كتاب عربي 21

رغم تثبيتها مرتين.. توقع رفع أسعار الفائدة المصرية خلال أسابيع

ممدوح الولي
1300x600
1300x600

أبقت لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بلا تغيير يوم الخميس الماضي، مكررة قرارها في شهر حزيران/ يونيو الماضي بتثبيت سعر الفائدة. وخالف القرار الأخير توقعات كثير من الخبراء برفع الفائدة، استنادا إلى رفع بنك الاحتياط الفيدرالي الأمريكي الفائدة، بواقع 75 نقطة أساس بشكل متكرر خلال شهري حزيران/ يونيو وتموز/ يوليو الماضيين.

 ورفع المركزي البريطاني الفائدة مرتين خلال شهر حزيران يونيو بواقع 25 نقطة أساس، وفي الشهر الحالي بواقع 50 نقطة، وارتفاع الفائدة بمنطقة اليورو التي تضم 19 دولة أوربية تشمل الدول الكبار، مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا، بنسبة 50 نقطة أساس في حزيران/ يونيو الماضي، حيث تشكل دول اليورو والولايات المتحدة وإنجلترا مراكزا متقدمة في الواردات المصرية مما ينقل أثر معدلات التضخم المرتفعة بها إلى مصر.

وبرر الخبراء تثبيت سعر الفائدة المصرية بأنه يهدف إلى تقليل تكلفة فوائد الدين في الموازنة المصرية، والتي بلغت في موازنة العام المالي الحالي 690 مليار جنيه، وهو ما يشكل نسبة 33 في المائة من مصروفات الموازنة البالغة 2071 مليار جنيه، حيث إن رفع الفائدة بنسبة واحد في المائة يزيد من تكلفة فوائد الدين بقيمة 28 مليار جنيه، حسب البيان المالي للموازنة، في ضوء توقع موازنة العام المالي الحالي 2022-2023 عجزا كليا بقيمة 558 مليار جنيه، خاصة مع وصول سعر الفائدة على أذون الخزانة التي تشكل مكون رئيس بالدين العام الداخلي 16 في المائة، وهي الأداة التي توسعت الحكومة المصرية فيها بزيادة أرصدتها 144 مليار جنيه خلال شهر حزيران/ يونيو الماضي كآخر بيانات رسمية متاحة.

برر الخبراء تثبيت سعر الفائدة المصرية بأنه يهدف إلى تقليل تكلفة فوائد الدين في الموازنة المصرية، والتي بلغت في موازنة العام المالي الحالي 690 مليار جنيه، وهو ما يشكل نسبة 33 في المائة من مصروفات الموازنة البالغة 2071 مليار جنيه، حيث إن رفع الفائدة بنسبة واحد في المائة يزيد من تكلفة فوائد الدين بقيمة 28 مليار جنيه

تراجع مؤشر أسعار الغذاء العالمي

والمبرر الثاني هو انخفاض مؤشر أسعار الغذاء العالمي، الذي تعده منظمة الأغذية والزراعة خلال الشهر الماضي للمرة الرابعة على التوالي، نتيجة انخفاض مؤشرات أنواع الغذاء الفرعية، بانخفاض مؤشر أسعار زيوت الطعام للشهر العاشر، ومؤشر أسعار السكر للشهر الثالث، ومؤشر أسعار الحبوب للشهر الثاني، وتراجع مؤشر كل من اللحوم ومنتجات الألبان للمرة الأولى خلال تموز/ يوليو الماضي، الأمر الذي انعكس على تراجع أرقام مؤشر التضخم الرسمي المعلن من قبل جهاز الإحصاء الحكومي خلال الشهور الأخيرة، من 15.3 في المائة في أيار/ مايو إلى 14.7 في المائة في الشهر التالي ثم إلى 14.6 في المائة الشهر الماضي.

مبرر آخر يتعلق بالبورصة، أن رفع الفائدة يضغط على البورصة المتجهة للتراجع خلال العام الحالي، مما يقلل من قيمة الأصول المصرية عند بيعها للصناديق السيادية الخليجية، ويعطل برنامج الطروحات من أسهم الشركات الحكومية التي تكرر تأجيلها، بسبب الأوضاع غير المستقرة في البورصة المصرية.

ومبررات أخرى تتعلق بأن رفع الفائدة يؤدى لزيادة تكلفة الإنتاج للسلع والخدمات، ما يرفع من معدت البطالة وتباطؤ النمو.

إلا أنني أرى تلك المبررات ربما كانت وراء تثبيت الفائدة في حزيران/ يونيو الماضي، لكنها لم تكن سببا في قرار أعضاء لجنة السياسات النقدية تثبيت سعر الفائدة الخميس الماضي، وإنما كان السبب الرئيسى أن تغييرا تم لشخص محافظ البنك المركزي قبل يوم واحد من انعقاد اللجنة، وهو الذي يرأس اجتماعات اللجنة بحكم القانون، وتعيين محافظ جديد للبنك ظهر الخميس الماضي، وبالتالي كان التوجه إبقاء الأمور كما هي لإتاحة المجال للمحافظ الجديد حسن عبد الله حتى يمارس عمله، بعد عطلة البنوك التي تستمر يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع، ولهذا صدر قرار اللجنة بالتثبيت في وقت مبكر مساء الخميس، بما يشير للاتفاق المسبق على هذا القرار وربما استغرق الأمر دقائق فقط.
السبب الرئيسى أن تغييرا تم لشخص محافظ البنك المركزي قبل يوم واحد من انعقاد اللجنة، وهو الذي يرأس اجتماعات اللجنة بحكم القانون، وتعيين محافظ جديد للبنك ظهر الخميس الماضي

الفائدة السلبية تضر المودعين والحكومة

ولهذا نتوقع رفعا للفائدة المصرية في وقت قريب بعد أن يرتب المحافظ الجديد أوراقه، ويبدأ في تطبيق سياساته الخاصة، وهو القادم من خلفية مصرفية طويلة، لكن المحافظ السابق طارق عامر استبعده من منصبه كرئيس تنفيذي للبنك العربي الأفريقي عام 2018، رغم نتائج البنك المتميزة لخلاف في الرؤى المصرفية، وليس كما أشيع عن وجود مخالفات مالية، حيث إن المحافظ السابق قد استخدم نفس الأسلوب مؤخرا لدفع رئيس البنك التجاري الدولي هشام عز العرب لترك منصبه، رغم تميز أدائه، وبعد تخليه عن المنصب لم نسمع شيئا عن المخالفات التي قيل إنه قد ارتكبها.

وتتعدد مبررات توقع رفع الفائدة قريبا، وأبرزها أن الفائدة بمصر منذ شهر شباط/ فبراير الماضي وحتى الآن أصبحت سلبية، أي أن معدلات التضخم تزيد عن معدل الفائدة المعلن من قبل البنك المركزي والبالغة حاليا 11.25 في المائة، بينما بلغ معدل التضخم السنوي الأساسي المعلن من قبل البنك المركزي خلال شهر تموز/ يوليو 15.6 في المائة.

 ونسبة التضخم المعلنة من قبل جهاز الإحصاء الحكومي قد بلغت 14.6 في المائة خلال نفس الشهر، أي أن هناك نسبة سلبية للفوائد بلغت 4.35 في المائة بالمقارنة برقم التضخم حسب البنك المركزي، ونسبة سلبية بلغت 3.35 في المائة بالمقارنة برقم التضخم الصادر عن جهاز الإحصاء.
تتعدد مبررات توقع رفع الفائدة قريبا، وأبرزها أن الفائدة بمصر منذ شهر شباط/ فبراير الماضي وحتى الآن أصبحت سلبية، أي أن معدلات التضخم تزيد عن معدل الفائدة المعلن من قبل البنك المركزي والبالغة

وهذا أمر من شأنه التأثير على الإيداع المصرفي من قبل الأفراد والشركات، حيث سيسعى جانب منهم للبحث عن بدائل أخرى تدر عائدا يزيد عن معدل التضخم أو يساويه، كالعقار أو الذهب أو الدولار الذي يشهد سوقا سوداء خلال الشهور الأخيرة، أو دفع الأموال لأشخاص لاستثمارها وهو ما يعرف في مصر بظاهرة المستريح، والتي شهدت حالات نصب عديدة خسر خلالها مستثمرون أموالهم نتيجة هروب بعض هؤلاء الأشخاص.

القطاع العائلي يقدم 81 في المائة من الودائع

وتشير بيانات البنك المركزي إلى أن القطاع العائلي من أفراد وأسر يشكل نسبة 81 في المائة من مصادر الودائع في البنوك، وترفع تلك النسبة إلى 84 في المائة للودائع بالجنيه المصري، ولهذا يحتاج الأمر لتعويض هؤلاء المتضررين من الفائدة السلبية.

كما أن الحكومة التي تتضرر من رفع الفائدة نتيجة زيادة أعباء فوائد الدين بالموازنة، ستتضرر أكثر نتيجة تلك الفوائد السلبية، حيث إن الودائع تشكل نسبة 74 في المائة من موارد البنوك، والتي تعتمد عليها البنوك في شراء المزيد من أدوات الدين الحكومي، والتي تستخدمها الحكومة في سد العجز المزمن والمستمر في الموازنة الحكومية.
الفائدة سيفيد الحكومة بشكل عملي، كما يزيد من دخل الشريحة الشعبية التي تعتمد عوائد ودائعها المصرفية مثل أصحاب المعاشات، مما يزيد من إنفاق هؤلاء وغيرهم على السلع والخدمات، الأمر الذي ينعكس بشكل إيجابي جزئيا على الركود في الأسواق، وعلى زيادة مبيعات الشركات وأرباحها، فتدفع ضرائب ورسوما

فقد شكلت مشتريات البنوك من الأرصدة الإجمالية لأذون الخزانة نسبة 55.5 في المائة بشهر حزيران/ يونيو الماضي، بخلاف نسبة ستة في المائة لدى صناديق الاستثمار والتي تتبع أغلبيتها البنوك، وكذلك تستحوذ البنوك على الحصة الأكبر في مشتريات سندات الخزانة الحكومية، والتي لا يتم الإفصاح عن بياناتها منذ سنوات.

وكذلك تزايد قيمة اقتراض الحكومة من البنوك خلال السنوات الأخيرة لتمويل مشروعاتها، حتى بلغ نصيب الحكومة من الائتمان المحلي، والذي يشمل الاقتراض ومبيعات أذون وسندات الخزانة معا بشهر أيار/ مايو الماضي كآخر بيانات مُعلنة، بنسبة 65 في المائة من الإجمالي.

ومن هنا فإن رفع الفائدة سيفيد الحكومة بشكل عملي، كما يزيد من دخل الشريحة الشعبية التي تعتمد عوائد ودائعها المصرفية مثل أصحاب المعاشات، مما يزيد من إنفاق هؤلاء وغيرهم على السلع والخدمات، الأمر الذي ينعكس بشكل إيجابي جزئيا على الركود في الأسواق، وعلى زيادة مبيعات الشركات وأرباحها، فتدفع ضرائب ورسوما تعوض المالية العامة عن أثر زيادة الفائدة على أعباء فوائد الدين في الموازنة.

 

 

twitter.com/mamdouh_alwaly
التعليقات (1)
الكاتب المقدام
الإثنين، 22-08-2022 03:18 ص
*** هل سيستفيد المودعون الأفراد حقاُ من زيادة سعر الفائدة على الودائع في البنوك؟ أم أن نسب التضخم المتزايدة ستأكلها وتأكل قيمة أصل الودائع ذاتها؟ كما قال الأستاذ ممدوح الولي من قبل، فإن حكومة السيسي قد توسعت بمعدلات غير مسبوقة في تاريخها في الإصدار النقدي الجديد بطباعة أوراق عملة وهمية لا يوجد لها أي أصول حقيقية تستند إليها، وكما ذكر الولي في مقاله السابق فإن "شهر أبريل من العام الحالي شهد طفرة غير مسبوقة بإصدار النقد، بلغت 79.2 مليار جنيه خلال الشهر، وهو معدل شهري غير مسبوق تاريخيا"، أي أنه خدع المصريين بزيادات وهمية لا قيمة لها في المرتبات والمعاشات، مولها بأوراق نقدية مزيفة أدت لاشتعال الغلاء، ورغم أن المسئولين الماليين يتجنبون ذكر ذلك، فبعد أن نضبت موارد الاقتراض والإيرادات الحقيقية، التي اهدرت على مشروعات السيسي الفاشلة في جمهوريته الجديدة، التي أسندها بالأمر المباشر بأضعاف تكلفتها لشركات أجنبية مقابل ما استولى عليه من عمولات عنها، ومدن الأشباح التي يشيدها لإقامة قصوره، وطائراته الرئاسية التي يعدها لهروبه الكبير، والمؤكد أن الفترة القادمة ستشهد مزيداُ من تلك الإصدارات الشهرية لأوراق نقدية ستنخفض قيمتها، وستشتعل معدلات التضخم، في ظل ركود غير مسبوق سيؤدي إلى إفلاس الشركات التي لم تصرف مستحقاتها، وستتعثر البنوك التي مولتهم، وبطالة وتسريح واسع للعمالة المصرية، وسترتفع الأسعار بمعدلات لم يشهدها المصريون من قبل، فحكومة السيسي ستستمر في الاستحواذ على غالبية أموال البنوك بالعملة المصرية والأجنبية، وتحرم منها القطاعات الاقتصادية الإنتاجية الحقيقية، ولا يوجد أمام السيسي إلا سداد تلك القروض والفوائد المتزايدة بالتوسع في طباعة النقد، ومحافظ البنك المركزي الجديد حسن عبد الله الذي جاء به السيسي، المقال من منصبه المصرفي منذ سنوات لشبهات الفساد في منح قروض مليارية لمشروعات السيسي وأركان حكمه وأتباعه دون ضمانات، وهم الذين يوظفون القضاة ويحركون الدعاوى القضائية ضد معارضيهم، ويحمون رجالهم بإيقاف وحفظ التحقيقات في فسادهم، والمحافظ الجديد كان بعيداُ لسنوات عن العمل المصرفي، وكان يشغل منصب رئيس الشركة الإعلامية الكبري التي تملكها وتديرها المخابرات، بكل قنواتها الفضائية ومنابرها الإعلامية المحتكرة للإعلام في مصر، والتي دأبت على غسيل أدمغة الشعب المصري بما تبثه من أكاذيب الدعاية عن عظمة مشروعات السيسي الاقتصادية، التي أدت بنا إلى الهوة التي نحن فيها اليوم، والسيسي قد جاء به ليستغل مواهبه في الدعاية، ليكمل دوره في خداع الشعب المصري، وتنويمه عن حقائق الموقف الاقتصادي والمالي المصري، الموشك على الانهيار على النمط اللبناني، وسيستيقظ الشعب المصري يوماُ ليجدوا أنفسهم يحملون أوراقاُ نقدية لا قيمة لها، وودائعهم مجمدة في البنوك، وبلادهم ومرافقهم مرهونة، وفي يد الأجانب الذين باع السيسي مصر لهم، وحكومتهم مفلسة وغير قادرة لا على تعليم أبناءهم ولا علاجهم ولا تقديم أي من الخدمات الأساسية الحكومية لهم، وهو ما اعترف به السيسي بلسانه في سخرية لاذعة من غباء جماهير من الشعب المصري قررت أن تسير وراءه مغمضة الأعين، ويوقفوا عقولهم ويسلموه وزبانيته مقاليد حكمهم، ويجلسون في انتظار وقوع البلاء، وسيندمون حين لا ينفع الندم، وستذكرون ما أقول، وإن غداُ لناظره قريب، والله أعلم بعباده.