قضايا وآراء

المقاومة الفلسطينية وإدارة معركة "سيف القدس"

ماجد الزبدة
1300x600
1300x600
سجلت المقاومة الفلسطينية نجاحات كبيرة على صعيد مواجهتها الأخيرة مع الاحتلال. فعلى الصعيد السياسي أضحى خيار المقاومة هو الخيار الذي يلتف حوله الشعب الفلسطيني داخل وخارج فلسطين، وأضحى اسم قائد أركان المقاومة محمد ضيف يتردد في كافة التجمعات والتظاهرات الداعمة للقضية كرمز فلسطيني عليه إجماع شعبي ووطني كبير.

أبدعت المقاومة حين أطلق على معركتها مع الاحتلال اسم "سيف القدس"، فقد برهنت مرة أخرى أن مراكمة قوتها إنما تأتي دفاعا عن القدس والمسجد الأقصى، وأن سلاحها موجه للمحتل الذي يهجّر الفلسطينيين ويواصل اعتداءاته على الشعب الفلسطيني والمقدسات الاسلامية والمسيحية.

كما نجحت المقاومة سياسيا في تبديد نظرية التعايش المشترك في ظل الاحتلال، واستنهضت الهوية الشعورية الفلسطينية لدى كثير من القطاعات داخل فلسطين المحتلة عام ١٩٤٨، وكشفت سوأة التنسيق الأمني في الضفة المحتلة التي نهض ثوارها من جديد، كافرين بالتعاون الأمني بين السلطة والاحتلال.
نجحت المقاومة سياسيا في تبديد نظرية التعايش المشترك في ظل الاحتلال، واستنهضت الهوية الشعورية الفلسطينية لدى كثير من القطاعات داخل فلسطين المحتلة عام ١٩٤٨، وكشفت سوأة التنسيق الأمني في الضفة المحتلة

وإقليميا، بددت المقاومة الفلسطينية وهم التطبيع مع الاحتلال حين استنهض صمودها الشعوب العربية الحية كاشفا ضعف الحكام المطبعين، الذين صمتوا على قتل الأبرياء في غزة، ودعموا رواية الاحتلال، الأمر الذي يفضح زيف روايتهم بأن التطبيع جاء حرصا على مصلحة الفلسطينيين.

وفي معركتها الأمنية استطاعت المقاومة تضليل أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية والإقليمية حين بادرت إلى تنفيذ ضربتها الصاروخية الأولى في العمق الفلسطيني المحتل، بعد توجيهها إنذارا أخيرا للاحتلال الذي بدا واضحا أنه فشل في تقدير الموقف ما جعله يبدو مذهولا من جرأة المقاومة.
إعلاميا، تفوقت المقاومة على الاحتلال حينما فشل في تسويق مظلوميته أمام الرأي العام العالمي، وعادت القضية الفلسطينية إلى طليعة القضايا الدولية مع مئات التظاهرات والفعاليات الداعمة للفلسطينيين والمنددة بجرائم الاحتلال والتي أقيمت في مختلف العواصم

وطيلة أيام المواجهة، حرمت المقاومة الاحتلال من امتلاك صورة الانتصار العسكري التي بحث عنها من خلال ارتكاب جرائم إبادة جماعية وقصف الأبراج السكنية والعمارات المأهولة بالآمنين وتدمير البنية التحتية بغطاء دولي ودعم سياسي وعسكري أمريكي، دون أن يجدها.

عززت المقاومة في مواجهتها مع الاحتلال نظرية الردع واستطاعت تهشيم نظرية "الجيش الذي لا يُقهَر" وهي تواصل رشقاتها الصاروخية في العمق الفلسطيني المحتل، وتخترق مرارا منظومته الدفاعية التي لطالما افتخر بها، وتدفع بأكثر من 4.5 مليون مستوطن للهروب إلى الملاجئ، وتستخدم أسلحة جديدة لأول مرة مثل صاروخ "عياش 250"، وطائرة "الزواري" المُسَيّرة، وغواصات بحرية غير مأهولة، ما يؤكد نجاح المقاومة في تجاوز الحصار الاقليمي والدولي ومواصلتها تطوير قدراتها العسكرية.
الإنجازات التي حققتها المقاومة الفلسطينية في مواجهتها الأخيرة مع الاحتلال وبذلها التضحيات الجسام دفاعا عن القدس رغم حصارها في غزة؛ يمنحها الحق في قيادة الشعب الفلسطيني وتمثيله أمام الجهات الإقليمية والدولية

وإعلاميا، تفوقت المقاومة على الاحتلال حينما فشل في تسويق مظلوميته أمام الرأي العام العالمي، وعادت القضية الفلسطينية إلى طليعة القضايا الدولية مع مئات التظاهرات والفعاليات الداعمة للفلسطينيين والمنددة بجرائم الاحتلال والتي أقيمت في مختلف العواصم. وهنا أستحضر مثالا على هذا التغير على صعيد الرأي العام الأمريكي، في الدولة الأكثر دعما للاحتلال، حيث شارك أكثر من ربع مليون مواطن أمريكي في تظاهرة داعمة للفلسطينيين في ولاية ميشيغن الأمريكية، كما طالب  138 عضو كونغرس الإدارة الأمريكية بإلزام الاحتلال بإيقاف عدوانه على غزة، فيما قُدّم لأول مرة في التاريخ الأمريكي مشروع قرار يطالب بإلغاء الدعم العسكري الذي أقرته الإدارة الأمريكية للاحتلال بقيمة 732 مليون دولار.

ختاما، فإن الإنجازات التي حققتها المقاومة الفلسطينية في مواجهتها الأخيرة مع الاحتلال وبذلها التضحيات الجسام دفاعا عن القدس رغم حصارها في غزة؛ يمنحها الحق في قيادة الشعب الفلسطيني وتمثيله أمام الجهات الإقليمية والدولية، وهو حق سياسي حازته المقاومة بصمودها وتضحياتها ومبادرتها للدفاع عن القدس. وينبغي عليها بعد انتهاء المواجهة مع الاحتلال مزاحمة حركة فتح على القرار الوطني والتمثيل الفلسطيني، في ظل تدني تفاعل فتح دون المستوى الوطني المطلوب مع عدوان الاحتلال على القدس وغزة، ورفضها الانخراط الحقيقي في مواجهة الاحتلال الذي يعيث فسادا وقتلا للفلسطينيين واستمرار تمسكها بالتنسيق الأمني المعيب بين أجهزتها الأمنية وجيش الاحتلال.
التعليقات (0)