مقالات مختارة

بريطانيا: ابن سري للملك تشارلز يطالب بولاية العهد

صادق الطائي
1300x600
1300x600

مثل أغلب العائلات المالكة في العالم، تستهوي أخبار العائلة المالكة في بريطانيا المتلقي الباحث عن تسريبات وأخبار وصور تكشف فضائح القصور الملكية ومجتمعها المخملي، إذ ما زال هذا النمط من الأخبار يمثل مادة دسمة للصحافة التي تغطيها وتشبعها بحثا وتقصيا، والكل يعلم أن قصر باكنغهام ناله نصيب كبير من الفضائح على مرّ السنين، ويبدو أننا نشهد إحدى موجات هذه الأخبار مع القصة التي ظهرت في أعقاب وفاة الملكة إليزابيث الثانية، إنها قصة طفل غير شرعي، بات اليوم رجلا ظهر فجأة، ويدعي أنه ابن غير شرعي للملك تشارلز وكاميلا، وبدأ يطالب بحقوقه الملكية.


ادعى سايمون دورانت داي، وهو مواطن أسترالي من كوينزلاند، أنه الابن السري للملك تشارلز الثالث والملكة كاميلا، كان قد ولد في بداية علاقتهما الغرامية في منتصف الستينيات، وأنه أبعد بقرار ملكي، إذ تم تبنيه من عائلة أخرى، ليتم إخفاء القصة حتى تم كشفها الآن. وقد اجتذب سايمون دورانت داي عناوين الصحف حول العالم بمزاعمه، التي يقول إنها نتيجة عقود من البحث، إذ يقول الرجل البالغ من العمر 56 عاما؛ إنه غُمر بطلبات من وسائل الإعلام والمراقبين الملكيين حول العالم في الأيام التي أعقبت وفاة الملكة اليزابيث الثانية في 8 أيلول/سبتمبر 2022، مع حرص الكثيرين على معرفة ما سيتخذه من خطوات قانونية في القضية المثيرة للجدل.

وقد أعلن دورانت داي لوسائل إعلام: «سأعود إلى محكمة الأسرة، وأنتظر حكمها النهائي. في المرة الأخيرة التي كنت فيها أمام المحكمة، أخبرني القاضي أنه إذا عدت بأدلة قوية ودقيقة، فلا يوجد سبب لرفض طلب إجراء اختبار الحمض النووي، وسيتعين على تشارلز وكاميلا الإجابة على ذلك، وأضاف: «لا فرق بالنسبة لي، سواء كان الجبل الذي أمامي ذكرا أم أنثى، لا فرق بالنسبة لي كم يبلغ ارتفاع هذا الجبل، إذ لا يزال يتعين عليّ تسلقه لإثبات الحقيقة التي أعرفها، لذا لم يتغير شيء بالنسبة لي».

 

بداية الحكاية المثيرة، كانت مع ادعاءات دورانت داي التي قدمها لدعم قصته، إذ ولد المدعي، بحسب أوراقه الرسمية في 5 نيسان/إبريل 1966، في جوسبورت في مدينة بورتسموث الساحلية في المملكة المتحدة. وعندما بلغ عمره ثمانية أشهر، تم تبنيه من زوجين محليين هما كارين وديفيد داي، وكان جده وجدته لأمه بالتبني وينيفريد وإرنست بولدن، قد عملا مع الملكة إليزابيث الثانية والأمير فيليب في أحد قصورهم الملكية. وقد حصل إرنست بولدن على جائزة الخدمة الإمبراطورية. ويدعي دورانت داي أن جدته بالتبني أخبرته عدة مرات أنه ابن كاميلا وتشارلز.

 

وقال: «لم تلمح إلى ذلك فحسب، لقد أخبرتني بالأمر صراحة». المعلومات الرسمية تشير إلى أن تشارلز وكاميلا لم يلتقيا إلا في عام 1970، ولم يُذكر أن علاقتهما بدأت حتى عام 1986، إلا أن سايمون يشير إلى أن تشارلز وكاميلا أصبحا قريبين لأول مرة في عام 1965، بعد لقائهما الأول في جنازة ونستون تشرشل، ويزعم أنه بعد أشهر، في الفترة التي سبقت ولادته، اختفت كاميلا من المشهد الاجتماعي في بريطانيا لمدة تسعة أشهر على الأقل، بينما تم إرسال تشارلز إلى أستراليا. ويشير سايمون إلى شهادة خبير يبحث عن أدلة لدعم قصته، الذي قال إنه بحث في الأوراق الرسمية للمستشفى الذي ولد فيه سايمون، كما هو مدرج في شهادة ميلاده، ووجد أنه لم يولد طفل واحد فيه في ذلك التاريخ، كما يعتقد أن الأسماء المدرجة في شهادة ميلاده كانت وهمية.

 

ويزعم سايمون دورانت داي، أن كاميلا احتفظت بالطفل حتى بلغ عمره ثمانية أشهر، وحينذاك تمت الاستعانة ببعض أفراد العائلة المالكة، وضباط الحماية للمساعدة في إخفائه، ويمضي في ادعائه بالقول: «عندما بلغ عمري ثمانية أشهر، تم ترتيب الأمر مع موظفة سابقة في أحد القصور الملكية – جدتي بالتبني ـ التي طلبت من ابنتها وزوجها أن يتبنوني». ويضيف دورانت داي أن اسمه الأول والأوسط هو سايمون تشارلز، وقد أعطاه هذا الاسم والداه البيولوجيان، إذ يقول: «أخبرتني والدتي بالتبني أنه كان شرطا للتبني أن يظل اسمي – سايمون تشارلز – كما هو، واسمي الأوسط يظل كما هو، وكان لتشارلز وكاميلا صديق مقرب يُدعى سايمون في ذلك الوقت".

 

سألت الصحافة السيد دورانت داي: «لماذا لم تثر القضية سابقا؟ لماذا انتظرت حتى وفاة الملكة اليزابيث لتطرح القضية للرأي العام؟» فأجاب: «في وقت سابق من هذا العام، كتبت رسالة خاصة إلى الملكة على أمل أن تتدخل وتشجع تشارلز على الخضوع لاختبار الحمض النووي». وأضاف؛ أنه «أصيب بخيبة أمل لأنها ماتت دون أن ترد على رسالته». وقال إن «موتها أثار لديّ مشاعر مختلفة، وبعض الغضب؛ لأنها مرت بكل هذا وكانت على علم بكل هذا، وكانت تعلم أنه كان يحدث، وتركت ذلك يحدث». وفي إجابته عندما سئل: هل المحرك الأساس لقضيته هو مسألة النفوذ والمال والمنصب، أجاب سايمون؛ إنه «شعر بالغبن عندما عين الملك تشارلز الأمير ويليام أميرا جديدا لويلز في الأيام التي أعقبت وفاة الملكة، وشعرت بمختلف مشاعر التخلي والحزن عندما كانت الملكة تحتضر، ورؤية رد فعل تشارلز». وأضاف دورانت داي؛ إن الكثيرين يفترضون خطأ أن ادعاءات أبوته الملكية تستند إلى رغبته في الشهرة والثروة. ويوضح: «بالتأكيد هناك جزء مني يقول نعم، أود أن أكون أمير ويلز. ولكنْ، هناك عنصر في داخلي يطالب بكشف الحقيقة».

 

ويضيف مخاطبا الأمير تشارلز: «لقد أعطيت ويليام لقبا كهذا، حسنا. أين إجابتي؟ أين اختبار الحمض النووي الخاص بي؟ إذا لم تكن والدي، فاثبت أنك لست كذلك». يقول سايمون للصحافة؛ «لقد حصل تشارلز على ما يريد: حصل على العرش، حصل على زوجته، حصل على كل شيء. الآن حان الوقت بالنسبة لي للحصول على نهايتي السعيدة. لقد قلتها من قبل، ويليام وهاري فقدا والدتهما وهما صغيران، لكنني حرمت طوال حياتي من أمي الحقيقية. ويبدو أنهم مصرون على حرماني منها إلى الأبد».

 

يتابع سايمون دورانت داي حاليا قضية قانونية لإثبات أنه ابن الملك تشارلز والملكة كاميلا، ويقول: «دار نقاش بيني وبين القاضي والمحامي الذي أوكلته لمتابعة قضيتي حول الوضع القانوني للملك تشارلز الثالث، وما إذا كان محميا بموجب القانون أو سيكون فوق القانون، والإجابة على ذلك كانت النفي، إذ قالوا لي إننا لا نرى أي سبب لكونه كذلك». كما أشار سايمون إلى نقطة أخرى، هي إذا كان الملك فوق القانون، فإن كاميلا وعائلتها ليسوا فوق القانون بالتأكيد، لذا تمت بالفعل تسوية هذه الحجة. ووفقا لسايمون، فإن جلوس تشارلز على العرش لن يكون له تأثير يذكر في قضيته.

 

وختم بالقول: «كان الكثير من الناس قلقين من أنه عندما يصبح تشارلز ملكا، فإن ذلك سيضر بقضيتي، لكن اتضح أن هذا الأمر لن يحدث أي فرق قانوني، ولا تزال قضيتي تمضي قدما». على مر العصور، تظهر قصص أشخاص يدعون تحدرهم من عوائل ملكية، ويدعون حقهم في وراثة العرش، وربما كانت أشهر هذه القصص قصة الأميرة إنستازيا، ابنة القيصر الروسي الأخير نيقولا الثاني، التي ادعت أنها نجت من مذبحة قتل عائلة آل رومانوف، وبقيت تحاول إثبات ذلك طوال عقود من الزمن، واليوم يحاول سايمون دورانت داي الحصول على نتائج اختبار الحمض النووي للملك تشارلز الثالث، ليثبت أنه أحق بولاية العهد من الأمير ويليام، وأنه الوريث الشرعي للعرش، فهل يستطيع تحقيق ذلك؟

 

(القدس العربي)

 

0
التعليقات (0)