قضايا وآراء

ربيع فلسطين وأمل عربي جديد

محمد عماد صابر
1300x600
1300x600
انتهت الحرب مؤقتا ولن تنتهي المعركة، إنها طويلة بطول الحقوق والتحديات والطموحات.. معاركنا لن تنتهي، فإذا فرغنا مؤقتا من جولات مع العدو عدنا إلى معارك النفس تربية وتزكية وتطهير، ومعارك الوطن تنمية وارتقاء وتطوير.. المعارك لا تنتهي لأصحاب القضايا والغايات.

وسط أجواء التراجع والإخفاق والتشرذم داخل مربعات الشعوب والنخب في بلدان الربيع العربي، وعلى الطرف الآخر أجواء السيطرة والتحكم والتغول داخل مؤسسات الدول ومفاصل البلدان، جاء ربيع فلسطين وشعبها البطل على كل الأرض المحتلة دعما للمقاومة وحماية للقدس والأقصى المبارك.

انطلقت الشرارة هناك لينتفض معها الملايين من الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم، نصرة ودعما، كل حسب الممكن والمتاح لديه في عالم الواقع بالمظاهرات والمؤتمرات والقرارات، وفي العالم الافتراضي بكشف المؤامرات وتسويق النجاحات لشعب مجاهد ومقاومة فاعلة.

جاء ربيع فلسطين ليبعث الأمل ويجدد الدماء في شرايين الثوار والأحرار في بلدان الربيع العربي التي ذاقت الويلات خلال السنوات السابقة، على المستوى المادي والمعنوي والفكري، لدرجة طرحت فيها التساؤلات الحائرة بسبب الأوضاع الجائرة التي تعانيها النخب والمعارضة على المستوى المعيشي والحقوق والإنساني داخل سجن الوطن والوطن السجن والمنافي، لكنها طبيعة التغيير وضريبة الحرية.

عادت التساؤلات من قلب المعاناة هنا وهناك. هناك كانت تساؤلات عن سوء القصد من صهاينة العرب دعما لصهاينة اليهود، مثل: إلى متى ستكون المقاومة سبب هدم حياة الناس وتدمير واقعهم ومستقبلهم؟ وماذا أفادت الصواريخ؟ الخسائر المادية لإسرائيل لو بلغت تريليونات سيعوضها الخليج وأمريكا والغرب!! لكن خسائر غزة في الأرواح والممتلكات لن يعوضها أحد!!

هو نفس اللامنطق هنا.. لماذا كانت الثورات؟ ألم يكن الحال أفضل في العهود السابقة؟ وماذا حصدت الشعوب إلا المزيد من الفقر والتشريد والانقسام؟

وغير ذلك من التساؤلات التي تطرح تارة بعدم وعي وقصر نظر وغياب رؤية، بل وانبطاح وقبول للمحتل الغاصب ووكيله المستبد الفاسد! وتارة تطرح كجزء من معارك نفسية وفكرية تديرها أجهزة المخابرات المحلية والإقليمية والدولية بهدف إبقاء الوضع على ما هو عليه، حماية لوجود وحدود وجود صهاينة اليهود وحراسة منصات وعروش صهاينة العرب، أدوات المشروع الغربي الاستعماري.

من ربيع فلسطين المحتلة إلى ربيع بلدان العرب المعتلة هناك بعض نجاحات لثورات وغضبات وانتفاضات الشعوب في السنوات والأيام القليلة الماضية، رغم كل المعاناة الواقعة، منها:

- كشف الغطاء عن وهم الدول المستقلة التي يقال أنها تحررت منذ خمسينيات القرن الماضي، وأننا ما زلنا نعاني احتلال أشد قسوة وتدميرا وخرابا.

- أن جيوش الدول العربية ما هي إلا فرق حماية لحراسة النظم وقهر الشعوب.

- أن ما يسمى بمؤسسات الدولة وهم كبير، بل هي مؤسسات النظام، وعند اختزال النظام في شخص الحاكم تكون مؤسسات الحاكم؛ مدنية كانت أو دينية إسلامية كانت أو مسيحية.

- أن الشعوب بحاجة ملحة للمزيد من الوعي والفهم والاستيعاب والتضحية لنيل الحقوق.

- أن بقايا المعارضة الوطنية ما زالت دون المطلوب على مستوى كفاية الكفاءات ووفرة المعلومات وتمدد العلاقات وتماسك التحالفات.

- أن الغرب المتحضر هو بدائي وبربري بامتياز في ما يخص حقوق شعوب المنطقة أمام مصالحه ومطامعه.

- أننا استطعنا إسقاط رؤس الأنظمة، لكننا ما كنا نعرف كيف نكمل مسيرة الثورة، لكننا بالطبع عرفنا الآن.

وأخيرا، هدم أكذوبة أن إسرائيل تقدر ونحن لا نقدر، حين استطاعت فصائل المقاومة تحقيق ما عجزت عنه كل الجيوش العربية في توازن معادلة الردع بعد توازن معادلة الرعب، رغم الدعم العالمي لصهاينة اليهود وفي مقدمة الداعمين صهاينة العرب.
التعليقات (0)