الموجة الفرنسية الجديدة في السينما والذي سيفتتح مرحلة جديدة أمام السينما الفرنسية ممهداً لسينما المؤلف مع غودارد ومجموعة "كراسات السينما" وغيرهم من المخرجين والمؤلفين.

هذه الجملة بقيت متلازمة مع أبطال غودارد في مرحلته الأولى -في الستينيات- الشباب والفتيات العمال والعاملات، الطموحين، الحالم، واسع الخيال، المتلهف للمشاركة، العبثي، الأحمق، المحب، المستعد فطرياً للثورة.

أبطاله الذين عبروا عن أفكار الموجة الفرنسية ليكون غودارد أشبه ببريخت السينما منطلقاً من واقع اجتماعي سياسي واقتصادي متأزم بعد الحرب العالمية الثانية، واقع يعج بالثورات والنضالات واقع ينادي بالحريات مسائلاً الفلسفة القديمة، واقع متسارع حاول خلاله غودارد تغير تعريف السينما من صنعة وحرفة إلى فن وأداة.

كانت الموجة الفرنسية ردة فعل على النوع السينمائي السائد في فرنسا خلال الأربعينيات والخمسينيات النوع الذي أطلقوا عليه اسم "السينما الشعبوية أو سينما مساء السبت"، قام بها مجموعة من الشباب الناقد المختصين بدراسة الافلام وليس تنفيذها، عبروا من خلال مقال مكتوب بواسطة فرانسوا تروفو تحت عنوان "نزعة معينة بالسينما الفرنسية" فيلم منفذ من قبل جان لوك غودارد ومساعدة تروفو عن بداية جديدة للسينما في فرنسا بداية كسرت المعايير الجمالية والحرفية المسيطرة على السينما واضعة شروطاً جديدة، مقدمةً طرحاً تقديمياً عن ماهية السينما ودورها في المجتمع.

 

فمع غودارد و تروفو وضعَ موقف المتلقي وأثر الفيلم عليه موضع تساؤل، لتتخلى السينما عن دورها كأداة ترفيهية وحرفة جمالية تجسد الأدبيات بشكل مصور وتصبح فناً بإمكانه طرح أفكار وتكوين وعي ورأي تجاه واقع معين.

البطل المضاد

"كل ما نحتاج لصناعة فيلم مسدس وفتاة"- غودارد

مع فيلم (على آخر نفس) توضحت معالم سينما غودارد و المبادئ التي كان يكتب عنها في مجلة كراسات السينما ومن أهمها كسر قواعد المونتاج المتسلسل الهوليودي، والتصوير بكاميرا محمولة، والتصوير في مواقع خارجية أقرب للمدن وللمجتمع، و السيناريو و الحوار المرتجل القائم على قصة مكونة من رؤوس أقلام، والنزوع لقصص اجتماعية مستقاة من الواقع مع أبطال عاديين ليسوا كاملين أبطال بإمكانهم الوقوع بالخطأ وأن يكونوا ضحية لأخطائهم الفردية، أبطال يشكلون حرفياً ما يسمى "بالبطل المضاد"، كان الهدف الأساسي لغودارد من هذه الطروحات وغيرها هدم العلاقة التقليدية مع الفيلم وكسر الإيهام وخلق التغريب الذي يدفع المشاهد لطرح الأسئلة وأخذ موقف من الفيلم وليس التماهي مع الشخصيات. 

"يجب أن يكون لكل قصة مقدمة ومنتصف ونهاية، ولكن ليس من الضرورة أن يكونوا بهذا الترتيب" يقولها غودارد معبراً عن أسلوبه في رسم حبكات أفلامه، حيث لعب على تقاليد الحبكات الكلاسيكية بالقطع المرتجل واقحام الصور الثابتة و تقسيم الفيلم إلى لوحات، فأفلامه كانت أشبه ببيانات تنقل السينما لطور الفن المعاصر الفن المرتبط بجمهوره وهموم هذا الجمهور الذي لا ينفصل عن الواقع الاجتماعي، بالنسبة لغودارد ونقاد كراسات السينما، كانت السينما الكلاسيكية سينما نخبة مترفعة عن الناس همومها تقدم واقع أشبه بيوتوبيا لا تستطيع التعبير عن حقيقة الواقع.

في أفلامه الأولى يقدم غودارد بأسلوب ملحمي حياة شبان وشابات منهم ميشيل في فيلم "على آخر نفس" ونانا في فيلم "لأعيش حياتي"، شباب يعيشون تجربتهم للأقصى، من خلال عرض فترة من حياتهم كآخر عدة أيام من حياة ميشيل و قرابة السنة من حياة نانا، نرى من تجارب أبطاله وصراعاتهم الفردية صورة عن الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في تلك الفترة، ميشيل الشاب المتمرد الطائش السارق الذي استقى غودارد قصته من واقعة حقيقة نشرت في المجلات عن قاتل هارب، السارق المحب الذي وقع في حب الحلم الأميركي ليجده في صورة صحفية أمريكية تعمل في باريس، الأحمق الذي ارتكب جريمة قتل بظروف عبثية الرافض لمجتمعه ولشكل مدينته.

 

اقرأ أيضا: "أرجوحة من عظام".. رواية ملحمية عن الانكسار الفلسطيني
 

يقدم غودارد مع ميشيل في الفيلم تصوراته وأفكاره فنرى اعجاباً ملموساً بمخرجين وممثلين من هوليوود فهو يعرض مقاطع في السينما لفيلم "متجه غرباً 1940"، أما ميشيل فيُمرر يده على شفاهه بحركة مستقاة من النجم الأميركي همفري بوجارت.

 

والفيلم يعج بالمقتطفات الأدبية والشعرية والفنية كأغلب أفلام غودارد من لوحات لبيكاسو ورينوار في غرفة الصحفية الأمريكية باتريشيا وموسيقى موزارت حتى أنه استضاف في فيلمه الكاتب جان بيير ميلفيل ليلعب دور كاتب صغير، بإقحامه كل العناصر الفنية المختلفة تتوضح الفروقات بين ميشيل وباتريشيا بين فكر كل منهم وتوجه كل منهم فالجاز لميشيل والكلاسيك لباتريشيا، الحرية التي أرادها ميشيل تنتهي بالموت وحرية باتريشيا باستقلاليتها. 

أما نانا كان تصويرها أشد ملحمية، نانا ترفض متاهات المجتمع الاستهلاكي وتعيش ضمن سيزيفية البحث عن السعادة، الحق بالحلم ومحاولة تحقيقه. فغودارد عبر نانا والتقطيع الملحمي لحكايتها طرح إشكاليات تواجه المرأة واستقلاليتها في الستينيات، نانا التي تعشق السينما والتمثيل الفتاة التي اختارت الحرية بعيداً عن عائلتها وابنها، فهي لم ترغب بأن تكون أما و زوجة، تجبرها الظروف للتوجه للعمل ضمن أقدم المهن المتعارف عليها تاريخا، ألا وهي الدعارة، والتي تفقد حياتها هي الأخرى بالصدفة عبر صفقة قذرة يقوم بها القواد.

 

عبر نانا قام غودارد بعرض وثيقة تمثل قسوة الحياة في باريس وقسوة ظروف العمل بالدعارة فخلال الفيلم المقسم إلى 12 لوحة تتفرد لوحتين بعرض تسجيل أشبه بقواعد تضبط كل جوانب العمل بالدعارة و تعطي شروطه وأساليبه بصوت قواد ذكر يتحكم بحياة العشرات من النساء أمثال نانا، بالإضافة لطرح فلسفته عبر جعل نانا فيلسوفة في لوحة تتحدث فيها فعليا إلى الفيلسوف بريس باران، نرى نانا طوال لوحات الفيلم وهي تتجرد شيئاً فشيئاً من جوهرها الإنساني لتتحول إلى سلعة قابلة للاستهلاك.

مع الوقت بدأت سينما غودارد تمتلك ملامحها الخاصة التي كانت أحيانا نتيجة ظروف إنتاجية صعبة كعدم امتلاك كاميرا تزامن الصوت مع الصورة فاستغلها غودارد لزيادة أثر التغريب، في فيلمه "بييرو المجنون" يقدم غودارد طرحاً راديكالياً عن الحرية وطرح متمرد ورافض لمجتمع الاستهلاك والبرجوازية الحديثة طرح يميل إلى الثورات والحركات المناهضة للرأسمالية.

 

نرى مع بيرو حكاية ليس بشكلها التقليدي بل مقتطفات من رواية عن بييرو و ماريان الهاربان من الشرطة، يستخدم غودارد في بييرو كل أدوات السينما فهو فيلم ملون كوادر كل مشهد أشبه بلوحة بأسلوب البوب ارت حتى أنه لون وجه بيرو ليصبح أشبه بتماثيل إيف كلاين الزرقاء.

 

بييرو المجنون فيلم يعج بالشعر سواء بصرياً أو عن طريق السرد المحكي، فيلم قد يتعلق به أي شاب وشابة لينظروا إلى بييرو كبطلهم الحالم الذي حقق حريته باختيار الموت ضمن مشهد من أروع مشاهد غودارد حيث يقوم بيرو بتفجير رأسه بالديناميت، لا يخلو مشهد من الفيلم من اقتباس أدبي أو فني أو رفض، في مقدمة الفيلم يسخر غودارد بأسلوب هزلي من الثقافة السائدة عبر التصوير بلون موحد سهرة برجوازية يقوم الحوار فيها على سرد اعلانات سهرة تعبر عن المجتمع الاستهلاكي القائم على الدعاية والبيع. 

تنوع إنتاج غودارد ليميل إلى الشعرية في آخر فترة من حياته فهو لطالما كان مجدداً وبالرغم من التجديد ظل أبطاله يعيدون تساؤل ميشيل من أول فيلم له يعيدون طرح نفس القضايا ولكن بمعالجة مختلفة، هنالك رابط بين فيلمه الأول "على آخر نفس" وفيلم "كل شيء على ما يرام" الذي صنعه بعد عشرين سنة عن صناعة الأول فالبطل يعبر عن القلق والسؤال الوجودي في الزمن الذي يعيش فيه وكليهما يموت في نهاية الفيلم أو لا يشعر بشيء على الاطلاق فهو بذلك يموت.

فارق غودارد الحياة 13 أيلول/ سبتمبر الماضي، بعد صراع مع المرض، ليجسد مقولته التي رددها العديد من أبطاله أمثال ميشيل وبيبرو ونانا "الموت هو الحرية الأخيرة للإنسان".

 

نحن نستطيع اليوم رؤية غودارد من خلال أبطاله المضادين، نرى همومه وما شغل باله، نرى ارتباطه بالقضايا وفعله السياسي المباشر، نرى حزنه وانقطاعه عن السينما وغرقه في سنوات من الصمت والعمل السياسي، ليعود مع أدوات جديدة طارحاً أسئلة جديدة على المشاهد وعلى أبطاله وعلى نفسه.

التعليقات (1)
نسيت إسمي
الخميس، 10-11-2022 09:11 م
1 ـ (يقول أسعد أبو خليل) جان لوك غودار تحسّسَ مع معاناة الشعب الفلسطيني أكثر من كل النخبة الثقافيّة والاعلاميّة اللبنانيّة. كان الفذّ أوّل من أدرك الضرر الذي الحقه ستيفن سبيلبرغ بالفن السينمائي. 2 ـ (دييغو.. ومحمود درويش) رحل مارادونا، تاركا خلفه إرثاً لا حدود له، وأثراً لا يملأه أحد، خانته دقات قلبه، فتوقف، وغادر ملعب الحياة، لكن إسم عاشق كرة القدم الذي ترك بصمته في أشهر ملاعبها سيبقى خالدا في الذاكرة، ولعل الوحيد القادر على وصف الفراغ الذي سيخلفه غياب دييغو مارادونا هو الشاعر الفلسطيني محمود درويش.. وبأبيات قصيدته نختم .. "ماذا نفعل بعدما عاد مارادونا إلى أهله في الأرجنتين؟ مع من سنسهر، بعدما اعتدنا أن نعلّق طمأنينة القلب، وخوفه، على قدميه المعجزتين؟ وإلى من نأنس ونتحمّس بعدما أدمناه شهراً تحوّلنا خلاله من مشاهدين إلى عشّاق؟ ولمن سنرفع صراخ الحماسة والمتعة ودبابيس الدم، بعدما وجدنا فيه بطلنا المنشود. وأجّج فينا عطش الحاجة إلى: بطل.. بطل نصفق له، ندعو له بالنصر، نعلّق له تميمة، ونخاف عليه وعلى أملنا فيه من الانكسار؟" 3 ـ (العديد من نجوم الكرة ارتدوا الكوفية الفلسطينية لكن يكفي ذكر اثنين منهم فقط هما دييغو مارادونا و"الظاهرة" رونالدو) تختصر الكوفية الفلسطينية حكايا الكفاح والمقاومة وقضية فلسطين منذ النكبة. لا يمكن أن تكون فلسطينياً ولا تمتلك كوفية تعبّر من خلالها عن هويّتك وانتمائك للقدس وفلسطين ولكل التضحيات التي قدّمها الفدائيون والمقاومون والشهداء. الكوفية أيقونة من أيقونات فلسطين. العديد من النجوم ارتدوا الكوفية الفلسطينية لكن يكفي ذكر اثنين منهم فقط وهما ليسا نجمين عاديين بل لاعبين أسطورييين من أبرز ما أنجبت الكرة في تاريخها أو الأبرز والحديث هنا عن الأسطورة الأرجنتيني دييغو مارادونا و"الظاهرة" البرازيلي رونالدو. إذ إن مارادونا ارتدى الكوفية الفلسطينية في إحدى المرات عام 2011 بعد أن منحه إياها شباب فلسطينيون ولم يكتف مارادونا بذلك بل رفع بيده شعار النصر وقال: "عاشت فلسطين". أما رونالدو فكان قد سبق مارادونا إلى ارتداء الكوفية عندما زار مدينة رام الله عام 2005. يمكن القول أن الكؤوس والجوائز التي يرفعها النجوم تكبر بهم، أما الكوفية الفلسطينية عندما يرتديها هؤلاء، مهما كانت نجوميتهم، فإنهم يكبرون بها. 4 ـ (الأسطورة.." قلبي فلسطيني") عام 2011 وبعد انتهائه من التدريبات مع نادي الوصل الإماراتي، خرج مارادونا من الملعب، وكان بانتظاره عدد من المشجعين من بينهم شبان فلسطينيون، فاقترب أحدهم من مارادونا حاملاً الكوفية الفلسطينية وقال له "هذه لك"، ارتسمت على شفتيّ مارادونا ابتسامة عفوية، ثم عانق الشاب وهتف باللهجة الإسبانية: "تحيا فلسطين". بعده بعام كشف مارادونا عن رغبته في زيارة فلسطين ودعمه المطلق لقضية شعبها قائلا: "افتخر بالدعوة التي وجهت إلي لزيارة فلسطين، فأنا الداعم الأول لقضيتها العادلة. الشعب الفلسطيني شعب عظيم ويجب علينا جميعا الوقوف إلى جانبهم. أحبهم كمحبتي لحفيدي، وسأستمر في دعمهم وسأزورهم قريبا، وليغضب من يغضب". ومن أبرز مواقفه تجاه القضية كانت عند لقائه مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في مونديال روسيا عام 2018، فقال له: "أنا فلسطيني، وقلبي فلسطيني". 5 ـ (كيف احتفل «ياكيني» بأول أهداف نيجيريا في مونديال 94؟) الراحل «رشيدي ياكيني» أسطورة منتخب نيجيريا ، والذي عُرف احتفاله بـ«هزّاز الشباك» لتصبح واحدة من أشهر احتفالات كأس العالم وتُخلّد في الذاكرة. ففي تاريخ البطولة الطويل والرائع، تم الاحتفال بأهداف قليلة للغاية عبر قارة بأكملها، مثل احتفال «رشيدي ياكيني»، بأول أهداف منتخب نيجيريا في مونديال 1994. لم يتوقع أحد أن يصبح هذا الطفل "جامع الكرات" واحدًا من أبرز المهاجمين في تاريخ نيجيريا، ويصعد بمنتخب بلاده إلى كأس العالم لأول مرة في تاريخها، ويسجل أول أهداف "النسور الخضر" في مونديال 1994، ويصبح أيضًا الهداف التاريخي لنيجيريا وهو الأسطورة "رشيدي ياكيني". ليس هذا فحسب، بل توّج "رشيدي ياكيني" أيضًا بالكرة الذهبية كأفضل لاعب في القارة، واختارته مجلة "فرانس فوتبول" الفرنسية ضمن قائمة أفضل 30 لاعبًا في أفريقيا. في مونديال 1994، التقى منتخب نيجيريا بنظيره بلغاريا، وانتهت بهزيمة الأخير بثلاثية نظيفة، لينجحوا في الصعود إلى دور الـ16 من بطولة كأس العالم. هذه المباراة شهدت تألق "رشيدي ياكيني"، الذي سجل أول أهداف نيجيريا في كأس العالم، ليركض داخل الشباك بشكل مؤثر وعاطفي بعد الهدف، حيث اشتهر بـ"هزّه للشباك"، سواء عن طريق تسجيله للأهداف، أو لدخوله المرمى والاحتفال عن طريق هز الشباك أيضًا بكلتا يديه. وصفت الصحف العالمية هذا الاحتفال بأنه «حلم قارة بأكملها!»، ليعلق هذا الاحتفال في أذهان محبي الساحرة المستديرة حتى الآن. واكتسب "ياكيني" احترام الجميع لشجاعته في أرض الملعب، بعدما خالص جميع التوقعات بخروج منتخب نيجيريا من كأس العالم سريعًا من الدور الأول، بينما أكثر المتفائلين قد توقع فقط التمثيل المشرف.