هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بعد ساعات فقط من انتهاء العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، بدأ الحديث عن أزمة متفاقمة مع مصر، صحيح أنها محدودة، لكنها غير مرغوب فيها، حيث تسببت بإلغاء رئيس المخابرات المصرية عباس كامل زيارة مقررة لإسرائيل، فيما توجه رئيس جهاز الأمن العام- الشاباك رونين بار إلى القاهرة في محاولة لنزع فتيل التوتر، ورغم أن هذه ليست أزمة عميقة، لكنها تكشف عن إخفاقات إسرائيلية أدت إلى الوضع القائم حاليا، سواء من أجل تصحيحها، أو لتجنبها في المستقبل.
أوفير فينتر الخبير الإسرائيلي في الشؤون المصرية أكد أن "تسريبات هذه الأزمة ظهرت بشكل رئيسي في وسائل إعلام إسرائيلية، رغم أن المسؤولين الأمنيين في القاهرة وتل أبيب سعوا لتقزيمها، وتقليل أهميتها، لكن التوتر الأساسي حصل بسبب عدم استجابة إسرائيل لطلب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في محادثته مع رئيس الوزراء يائير لابيد لتقليص النشاط الاستباقي للجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية بشكل مؤقت بعد العدوان على غزة، كي تتمكن مصر من تثبيت وقف إطلاق النار".
وأضاف في تقرير نشره موقع "زمن إسرائيل"، وترجمته "عربي21" أن "براعم التوتر كانت واضحة حتى أثناء العدوان نفسه، خاصة إثر اغتيال قادة الجهاد الإسلامي، التي أضرت بجهود القاهرة في تحقيق التهدئة، فضلا عن اعتراضها على إسقاط مسيّرة مصرية دخلت إسرائيل من سيناء، ووجود مقبرة جماعية لجنود مصريين في إسرائيل، مع العلم أن هذه الأزمة أتت في وقت تزدهر فيه العلاقات بينهما، وتشمل تعاونا أمنيا واستخباراتيا وثيقا، بجانب توسيع العلاقات الاقتصادية والطاقة والسياحة".
اقرأ أيضا: غانتس يقر بالأزمة مع مصر.. يديعوت: لن تمس بالتعاون الأمني
وأشار إلى أن "العلاقات الحسنة بين تل أبيب والقاهرة منحت الأخيرة قدرة على إنهاء الجولة الأخيرة من القتال، وإن كان وقفاً هشًا ومؤقتًا، لكن من الواضح أن الوساطة المصرية نفسها أحاطت بها مشاكل جمة أهمها أنها لم تحمّل حماس المسؤولية الكاملة عما يحدث في القطاع، وتركها متحررة من أي ضبط للنفس، كما أن مصر ربما أخفقت في الالتزام للجهاد الإسلامي بإطلاق سراح معتقليه، لكنه التزام لم يكن مدعومًا بموافقة إسرائيلية، وقد تسبب هذا الغموض بظهور فجوة في توقعات الأطراف، ودق إسفين بين الجانبين، حيث وجدت مصر نفسها معرضة لانتقادات فلسطينية لعدم تسليم البضائع الموعودة".
الغريب أن الأوساط الإسرائيلية الحريصة على علاقات قوية مع القاهرة تقدم احتياجاتها الأمنية والعسكرية على ما سواها من متطلبات، ومن ذلك أنها تحتاج إلى حرية العمل العسكري في الضفة الغربية لمواصلة القتال لإحباط العناصر المسلحة الفلسطينية، في معارضة واضحة للمطلب المصري بالحد من وتيرة وطبيعة هذه الأنشطة لأنه يهدد استمرارية العمليات الإسرائيلية.
فضلا عما تقدم، فإن المحافل الأمنية والدبلوماسية الإسرائيلية تضع باللائمة على وسائلها الإعلامية لأنها تعمدت تعميم التسريبات التي أحرجت القاهرة، سواء فيما يتعلق بالأزمة الحالية، أو في القضايا الثنائية الأخرى التي ظهرت في الأشهر الأخيرة، لأنه في ظل حساسية العلاقات مع مصر، يفضل الاحتلال أن تتم تسوية الخلافات معها بعيدًا عن الأضواء الإعلامية، بزعم أن الحفاظ على وجود مصر كوسيط فعال في غزة مصلحة إسرائيلية، حتى لو تسبب ذلك بإحراج مصر أمام رأيها العام الداخلي.