قضايا وآراء

جمال الحضور الإسلامي في بريطانيا رغم التحديات

عدنان حميدان
1300x600
1300x600
يلفت انتباه الزائر لمدينة لندن للوهلة الأولى مظاهر الحجاب وسمات وجوه المسلمين في شوارعها المختلفة بين سكان وسياح، وهذا ليس في لندن فقط، فهو حال مانشستر وبيرمنغهام وغلاسكو وشيفيلد ومدن أخرى كثيرة.

وتجلت روعة ذلك في اجتماع نحو 150 حافظا للقرآن الكريم من شباب ولد ونشأ وترعرع في بريطانيا؛ بقاعة مسجد شرق لندن - أحد أكبر مساجد بريطانيا - لمدارسة وتسميع كتاب الله غيبا، وقد تمكن عشرة منهم من تسميع القرآن الكريم كاملا خلال عشر ساعات.

هي لندن قلب العالم وعاصمة بلاد الإنجليز التي تنتشر فيها المساجد والمصليات ومدارس تعليم اللغة العربية التي ناهز عددها 400 مدرسة، وإن ضاق بك الحال في يوم جمعة ولم تجد مسجدا تصلي فيه تسارع لأقرب مستشفى فهناك بلا شك مكان للصلاة تقام فيه الجمعة، ولكن عليك التأكد لأنهم في كثير من الأحيان ينتقلون للصلاة في قاعة أكبر بالمستشفى لعدم اتساع المصلى.

تسجَل المساجد في بريطانيا كمؤسسات خيرية تتلقى التبرعات من الناس، وتحظى بدعم حكومي سنوي يقارب 28 في المائة من حجم ما تتلقاه من دافعي الضرائب.

وإن ذهبت إلى كامبردج، حيث واحدة من أعرف وأفضل جامعات العالم، تجد مسجد كامبريدج المركزي؛ أول مسجد صديق للبيئة في العالم بتصميم معماري ولا أروع، ليكون منافسا ضمن أهم عشر مبان متميزة في معمارها في بريطانيا لعام 2021.

وأما مسجد ديسبري في مانشستر فقد فاز بجائزة ملكية نظرا لتميز حديقته، بعد عناية شديدة بها من فريق نسائي جله من المسلمات الجدد.
تكثر الأمثلة من هذا القبيل رغم اشتداد الحرب الناعمة على المسلمين بدعوى مكافحة الإرهاب، ضمن برنامج "بريفنت" الذي اشتكت منه مؤسسات إسلامية مرموقة في بريطانيا لأنه يستهدف المسلمين أكثر من غيرهم

المرأة المسلمة المحجبة حاضرة في الحياة العامة في بريطانيا، فهي سائقة للحافلة (الباص) الحمراء الشهيرة ذات الطابقين، وهي في بعض الأحيان الموظف الذي ستقابله عند وصولك المطار لتدقيق أوراقك وختم جوازك للسماح بدخول البلاد، وقد تجد إلى جانبها بخدمة التفتيش الأمنية بالغة الحساسية في المطار رجلا مسلما متدينا ليس تدينا عاديا؛ بل تراه ذا توجه سلفي معين تعرفه من هيئة لحيته وطريقة ثنيه لأسفل بنطاله حتى لا يختال به على الناس من وجهة نظره.

هؤلاء يتحركون في البلاد ويمارسون حقوقهم، ومن يتعرض منهم لإساءة يقاضي المسيء حتى ولو كان الحكومة ويأخذ حقه.

تكثر الأمثلة من هذا القبيل رغم اشتداد الحرب الناعمة على المسلمين بدعوى مكافحة الإرهاب، ضمن برنامج "بريفنت" الذي اشتكت منه مؤسسات إسلامية مرموقة في بريطانيا لأنه يستهدف المسلمين أكثر من غيرهم؛ بنسبة 73 في المائة وفق دراسة حديثة تحت عنوان "The people review of prevent".

ومن المؤشرات التي يعتمدها بريفنت لتحديد مدى "التطرف" هو "تطّور الهوية الشخصية وشعورها بالانتماء"، وهذا منحاز وغير منطقي حيث أن مسلمي بريطانيا لا مشاكل لديهم بالاندماج في المجتمع.
بين جمال الحضور الإسلامي في بريطانيا بمساحة الحرية والعدل فيها وتحدي محاربة المسلمين بدعوى الإرهاب؛ تتجلى أهمية تعاون المؤسسات والمراكز الإسلامية لتعزيز هذه الإيجابيات والحد من سلبيات يستغلها اليمين المتطرف لبث روحه العدوانية

الخطير في بريفنت أيضا أنه يطلب من الأطفال تقديم تقارير عن ذويهم ومن المعلمين عن طلبتهم ومن المراكز والمؤسسات عن مرتاديها، بشكل يفقد ثقة الناس ببعضهم وينتهك خصوصياتهم وحرياتهم. اللافت أن هذا القانون جاء به توني بلير عام 2003 وفعّلته تيريزا ماي في 2015.

بين جمال الحضور الإسلامي في بريطانيا بمساحة الحرية والعدل فيها وتحدي محاربة المسلمين بدعوى الإرهاب؛ تتجلى أهمية تعاون المؤسسات والمراكز الإسلامية لتعزيز هذه الإيجابيات والحد من سلبيات يستغلها اليمين المتطرف لبث روحه العدوانية. وفي هذا الشأن يطالب المسلمون بالحضور السياسي في البلاد باستمرار وفاعلية، وزيادة دور المراكز التي تقدم الدعم النفسي والقانوني لمن يتعرضون لإساءة أو معاملة عنصرية.

من نافلة القول أن نؤكد في الختام أن المساحة والحرية المتاحة للعمل الإسلامي في بريطانيا لا تجدها في معظم دولنا العربية.
التعليقات (1)
أحمد
الأحد، 06-03-2022 02:09 م
واضح أنك تعاني من عقدة أمام الأمم التي تسيدتك. كراهية الإسلام متفشية في العالم وعلى رأسه بريطانيا، لكن لأن بريطانيا من الأمم التي أذلتك أصبحت تتذلل لها.