في منتصف أيار/
مايو الماضي أعلن رئيس الوزراء
المصري في مؤتمر صحفي عالمي، عن اتجاه الدولة
لزيادة نصيب
القطاع الخاص من
الاستثمارات، التي استحوذ القطاع العام على أكثر من
70 في المائة منها على حد تعبيره، ووعد بحوافز جديدة للقطاع الخاص متمثلة في
إعفاءات ضريبية، ووضع حد أقصى لاستخراص التراخيص 20 يوما، ومنح رخصة ذهبية لبعض
المجالات تجب موافقات باقى الجهات الحكومية.
واستهدف رئيس
الوزراء وصول نسبة مشاركة القطاع الخاص إلى 65 في المائة من الاستثمارات، معلنا عن
برنامج لتخارج الحكومة والقطاع العام من عدد من الأنشطة
الاقتصادية يجرى تحديدها. وبعد
حديثه بأسبوع واحد أعلن وزير المالية استهداف مشاركة القطاع الخاص في الاستثمارات بنسبة
خمسين في المائة خلال السنوات الثلاثة المقبلة.
وبعد مرور أكثر
من شهرين على مؤتمر رئيس الوزراء، فما زالت الخطوات الحكومية لزيادة دور القطاع
الخاص بطيئة، بل لقد استمرت أحكام السجن على عدد من رجال الأعمال، واستمر احتجاز
آخرين بدون معرفة نوع الجرائم المتهمين بها، لتجيء الخطة الحكومية للعام المالي الحالي
(2022/2023) الذي بدأ مطلع الشهر الحالي، كاشفة عن تراجع نصيب القطاع الخاص في الاستثمارات
عما كانت عليه.
ما زالت الخطوات الحكومية لزيادة دور القطاع الخاص بطيئة، بل لقد استمرت أحكام السجن على عدد من رجال الأعمال، واستمر احتجاز آخرين بدون معرفة نوع الجرائم المتهمين بها، لتجيء الخطة الحكومية للعام المالي الحالي (2022/2023) الذي بدأ مطلع الشهر الحالي، كاشفة عن تراجع نصيب القطاع الخاص في الاستثمارات
فقد بلغ نصيب
القطاع الخاص باستثمارات الخطة الجديدة 21.4 في المائة مقابل 25.4 في المائة بخطة
العام المالي السابق، بقيمة 300 مليار جنيه من إجمالي استثمارات متوقعة قيمتها 1.4
تريليون جنيه في العام المالي الحالي، وليصل نصيب القطاع العام إلى 78.6 في المائة
من تلك الاستثمارات.
استثمارات مركزية
أخرى!
وتوزعت الاستثمارات
العامة البالغة 1.1 تريليون جنيه ما بين: 411 مليار جنيه لاستثمارات الهيئات الاقتصادية
المملوكة للدولة والبالغ عددها 59 هيئة، و376 مليار جنيه لاستثمارات الجهاز الحكومي
الموزعة على الوزارات والمحافظات والهيئات الخدمية، و76 مليار جنيه لاستثمارات
الشركات العامة المتنوعة ما بين شركات القطاع العام وشركات قطاع الأعمال العام
وشركات قابضة نوعية تتبع عددا من الوزارات، و237 مليار جنيه استثمارات مركزية أخرى.
والبند الأخير في
الاستثمارات العامة ظهر للمرة الأولى في العام المالي 2017/2018، ولم تحدد
التقارير المتعددة الصادرة عن وزارة التخطيط خلال السنوات الماضية أي تعريف لتلك
الاستثمارت المركزية الأخرى، إلا أن الخبراء يعتبرونها معبرة عن الاستثمارات التي
تقوم بها الجهات التابعة للجيش بالمجال الاقتصادي، والتي بدأت بقيمة 150 مليار
جنيه قبل خمس سنوات مالية.
ثم تزايدت قيمتها
خلال السنوات التالية لتصل إلى 237 مليار جنيه في العام المالي الحالي، إلا أن
مجملها خلال تلك السنوات أقل بكثير مما يتم إعلانه من أرقام عن تكلفة المشروعات التي
يقوم بها الجيش بالاحتفالات الرسمية.
لم تحدد التقارير المتعددة الصادرة عن وزارة التخطيط خلال السنوات الماضية أي تعريف لتلك الاستثمارت المركزية الأخرى، إلا أن الخبراء يعتبرونها معبرة عن الاستثمارات التي تقوم بها الجهات التابعة للجيش بالمجال الاقتصادي
وتضمن التوزيع
النسبي للاستثمارات المركزية الأخرى في العام المالي الحالي ما بين 38 في المائة
للأنشطة العقارية، و19 في المائة للصرف الصحي، و12 في المائة للزراعة والري، و7 في
المائة للنقل والتخزين خلال مشروعات توزيع اللحوم والدواجن والسلع الغذائية
التابعة للجيش، و4 في المائة للاتصالات، و3 في المائة للمشروعات التعليمية، و2.5 في
المائة للمشروعات الصحية وأقل من 2 في المائة للصناعات التحويلية، و1 في المائة
لكلا من الكهرباء والتشييد والبناء علاوة على خمسة في المائة لمشروعات خدمية أخرى،
وهو ما يكشف عن تعدد المجالات التي يعمل بها الجيش ومنافسته للقطاع الخاص في العديد
من المجالات.
ففي المجال
العقاري كانت قيمة استثمارات مشروعات الجيش 90 مليار جنيه، مقابل 55 مليار جنيه للمشروعات
العقارية للقطاع الخاص.
وفي مجال مشروعات
المياه كان نصيب مشروعات الجيش 10.5 مليار جنيه مقابل أقل من ملياري جنيه للقطاع
الخاص بنفس المجال. وفي مجال الزراعة والري كان نصيب الجيش أكثر من 29 مليار جنيه
مقابل 27 مليار جنيه للقطاع الخاص بنفس المجال، ونفس التفوق لمشروعات الجيش بمجال
الصرف الصحي، لتصبح المنافسة للقطاع الخاص متعددة الجهات، ما بين الجيش والهيئات
الاقتصادية والهيئات الخدمية ومشروعات الوزارات والمحافظات والشركات القابضة
والتابعة الحكومية.
تتعدد الأسباب لتدني دور القطاع الخاص، وأبرزها المنافسة غير المتكافئة التي يجدها من قبل الجهات الحكومية، خاصة الجهات التابعة للجيش والتي تقوم بتشغيل المجندين بمكافآت رمزية، وتحصل على أراضي مشروعاتها بسهولة
4 سنوات بلا
حسابات ختامية لأداء الخطة
وهذا أدى لتدني
نصيب القطاع الخاص في العديد من مجالات الاستثمار الواردة في خطة العام المالي الحالي،
ليصل نصيبه النسبي في الصرف الصحي أقل من 6 في المائة من الإجمالي، وفي مشروعات
المياه 7 في المائة، وفي النقل والتخزين أقل من 9 في المائة، وفي كل من التعليم والمعلومات
10 في المائة، وفي الكهرباء أقل من 13 في المائة، والصحة 16 في المائة، وفي تكرير
البترول 29 في المائة، وفي كل من الزراعة والري والبترول الخام 33 في المائة،
والأنشطة العقارية 35 في المائة.
وتتعدد الأسباب
لتدني دور القطاع الخاص، وأبرزها المنافسة غير المتكافئة التي يجدها من قبل الجهات
الحكومية، خاصة الجهات التابعة للجيش والتي تقوم بتشغيل المجندين بمكافآت رمزية، وتحصل
على أراضي مشروعاتها بسهولة، حيث يتم تخصيص تلك الأراضي لها من أملاك الدولة، إلى
جانب عدم دفعها ضرائب أو جمارك، وسهولة حصولها على العملات الأجنبية التي يجد
القطاع الخاص صعوبة في الحصول عليها، في ظل نقص الدولار خلال العام الحالي.
إن الكثيرين من رجال الأعمال يرون أن هذا الرقم مبالغ فيه، ولن يتحقق في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها القطاع الخاص، مثلما لم تتحقق الأرقام الخاصة باستثمارات القطاع الخاص التي أعلنتها وزارة التخطيط خلال السنوات المالية الماضية
ولعل تراجع قيمة
الصادرات المصرية خلال شهر أيار/ مايو الماضي بنسبة 19 في المائة بالمقارنة بقيمة
الصادرات في شهر نيسان/ أبريل من نفس العام، أحد الشواهد على تلك الصعوبات؛ من رفع
سعر الفائدة أكثر من مرة في العام الحالي، وارتفاع تكلفة التمويل بالمقارنة بالمنافسين،
وكثرة أنواع الضرائب ورسوم الجباية التي تصطنعها الجهات الحكومية دوريا، واستمرار
أزمات سعر الصرف مع عودة السوق السوداء منذ شهور واستمرارها حتى الآن، وارتفاع
معدلات التضخم والعجز في الحساب الجاري وفي الموازنة، وارتفاع قيمة الديون
الخارجية والمحلية، مما يؤدي لإسهام المصارف في سد العجز في الموازنة على حساب
تمويل مشروعات القطاع الخاص.
وإذا كانت خطة
العام المالي الحالي قد افترضت بلوغ استثمارات القطاع الخاص 300 مليار جنيه، فإن
الكثيرين من رجال الأعمال يرون أن هذا الرقم مبالغ فيه، ولن يتحقق في ظل الظروف
الصعبة التي يعيشها القطاع الخاص، مثلما لم تتحقق الأرقام الخاصة باستثمارات
القطاع الخاص التي أعلنتها وزارة التخطيط خلال السنوات المالية الماضية، خاصة وأن
آخر تقرير متابعة لختامي أداء الخطة يخص العام المالي 2018/ 2019، أي منذ أربع
سنوات مالية، مما يشير إلى أن كل بيانات استثمارات القطاع الخاص المُعلنة من قبل
الحكومة، خلال السنوات المالية الأربع، هي مجرد افتراضات غير مؤكدة، ولا تتسق مع
بيانات مؤشر مديري المشتريات المستمر في تعبيره عن وجود حالة ركود في الأسواق
المصرية منذ سنوات.
twitter.com/mamdouh_alwaly