هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
دعت صحيفة "لوموند" الفرنسية المجتمع الدولي إلى الاهتمام بوضع تونس أمام تزايد المخاطر التي تهدد التجربة الديمقراطية بسبب قرارات رئيس البلاد قيس سعيد.
جاء ذلك في مقال صدر الأحد، وحمل توقيع ثلة من النشطاء
والحقوقيين والصحفيين التونسيين والفرنسيين والجزائريين والمغربيين وآخرين يتقدمهم
الرئيس الشرفي للفديرالية الدولية لحقوق الإنسان باتريك بودوان، والمقرر الخاص السابق للأمم المتحدة جان زياغلر، والكاتب والصحفي توفيق بن بريك.
واعتبر المقال أن ما أقدم عليه الرئيس التونسي قيس سعيد من تعليق عمل
البرلمان وعزل رئيس الحكومة واستحواذ على كامل السلطات "انقلابا" و"خروجا عن
الشرعية".
تدخل عسكري
كما أشار المقال إلى أن التدخل العسكري بتواجد قوات الجيش أمام مقر البرلمان والقصر
الرئاسي بقرطاج وقصر الحكومة جاء لأجل احتواء مطالب المعارضة ما يجعله في خدمة
سياسة رجعية.
من جهة أخرى، قال كتاب المقال المشترك إن تعيين نجلاء بودن رئيسة
حكومة كأول امرأة تتولى هذا المنصب في البلاد، مع صلاحيات محدودة، لا يقطع مع
النظام الاستبدادي، بل يعتبر امتدادا له، داعين المجتمع الدولي إلى اتخاذ رد فعل
ملموس إزاء هذا الوضع المقلق.
وبحسب المقال، لجأ الرئيس التونسي إلى الفصل 80 من الدستور الذي يسمح بفرض حالة الطوارئ في حالة "الخطر الداهم". ومع ذلك، يتفق العديد من الباحثين الدستوريين على أنه لا يوجد أي مبرر لمثل هذا الاستيلاء على السلطة وتهميش دور البرلمانيين، الذين تم انتخابهم ديمقراطيا.
رافق هذا الانقلاب الحقيقي، بفضل التدخل العسكري، إجراءات من المفترض
أن تقضي على الفساد. وهكذا تجسدت عملية "الأيدي النظيفة" التي قام بها
رئيس الدولة من خلال اعتقال بعض النواب، وفرض الإقامة الجبرية، ومنع بعض الشخصيات
من السفر، ولا سيما على أساس "الإجراء س17" الذي يقع الاستناد عليه في
قضايا ذات شبهات إرهابية، بحسب الصحيفة.
حملات ممنهجة
وتعرض عدد من النشطاء والحقوقيين المعارضين لسعيد إلى حملات ممنهجة
استهدفتهم بالتشويه والشيطنة عبر وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارهم مسجلين
بـ"القائمة السوداء" لقيس سعيد، حسب ما جاء في المقال.
— عمر🔭⛏️🇹🇳🇹🇳 (@RhoumaAmor) October 4, 2021
كما استنكر المقال فرض الإقامة الجبرية على الرئيس السابق للهيئة
الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب رغم أنه منخرط في حملات الدفاع عن حقوق
الإنسان.
اقرأ أيضا: السلطات التونسية ترفع الإقامة الجبرية عن مسؤولين سابقين
وقال الموقعون على المقال: "لا أحد يعرف من يدير بالفعل الشؤون
الحالية للبلد، المفاوضات مع البنك الدولي متوقفة.. البلاد تتجه شيئا فشيئا نحو الفوضى التي يعد بها
التوجه الاستبدادي.
وأشارت الصحيفة إلى أنه من المروع أن تونس، التي أضاءت الضوء الأول لـ
"الربيع العربي" ، والتي أظهر مجتمعها المدني منذ فترة طويلة تمسكه
بالمبادئ الأساسية للديمقراطية واحترام حقوق المرأة والأقليات، تعرف اليوم مثل هذا
التراجع. وباعتراف الجميع، لا أحد يجادل في أنه منذ عام 2011، كافحت البلاد من أجل
وضع دستور يحترم حقوق الإنسان وتجميع قوى سياسية تضمن الاستقرار والتماسك، من أجل استكمال المسار الديمقراطي.
ومع ذلك، فإن "الاستغلال الديماغوجي" من الرئيس الحالي لشعور التونسيين المشروع بخيبة الأمل تجاه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية يتماشى مع الأنظمة الشعبوية التي، باسم الدفاع عن مصالح الشعب، تتجاوز أو تقضي على جميع القوى المعارضة وتدوس على أقدامهم.
واختتم المقال بدعوة المجتمع الدولي إلى متابعة الشأن التونسي الدقيق
من أجل مواجهة نظام استبدادي غارق في عملية قيصرية لا يزال من الممكن كبحها.
تضييقات أمنية
على صعيد آخر، تناولت صحيفة "لوموند" أيضا المظاهرات التي جابت
العاصمة التونسية الأحد من أجل الاحتجاج ضد قرارات رئيس البلاد قيس سعيد، بدعوة من
حملة "مواطنون ضد الانقلاب".
والأحد، تجمّع الآلاف بتونس رفضا لانقلاب الرئيس قيس سعيّد، على الحكومة والبرلمان، وسط تضييق من قوات الأمن وسد للطرقات أمام المتظاهرين.
وأشارت "لوموند" إلى أن المحتجين نجحوا في الوصول إلى شارع
الحبيب بورقيبة، شارع العاصمة الرئيسي، رغم التضييقات والمراقبة الأمنية.
وقالت الصحيفة إن قوات الأمن أغلقت جزء كاملا من شارع بورقيبة أمام
المتظاهرين أقامت نقاط تفتيش. واشتكى البعض من ترهيب ضباط الشرطة لمنعهم من التقدم
إلى وسط الشارع.
وتعيش تونس أزمة سياسية بعد أن تذرع قيس سعيد في 25 تموز/ يوليو بـ
"الخطر الداهم" لإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي وتعليق أنشطة البرلمان
والتفرد بالسلطة القضائية.
وبعد شهرين، أصدر سعيّد المرسوم الرئاسي رقم 117، الذي قرر بموجبه
إلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وصفت بأنها انقلاب على الدستور وديمقراطية البلاد.