سياسة تركية

هل تنجح الوساطة التركية بوقف الحرب الروسية على أوكرانيا؟

تركيا استقبلت بأنطاليا أول لقاء دبلوماسي عالي المستوى بين روسيا وأوكرانيا منذ الحرب- الأناضول
تركيا استقبلت بأنطاليا أول لقاء دبلوماسي عالي المستوى بين روسيا وأوكرانيا منذ الحرب- الأناضول

يسود الترقب بشأن إمكانية نجاح الوساطة التركية لوقف الحرب الروسية على أوكرانيا، في ظل عقوبات غربية متتالية على موسكو واحتدام المعارك في محيط العاصمة كييف.

 

والخميس، جمعت تركيا بين وزيري خارجية روسيا وأوكرانيا في أول لقاء على مستوى وزاري في ظل الهجوم الروسي، الذي بدأ في 24 شباط/ فبراير الماضي. 
  
وأكد وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، أنهم تناولوا في الاجتماع إمكانية عقد اجتماع بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والأوكراني فولوديمير زيلينسكي. 

وبيّن أن "الجانب الأوكراني أكد استعداد زيلينسكي لذلك، بينما قال الروس؛ إن بوتين لا يعارض مثل هذه الخطوة مبدئيا". 
 
وتابع بأنه "رغم الصعوبات كافة، أستطيع القول إن الاجتماع الثلاثي جرى بشكل حضاري، والأطراف دافعت عن مواقفها وأفكارها بطريقة حضارية"، مشيرا إلى أن أوكرانيا طالبت بأن تكون تركيا دولة ضامنة في الأزمة مع روسيا. 
   
وقال وزير الخارجية الأوكراني كوليبا: "اتفقنا على عقد لقاء آخر بالصيغة نفسها (في أنطاليا)، وأؤيد المشاركة إذا توفرت الرغبة في التوصل إلى حل". 

 

التفاوض عبر تركيا
 
من جهتها، قالت الكاتبة التركية أوزنور كوتشوكير سيريني، لـ"عربي21"؛ إنه منذ بداية الأزمة الأوكرانية- الروسية، اتبعت تركيا سياسة خارجية مختلفة عن باقي الدول الأخرى، من خلال مقترحات الوساطة بين الجانبين. 
 
وأضافت أن قدرة تركيا على الجمع بين وزيري خارجية روسيا وأوكرانيا في أنطاليا في أول لقاء يجمعهما يعد إنجازا مهما للغاية، متابعة بأنه رغم عدم وجود وقف لإطلاق النار بعد هذا الاجتماع، إلا أن الأنظار تحولت إلى تركيا. 
 
ورأت أن أوكرانيا وروسيا ستواصلان التفاوض عبر تركيا، وأن التوصل لوقف إطلاق النار أو حل دائم سيستغرق المزيد من الوقت. 
 
وأوضحت أنه بسبب العلاقات الوثيقة التي تربط تركيا مع روسيا وأوكرانيا وحلف شمال الأطلسي والدول الغربية، بالإضافة إلى موقعها الجيواستراتيجي ووزنها في المنطقة، فإن سياستها الموجهة نحو الحل في الحرب الروسية الأوكرانية ستحقق نتائج طويلة الأمد. 
 
وأكدت الكاتبة التركية أن تركيا الدولة الوحيدة في المنطقة التي لديها القدرة على تحقيق السلام بين البلدين، وفق رأيها. 
 
وحول العقبات التي قد تواجهها تركيا في عملية الوساطة، أشارت إلى أن الموقع الجغرافي والاستراتيجي لتركيا الذي يربط بين آسيا وأوروبا ميزة وإشكالية بالوقت ذاته بالنسبة لها، وبسبب ذلك يجب عليها أن تحافظ على "التوازن" في سياستها الخارجية؛ بسبب التعقيدات التي تعاني منها بسبب موقعها. 
 
وأضافت أن الدول الغربية تسعى لأن تقوم تركيا بحسم موقفها وتختار بين روسيا والناتو، واستعراض الصحف الغربية لدور المسيرات التركية "بيرقدار تي بي2" لا يحمل نوايا حسنة، وهناك رغبة في خلق مواجهة بين موسكو وأنقرة، بحسب تقديرها. 
 
وأشارت إلى أنه في الماضي بعد حادثتي إسقاط الطائرة الحربية الروسية من أنقرة، وقتل السفير الروسي أندريه كارلوف، كانت الصحافة الغربية تتحدث باستمرار عن "حرب محتملة" بين تركيا وروسيا، ومع ذلك، تطورت العلاقات بين البلدين في اتجاه التعاون والشراكة، بشكل كبير على عكس توقعات الدول الغربية. 
 
وأضافت أنه رغم التقدير الذي منيت به تركيا من الدول الغربية بسبب جهود الوساطة، لكن مساعي الغرب لإجبار أنقرة على الاختيار بين الأطراف تعد أكبر عقبة في عملية الوساطة التي تقودها. 
 
وتابعت بأن هناك عقبة أخرى تأتي من الدول الغربية، فبدلا من اتباع سياسة بناءة مع أجواء الوساطة التركية، تقوم بتحريض روسيا من خلال فرض الحظر والعقوبات اليومية، بلغة استفزازية. 

 

روسيا غير المتوقعة
 
أما الكاتب التركي أوفق نجات تاتجي، فقال في حديث لـ"عربي21"؛ إن روسيا من أصعب الجهات الفاعلة على طاولة الحوار، وبالنظر إلى الموقف التركي من تطبيق اتفاقية مونترو والتعاون مع موسكو بمختلف المجالات، إلى جانب تزويدها الطائرات المسيرة "بيرقدار تي بي2"، فإنها تمثل دورا مهما في إطار القانون الدولي، بما يتماشى مع الأمم المتحدة. 
 
وأضاف أنه رغم اتباع تركيا موقفا متوازنا وعادلا، لكن من المستحيل التنبؤ بنجاح وساطتها بسبب ممارسات روسيا غير المتوقعة، مستدركا بأن أنقرة هي الجهة الوحيدة القادرة على النجاح بالتوسط. 
 
وأشار إلى أن الاجتماع الرفيع المستوى في منتدى أنطاليا الدبلوماسي، ومطالبة أوكرانيا بأن تكون تركيا دولة ضامنة، ومحادثات بوتين مع أردوغان، تؤكد ذلك. 
 
وتابع بأن تركيا تبذل جهدها لضمان ألا تمتد هذه الحرب إلى القوقاز والبلقان، وألا تتحول إلى مشكلة غير قابلة للحل، لأنه إذا امتدت هذه الحرب إلى تلك المناطق الجغرافية، فستكون هناك أزمات أكبر تنتظر العالم. 
 
ونوه إلى أن المساعي الغربية الأخيرة من الغرب، بما في ذلك ألمانيا والاتحاد الأوروبي واليونان للتفاوض مع تركيا، تؤكد أن أنقرة ستكون عنصرا لا غنى عنه في هذه العملية. 
 
وذكر الكاتب التركي عبد القادر سيلفي في تقرير على صحيفة "حرييت"، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يقود طريقا ثالثا في حرب القوى الدولية بأوكرانيا، مشيرا إلى أن موقف بلاده بالتحدث إلى طرفي الأزمة يحظى بتقدير كبير في المجتمع الدولي. 
 
وأوضح سيلفي أن دول الغرب لا تتخذ خطوات لوقف الحرب، ولا أحد يسعى بعزيمة من أجل وقف نزيف الحرب إلا تركيا. 
 
وأشار |لى أن موقف تركيا القائم على رفض غزو أوكرانيا، مع تأكيد حساسيات روسيا بشأن أمن حدودها، جعلها محاورا موثوقا به بالنسبة للرئيسين الروسي والأوكراني. 
 
ونقل عن تشاووش أوغلو أن بلاده تسعى للحصول على نتائج من خلال الاجتماع بين وزيري أوكرانيا وروسيا، واتخاذ خطوات أخرى، مشيرا إلى أن هدفهم عقد اجتماع ثلاثي بين أردوغان وبوتين وزيلينسكي. 

 

لا عصا سحرية


 
الكاتبة التركية هاندا فرات في تقرير على "حرييت"، نقلت عن مصادر في أنقرة أنها "لا تملك عصا سحرية، ووزير الخارجية الروسي لم يعط تأكيدات بشأن الممر الإنساني، ومع ذلك فإن الاجتماع في ظل الحرب كان مهما للغاية، ويخلق لعقد لقاء ثان بين البلدين". 
 
وذكرت المصادر بأن أنقرة تدرك بأن روسيا لن تتوقف بسهولة في غزوها لأوكرانيا، الذي تسبب به الغرب. 
 
وذكرت أن روسيا أصبح لديها أكثر من خمسة آلاف عقوبة مفروضة عليها، وحتى لو تم حل هذه الأزمة، فإن الغرب الذي هدفه إنهاء "بوتين روسيا" سيواصل فرض العقوبات. 
 
وتشير المصادر إلى أن الغرب لديه توقعات بنفاد احتياطات روسيا في غضون شهرين، وهذا يعني أن الشعب الروسي كله سيصبح فقيرا. 
 
ولا ترى المصادر بحسب الكاتبة فرات، أنه من الممكن أن يجتمع أردوغان وبوتين وزيلينسكي في قمة ثلاثية في المستقبل القريب، وتشير إلى أن هدف الرئيس الروسي بالأساس هو الجلوس على الطاولة مع الغرب، لاسيما الولايات المتحدة. 

التعليقات (0)