ملفات وتقارير

تسريبات حول ثروة عائلة مبارك ورجاله.. هل يمكن استردادها؟

علاء مبارك
علاء مبارك

عقب الضجة التي أثارتها تسريبات ما عُرف بـ"أوراق بنما"، و"أوراق الجنة"، و"أوراق باندورا"، والتي ركزت على أسرار مؤسسات مالية عالمية، كشف تسريب بيانات مصرفية سويسرية عن نحو 18 ألف حساب سري، بينهم 5 لرؤساء دول وحكومات عرب، سابقين وحاليين.

 

التسريبات التي أعلنت عنها صحف عدة بجهد مشترك، من بينها "نيويورك تايمز" الأمريكية، أكدت أن حكاما وملوكا وعائلاتهم وسياسيين وأمنيين ورجال أعمال مقربين من أنظمة في مصر وليبيا والجزائر والمغرب وسوريا والأردن واليمن، خبأوا المليارات قبل وبعد ثورات الربيع العربي في "كريدي سويس"، ثاني أكبر بنك سويسري.


وتشير التسريبات إلى أن تلك المبالغ تصل نحو مليار دولار ببنك سويسري واحد، وهو مبلغ ضئيل بالمقارنة بما أعلنه بنك "التسويات الدولية" بسويسرا، أيلول/ سبتمبر 2011، من أن البنوك الدولية أبلغت عن زيادة في المطلوبات لمصريين بأكثر من 6 مليارات دولار.


وكانت سويسرا قد أبلغت عن زيادة "المعاملات المشبوهة"، المرتبطة بالرشوة وغسل الأموال وجرائم أخرى، من دول عربية، بلغت أكثر من 600 مليون فرنك سويسري عام 2011.


"ما يخص مصر"

 

أظهرت تسريبات لائحة بيانات المصارف السويسرية عن مصر، أن كلا من علاء وجمال مبارك، نجلي الرئيس السابق، كان لديهما 6 حسابات سرية فتحت بفترات زمنية مختلفة، حيث أخفى علاء بأحد الحسابات نحو 232 مليون فرنك سويسري عام 2003.


وبحسب ما نقلته صحيفة التايمز، فقد تم فتح أحد حسابات علاء مبارك وهو في عمر الـ27 عاما، وتحديدا عام 1987، في وقت مبكر من حكم أبيه (1981- 2011) ، فيما كان هناك حساب مشترك آخر للشقيقين بلغ 277 مليون فرنك سويسري.


فيما كانت الحسابات البنكية لقيادات في نظام مبارك، هي النقطة اللافتة الثانية في الجزء من التسريبات الخاص بمصر، والتي تخص رجل الأعمال حسين سالم، الذي وصفته بـ"المقرب من مبارك لسنوات"، فيما وصل إجمالي الأموال في حساباته 104.7 ملايين فرنك سويسري.


وأكدت التسريبات أن رجل المخابرات وصديق مبارك وذراعه التجاري الذي عقد عشرات الصفقات العسكرية، كان زبونا لـ"كريدي سويس" لأكثر من 30 عاما، وكان لديه 10 حسابات بأرصدة تصل عشرات الملايين من الدولارات والفرنكات.


ومن بين القيادات الأمنية المصرية أشارت التسريبات لاسم رئيس جهاز المخابرات العامة في عهد مبارك، اللواء عمر سليمان، لافتة إلى أن إجمالي حساباته بالبنك بلغت 26 مليون جنيه إسترليني.


وكشفت البيانات المسربة أيضا عن ثروات لأسماء شخصيات مصرية أخرى لم يتم الإبلاغ عنها سابقا، مثل محمد مجدي راسخ، ومحمود يحيى الجمال، اللذين يمتلكان ملايين الفرنكات السويسرية في "كريدي سويس".


ومنذ تسعينيات القرن الماضي، تضخمت ثروة مجدي راسخ، كونه والد هايدي زوجة علاء مبارك، خاصة من قطاع الغاز، والعقارات، بجانب رئاسته مجلس إدارة شركة "سوديك"، للتطوير العقاري، التي يمتلك جمال مبارك نسبة منها.


وتظهر البيانات المسربة من البنك السويسري أن راسخ كان أحد عملاء "كريدي سويس" لأكثر من 5 سنوات قبل الربيع العربي، وزاد حسابه الذي تم فتحه عام 2005 عن 3 ملايين فرنك سويسري بالعام التالي 2006.


وامتلك والد زوجة جمال مبارك، محمود الجمال، أيضا حسابا في "كريدي سويس" من 2006 إلى 2013، بقيمة 20 مليون فرنك سويسري.


كما كشفت التسريبات عن اسم قطب العقارات هشام طلعت مصطفى، موضحة أن حسابه بالبنك السويسري ظل ساريا حتى 2014، وهي فترة كان يقضي خلالها عقوبة بالسجن في قضية مقتل اللبنانية سوزان تميم 2009.

 

فيما تأتي إشارة البنك لغلق الحساب في ذلك التوقيت، عقب الإفراج الصحي الذي منحه له رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، وما تبع ذلك من منحه فرصة العمل بالعاصمة الإدارية الجديدة، بجانب أراض لمشروعات إسكان عملاقة بالقرب منها، بخلاف مشروع "مدينتي".

 

اقرأ أيضا: تسريبات تكشف حسابات سرية لمسؤولين عرب ببنك سويسري

 

خطأ مصر

 

وبحسب "التايمز"، فإن البيانات المسربة تشير إلى أن بنك "كريدي سويس" لعب دورا مهما لسنوات في مساعدة الشخصيات العربية الرئيسية على إخفاء ثرواتهم، حتى عندما تم اتهامهم وحكوماتهم بالرشوة والاختلاس والمحسوبية، في ثورات الربيع العربي.


لكن الخطأ تتحمله أيضا السلطات المصرية وليست البنوك السويسرية والغربية الأخرى فقط، وهي وجهة النظر التي قطع بها الاقتصادي والمصرفي المصري عبد المنعم بدوي الذي أكد لـ"عربي21"، أن "الحكومة المصرية لو أرادت فعل شيء حقيقي في هذا الملف لكان بإمكانها فعل أشياء كثيرة لاسترداد الأموال المهربة للخارج".


بينما يرى أصحاب وجهة النظر تلك، أنه رغم تجميد حسابات عائلة مبارك والمقربين منها في سويسرا وغيرها، إثر ثورة يناير 2011، إلا أن تراخي القاهرة ولجنة "استرداد الأموال المهربة"، وأحكام البراءة الجماعية لمبارك وابنيه ووزراء ومسؤولي عهده، دفعت الغرب للإفراج عنها بشكل كامل ونهائي.


وهنا انتقد بدوي، كذلك تصرف الدولة المصرية تجاه من اتُهموا بنهب تلك الأموال المهربة من قوت المصريين، مستنكرا إقامتها "جنازة عسكرية لمبارك، ومنحه وسام الشرف العسكري".


وجمدت سويسرا أموالا وأصولا مملوكة لأسرة مبارك وبعض المقربين منه قيمتها 570 مليون فرنك سويسري منذ العام 2011.


وفي الوقت الذي يواصل فيه النظام العسكري الحاكم فرض قوانين وقرارات ترهق كاهل المصريين، لم ينجح على مدار 8 سنوات في استعادة تلك الأموال وسط اتهامات له بالتقاعس في هذا الملف وعدم تقديم ما يثبت فساد رموز عهد مبارك، حسب قرار للمحكمة الأوروبية في ديسمبر/ كانون الأول 2020.


وفي أذار/ مارس 2021، أسدل الاتحاد الأوروبي الستار على ملف الأموال المصرية المهربة إلى بنوك دوله بعد نحو 11 عاما من تجميدها، حيث قرر رفع العقوبات عن 9 شخصيات مصرية، وهي كل من حسني مبارك وزوجته سوزان صالح ثابت، ونجليه علاء وجمال، وزوجتيهما هايدي راسخ، وخديجة الجمال، وزير السياحة الأسبق زهير جرانة، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وزوجته إلهام شرشر.


ملف مغلق


وفي إجابته على التساؤل حول إمكانية مطالبة مصر بالاطلاع على تلك الحسابات السرية ومعرفة تفاصيل المبالغ المودعة ومصيرها، قال الخبير الاقتصادي المصري الدكتور عبد النبي عبد المطلب: "نعم تستطيع".


وأضاف عبد المطلب لـ"عربي21" أن "مصر بالطبع لها أن تقدم طلبا للاطلاع على هذه الحسابات بدعوى أنها أموال تم الحصول عليها بطرق غير شرعية، أو أنها أموال فساد".


وتابع: "لكن البنوك قد ترفض هذا الطلب بحجة عدم وجود أحكام قضائية مقبولة باتة ونهائية تدين أصحاب الحسابات، وتثبت فسادهم أو مخالفتهم للقانون".


فيما أعرب الخبير الاقتصادي عن أسفه الشديد من أن "حدوث أمر كهذا يستلزم تقديم أدلة وقرائن لا تقبل الشك ولا التأويل، وتجزم بأن الأموال المودعة بتلك الحسابات جاءت نتيجة عمليات فساد واستغلال نفوذ"، معتقدا أن "هذا أمر أقرب إلى المستحيل".


وفي جانب آخر، يستبعد عبد المطلب إمكانية استغلال الحكومة المصرية لذلك التسريب قصد الحصول على أموال من عائلة مبارك بطرق قانونية أو حتى عن طريق الضغوط.


وأكد الخبير المصري أنه "حتى الأموال التي كانت موجودة في حساب باسم الرئيس مبارك، لم تستطع الدولة المصرية أخذها إلا بموافقته"، لافتا إلى أن "هناك قواعد مصرفية عالمية لا يمكن كسرها أو التحايل عليها، لأن ذلك يُضعف التصنيف الائتماني للدولة التي تفعل ذلك".


وحول احتمالية وجود طرق قانونية، أشار عبد المطلب إلى أن "القضاء المصرى فعليا برأ الرئيس مبارك وأولاده من جرائم السرقة واستغلال النفوذ وغيرها من القضايا، وبذلك فمن الصعب إعادة محاكمتهم من جديد".

التعليقات (3)
مواطن عربي بسيط
الثلاثاء، 22-02-2022 03:32 ص
الجواب المباشر لسؤال (هل يمكن استردادها ؟) : كلا ، أي شخص من بلدان العالم " الثالث عشر !" يضع أمواله في بلاد الغرب بمبلغ يزيد عن مليون دولار فمن رابع المستحيلات أن تعود إليه أو إلى ورثته أو بالطبع إلى بلده . توجد أمثلة كثيرة سابقة : الأموال التي سرقها التالية ، شاه إيران – موبوتو سيسي سيكو – القذافي – مانويل نورييغا – بن علي – علي صالح العفاش – 14 طن ذهب لأحد أمراء الخليج – بوتفليقه ... القائمة تطول . يضع العبيط أموالاً – يظن أنها يحميها – عند قوم غير مؤتمنين عليها و يرسل القوم له رسائل بين فترة و أخرى تشير إلى زيادة حجمها " بالربا" فينبسط . و حين يجدَ الجدَ و يريد هو أو ورثته أو نظام جديد استعادتها ، تصفعهم الحقيقة المريرة بأنها زالت "أو ذهبت لثقب أسود ابتلعها" فيقهرون (أعوذ بالله من القهر) . كثير من بلدان الغرب بنت ثرواتها بالنهب و السرقة من الآخرين يعني كما يقول المثل الشعبي " رزق الهبل على المجانين" .
الفلاح ابو جلابيه...
الإثنين، 21-02-2022 11:13 م
الى العرب البقر...يا حمير اى اموال تضعها فى بنوك الغرب من رابع المستحيلات استردادها ...لانه ببساطه هذه البنوك مرتبطه بقوانيين...اذا اراد العميل سحب مليون دولار لابد ان يتبع خطوات وروتين معقد جدا...فما بالك لو اراد سحب مليار او اكثر...ايران لديها اموال بالخارج من اكتر من 50 سنه ...افغانستان خسرت نصف اموالها 7 مليار..فما بالك من اولاد مبارك لن يستردوا اموالهم وكذلك السعوديه....المفروض رؤساء الدول العربيه ينضموا للمواشى وياكلوا تبن وعلف
الاكوان المتعددة
الإثنين، 21-02-2022 10:25 م
لماذا ليس هنا تسريب لال سعود وارصدتهم لماذا ال سعو محميين من تسريبات تمس اموالهم