هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تسود حالة من الغموض مصير اللجنة العسكرية الليبية، 5+5 في أعقاب إعلان ممثلي اللواء المتقاعد خليفة حفتر تعليق عملهم فيها، في محاولة على ما يبدو للضغط على رئيس الحكومة، عبد الحميد الدبيبة ودفعه نحو تسليم السلطة لرئيس الحكومة المكلف من البرلمان في طبرق، فتحي باشاغا.
وطالب ممثلو حفتر في بيان متلفز السبت، بإيقاف تصدير النفط وإغلاق الطريق الساحلي (سرت-بنغازي) ووقف الرحلات الجوية بين الشرق والغرب، ووقف التعاون عموما مع حكومة الدبيبة.
وبينما يقلل محللون من أهمية ما أعلنه ممثلو حفتر، باعتبار أن اللجنة لم تحرز تقدما ملموسا في الملفات المناطة بها، وأن عملها محكوم عليه بالفشل منذ بدايته، يرى آخرون أن حفتر سبق له أن استخدم إغلاق قطاع النفط للحصول على مكاسب سياسية، غير مستبعدين احتمال أن يكون هذا التهديد تم بإيعاز روسي في إطار الحرب الدائرة في أوكرانيا.
وفي تعليقه، قال الخبير العسكري الليبي، عادل عبد الكافي، إن المسار العسكري المتمثل باللجنة العسكرية 5+5 كان محكوما عليه بالفشل منذ البداية، على اعتبار أن عمل اللجنة لم يحظ بضمانات ودعم دولي كاف لإنجاحه.
اقرأ أيضا: ممثلو حفتر في "5+5" يعلقون عملهم ويهاجمون حكومة الدبيبة
ورأى عبد الكافي في حديث خاص لـ"عربي21" أن سلوك ممثلي حفتر في هذه اللجنة يدل على أنهم كانوا يحاولون كسب الوقت، تحت الضغط الدولي الممثل بالبعثة الأممية، ولم تكن لديهم نوايا جادة في دعم الاستقرار في البلاد، بل على العكس فقد ساهموا في تقويضه بطرق شتى.
واستطرد قائلا: "في حقيقة الأمر هؤلاء شركاء من المرتزقة الفاغنر والتشاديين وغيرهم في قتل الليبيين، وساهموا في انتهاك أمن واستقرار ليبيا وسلب مواردها الاقتصادية، سواء بتمكين المرتزقة من دخول بعض آبار النفط في المنطقة الجنوبية واستيلائهم عليها، أو من خلال تمكينهم من التحكم في جزء من الصادرات".
وشدد على أن "هذه المجموعة ليس لها أي ثقل وهي تتلقى الأوامر من حفتر، وحتى حينما يجتمعون بنظرائهم من طرابلس لا يستطيعون اتخاذ أي قرار أو توقيع أي اتفاقية إلا بعد الرجوع لمعسكر الرجمة بقيادة حفتر".
وأكد على أن "مزاعم مساهمتهم في فتح الطريق الساحلي بين سرت وبنغازي، أو محاولات توحيد حرس المنشآت النفطية (وفق بيانهم الأخير)، لا تمت للحقيقة بصلة، لأن هذه الملفات تدخلت فيها شخصيات بعيدة عن عمل اللجنة، بينهم رئيس حكومة الوحدة، عبد الحميد الدبيبة".
وانتقد عبد الكافي أعضاء اللجنة من طرابلس، قائلا إنه "رغم تقديمهم تنازلات إلا أن ذلك لم يرض حفتر، بل إن أعضاء اللجنة المحسوبين على طرابلس لم يدينوا تصرفات نظرائهم ومحاولاتهم إفشال عمل اللجنة في مرات سابقة، بل أعطوا مساحة لمعسكر حفتر بأن يتمادوا في الأفعال الاستفزازية والعدائية التي تهدد وقف إطلاق النار، ومنها مثلا امتناعهم عن تقديم خارطة الألغام التي زرعت إبان العدوان على طرابلس، متسببين في إزهاق مزيد من الأرواح".
كما لفت الخبير العسكري إلى أن ممثلي حفتر "لم يقدموا طيلة فترة عملهم باللجنة أي معلومات عن المرتزقة أو عددهم الحقيقي بالضبط، أو حجم التسليح وغيرها من المعلومات المهمة التي كان يجب أن تقدم في إطار عمل اللجنة".
اقرأ أيضا: جون أفريك: نظام حفتر يحكم شرق ليبيا بالابتزاز والإعدام
بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي، عبد الله الكبير، إنه "ليس ثمة قيمة كبيرة لهذه اللجنة ولا تملك الأدوات اللازمة لتنفيذ أي من البنود التي زعمت أنه تم التوافق حولها في اجتماعات عديدة".
وأكد الكبير في حديث خاص لـ"عربي21" أن "توقف القتال فرضه التوازن العسكري بعد تدخل تركيا لمصلحة حكومة الوفاق في موازاة القوات الخاصة الروسية وعصابات فاغنر التي قاتلت مع مليشيات حفتر ولا دور للجنة العسكرية فيه. واستمراره واقع بحكم استمرار هذا التوازن".
وشدد على أن حفتر "سبق أن استخدم إغلاق قطاع النفط للحصول على مكاسب سياسية"، مشيرا إلى أن "الأعضاء الممثلين لحفتر في اللجنة يؤكدون في بيانهم اليوم أنهم إحدى أدوات حفتر في مشروعه، مع احتمال أن يكون هذا التهديد تم بإيعاز روسي في إطار الحرب الدائرة في أوكرانيا".
وحول مصيرها يعتقد الكبير أن "اللجنة ستتوقف عن الاجتماعات ولن يغير هذا من الموقف العسكري على الأرض ليكتشف الجميع أن هذه اللجنة لا ضرورة لها ولا فائدة ترجى منها".
واللجنة العسكرية المشتركة "5 + 5" هي اللجنة التي تم الاتفاق عليها في مؤتمر برلين حول ليبيا في 19 كانون الثاني/ يناير عام 2021.
وبموجب الاتفاق تم اختيار خمسة عسكريين من قوات حفتر، وخمسة عسكريين آخرين من حكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج آنذاك، لتثبيت وقف إطلاق النار في طرابلس وغرب ليبيا.
واللجنة تعد المسار العسكري لمخرجات المؤتمر المذكور، الذي عُـقد تحت رعاية الأمم المتحدة في العاصمة الألمانية، وكان أحد المسارات الثلاثة السياسية والاقتصادية والعسكرية.
وتشهد ليبيا صراعا سياسيا بين حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والحكومة المكلفة من مجلس النواب في طبرق برئاسة فتحي باشاغا.