هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
اعتاد اليمنيون على استقبال شهر رمضان بأجواء احتفائية متنوعة تتوزع بين الأهازيج الترحيبية وتزيين المنازل وتنظيفها، قبل أن تسرق الحرب التي دخلت عامها الثامن والظروف الاقتصادية الصعبة الكثير من مظاهر الاحتفال بقدوم هذا الشهر الفضيل.
ورغم هذه الظروف، فإنها لم تغب مظاهر الاحتفاء بشهر رمضان، التي اعتاد الناس على القيام بها من تنظيف الأحياء والمنازل وتزيينها، كتقليد سنوي، وعادة ليست حديثة بل قديمة، تحضر في صنعاء وبقية مدن البلاد.
وتتسع مظاهر الترحيب والابتهاج بقدوم شهر رمضان، إذ تحرص النساء والأطفال على تزيين المنازل بالأهلة والمصابيح الورقية والكهربائية.
— صالح الجرو (@AljrwSalh) April 2, 2022
"تنظيف وتزيين المنازل"
وبحسب أم عبدالرحمن فإن "تجهيز متطلبات التزيين، تبدأ أواخر شهر شعبان، إضافة إلى القيام بحملة تنظيف للمنازل، وكأن ضيفا عزيزا قادم إلينا".
وأضافت لـ "عربي21" أنه "مع قدوم رمضان، نقوم بتزيين الغرف بالأضواء والفوانيس، تعبيرا عن سعادتنا بقدوم هذا الشهر الكريم، باعتباره ضيفا يضيف أجواء جميلة وروحانية لحياة الناس".
وأضافت أم عبدالرحمن: "ما إن يتم الإعلان عن رؤية هلال رمضان، حتى يبدأ الأطفال بالتجول بين المنازل بالأهازيج الترحيبية، وإطلاق الألعاب النارية، ابتهاجا بشهر الخير والمغفرة، الذي يحيي فينا معاني الإيمان وتطهير النفوس مما علق بها من خطايا وآثام".
وقالت إن "الأجواء الروحانية التي يضفيها هذا الشهر على حياتنا، لا توصف، فعلى صوت المقرئ اليمني الراحل محمد القريطي، يتجهز الجميع للفطور، ويهرع الناس كبارا وصغارا إلى المساجد للإفطار وأداء صلاة المغرب".
— إبراهيم الزبيدي (@himoalzabeedi) April 3, 2022
"تغير كل شيء"
فيما الصحفي والناشط اليمني، مروان عكروت، قال إنه لم يعد لشهر رمضان ذلك الألق الذي كان قبل أن يدخل اليمن في دوامة الصراع المرير منذ خريف العام 2014.
وتابع حديثه لـ "عربي21" بالقول: "في الواقع تغير كل شيء.. رمضان يحل على الناس وسط حالة نفسية مدمرة، جراء ارتفاع فاتورة الاستهلاك وانعدام مصادر الدخل للسواد الأعظم من اليمنيين".
وبحسب الصحفي عكروت فإن هناك ارتفاعا جنونيا للأسعار، وهو ما جعل السكان يشعرون بـ"حالة من الإحباط"، والكفاح لتوفير الحد الأدنى من القوت اليومي.
وعبر عن أسفه من التضخم المفرط وارتفاع الأسعار مع اقتراب شهر رمضان، وهو شهر الرحمة، بينما تفاقمت الأزمات هذا العام إلى مستويات قياسية، أثقلت كاهل الناس وأفسدت أجواء الشهر الفضيل.
ولفت عكروت إلى أنه " كانت هناك عادات وتقاليد، تمارس في هذا الشهر، إلا أنها صارت من الذكريات في حياتنا".
وقال: "في السابق، كان هذا الشهر موعدا للسلام، يشعر به حتى الأطفال الذين يمضون أوقاتهم ليلا في الأحياء والشوارع دون أي قلق عليهم".
كما أن شهر رمضان، وفقا للمتحدث ذاته، محطة للقاءات بالأصدقاء، وكل يوم يطيب السمر عند أحدهم، فضلا عن تبادل العائلات زيارات الإفطار معا.
وقال: "لقد كان رمضان الأنيس والونيس والسفر والسعادة.. فأصوات الصلوات في المساجد تبدد وحشة الليل، وتمنحك الشعور بقيمة هذا الشهر واختلافه عن بقية الشهور".
" تغير وتلاشي"
من جانبه، يرى وكيل وزارة الثقافة في الحكومة اليمنية المعترف بها، عبدالهادي العزعزي أنه لم يعد إحياء المناسبات كما كان مع مرور الزمن، فهي إما أن تتطور أو تتغير، أو أن منها ما قد يندثر ويتلاشى، وهذه طبيعة التغير في المجتمعات، بحسب الظروف التي تقع تحت وطأتها تلك المجتمعات.
وقال العزعزي لـ"عربي21": "ربما كانت الحروب هي أسوأ الكوارث البشرية، لأنها تستهلك الإنسان على كافة المستويات نفسيا وماديا وبشريا".
— صحيفة عدن الغد (@adenalghad) April 3, 2022
وأضاف وكيل وزارة الثقافة اليمني: "في تعز (جنوب غرب اليمن)، كان رمضان له لون آخر، حيث كانت أغلب الأسر تتجهز لقدومه بإعادة طلاء البيوت وتنظيف الحارات، وتوفير مستلزماته من المواد المختلفة الخاصة بإعداد العطور والعشاء".
وأشار إلى أن "المحلات التجارية كانت تستعد لموسم عمل مكثف بكافة المستلزمات، ابتداء من المواد الغذائية ومرورا بالملابس وحتى مستلزمات الطلاء".
وتابع: "كما تشمل تلك الطقوس إعادة طلاء المساجد والعمل على شراء ملابس جديدة، وإعادة تزيين البيوت بالإضاءة حتى قبل الكهرباء، حيث كانت تستخدم فوانيس الكيروسين لإضاءة الحارات وأبواب المنازل والأزقة الداخلية والشوارع".
فيما تتنوع مظاهر الاحتفاء والممارسات بشهر رمضان، بين الأغاني والأهازيج والموشحات وأناشيد الأطفال التي تبدأ منذ نهاية شهر شعبان، مرورا بالأيام الأولى من شهر رمضان، في نهاره وليله البهيج، بحسب ما ذكره العزعزي.
اقرأ أيضا: بدء سريان هدنة إنسانية باليمن وترحيب عربي ودولي
ومن المظاهر التي اختفت خلال هذا الشهر بحسب العزعزي، مدفع رمضان الذي كان يستخدم لتعريف الناس بموعد الإفطار والسحور أيضا، والمسحراتي الذي كان يمر على الأزقة والحارات، لإشعار الناس بدخول وقت السحور.
ورغم ذلك، كما قال العزعزي، فإن "أغلب مظاهر الفرحة والممارسات التعبدية لا يزال بعضها قائما ولم يختف، لكنها تراجعت وخفت أثرها دون أن تتلاشى، مع حدوث تغيرات وتعديلات على بعضها، وهي بحاجة إلى قياس بحثي ميداني في المدن والريف".