صحافة إسرائيلية

قلق إسرائيلي من تنامي تيار مناهض للاحتلال داخل الكونغرس

العرقلة التي حدثت في أروقة الكونغرس ضد مشروع تمويل القبة الحديدية دقت ناقوس الخطر لدى الاحتلال- جيتي
العرقلة التي حدثت في أروقة الكونغرس ضد مشروع تمويل القبة الحديدية دقت ناقوس الخطر لدى الاحتلال- جيتي

لم تتوقف ردود الفعل الإسرائيلية بعد على خطوة الكونغرس الأمريكي بإعاقة المصادقة على تمويل منظومة القبة الحديدية.

 

صحيح أنه عاود الموافقة على ذلك، لكن العرقلة التي حصلت في أروقته دقت ناقوس الخطر في تل أبيب، باعتباره دليلا على تصدع العلاقة بين أكبر حليفين استراتيجيين.


يستغل الإسرائيليون هذا الحدث بتوجيه أصابع الاتهام لمن يصفونهم بالأعضاء "الراديكاليين" في الحزب الديمقراطي الأمريكي الحاكم في واشنطن، واعتبارهم "لعنة" على إسرائيل، وعملوا على وضع معيار جديد لمعارضة المساعدة الأمنية الأمريكية لها، رغم أنهم في النهاية واجهوا إخفاقا في منع التمويل الإضافي للقبة الحديدية.


الجنرال عيران ليرمان، الباحث في معهد القدس للدراسات الأمنية، زعم أن "ما شهدته أروقة الكونغرس حول تمويل القبة الحديدية أسفر عن نتيجة فعلية تتمثل بأنه بدلاً من تقويض الدعم لإسرائيل، فقد ظهر واقع دراماتيكي كشف عن عمق الدعم من الحزبين لهذه المساعدة الأمنية المقدمة لها".


وقال ليرمان في مقاله بصحيفة إسرائيل اليوم، وترجمته "عربي21"، إن "السلوك السليم لإسرائيل في هذه الحالة، سواء تجاه الإدارة الأمريكية في البيت الأبيض، أو تجاه قيادة مجلس النواب والشيوخ، يتمثل في تعميق العزلة السياسية للجماعة الراديكالية في حزب الرئيس جو بايدن، وتحذير أعضاء الكونغرس من الحزب الديمقراطي، ممن يعتبرون معتدلين، من الضرر الذي يلحقه أولئك الأعضاء الراديكاليين في الحزب". 


في الوقت ذاته، فإن الواقع القائم في الحلبة السياسية الأمريكية ليس كما تتوقعه إسرائيل، أو كما تتمناه بصورة أدق، بل هو أكثر صعوبة، في ضوء المحاولات المستمرة من قبل الأعضاء ذواتهم لبيع الأسلحة الهجومية الأمريكية لإسرائيل، الأمر الذي يوجه سهام الانتقادات في الولايات المتحدة وإسرائيل عن سبب إغفال مراقبة تنامي ذلك التيار المعارض في الحزب الديمقراطي، لاسيما المعسكر التقدمي فيه، ذا التوجهات اليسارية الراديكالية.


تتخوف المحافل الإسرائيلية من الاتجاهات السائدة في اليسار الأمريكي، التي تلتقي جميعها لصالح النضال ضد الصهيونية، رغم أنه في الممارسة العملية، ومن خلال سلسلة الأحداث الأخيرة تتراجع قيمة هذه التخوفات، بزعم أن هذه التقييمات حملت تفسيرا مفرطا لسببين رئيسيين؛ أولهما أن الخطاب الإعلامي المعادي لإسرائيل لا يترجم بالضرورة إلى قوة سياسية حقيقية ذات تأثير، رغم أن أعضاء هذا التيار أكثر حضوراً وصوتاً من باقي القوى في الكونجرس، لاسيما أولئك المنتمين للسناتور اليهودي بيرني ساندرز، الذي يمنحهم الشرعية.


أما السبب الثاني، فهو أن صديقة إسرائيل القديمة، ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، التي أعربت عن دعمها بعد التصويت لتمويل القبة الحديدية، شكلت مثالا على وقوف القوة المؤيدة لإسرائيل في الحزب الديمقراطي، وإذا تم الحكم من خلال التصويت، فإن العنصر المناهض لإسرائيل بشكل واضح لا يزيد على 5٪، لكن ذلك لا يلغي جملة من النتائج التي يمكن استخلاصها إسرائيليا.


لعل أولى هذه النتائج أن إسرائيل مطالبة بإيجاد حالة من التعبئة السريعة لقيادة الحزب الديمقراطي الأمريكي، واعتبار ذلك نقطة انطلاق لتحركات إسرائيلية أخرى، من خلال تعميق الحوار الجاري معها في كلا المجلسين، بالتوازي مع الحوار مع الإدارة ذاتها، والتأكيد على الرسالة الرئيسية المتمثلة بأن مواقف اليسار الراديكالي المناهض لإسرائيل تقوض موقف الحزب الديمقراطي، وفرصه في الحفاظ عليه. 


نتيجة إسرائيلية ثانية، تتلخص في تعميق العزلة السياسية لقادة هذا التيار الراديكالي في الحزب الديمقراطي، وتجسيد وتعميق العلاقات مع المؤسسة الأمنية الأمريكية كعنصر من عناصر الاستمرارية في خضم الاضطرابات السياسية التي تشهدها المنطقة، وهذا تعاون استمر قرابة أربعة عقود، ما قد يساهم في منح مطالب إسرائيل الأمنية مشروعية للحصول على دعم أمريكي عند الحاجة.


يرى الإسرائيليون أن النتيجة الثالثة لتصاعد التيار الراديكالي في الحزب الديمقراطي تتمثل في الإضرار بفرص الاستقرار السياسي في إسرائيل، مع إمكانية التوصل لتسوية سياسية مع الفلسطينيين، في ظل ما يبثه اليسار الأمريكي والأوروبي من توقعات في الجانب الفلسطيني، وفي هذه الحالة من الضروري حشد دعم يهود أمريكا، لتغيير الاتجاه في الخطاب العام والإعلامي، ومن أجل الحصول على الدعم السياسي للتيار السائد في كلا الحزبين.

 

التعليقات (0)