سياسة عربية

"عربي21" ترصد مواقف سياسيين من دستور تونس الجديد

قال سياسيون إن "السلطة المطلقة" هي ما يريدها سعيد من دستور تونس الجديد- الرئاسة التونسية
قال سياسيون إن "السلطة المطلقة" هي ما يريدها سعيد من دستور تونس الجديد- الرئاسة التونسية

أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية) أن مكتبه التنفيذي سيجتمع الجمعة مع عدد من خبراء القانون الدستوري وقضاة سابقين ومحامين، لتحليل ودراسة مشروع الدستور المعروض من طرف رئيس الجمهورية قيس سعيد على الاستفتاء العام يوم 25 يوليو/ تموز الجاري.


وقال الأمين العام نور الدين الطبوبي إن الهيئة الإدارية للمنظمة ستجتمع السبت لتحديد موقفها من المسودة المنشورة.


وتواترت المواقف والآراء واختلفت من سياسيين ونواب ومن الذين شاركوا في صياغة دستور 2014، حول الدستور الجديد الذي تم نشره مساء الخميس بالجريدة الرسمية بين رافض ومؤيد.


"نص السلطة المطلقة"

قال المقرر العام لدستور 2014 الحبيب خضر في تصريح خاص لـ"عربي21"، وفي قراءة منه لمشروع الدستور الجديد المعروض على الاستفتاء: "بداية من المهم جدا أن نستحضر أننا إزاء نص منشور خارج إطار الشرعية، لدينا دستور نافذ وهو دستور الثورة ولدينا نص خارج الشرعية".

 

وتابع الحبيب خضر مقدما ملاحظاته عن النص المقدم (الدستور الجديد): "أولا هذا النص كتب في توطئته بلغة ثقيلة وفيها تكرار وأخطاء لغوية لا تليق بنص يفترض فيه الدوام والثبات النسبي".


وعن ملاحظاته بخصوص الفصول والبالغ عددها 142 في النص المطروح يرى محدثنا: "هناك فصل أول مختلف عن دستور 1959 و2014 (تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة الإسلام دينها والعربية لغتها، والجمهورية نظامها)، أما الجديد فينص على أن (تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة) وهو ما يفقده قيمته".


وأضاف المقرر العام "أن هناك تغييبا للتنصيص على مدنية الدولة، كما أن هناك أيضا حذفا لـ"كرامة" من الشعار".


وعن باب الحقوق والحريات يعتبر الحبيب خضر أنه مأخوذ في غالبه حرفيا من دستور الثورة على الرغم من بعض التعديل.


وفي ما يتعلق بالسلطات أكد خضر أنها باتت وظائف مقابل سلطة قوية جدا لرئيس الجمهورية غير خاضعة لأية رقابة.


وفي رده إذا كانت مطلقة أجاب خضر: "نعم مطلقة، سلطانية ليس فيها لا إعفاء ولا محاكمة ولا أي شيء، حتى عند ارتكاب الخيانة العظمى أو الإضرار بمصالح البلاد أو الذهاب نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني لا أحد يقدر على محاسبته".

 

وأضاف أن سلطاته تمتد في اتجاه بقية السلطات فله أن يتحكم في التشريع والقضاء فضلا عن كونه متحكما أصلا في الحكومة.


وبخصوص السلطة التشريعية يقول الحبيب خضر: "تقوم على الثنائية وهي في حالة ضعف، تسن النصوص التي تحيلها على الرئيس وكل نص لا يعجبه يمكن أن يسقطه عبر تفعيل آلية الرد التي تجعل المصادقة عليه ثانية عسيرة جدا، كما أنه يمكنه في كثير من الوضعيات أن يحل المجلس الذي لا ينسجم معه هذا فضلا عن كون أعضاء المجلس عرضة لسحب الوكالة منهم".

 

ولفت النظر إلى أنه "لم يتم التنصيص على انتخاب رئيس المجلس بما يعني أنه يمكن أن يتم تعيينه، فالرئيس في تلك الحالة سيختار أي نائب ينصبه رئيسا للمجلس".


وبين خضر أنه ووفق النص المنشور فإن السلطة التنفيذية برأس واحد فالرئيس هو من يختار الحكومة ويعفيها ما يجعلها "ضعيفة وخاضعة" تم نزع كل الصلاحيات حتى من رئيس الحكومة ولم يحافظ إلا على تسمية فارغة "رئيس حكومة".

ولفت خضر إلى أن "القضاء بات مجرد وظيفة ولا يوجد أي تنصيص على تحجير التدخل في القضاء" كما تم حسب قوله الاستغناء عن أعلى الهيئات الدستورية باستثناء هيئة الانتخابات، وأما المحكمة الدستورية فهي تابعة وضعيفة وعاجزة عن اتخاذ قرارات ضد إرادة الرئيس.

 

اقرأ أيضا: مختصون يقدمون قراءة لـ"عربي21" حول "مسودة دستور سعيد"

 

 

في مقابل ذلك قال أمين عام حزب "حركة تونس إلى الأمام" عبيد البريكي (شارك في صياغة الدستور الجديد) إن قراءته الأوّلية بيّنت أنّه يستجيب لحوالي 80 بالمائة أو أكثر للنقاط التي طرحت خلال الحوار الوطني صلب اللجان الاستشارية.


وأضاف عبيد البريكي أنّ مشروع الدستور نصّ على ضمان الحقوق والحريات والديمقراطية في جانبها السياسي وضمان الحقّ في التنظّم الحزبي والنقابي والجمعياتي وحقّ الإضراب باستثناء بعض القطاعات.

 

وثمّن البريكي التنصيص في مشروع الدستور المنشور على عدم إمكانية الترشّح لمنصب رئيس الجمهورية لأكثر من دورتين إلاّ أنّ مسألة عدم وجود آليات لمراقبة عمله تحتاج إلى مزيد من المراجعة.


"وثيقة العبث"


قالت النائبة والقيادية "بحركة النهضة" يمينة الزغلامي (نائبة مؤسسة شاركت في صياغة دستور 2014) إن "هذه الوثيقة المقدمة هي لقيس سعيد وليست لأي شخص آخر، نحن تدرجنا من انقلاب دستوري إلى عبث دستوري وقانوني وإلى تأسيس الأعمدة الحقيقية للحكم الفردي ويوم 25 يوليو ليس للاستفتاء على دستور جديد وإنما للمبايعة".

 

وأكدت الزغلامي على أن ما تعتبرها وثيقة منشورة "ليست دستورا لا تتضمن لا حرية ولا ديمقراطية ولا تنص على مدنية الدولة.. وقع إلغاء كل السلط والتوازن بينها، رئيس في نظام ضيعة وخليفة وحكم الفرد الواحد فهو غير مراقب".

 

ونبهت الزغلامي من غياب التنصيص على "المبادئ الاقتصادية والاجتماعية، وحقوق المرأة خاصة التي كانت حاضرة بقوة في دستور 2014".

 

 

 

بدورها قالت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات نائلة الزغلامي إن "الدستور المنشور لا يرتقي إلى مستوى دستور ثورة وشعب يحلم بالكرامة والمساواة والعدالة الاجتماعية".


واستنكرت الزغلامي بشدة: "الدستور لم يضمن التناصف والمساواة التامة والفعلية في القانون وأمام القانون وأبقى الترشح لرئاسة الجمهورية غامضا بالإضافة إلى وضع جملة من القيود على الحريات والحقوق وتقييدها بالآداب العامة والأمن العام".


قال المحامي والسياسي (نائب شارك في صياغة دستور 2014) سمير بن عمر في تصريح خاص لـ"عربي21" إن "ما وقع نشره أمس لا علاقة له بالدساتير هو مجرد عبث تشريعي مرفوض شكلا ومضمونا".


وعن الشكل اعتبر بن عمر أن "صياغته ركيكة غير صادرة عن ذوي الاختصاص في صياغة الدساتير، هو دستور فرد وشخص واحد وهو قيس سعيد حتى من شاركوا في الصياغة أقروا بأنه ليس الدستور الذي قدموه".


وتمسك بن عمر باعتبار أن المسودة المعروضة هي "دستور دولة الفرد والعودة للاستبداد فهو يعطي حكما مطلقا دون أية رقابة أو احترام للحريات".

 

التعليقات (0)