أوكرانيا تلعب دورا بـ"النصفية الأمريكية".. وروسيا في "قلبها"

تنقسم آراء الناخبين الأمريكيين خلال الانتخابات النصفية القادمة بين ملفات داخلية مشتعلة وأخرى خارجية شائكة، فالأمريكيون متخوفون من "تطرف مناصري الحزب الجمهوري" في الداخل، ومواقف سياسيين مناوئين للحزب الديمقراطي قد يعقدون صفقات مع الرئيس الروسي فلادمير بوتين بشأن الحرب في أوكرانيا.

وإذ تلقى تلك المواقف تباينا كبيرا، بحسب وسائل إعلام أمريكية، فإن رواسب التدخل الروسي المزعوم في محطات انتخابية سابقة بالولايات المتحدة ما زالت تحمل "تهديدا" جديا بالتأثير على النتائج.

وأفادت تقارير إعلامية بأن الحكومة الفيدرالية ستصدر تحذيرا بشأن التهديدات لعمليات الانتخابات في الولايات المتحدة قبل الانتخابات النصفية في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر.

وستحدد نشرة الاستخبارات الداخلية تفاصيل التهديدات الإلكترونية من الصين وروسيا، بالإضافة إلى التهديدات الجسدية المحتملة لمسؤولي الانتخابات في جميع أنحاء البلاد، وفقًا لوكالة رويترز.

ويسعى الجمهوريون إلى استعادة السيطرة على مجلسي الشيوخ والنواب من زملائهم الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي.

وأحال ممثلو وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية (CISA) الأسئلة إلى وزارة الأمن الداخلي، فيما قال اثنان من كبار المسؤولين الأمريكيين لرويترز الأسبوع الماضي إن حملات التضليل المحلية والتهديدات المحلية للعاملين في الاقتراع تظهر كمخاوف أكبر قبل الانتخابات النصفية.

وقال أحد المسؤولين الأمريكيين: "هناك الكثير من التصريحات حول العنف ضد موظفي الاقتراع.. لذا فقد أوضحنا نقطة.. للتحقيق بقوة في كل هذه التهديدات".

وتواجه كل من روسيا وإيران، اتهامات بالتدخل في الانتخابات الأمريكية السابقة عبر استخدام حملات التضليل، فيما لم يثبت تورطهما بعد، وفقًا للأمن السيبراني الأمريكي.

مخاوف وتهديدات

ويسود هذه الانتخابات أجواء متوترة، خاصة بعد أحداث الكابتول التي قادها أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب، وما تلاها من تهديدات لمرشحين ونوابا وممثلين عن الحزب الديمقراطي.

والثلاثاء، كشف استطلاع رأي جديد أجرته وكالة رويترز بالتعاون مع مركز إبسوس، أن مخاوف الناخبين الأمريكيين من العنف والترهيب خلال الانتخابات النصفية القادمة. 

وقال اثنان من كل خمسة ناخبين أمريكيين، إنهم قلقون بشأن التهديدات بالعنف أو ترهيب الناخبين في مراكز الاقتراع خلال انتخابات التجديد النصفي في البلاد.

وأظهر الاستطلاع أن ثلثي الناخبين المسجلين يخشون أن يقوم المتطرفون بأعمال عنف بعد الانتخابات إذا كانوا غير راضين عن النتيجة.

وتوضح النتائج ما قال بعض المراقبين إنه دليل متزايد على انعدام الثقة في المؤسسات الديمقراطية في البلاد، بعد عقود من الحزبية العميقة. 

مخاوف أوكرانية

ومخاوف الناخبين الأمريكيين تقترن بمخاوف أخرى، في شرق القارة الأوروبية، فالأوكرانيون لم يخفوا قلقهم من تصدر الحزب الجمهوري للنتائج، بحسب ما نشره موقع "إن بي آر" الأمريكي.

ومنذ أن شنت روسيا حربها على أوكرانيا في شباط/ فبراير الماضي، وافق الكونغرس على عشرات المليارات من المساعدات الأمنية والإنسانية الطارئة لكييف بينما شحنت إدارة بايدن ما قيمته مليارات الأسلحة والمعدات من المخزونات العسكرية.

وقال عضو البرلمان الأوكراني، ميكولا كنيازيتسكي: "هناك مخاوف من أن الدعم سيصبح أصغر".

وفي أيار/ مايو الماضي، صوّت العشرات من أعضاء مجلس النواب الجمهوريين ضد مشروع قانون المساعدات الأوكرانية.

والشهر الماضي، صوت جميع أعضاء مجلس النواب الجمهوريين باستثناء 10 ضد حزمة تمويل حكومية تضمنت مليارات الدولارات المخصصة لأوكرانيا.

وأوضحت يفينييا كرافتشوك عضو في البرلمان مع حزب الرئيس فولوديمير زيلينسكي التي سافرت مرتين إلى واشنطن منذ بداية الحرب للقاء زعماء الإدارة والكونغرس، ومقابلة كل من القادة الديمقراطيين والجمهوريين: "في كل مرة، نتلقى تأكيدًا من كلا الطرفين بأن دعم الحزبين سيستمر".

لكن البرلماني كنيازيتسكي عبر قلقه بشأن تأثير مجموعة صاخبة من الجمهوريين، العديد منهم متحالفون مع الرئيس السابق دونالد ترامب، بالإضافة إلى شخصيات تلفزيونية محافظة تحدثت علانية ضد ذهاب مليارات الدولارات إلى أوكرانيا.

وقال النائب الأوكراني: "عندما نرى معلقين على قناة فوكس نيوز، من وجهة نظرنا، يروجون للمواقف الانعزالية - يبدو هذا وكأنه دعم لروسيا".

تغير موقف الناخب الأمريكي

وأظهرت نتائج استطلاع أجراه "مركز باو للأبحاث" الشهر الماضي أن 32% من المستقلين من الجمهوريين والميول الجمهورية يعتقدون أن الولايات المتحدة تقدم الكثير من الدعم لأوكرانيا في الحرب. 

وانخفضت نسبة الأمريكيين الذين قالوا إنهم قلقون للغاية أو قلقون للغاية بشأن هزيمة أوكرانيا من 55% في أيار/ مايو الماضيين إلى 38% في أيلول/ سبتمبر الماضيين.

وقال الزميل في مؤسسة المبادرات الديمقراطية، بيترو بوركوفسكي، إن "السياسة المحيطة بالمساعدات لأوكرانيا ليست موضوعًا سهلاً للحديث عنه في كييف، حيث يقول المسؤولون الحكوميون إن تجنب السياسات الحزبية في الولايات المتحدة هو أحد الركائز الأساسية للسياسة الخارجية الأوكرانية".

وأضاف بوركوفسكي، الذي قضى سنوات في الحكومة الأوكرانية: "كان هذا هو الدرس المستفاد خلال سنوات ترامب".

وفي السياق، قال مدير الدراسات الدولية في جامعة أوديسا ميتشنيكوف، فولودمير دوبوفيك، إن عاملًا آخر يساهم في المخاوف بشأن الانتخابات النصفية للولايات المتحدة هو أن العديد من الأوكرانيين لا يفهمون السياسة الأمريكية.

دعم جمهوري لبوتين 

ومؤخرا، اعتبر إعلام أمريكي تصريحات رئيس مجلس النواب الجمهوري المحتمل كيفن مكارثي، إعلانا صريحا لدعم روسيا، حينما أكد أنه سيجعل نفسه زعيما للجناح المؤيد للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وفي وقت سابق، قال الزعيم الجمهوري في مجلس النواب كيفين مكارثي مؤخرًا إنه لن يكون هناك "شيك على بياض" لأوكرانيا إذا فاز الجمهوريون بالسيطرة على الغرفة من زملائهم الديمقراطيين في بايدن، ما أثار مخاوف من أن الجمهوريين قد يوقفون المساعدات عن أوكرانيا، وفقا لما ذكرته وكالة أسوشييتد برس.

وأثارت تعليقات مكارثي، الذي يتولى رئاسة مجلس النواب في حال فوز الجمهوريين في مجلس النواب، تساؤلات جديدة حول مرونة دعم أمريكا لأوكرانيا حيث إن عددًا متزايدًا من الجمهوريين، لا سيما أولئك الذين يتماشون مع نهج دونالد ترامب "أمريكا أولاً"، يشككون في الحاجة إلى الإنفاق الفيدرالي في الخارج في وقت بلغ فيه التضخم ارتفاعًا قياسيًا في الداخل.

اللعب مع بوتين

ونشرت صحيفة واشنطن بوست مقابلة أجراها الكاتب غريغ سارجنت مع المؤرخ البارز والخبير في صعود الاستبداد في العالم، تيموثي سنايدر.

وفي رده على سؤال حول جدية تهديد النائب الجمهوري، وصف سنايدر الأمر بأنه جد خطير، لأن الديمقراطيين في جميع أنحاء العالم مع فوز الأوكرانيين في هذه الحرب.

وأشار سنايدر إلى ما قد يبدو صراعا حقيقيا على السلطة داخل الحزب الجمهوري حول ما إذا كان سيتراجع عن دعم أوكرانيا، لافتا إلى أن المصدر الأساسي لهذا الصراع هو الإعلام الروسي الذي يبدو أن عددا من الناخبين الأمريكيين والجمهوريين تحديدا يتابعونه.

وتساءل سارجنت: هل من العدل التكهن بأن بوتين يأمل في أن يسيطر الحزب الجمهوري على الأغلبية، ثم يقوض التمويل الأمريكي لجهود أوكرانيا؟

فيما أجاب سنايدر بأن الأمر ليس سرا، وأن هذا ما تروج له الدعاية الروسية، مضيفا أنه عندما يتحدث الروس عن طريقة فوزهم في أوكرانيا فإنهم يقولون: "نحن نعتمد على الجمهوريين في الانتخابات النصفية في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل".

موقف نائب ترامب

وفي السياق، قال نائب الرئيس السابق مايك بنس، إنه لا يوجد مجال "للأعذار" للرئيس الروسي فلاديمير بوتين داخل الحركة المحافظة الأمريكية، وفقا لما ذكرته صحيفة لوس أنجلوس تايمز.

وأوضح بنس: "يجب أن نستمر في تزويد أوكرانيا بالموارد اللازمة للدفاع عن نفسها.. يجب أن نستمر في ممارسة الضغط الاقتصادي لأقوى اقتصاد في العالم على روسيا، ويجب أن نستمر في تقديم المساعدات لكييف حتى تلين موسكو وتتم استعادة السلام".

— Heritage Foundation (@Heritage) October 24, 2022

بايدن.. مخاطر كبيرة

وفي المقابل، ألمح الرئيس جو بايدن للصحفيين إلى المخاطر الكبيرة لتلك المواقف، حيث قال: "هؤلاء الرجال لا يفهمون ذلك" في إشارة إلى الجمهوريين الذين ينتقدون حزم المساعدات، وفقا للصحيفة ذاتها..

وأضاف بايدن: "إنها أكبر بكثير من أوكرانيا. إنها أوروبا الشرقية. إنه الناتو. إنها حقًا نتائج تبعية خطيرة وخطيرة.. [النقاد] لا يفهمون أن الطريقة التي تعمل بها أمريكا ستحدد كيف يفعل بقية العالم".

الأمريكيون يدعمون الناتو

ويعتقد 81% من الأمريكيين أنه يجب على الولايات المتحدة الحفاظ على مستوى دعمها لحلف شمال الأطلسي أو زيادته، وهو أعلى مستوى من الدعم للحلف وجده المجلس منذ أن بدأ التصويت على هذا السؤال في عام 1974، بحسب مسح جديد أجراه مجلس شيكاغو للشؤون العالمية، الخميس الماضي.

وقال سفير الولايات المتحدة السابق لدى الناتو والرئيس الحالي لمجلس شيكاغو، إيفو دالدر: "هناك درجة ملحوظة من الإجماع حول تلك القضايا الأساسية المتعلقة بالناتو".

وأضاف: "كل هذه القضايا التي نوقشت خلال سنوات ترامب، هناك الآن إجماع حول هذه المواقف الطويلة الأمد التي كانت أساسية بالنسبة للخارجية الأمريكية".