هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حذّر خبير أمني جزائري من أن إقدام السلطات الجزائرية على تسليم رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي وشقيقه غازي القروي النائب البرلماني التونسي إلى السلطات التونسية يعتبر سقطة سياسية وتدحلا مباشرا في الشأن السياسي الداخلي لدولة جار.
واعتبر الخبير الأمني المنشق عن المخابرات الجزائرية كريم مولاي في حديث مع "عربي21"، أن طريقة الإعلان عن اعتقال السياسي التونسي نبيل القروي وشقيقه من طرف وسائل الإعلام الجزائرية، وطريقة التشهير به، على أساس أنه دخل البلاد خلسة وبالضد من القوانين، وأنه كان مقيما بطريقة غير قانونية بمساعدة شقيق لنائب برلماني جزائري سابق، في مدينة تبسة الحدودية مع تونس، يشير إلى أن السلطات الجزائرية تتعامل مع ملف القروي بطريقة أمنية.
وقال: "حتى الآن لم يصدر من السلطات الجزائرية الرسمية أي موقف بشأن نبيل القروي وشقيقه سوى ما نشرته وسائل إعلام النظام، وهي تعكس وجهة نظر الجهات الأمنية النافذة".
وأكد مولاي، أن السلطات الجزائرية لم يسبق لها أن سلمت سياسيا معارضا إلى النظام التونسي، حتى أيام الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي وكانت العلاقات الجزائرية ـ التونسية متينة، لم تسلم الجزائر معارضين تونسيين من الوزن الثقيل على رأسهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي والوزير التونسي الأول الأسبق محمد مزالي وآخرون من قيادات سياسية رفيعة.
واستبعد مولاي أن تقايض السلطات الجزائرية نبيل القروي وشقيقه، بالمعارض الجزائري سليمان بوحفص عضو حركة القبائل الجزائرية المعروفة باسم (الماك)، التي يعتبرها النظام حركة انفصالية ويصنفها إرهابية.
وقال: "لا شك أن إقدام السلطات التونسية على تسليم سليمان بوحفص إلى النظام الجزائري كان انتهاكا صارخا للمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، خصوصا وأنه قدم طلبا للجوء، وهو ما يعني أن تسليمه يمثل خطرا على حياته".
وأشار مولاي، إلى أن "السلطات التونسية التي تواجه تحديات الانقلاب الذي يقوده قيس سعيد على الدستور وعلى البرلمان، في موقع ضعيف وتحتاج إلى دعم جزائري كبير، ولذلك لم تصمد أمام طلب الجزائر استيلام سليمان بوحفص، وهو الأمر الذي لا ينطبق على وضع الجزائر حاليا في العلاقة بتونس".
وأضاف: "إلا أن النهج الأمني الذي تتبعه السلطات الجزائرية في الآونة الأخيرة في تعاطيها مع الحراك الشعبي المطالب بالدولة المدنية، يجعل من إمكانية تسليم القروي وشقيقه واردا، وهو إذا تم فسيكون سقطة أخلاقية وسياسية لن يقبلها الجزائريون بما في ذلك أنصار النظام نفسه".
واعتبر مولاي، "أن القروي وشقيقه مع أن لهما شركات تجارية إلا أنهما سياسيان، أحدهما مرشح سابق في الرئاسيات ورئيس حزب هو الثاني في البرلمان من حيث عدد النواب، والثاني هو نائب في البرلمان، وبالتالي فإن تسليمهما علاوة عن أنه غير قانوني، فإنه سيمثل وصمة عار أخرى في جبين نظام يسعى الآن إلى لعب دور إقليمي، يقوم على الحياد وعدم التدخل في الشؤون الداخلية".
وأضاف: "ربما تقدم السلطات التونسية على تقديم طلب رسمي إلى السلطات الجزائرية لتسليم القروي، وقد ترفق ذلك بملف مفبرك وبتهم كيدية، ومن ثم فإنها تكون بذلك قد قدمت المبرر السياسي والأخلاقي للنظام الجزائري، لكن ذلك أيضا لن يقلل من خطورة هذا الإجراء، إذا أخذنا بعين الاعتبار الانتقادات الدولية التي تصف تونس الآن بأنها تحولت إلى سجن كبير".
وأشار مولاي في ختام حديثه إلى أن الأنباء التي تحدثت عن نية نبيل القروي المرور إلى المغرب عبر الجزائر، هي أنباء عارية عن الصحة، وهدفها التغطية على أي قرار تتخذه السلطات الجزائرية ضد القروي بالنظر إلى العلاقات المتوترة بين الجزائر والرباط.
وقال: "كيف يعقل أن يكون اتجاه القروي إلى الرباط عبر الجزائر التي لا تقيم علاقات أصلا مع المغرب، وحدودها البرية مغلقة منذ العام 1994؟ وبالتالي فهذه الإشاعة كيدية من البداية"، على حد تعبيره.
وكانت السلطات الجزائرية قد أوقفت، أمس الأحد، رئيس حزب "قلب تونس"، المرشح السابق لانتخابات الرئاسة التونسية، نبيل القروي وشقيقه النائب المجمدة عضويته غازي القروي، في مدينة تبسة شرقي البلاد، قرب الحدود التونسية، بعد تسلله بطريقة غير شرعية.
وقد مثل الشقيقان اليوم أمام النيابة العمومية المختصة بتهمة دخول البلاد بطريقة غير قانونية، وهي تهمة يعاقب عليها القانون الجزائري إما بالسجن شهرا واحدا أو غرامة مالية.. ويختلف المراقبون فيما إذا كانت العقوبة تستوجب الترحيل بعدها للبلاد التي تم الدخول منها أو السماح له بالمغادرة إلى بلد ثالث.
يذكر أن نبيل القروي كان معتقلا في السجون التونسية لاتهامه بالتهرب الضريبي، وتبييض الأموال، قبل أن يتم الإفراج عنه في 15 حزيران/ يونيو الماضي، وذلك بعد 6 أشهر من الحبس الاحتياطي.
وجاء الإعلان عن اعتقال السلطات الجزائرية لنبيل القروي أياما قليلة بعد تسليم السلطات التونسية سليمان بوحفص إلى السلطات الجزائرية على خلفية ملاحقته في قضية متعلقة بعلاقته مع حركة تقرير المصير لمنظمة القبائل الجزائرية (الماك) والتي تصنفها السلطات في قائمة التنظيمات الإرهابية.
وكان بوحفص وهو أمني سابق قد اعتقل يوم 31 تموز (يوليو) سنة 2016 وحوكم بتهمة ازدراء الإسلام والنبي محمد والمجاهرة بديانته المسيحية، وتم الحكم عليه بالسجن لمدة 5 سنوات في المحكمة الابتدائية قبل أن يتم الحط من العقوبة إلى 3 سنوات في الاستئناف ليغادر السجن بعد 20 شهرا إثر انتفاعه بعفو رئاسي بمناسبة عيد الاستقلال.
وقد اتصل سليمان بوحفص عقب وصوله إلى تونس بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ليطالب بالحصول على وضعية لاجئ سياسي.
وقد أصدرت منظمات حقوقية تونسية بيانا شجبت فيه إقدام السلطات التونسية على تسليم لاجئ سياسي جزائري متمتع بالحماية الدولية إلى بلاده، مؤكدة على أن إقامة علاقات صداقة مع الدولة الصديقة لا ينبغي أن يكون على حساب احترام الالتزامات الدولية التي تحمي اللاجئين وطالبي اللجوء واحترام مبدأ عدم الإعادة القسرية وعدم التسليم.
إقرأ أيضا: توقيف نبيل القروي بالجزائر بعد تسلله من تونس هاربا