اقتصاد عربي

موجة غلاء جنونية تجتاح الأسواق المصرية.. هل تفيد المقاطعة؟

مسؤول تسويق: سبب ارتفاع الأسعار في مصر لا يقتصر على الاحتكار- جيتي
مسؤول تسويق: سبب ارتفاع الأسعار في مصر لا يقتصر على الاحتكار- جيتي

عبر مصريون عن استيائهم الشديد من الارتفاع الجنوني لأسعار السلع والمنتجات كافة في البلاد بما فيها رغيف الخبز، على خلفية تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، التي تسببت في نقص إمدادات عدد من السلع الاستراتيجية وعلى رأسها القمح.

 

ودفعت موجة الغلاء الجنونية التي تجتاح الأسواق المصرية، رئيس سلطة الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي للتدخل بتوجيه الحكومة بتسعير الخبز غير المدعوم للمرة الأولى منذ توليه السلطة.

وتقول شيماء محمد، وهي ربة منزل؛ إن ارتفاع الأسعار كان سريعا ومفاجئا، إذ كان مبلغ 1500 جنيه (حوالى 95,4 دولارا) يكفيها لشراء قائمة سلعها الغذائية التي تكفي بيتها لمدة شهر، اليوم لم يعد المبلغ كافيا لشراء حتى نصف القائمة.

وتقول السيدة الأربعينية، وهي أم لثلاث بنات، "الوضع جنوني.. 15 يوما فقط منذ أن كنت في الأسواق أشتري حاجاتي، ولم تكن الأسعار مشتعلة مثل اليوم.. ماذا حدث؟".

ما حدث يتمثل بتبعات الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير، الذي تسبّب بموجة ارتفاع قياسية في أسعار الغذاء عالميا، حسب منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو).

والأسبوع الماضي، أعلن جهاز الإحصاء المصري ارتفاع معدل التضخم السنوي في مصر ليبلغ 10 في المئة لشهر شباط/فبراير، مسجلا النسبة الأعلى منذ منتصف عام 2019، مرجعا الزيادة إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشروبات بنسبة 20,1 في المئة، وعلى رأسها الخضروات والفاكهة والخبز والحبوب.

وتشير شيماء التي تسكن أحد أحياء مصر القديمة بوسط القاهرة، الى ارتفاع سعر كيلوغرام الدجاج مثلا إلى 35 جنيها (2,33 دولار) بينما كان يتراوح بين 20 و27 جنيها أول الشهر الجاري.

 

اقرأ أيضا: المصريون يعانون من ارتفاع كبير بأسعار الغذاء.. تحذيرات

وتتابع أن الخبز والأرز، وهما من أكثر السلع استهلاكا بين جميع فئات المصريين، زاد سعرهما أيضا ليبلغ الرغيف جنيها وربعا بدلا من جنيه، بينما سجّل الأرز سعر 11 أو 12 جنيها للكيلوغرام بدلا من ثمانية جنيهات.  

وبينما يقترب شهر رمضان وتتزيّن الأسواق المصرية لاستقبال الزبائن، يُخشى أن تتغيّر الصورة هذا العام في ظل موجة الغلاء التي تضرب منتجات البلد العربي الأكثر تعدادا للسكان.

وأكد وزير المالية المصري محمد معيط في وقت سابق هذا الشهر، أن الأزمة الأوكرانية ستكون لها تبعات على البلاد، مشيرا إلى أن "بند (توفير) القمح في موازنة الدولة سيرتفع بمقدار 15 مليار جنيه (حوالي مليار دولار)".

وتُعدّ مصر من أكبر مستوردي القمح في العالم، وأكبر مستورديه من روسيا وأوكرانيا.

وتدعم الحكومة المصرية السلع التموينية في موازنتها العامة بأكثر من 87 مليار جنيه (5,5 مليار دولار تقريبا)، يمثل الخبز المدعوم نسبة أكثر من 57 في المئة منها. 

وأفاد تقرير لمعهد الشرق الأوسط للأبحاث نشر في الثالث من آذار/مارس، أن الحرب في أوكرانيا "تهدّد إمدادات (السلع) إلى مصر، لأن 85 في المئة من قمحها يأتي من روسيا وأوكرانيا، وكذلك 73 في المئة من زيت دوار الشمس". 

وخلال الأيام الماضية، توقّع بعض خبراء الاقتصاد أن تحصل جولة جديدة من تعويم العملة المحلية في مصر، "في ضوء ارتفاع أسعار السلع الأولية والغذاء والانخفاض المحتمل في أعداد السياح الروس"، وفق ما جاء في تقرير لبنك الاستثمار "جي بي مورغان".

وقال البنك: "نتوقع أن تكون هناك حاجة الآن على الأرجح إلى خفض سعر الصرف".

وشهدت مصر تعويما للعملة المحلية في عام 2016، ليفقد الجنيه نحو نصف قيمته أمام الدولار الأمريكي، كجزء من برنامج إصلاح اقتصادي بدأته الحكومة، وحصلت بموجبه على قرض من صندوق النقد الدولي قيمته 12 مليار دولار. 

 

اقرأ أيضا: هل تصادر حكومة مصر محصول القمح من الفلاحين لتوفير الخبز؟

تسعير الخبز 


وتولي الحكومة المصرية اهتماما بالغا لأزمة ارتفاع أسعار الغذاء في بلد يبلغ معدل الفقر فيه نحو 30 %، حسب البيانات الرسمية.

ونتيجة لذلك، وجّه السيسي حكومته، وفق ما جاء في بيان للرئاسة المصرية الثلاثاء، بـ"تسعير رغيف الخبز الحرّ غير المدعوم للحد من ارتفاع ثمنه"، على أن تقوم الجهات الرقابية بمراقبة السعر. وتحدّد الحكومة أصلا ثمن الخبز المدعوم.

وجاء قرار السيسي بعدما قامت بعض المخابز الخاصة بزيادة سعر رغيف الخبز دون ضوابط.

وحذّرت الحكومة خلال اجتماعاتها التجّار من التلاعب بالأسعار، وشدّد رئيس الحكومة مصطفى مدبولي الأسبوع الماضي على "ألا تحصل مغالاة أو استغلال للظروف".

وطالب مدبولي المصريين بـ"ترشيد الاستهلاك في كل السلع لتقليل اللجوء إلى الأسوأ".

ونفذت الشرطة مؤخرا حملات مكثفة كشفت "حجب سلع غذائية، وبيع بأزيد من السعر الرسمي، والاستيلاء على السلع المدعومة".

لكن مسؤول تسويق بإحدى شركات استيراد الأغذية في مصر، إسلام محمد، يقول؛ إن سبب ارتفاع الأسعار لا يقتصر على الاحتكار. "هناك ارتفاع في تكاليف الشحن والتفريغ للبضائع القادمة من أوروبا على سبيل المثال بنسبة تصل إلى 30% بسبب زيادة أسعار النفط".

وتسبّب الغزو الروسي لأوكرانيا بارتفاع حاد في أسعار النفط في العالم ليتجاوز سعر برميل برنت الخام 110 دولارات.

"هل تفيد المقاطعة؟"


وأشار معهد الشرق الأوسط في تقريره إلى أن "الحفاظ على أسعار المواد الغذائية الأساسية في مصر وجعلها في متناول اليد، هو حجر الأساس لاستقرار النظام".

ولعلّ هذا ما دفع وزير التموين المصري علي المصيلحي إلى التعهّد بعدم المساس بسعر رغيف الخبز المدعوم، أو كما يطلق عليه "العيش البلدي" الذي يبلغ خمسة قروش، ويوزّع وفقا لحصص تموينية على أكثر من 70 مليون شخص، في بلد يصل تعداد سكانه إلى 103 ملايين.

ويقول إسلام محمد، الذي يبلغ 34 عاما ويقيم بمدينة السادس من أكتوبر، إحدى ضواحي العاصمة الراقية: "بعض السكان في المنطقة اقترحوا حملة لمقاطعة المخابز التي رفعت سعر الرغيف، لكن كان ردّ الآخرين أن الغلاء ضرب كل شيء ولن تفيد المقاطعة".

 

التعليقات (3)
عمران
السبت، 19-03-2022 06:11 ص
بلحه يحب التواضع والبساطة والزهد.. لذلك يحب يجعل الشعب المصري المطحون متواضع وزاهدا حتى في الأكل والشرب(طبعا عدي العسكر والمطبلين من الإعلاميين والمنافقين)وليأكل الشعب من براميل الزباله ويناموا تحت الكباري التي يبنيها لهم بعد هدم بيوت وأحياء الفقراء. لكم الله يامصر يين يامستضعفين.
كاظم صابر
الجمعة، 18-03-2022 02:13 م
يوجد ترتيب ، في البلدان المستهلكة الخاضعة للاستعمار ، هو كالتالي باختصار : لنفترض أن تكلفة إنتاج سلعة في بلد منتج هي 50 دولار و يبيعها لبلد مستهلك بسعر 75 دولار و يكون الأصل أن تصل للمواطن في البلد الثاني بسعر 100 دولار "بعد تغطية ضريبة المبيعات و أرباح المستلم الأول فالثاني و أخيراً التاجر". الذي يحصل على أرض الواقع هو وجود فرصة لدى العصابة المتحكمة لتفريغ جيوب المواطنين لصالحها من خلال "غلاء السعر" بحيث ينصح المستلم من يليه أن يبيع التاجر - في نهاية السلسلة -السلعة بمبلغ 140 دولار للمواطن " أو أكثر قليلاً" . مبلغ الأربعون دولار الإضافي هو صافي ما يذهب لجيوب العصابة و ليس لخزينة الحكومة . إن باع تاجر السلعة بمبلغ 150 دولار فهو المتلاعب (!) و ستكون عليه غرامة تتجزأ بين الخزينة و جيوب العصابة .
قاطعوا الهند
الجمعة، 18-03-2022 01:21 م
يا مغفلين هم رفعوا العيش السياحى لتدعيم العيش البلدى...يعنى يا بقف من دقنه وافتلوه.......لو العيش زاد فى فرنسا كما حدث فى مصر كان الشعب الفرنسى ولع مكرون...خليكم قاعدين حتى يتم طردكم من مصر