قضايا وآراء

أول سفير رقمي لأمريكا.. وبعثة دبلوماسية إسرائيلية على ميتا فيرس!

صهيب محمد
1300x600
1300x600
في نهاية شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي أصبح "نيت فيك" أول سفير متجول لوزارة الخارجية لشؤون الفضاء الإلكتروني والدبلوماسية الرقمية، وهو يملك حقيبة واسعة، وسيعمل بشكل رسمي بالتنسيق مع أركان الإدارة الأمريكية، بما في ذلك وكالة الأمن القومي والبيت الأبيض، وذلك لقيادة أجندة واشنطن الرقمية.

قبل توليه هذا المنصب، كان "فيك" مديراً تنفيذياً للأمن السيبراني، وضابطاً في البحرية الأمريكية، لكنه اليوم سيدير الدبلوماسية الرقمية للبلاد برتبة سفير، وهذا يعني أن مجال عمله يشمل التعاون مع مختلف الدول في ذات المجال.

تدعم الافتراضات الأساسية التي تقوم عليها السياسة الخارجية للولايات المتحدة مسار الدبلوماسية الرقمية على أساس ثابت بأن التكنولوجيا تعيد تشكيل كل جانب من جوانب العالم.

بحسب "نيت فيك"، فلدى الإدارة الأمريكية وجهة نظر صحيحة للغاية مفادها أن الدبلوماسية والرقمية منها هي الأداة الأهم، وتشكل أولويةً للإدارة الحالية، وتستطيع أن تحقق قدراً مهولاً من الإنجاز إذا تصرفت بسرعة، واستثمرت الفرص المتوفرة.
تدعم الافتراضات الأساسية التي تقوم عليها السياسة الخارجية للولايات المتحدة مسار الدبلوماسية الرقمية على أساس ثابت بأن التكنولوجيا تعيد تشكيل كل جانب من جوانب العالم

تثير هذه النقلة النوعية وجوب تكييف دبلوماسية الفضاء الإلكتروني لفنون الدبلوماسية التقليدية مع البيئة الدولية الديناميكية للقرن الحادي والعشرين.

فلم يعد من الممكن الفصل بين عالم الدبلوماسية على الإنترنت وخارجه، حيث يلجأ الجمهور الرقمي الآن إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتعرف على الأحداث والممثلين الذين يشكلون عالمهم، لهذا السبب انتقلت وزارات الخارجية في جميع أنحاء العالم إلى مواقع التواصل الاجتماعي مثل Twitter وFacebook وYouTube وTikTok، على أمل التفاعل مع الجمهور الرقمي وتشكيل وجهات نظرهم العالمية.

ولا شك أن شركات الإنترنت والتكنولوجيا الكبرى ستصبح جهات فاعلة سياسية واستراتيجية في حد ذاتها، وستشكل فرصاً كبيرة لإعادة التموضع السياسي والدبلوماسي في العالم.

من جانبٍ آخر، لا تخفى مثل تلك الفرص على الاحتلال "الإسرائيلي"، فهو يسعى بكل ما يستطيع ليستغل كل ما يمكنه استغلاله لبناء صورته على أنه "دولة" عصرية ومتقدمة بامتياز.

فقد أعلنت وزارة الخارجية "الإسرائيلية" بدء أول مهمة دبلوماسية على منصة "ميتافيرس"، بافتتاحها أول بعثة دبلوماسية لدى كوريا الجنوبية على هذه المنصة، بهيئة مجمعٍ افتراضي مصممٍ على طراز "مزار الكتاب" في القدس. يضم المجمع معرضاً يحتفل بستة عقود من العلاقات الثنائية، كما يحتوي على مكان لقاءٍ افتراضي في الطابق العلوي من المنصة الرقمية يسمح باجتماعات الواقع الافتراضي بين الجانبين الإسرائيلي والكوري الجنوبي، كل في بلده.
شركات الإنترنت والتكنولوجيا الكبرى ستصبح جهات فاعلة سياسية واستراتيجية في حد ذاتها، وستشكل فرصاً كبيرة لإعادة التموضع السياسي والدبلوماسي في العالم

ستقدم بعثة "ميتافيرس" في جملة ما تسعى إليه مجموعاتٍ لدراسة اللغة العبرية والكورية، ودروساً حول مواضيع مختلفة، ومهرجانات الأفلام "الإسرائيلية"، واجتماعات العمل وغيرها من الأحداث، حيث يقدم الجيل القادم من Metaverse المزيد من اللقاءات الافتراضية مثل دروس الرقص الشعبي وتدريب التايكوندو وجلسات السمر.

صرّح سفير "إسرائيل" في كوريا الجنوبية، "عكيفا تور" معلقاً على هذا الحدث: "هذه مبادرة توضح الابتكار الإسرائيلي في ساحة مهمة مثل كوريا الجنوبية".

بالنسبة لنا، هذه مجرد بداية لاتصالات شخصية وتفاعلية مستمرة بين الدول باستخدام أدوات الدبلوماسية الرقمية، والتي تُعد وزارة الخارجية الإسرائيلية واحدة من قادة العالم في هذا المجال".

يأتي المشروع الحالي الذي أطلقته البعثة الإسرائيلية في كوريا الجنوبية على خلفية ازدهار العلاقة بين البلدين، حيث من المتوقع أن تجدد الخطوط الجوية الكورية رحلاتها المباشرة بين إسرائيل وكوريا في نهاية العام، إضافةً لاتفاقيات تجارية جديدة تمت المصادقة عليها مؤخراً، والتي تعتبر الأولى من نوعها لـ"إسرائيل" في آسيا والأولى لكوريا الجنوبية في الشرق الأوسط.
تلعب الدبلوماسية دوراً مهماً من خلال هذا العالم المتجدد والمتسارع، حيث يمكن للدول تحديد أهدافها التي تعمل عليها ضمن فضاءات العالم الرقمي، وعكس ذلك على سياساتها اليومية، وإظهار صورتها المنشودة من خلال شبكاتها الواسعة على وسائل التواصل الاجتماعي

وزارة الخارجية الإسرائيلية ليست غريبة على مثل هذه الأنشطة الرقمية غير المسبوقة، وقد اعتُبرت رائدة في المجال الرقمي. فمنذ عام 2009، أنشأت وزارة الخارجية إمبراطورية وسائط اجتماعية تمتد عبر عشرات الحسابات في العديد من المنصات الرقمية، من خلال قسم الدبلوماسية الرقمية الذي بات القسم الأكثر اهتماماً.

فمنذ إنشائه، كان قسم الدبلوماسية الرقمية رائداً في استخدام التقنيات المبتكرة، حيث قام الإسرائيليون بتأليف خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي، واستخدموا تحليل البيانات الضخمة لصياغة صورة "إسرائيل"، واعتمدوا على الذكاء الاصطناعي لتشكيل الخطاب العام على الإنترنت بما يخفي حقيقة وجهها الإجرامي أمام العالم.

هنا مرة أخرى تلعب الدبلوماسية دوراً مهماً من خلال هذا العالم المتجدد والمتسارع، حيث يمكن للدول تحديد أهدافها التي تعمل عليها ضمن فضاءات العالم الرقمي، وعكس ذلك على سياساتها اليومية، وإظهار صورتها المنشودة من خلال شبكاتها الواسعة على وسائل التواصل الاجتماعي.
التعليقات (0)