ملفات وتقارير

هل تنقذ معارض "أهلا رمضان" المصريين من الغلاء بشهر الصيام؟

رفعت الأزمة الروسية الأوكرانية أسعار الغذاء حول العالم - جيتي
رفعت الأزمة الروسية الأوكرانية أسعار الغذاء حول العالم - جيتي
في الوقت الذي قامت فيه الحكومة المصرية بتبكير افتتاح معرض السلع "أهلا رمضان"، إلا أن تلك المحاولة لمجابهة ارتفاع أسعار السلع الأساسية والتموينية قبل قدوم شهر رمضان المبارك، يبدو أنها غير كافية، وفق مواطنين، ومراقبين.

والخميس الماضي، افتتح رئيس الوزراء مصطفى مدبولي المقر الرئيسي للمعارض المنتشرة بالمدن وعواصم المحافظات، وتضم سلعا بينها اللحوم والدواجن والمواد التموينية بأسعار أقل من السوق، وسط معاناة المصريين مع الأسعار التي ارتفعت منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية الشهر الماضي.

"تخفيضات المنافذ"

 وعن عدد تلك المنافذ التي يستمر عملها حتى بعد نهاية رمضان، قال الأمين العام لاتحاد الغرف التجارية علاء عز، مساء الأحد، لفضائية "صدى البلد"، إن معارض أهلا رمضان بـ27 محافظة، بنحو 7724 منفذا، مع 200 قافلة متجولة بالقرى والنجوع، بأسعار أرخص من العام الماضي، وخصومات 25 بالمئة.

وأكد مساعد أول وزير التموين إبراهيم عشماوي، مساء الأحد، لفضائية "القاهرة والناس"، أن هناك أكثر من 200 شادر بالجمهورية، و8 آلاف منفذ، تقدم السلع الأساسية بأسعار أقل من القطاع الخاص، بنسب تتراوح من 20 إلى 30 بالمئة.

وحمل المسؤول، المصريين جزءا من أزمة ارتفاع الأسعار، بقوله إن حجم استهلاك المواطنين في رمضان يزداد لـ50 بالمئة، وإن متوسط استهلاك الطعام شهريا يرتفع من 50 مليار جنيه، إلى ما بين 75 مليارا و80 مليار جنيه، في رمضان.



وكان رئيس النظام عبد الفتاح السيسي، دعا الجيش الأربعاء الماضي، لفتح منافذه للمواطنين للحصول على السلع بالأسعار القديمة من منافذ جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة، ومنافذ وزارتي التموين والداخلية.

"تساؤلات وشكوك"

ولكن، تساءل نشطاء ومراقبون عن مدى كفاية ذلك العدد من المنافذ لتقليل أسعار السلع الأساسية قبل شهر رمضان لأكثر من 100 مليون مصري، أغلبهم في الريف والصعيد الذي يقل فيه انتشار تلك المنافذ.

ورصد مراسل "عربي21"، حالة الإحجام اللافتة في القرى عن سيارات جهاز الخدمة الوطنية، التي تقف بميادين بعض المدن وتجوب المناطق الريفية.

وظهر الأحد، ومن أمام شادر تابع لمعرض "أهلا رمضان"، بجوار مجلس مدينة منيا القمح بمحافظة الشرقية، بدت الصورة بدون زحام وعلى غير ما هي أمام محلات البقالة والجزارة التي تعج بكثير من المواطنين، رغم رخص أسعار الأولى وارتفاع الثانية.

وفي تفسيرها قالت سيدة أربعينية، لـ"عربي21": "البضائع هنا رغم رخصها عن الشارع، إلا أن بعضها مخزن من الأعوام الماضية، ولا نعرف إن كانت فاسدة أم صالحة للاستهلاك، والأفضل أن أشتري من تاجر أعرف بضائعه حتى ولو كانت غالية".

وبمطالعة البضائع المعروضة، وجد أنها بين ياميش رمضان مثل البلح والزبيب والسوداني والزيت والسكر والمعكرونة والأرز وباقي مواد البقالة، وعليها أسعار تقل عن المعروض بالمحلات الخاصة، من 3 إلى 7 جنيهات، وفق قول إحدى السيدات من داخل المعرض.

 

اقرأ أيضا: بسبب الغلاء.. مصريون يحلمون بـ"شنطة رمضان"

وأكد أحد العاملين، بالمعرض أن "البضاعة تشرف عليها وزارة التموين وأنها من إنتاج العام الجاري، ومخزنة بطريقة سليمة".

ولفت في حديثه لـ"عربي21"، إلى أنه "في ظل هذا الغلاء لا يسأل محتاج من أين تلك البضاعة وتاريخ صلاحيتها ولا كيف يتم تخزينها، يسأل فقط عن سعرها"، مشيرا إلى أن "الإقبال ضعيف نهارا ولكنه يتزايد في المساء".

وفي السياق، رصد مراسل "عربي21"، حالة الإحجام اللافتة من المصريين عن سيارات الجيش التي تجوب المدن وبعض القرى، وبسؤال بعض الأهالي أكدوا أنهم لا يثقون في مصدر وصلاحية المعروض من تلك اللحوم والدواجن.

"بضائع مسروقة"

وعلى الجانب الآخر، انتقد نشطاء مبادرة "أهلا رمضان"، مشيرين إلى أن بها بضائع مسروقة لم تكلف الدولة جنيها، وأن الحكومة تفرض على أصحاب  الشركات والمصانع تقديم بضائعها عبر المبادرة، ومن يرفض يجري عقابه بأخذ البضائع عنوة، أو تحرير محاضر لهم وتغريمهم مبالغ كبيرة.

 


وخلال الأسابيع الماضية، صادرت وزارة الداخلية كميات كبيرة من السلع المخزنة لدى التجار ومعارض الشركات ومخازن المصانع ومضارب الأرز ومطاحن الدقيق ومخازن المعكرونة والزيوت، وغيرها.

وبتلك البضائع أطلقت "الداخلية" مبادرة "كلنا واحد" بتخفيضات تصل لـ60 بالمئة، مع توجيه قوافل غذائية تجوب القرى والنجوع، وتوفر السلع الاستراتيجية في منافذ الوزارة "أمان"، وعرضها كذلك بمبادرة "أهلا رمضان".

ووفق تأكيد أحد أصحاب مضارب الأرز من مشتول السوق بمحافظة الشرقية، لـ"عربي21"، فإنه جرى مصادرة 10 أطنان من الأرز من مخازنه، بحجة احتكاره سلعة إستراتيجية.

"دعاية ليس أكثر"

وفي تعليقه أكد مستشار وزير التموين المصري الأسبق، الدكتور عبد التواب بركات، لـ"عربي21"، أن معارض "أهلا رمضان" لن تنجح في تخفيض أسعار السلع، مشددا على أن تلك المنافذ لا تكفي لتقليل أسعار السلع في رمضان لأكثر من 100 مليون مصري.

وقال إن "الزعم بأن الأسعار يمكن تخفيضها من خلال 200 شادر على مستوى الجمهورية، و8 آلاف منفذ، تقدم السلع الأساسية بأسعار أقل من القطاع الخاص، بنسب تتراوح من 20 إلى 30 بالمئة، دعاية إعلامية ليس أكثر".

وأوضح أن "الدولة المصرية كبيرة، والحكومة مطالبة بتوفير السلع الأساسية لأكثر من نصف مليون سوق تجاري بـ27 محافظة من أسوان جنوبا إلى الإسكندرية شمالا، ومن رفح وشرم الشيخ شرقا إلى السلوم وسيوة غربا، ولنحو 234 مدينة، وحوالي 4800 قرية كبيرة، و26 ألف كفر".

ويرى بركات، أن "دعوة السيسي الجيش لفتح منافذه للمواطنين للحصول على السلع بالأسعار القديمة من منافذ جهاز الخدمة الوطنية، ووزارتي التموين والداخلية، إساءة للقوات المسلحة، وتأكيد على أنها دولة داخل الدولة".

وأضاف: "الجيش المصري وما يملكه من سلع ملك للمصريين، وما يفيض عن احتياجاته يعد احتياطيا إستراتيجيا ومكانه الطبيعي مخازن وزارة التموين، كما أن مهمة الجيش الأساسية حماية أسوار الدولة وحدودها وليست ضبط الأسعار".

ولفت إلى أن "الحكومة رغم امتلاكها 25 ألف منفذ تمويني، و5 آلاف مجمع استهلاكي بالجمهورية فشلت في خفض الأسعار"، متسائلا: "فكيف للجيش، أن ينجح في خفض الأسعار أو تثبيتها بـ 468 منفذا لها بالقاهرة والمحافظات".

"تناقض حكومي"

وقبل حلول شهر رمضان، ارتفعت بشكل كبير أسعار الخبز والدقيق واللحوم والدواجن والزيوت والمعكرونة والأرز والسكر، والخضروات والفواكه بجميع أنواعها، إلى جانب خامات الحديد والأسمنت، وغيرها، وسط عجز حكومي عن ملاحقة تلك الزيادات.

لكن المثير أنه ومع ما تعلنه الحكومة عن توجهاتها لمراقبة الأسواق وتوفير السلع إلا أنها تواصل قراراتها التي تزيد الضغوط على المصريين برفع السلع الإستراتيجية، وبينها أسعار أسطوانات الغاز المنزلي والتجاري، التي ارتفعت الثلاثاء الماضي، للمرة الثانية خلال 3 أشهر، بنسبة 15.3 بالمئة.

 وفي هذا الإطار، تخطط الحكومة لزيادة سعر البنزين بأنواعه بنسبة 18 بالمئة على مرتين، من خلال فرض زيادة بنسبة 9 بالمئة تقريبا على الأسعار اعتبارا من مطلع نيسان/ إبريل المقبل، والنسبة ذاتها مجددا مع بداية العام المالي الجديد بداية تموز/ يوليو 2022.

كما أن قرارات المركزي المصري يوم 21 آذار/ مارس الجاري، برفع سعر الفائدة 1 بالمئة، وخفض سعر صرف الجنيه مقابل الدولار بنحو 17 بالمئة وزيادة سعر الدولار لمستويات قياسية، من شأنها أن تزيد معاناة المصريين وتُفشل أية محاولات لوقف لهيب ارتفاع الأسعار، وفق مراقبين.

كذلك ووفق مراقبين، فإن توجه الدولة للاقتراض من صندوق النقد الدولي، وفق ما أعلنه رئيس الوزراء المصري الأربعاء الماضي، يتبعه بالتالي برنامج اقتصادي جديد يفرض زيادة في أسعار السلع والخدمات والضرائب والمحررات والرسوم، ويأتي على ما تبقى من دعم الوقود والكهرباء.

 

التعليقات (0)