سياسة دولية

معهد واشنطن: هذه وعود خامنئي في العام الفارسي 1400

تجنب خامنئي في خطابه الحديث عن السياسة الخارجية لإيران والمفاوضات النووية- إيرنا
تجنب خامنئي في خطابه الحديث عن السياسة الخارجية لإيران والمفاوضات النووية- إيرنا

تناول معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى خطاب المرشد الإيراني علي خامنئي، بمناسبة عيد النوروز، وهو رأس السنة الفارسية الجديدة الذي يتزامن مع أول أيام الربيع.


وقال الزميل العسكري في معهد واشنطن، عومير كرمي، إن خامنئي تجنب في خطابه الحديث عن السياسة الخارجية لإيران والمفاوضات النووية، وركّز على رؤيته حول جعل البلاد أكثر اعتماداً على نفسها من خلال اقتصاد قائم على المعرفة.


أشار كرمي إلى أن الخطاب السنوي الذي يلقيه المرشد الأعلى في عيد النوروز عادة ما يكشف مؤشرا على أفكاره حول الشؤون الخارجية لإيران، من بين اتجاهات أخرى، إلا أن خطاب هذا العام جاء مغايرا لما جرت عليه العادة في السنوات الماضية، حيث إنه كرّس معظم خطابه للسياسات الاقتصادية المحلية وامتنع إلى حد كبير عن ذكر الولايات المتحدة بشكل مباشر.


وأفاد المقال بأن تسعة من خطابات خامنئي في عيد النوروز العشرة الماضية ركزت على اقتصاد إيران "المقاوم" في مواجهة العقوبات الدولية، فيما خصص خطابه هذه المرة لـ"عام الإنتاج القائم على المعرفة والمولد لفرص العمل".


واعتبر الكاتب أن نبرة رسالة خامنئي في كلمته عشية عيد النوروز، التي يمهد بها لخطابه الرئيسي الذي يلقيه في اليوم التالي، متفائلةً إلى حد كبير. 

 

وقال: "على الصعيد التكنولوجي، روج لإطلاق النظام أقماراً صناعية جديدة. وعلى الصعيد السياسي، أثنى على الإدارة الشعبية للرئيس إبراهيم رئيسي لإحياء آمال الشعب واتخاذها مسارا مختلفا عن الإدارة الشريفة السابقة لحسن روحاني".


وتابع: "كما أنه أشاد بالشعب لإظهار دعمه المزعوم للنظام من خلال الذهاب للتصويت في الانتخابات الرئاسية في العام الماضي، والتي تزامنت مع ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا".


وأضاف: "وفي سياق متصل، زعم خامنئي أن الإيرانيين نجحوا في مكافحة الجائحة وخفضوا معدلات الوفيات بشكلٍ كبير، وأشاد بالتقدم العلمي الذي مكّن من إنتاج اللقاح". 


وبحسب الزميل، فإن خامنئي أكد أن أحد أروع الأحداث التي وقعت في العام الماضي كان عندما "اعترف الأمريكيون صراحةً بأنهم عانوا من هزيمةٍ مذلة في سياسة الضغط الأقصى التي اتبعوها ضد إيران".


وعلى الرغم من ادعاءاته بالفوز في المعركة ضد فيروس كورونا، اختار خامنئي على ما يبدو عدم تعريض نفسه لخطر العدوى من خلال السفر إلى الاحتفالات الجماهيرية في مشهد لإلقاء خطابه في عيد النوروز كما كان يفعل قبل انتشار الجائحة. وبدلاً من ذلك، فإنه ألقى خطابه في 21 آذار/ مارس عبر شاشة التلفزيون من طهران.


وتمحور محتوى الخطاب في الغالب حول كيفية تطوير إيران لاقتصادها من خلال الموارد المحلية. وفي هذا الصدد، انتقد خامنئي ضمنيا سياسات روحاني، بإشارته إلى أن إيران واجهت "عددا من التحديات الاقتصادية على مدى السنوات العشر الماضية"، وناشد المسؤولين باتخاذ قرارات أفضل لكي يحظى الشعب بحياة أكثر راحة. وقال: "إذا اقترن الاقتصاد يالعدالة، فسوف تحرز البلاد تقدما حقيقيا".


وفي رأيه، فإن أفضل طريقة لتحسين الوضع هي التحوّل نحو اقتصادٍ قائم على المعرفة - وهو مفهوم كان يؤكد عليه منذ بعض الوقت الآن. وأكد أن مثل هذا التحول لن يحل العديد من المشاكل الأساسية التي تواجهها إيران في مجالات الإنتاج والزراعة والمياه فحسب، بل إنه سيحوّل البلاد أيضاً إلى دولة تنافسية على صعيد الاقتصاد العالمي.


ولتسهيل هذه الرؤية، اقترح خامنئي استغلال الارتفاع في أسعار النفط الذي يشهده العالم نتيجة التطورات الأخيرة. ولكنه حذر المسؤولين من إهدار جميع هذا الدخل النفطي المعزز على مجرد استيراد المزيد من المنتجات والموارد إلى إيران - وبدلا من ذلك، فإن عليهم توجيه الإيرادات لتطوير البنية التحتية الوطنية وجعل الاقتصاد أقوى وأكثر اكتفاء ذاتيا.

 

اقرأ أيضا: خامنئي يدعو روسيا إلى وقف الحرب.. حمّل أمريكا المسؤولية

في المقابل، لم يشر خامنئي إلى المحادثات النووية بشكل مباشر إلى حد كبير، فيما اقتصر على تكرار فلسفته بأنه من الضروري على الاقتصاد الإيراني أن يدعم نفسه بنفسه بشكلٍ ينزع فتيل العقوبات الأمريكية. وأشار إلى خطاب عيد النوروز في العام الماضي الذي صرح فيه بأنه بدلا من ترك المسؤولين اقتصاد البلاد "في حالة من الغموض بينما ينتظرون اتخاذ قرارات من قبل الآخرين"، فإنه يتعين عليهم التخطيط كما لو أن العقوبات ستبقى سارية إلى أجلٍ غير مسمى. 


وأعلن هذا العام قائلا: "يجب أن ندير البلاد بطريقة بحيث لا يمكن للعقوبات أن توجه لنا ضربة موجعة".
في المقابل، قلل خامنئي من أهمية العقوبات بالإشارة إلى أن حكومة رئيسي تمكنت من تحقيق مكاسب كبيرة حتى في البيئة الحالية، مثل زيادة التجارة الخارجية، وتوقيع عقود إقليمية جديدة، وتحسين قطاعَي النفط والغاز الطبيعي.


وفي خاتمة مقاله، قال الزميل بمعهد واشنطن، إنه يمكن النظر إلى خطاب خامنئي في عيد النوروز بطريقتين. فمن ناحية، قد يكون محاولة أخرى للتقليل من أهمية العودة إلى الاتفاق النووي وتثبيط توقعات الجمهور على هذا الصعيد، وهو ما قد يعيق، في رأيه، الزخم الاقتصادي لإيران.

 

ومن ناحية أخرى، فإنه قد يكون فحوى الخطاب هو أسلوبه في الإشارة إلى توقعاته وإرشاداته المتعلقة بنوع السياسة الاقتصادية التي يجب على طهران اتباعها إذا تم التوصل إلى اتفاق في فيينا - أي السياسة التي تعطي الأولوية للاكتفاء الذاتي مع استخدام الأموال التي يتم جنيها من الاتفاق لإصلاح المشاكل الاقتصادية الجوهرية لإيران.


التعليقات (0)