قضايا وآراء

هل استحوذت المخابرات على سوق الدخان في مصر أم مجرد "متحدات"؟!!

عمرو حامد
1300x600
1300x600
إذا ذُكر اسم "المتحدة" في مصر فهذا يعني أنك تتحدث بالطبع عن المخابرات العامة المصرية، التي يقودها اللواء عباس كامل مدير مكتب السيسي سابقا، بالإضافة إلى نجل السيسي نفسه، محمود، الذي يعتبر نائب عباس.

"المتحدة" أصبحت الغول الذي يسيطر على كل شيء في مصر، ويتحكم في الإعلام والفن والرياضة في مصر؛ ففي عام 2016 ظهرت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، بعد أحاديث الجنرال عبد الفتاح السيسي الغاضبة عن عدم رضاه عن أداء الإعلام وما يتم إنتاجه من مسلسلات وأفلام، وبشكل مفاجئ أصبحت أغلب القنوات والصحف والمواقع الخاصة تحت إدارة هذه الشركة، بل القنوات الرياضية أيضا كقناتي الأهلي والزمالك، إذ باتت تتحكم فيهما تلك الشركة التي أخذت كل شيء بالإجبار وليس الاختيار، وأصبح مَن لا يرضى عنه السيسي، سواء كان فنانا، أو صحفيا، أو رياضيا، أو مقدم برامج، معرضا لأن يكون بلا عمل، حتى يركع ويسلم لما يريده السيسي.

والنماذج كثيرة لمقدمي برامج وفنانين جلسوا في بيوتهم، بسبب هذا الاحتكار العنيف من شركة المخابرات، التي كان يرأسها حتى أيام قليلة رئيس البنك المركزي الحالي في مصر حسن عبد الله.

ولكن السؤال الآن: هل دخلت شركة المتحدة مجال صناعة التبغ والسجائر، التي هي بالطبع مضرة بالصحة، ويكتب هذا على غلاف العلب المباعة؟ هذا السؤال بالطبع يطرحه المدخنون وغير المدخنون في مصر بعد الإعلان عن خبر حصول هذه الشركة الوليدة على حق إنتاج السجائر في مصر، وما جعل الجميع في مصر يقتنع بهذا، رغم النفي الذي صدر في موقع "القاهرة 24" القريب من المخابرات المصرية، والذي قال إن المستثمر إماراتي وليس المخابرات.

السبب الرئيسي بكل تأكيد هو ارتباط "المتحدة" الواضح بالمخابرات المصرية، أيضا ما حدث قبلها بأيام بالظهور المفاجئ أيضا لشركة تحمل اسم المتحدة للرياضة، هذه الشركة المجهولة التي ظهرت بشكل مفاجئ، واستحوذت على حق رعاية النادي الأهلي بدون أن تدفع مليما واحدا للنادي، ودخلت الشركة بنسب في العقود التي يوقعها النادي، في عقد إذعان للنادي الأهلي المصري الذي كان قد أعلن عن غضبه من الشركة المتحدة للإعلام وسيطرتها على قناته، قبل أن يتراجع عن هذا البيان بعد إعلان شركة المخابرات عن غضبها ويوقع هذا العقد الغريب من نوعه مع الشركة المجهولة الوليدة.

ثم ظهرت بعدها بأيام قليلة المتحدة للتبغ، لتثير الشكوك حول دخول المخابرات هذا المجال الضار بالتأكيد لصحة المواطنين، لكنه بالطبع سوق فيه أرباح بالمليارات تأتي من هذا الدخان الضار، فما حقيقة الأمر؟!

هناك بالتأكيد أشياء مثيرة للشكوك حدثت بشكل مفاجئ في سوق التبغ في مصر، ففي مصر ومنذ زمن طويل يُسمح لشركة واحدة فقط بإنتاج السجائر والمعسل والتبغ في مصر، وهي شركة الشرقية للدخان، التابعة للحكومة المصرية. هذه الشركة التي تأسست عام 1920، تحتكر هذا الأمر منذ عقود طويلة وتتبع لها أكثر من 24 شركة و5000 آلاف مقر فرعي، وهي المسئولة عن تصنيع السجائر المحلية والأجنبية المجبرة على إنتاج سجائرها عبر هذه الشركة بناءً على شروط الحكومة المصرية لدخول وبيع السجائر في البلاد.

ولكن ما حدث في كانون الأول/ ديسمبر 2021 فاجأ الجميع وكان غير مفهوم للكثيرين في هذا المجال. فقد أعلنت الحكومة المصرية عن مناقصة لإنشاء شركة جديدة  تكسر احتكار شركة الشرقية للدخان الشركة المصرية، وأثارت كراسة الشروط التي أعلنت عنها الحكومة المصرية غضب الشركات الأجنبية، ثم أعلنت الحكومة عن تعديل كراسة الشروط، لكن هذا التعديل لم يغير شيئا وانسحبت الشركات من المناقصة، بعد أن أعلنت عن عدم رضاها عن هذا الشروط. المناقصة رأى الكثير من الاقتصاديين أنها ستضر بشركة الشرقية للدخان التي كانت تحتكر هذا السوق بالكامل منذ عقود ويعمل فيها الاف العمال وتحقق المليارات من الأرباح للدولة المصرية.

كراسة الشروط نصت على أن تكون شركة الشرقية للدخان نسبتها 24 في المئة من أسهم الشركة التي ستحتكر إنتاج السجائر في مصر، وتوظيف 400 عامل من الشركة المصرية التي ستكون المتضرر الأكبر من هذا العقد. ونصت الكراسة أيضا على أن الشراكة الأجنبية يجب أن تكون 50 في المئة أو أكثر، والشراكة المحلية تكون 50 في المئة أو أقل، في محاولة للحصول على أكبر قدر من العملة الأجنبية الصعبة في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة والتي تعني بكل تأكيد التنازل عن احتكار الشركة المصرية التي كانت تجلب المليارات من الدخان للحكومة المصرية.

المفاجئ للجميع في هذا الأمر هو الإعلان عن أن هناك شركة وحيدة فقط تقدمت بطلب للحصول على رخصة الشركة الجديدة، وهي شركة المتحدة للتبغ، والتي يشبه شعارها شركة المتحدة للإعلام. وهذا العرض تصدرته في جميع الصحف والقنوات، شركة فيليب موريس الشركة الأمريكية، التي تنتج السجائر الأجنبية الشهيرة مثل "مولبورو" و"ال أم" وغيرها، وتعتبر مصر رابع أكبر سوق لها.

لكن السؤال هنا: رغم تصدر شركة فيليب موريس الأمر، لماذا تم هذا عبر شركة تحمل اسم المتحدة للتبغ، وهي نفس اسم شركة المخابرات؟ ولماذا أيضا قال النظام المصري في نفيه إن الشركة الجديدة مملوكة للإمارات، وليست لفيليب موريس؛ الشركة الامريكية المتعددة الجنسيات؟

في ظل غياب المعلومات الكاملة عن هذه الصفقة المريبة، تزيد التكهنات بالطبع عن وجود شراكة بنسب مختلفة بين الشركة الأمريكية والمستثمر الإماراتي والمخابرات المصرية والشرقية للدخان التي حصلت على 24 في المئة كأحد الشروط، وبالطبع إذا صحت هذه الأنباء والتكهنات ستكون للمخابرات المصرية نسبة أرباح كبيرة بدون أن تفعل أي شيء، فهي ليس لديها أي خبرة في هذا المجال الجديد عليها. وتمرير هذه الصفقة المريبة بالطبع ليس بعيدا عن بالمخابرات المصرية، التي أصبحت تستحوذ على كل شيء في مصر ولا يمر أي شيء غير من خلالها.

فهل يكون الدخان من ضمن سلسلة استحواذات المخابرات على كل المجالات في مصر، أم مجرد تشابه "متحدات"؟!
التعليقات (1)
كتب عليكم القتال وهو كُرْهٌ لكم
الأحد، 04-09-2022 06:10 م
مافيا العسكر وأجهزتهم المخابراتية والأمنية يتقاسمون عمليات السطو والنهب لممتلكات المصريين تحت تهديد السلاح ولن يردع هؤلاء إلا ثورة شعبية مسلحة يتم فيها تفكيك هذا الجيش المرتزق وجميع أركان هذا النظام العسكري الخائن وإعدام قادته وحرقهم في ميادين عامة واسترداد ما تم سلبه ونهبه واستهداف الأنظمه التي دعمت انقلابهم وعلى رأسها أنظمة الخليج الساقطة والكيان الصهيوني.