سياسة عربية

إسلاميو المغرب: تجربة التحالف الحكومي الحالي مولدة للإحباط

إسلاميو المغرب: التحول الديمقراطي في بلادنا يشهد نكوصا محيرا- (الأناضول)
إسلاميو المغرب: التحول الديمقراطي في بلادنا يشهد نكوصا محيرا- (الأناضول)

وصف حزب العدالة والتنمية السنة التي تشرف على الانتهاء بعد أيام، بأنها "كئيبة"، ليس فقط بسبب تداعيات وباء كورونا، وإنما أيضا بسبب ما رآه هزيمة للمغرب في معركة الديمقراطية.

ورأت افتتاحية لحزب العدالة والتنمية نشرها على موقعه الرسمي، أن هذه السنة التي ستنتهي بعد أيام، كانت سنة انتخابية بامتياز، إذ لأول مرة في تاريخ المغرب تنظم فيه انتخابات برلمانية وجماعية وجهوية في يوم واحد ويتم تغيير يوم الاقتراع من يوم الجمعة إلى الأربعاء.

وأعاد العدالة والتنمية التذكير بالتساؤلات المتصلة بتعديل القوانين التنظيمية المتعلقة بالانتخابات، والتي قال بأنها "تميزت بعودة نفَس نكوصي بإقرار قاسم انتخابي غريب، صوتت لصالحه فرق الأغلبية والمعارضة ما عدا العدالة والتنمية، الذي اصطف دفاعا عن الخيار الديمقراطي وعن الدستور".

وأكد أن هذا التعديل النكوصي "سيظل يثير أكثر من سؤال حول الجهة التي هندست ولأي غاية؟ وكيف استطاعت خلق هذا الحشد لصالح التعديل؟ وهو التعديل الذي يرجع المغرب خطوات إلى الوراء، ويؤشر على وجود مواقع ترافع عن الارتداد والنكوص وتعمل من أجله، وتتحين الفرص لغلق قوس الانتقال نحو الديمقراطي وتعليقه إلى أجل غير مسمى". 

وأضافت الافتتاحية: "الانتخابات التي أجريت في المغرب ستظل تلاحقها عدة أسئلة، تمس سلامة نتائجها ومخرجاتها، فأن لا يتسلم حزب العدالة والتنمية مثلا في الرباط إلا ما يقل عن ثلث المحاضر، هو دليل فاقع على أن هناك أشياء ليست على ما يرام رافقت هذه الانتخابات، بالإضافة إلى تغول استعمال المال وشراء الذمم، والتضييق على المراقبين، والعبث باللوائح الانتخابية من خلال حملة ممنهجة للتشطيب على أسماء منتقاة أو إغراق بعض اللوائح بالأسماء المكررة وغيرها من الخروقات، التي يعضد بعضها بعضا في رسم صورة لا تسر الناظرين بخصوص ممارستنا الديمقراطية وكسبنا فيها، وهي صورة اعتقدنا مع دستور 2011 وما تلاه من محطات، أنها أصبحت من الماضي الذي دفناه بصفة نهائية وشاملة".  

ورأى العدالة والتنمية، الذي قاد الحكومة لدورتين متتاليتين: "أن أكبر خيبة في السنة التي سنودعها هي هذا الانهزام الشنيع في معركة الديمقراطية، باعتبار الديمقراطية مدخلا أساسيا لكل تقدم يمكن أن يتحقق في أي مجال آخر، فعندما تحدث لنا حادثة سير في ديمقراطيتنا، فمعناه أننا سنصل متأخرين في بقية القطاعات والمجالات وقد لا نصل بالمرة". 

وأضاف: "اليوم وبعد مضي ما يزيد على ثلاثة أشهر على الانتخابات، فإننا نرى بأم أعيننا كيف خمدت جذوة السياسة في هذا البلد، وأصبحت اللامبالاة هي العملة الرائجة في الفضاء العام، ولم تعد المؤسسات من برلمان ومجالس الحكومة تستقطب اهتمام المواطن، وبالمقابل ازدادت الاحتقانات وشمل لهيبها مجالات وقطاعات متعددة، وزادتها القرارات الحكومية المتتالية اشتعالا". 

وحذّرت الافتتاحية من حالة الإحباط التي انطلق بها عهد التحالف الحكومي الجديد، وقالت: "لقد جرت العادة في بداية أي تجربة حكومية أن تكون الآمال في أعلى مستوياتها، وأن يكون التفاؤل والحماس متدفقا وبنسب عالية، إلا أن هذه التجربة للأسف ومنذ بدايتها كانت مولدةً للإحباط، ومنميةً لحالات اللامبالاة والعزوف، فالسياسة بعد هزيمة الديمقراطية بذلك الشكل، وانتصار المال وتلبس المصالح بالسياسة، لم تعد تغر أحد، بل إنها تزيد من أزمة المشهد وتعمق جراحاته وانتكاساته". 

وشدد العدالة والتنمية على "أن الخيار الديمقراطي ليس ترفا في السياسة، أو فتحا بلاغيا يتشدق به الساسة بوجود مناسبة أو بعدم وجودها، الخيار الديمقراطي قدرٌ لا بد أن نسعى له وإليه بعقيدة راسخة، وبإرادات واضحة، وسلوك شفاف، ظاهره كباطنه، وأن لا يكون هذا الخيار مجرد مادة للاستهلاك السياسي والتظليل الإعلامي تسنفذ وجودها بانتفاء الحاجة إليها". 

وأضاف: "الخيار الديمقراطي مدخل أساسي لتنمية حقيقية تحقق العدالة الاجتماعية وتوفر فرص النماء الاقتصادي العادل والمستدام، وبدونه سنكرر تجارب الفشل الذي راكمناه ومنذ أمد بعيد، وإلى إشعار آخر سنطوي هذه السنة ونختم عليها وبإرادة، إنها سنة كئيبة والسلام!!"، وفق تعبير الافتتاحية.

 



واحتل حزب العدالة والتنمية، قائد الائتلاف الحكومي السابق، في نتائج انتخابات الثامن من أيلول (سبتمبر) الماضي، بحصوله على 13 مقعدا فقط مقابل 125 في 2016 من أصل 395 مقعدا في مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان).

ووصفت الأمانة العامة للحزب في حينه نتائج الانتخابات بأنها "غير مفهومة وغير منطقية ولا تعكس حقيقة الخريطة السياسية ببلادنا ولا موقع الحزب ومكانته في المشهد السياسي وحصيلته في تدبير الشأن العام المحلي والحكومي والتجاوب الواسع للمواطنين مع الحزب خلال الحملة الانتخابية".

وحصل "التجمع الوطني للأحرار" على 102 من المقاعد من أصل 395 في مجلس النواب (الغرفة الرئيسية للبرلمان)، متبوعا بحزبي "الأصالة والمعاصرة" بـ86 مقعدا، و"الاستقلال" بـ81 مقعدا، و"الاتحاد الاشتراكي" بـ35 مقعدا، و"الحركة الشعبية" بـ29 مقعدا، و"التقدم والاشتراكية" بـ21‎ مقعدا، و"الاتحاد الدستوري" بـ18 مقعدا، و"العدالة والتنمية" بـ13 مقعدا.

 

ويقود حزب "التجمع الوطني للأحرار" الحكومة بالتحالف مع حزبي "الأصالة والمعاصرة" (وسط) و"الاستقلال" (محافظ).


التعليقات (0)