قضايا وآراء

إنسان التغيير المنشود "تدقيق المفاهيم" (4)

محمد عماد صابر
1300x600
1300x600
"أحكام البيعة الشرعية لا تنطبق على العلاقات التنظيمية".. من خلاصات ندوة ميلانو في كانون الأول/ ديسمبر 2018 عن الحركة الإسلامية وآفاق التجديد.

هذه الخلاصة من أهم وأخطر ما خرجت به وثيقة ندوة ميلانو في تناول مفهوم "البيعة"، عمود الخيمة للتنظيمات والحركات الإسلامية في العصر الحديث.

إذ أن كثيرا من الحركات الإسلامية التي تتخذ منهج البيعة شرطا للعلاقة بين الأعضاء والقيادة أحدثت خلطا مربكا بين المفاهيم الشرعية التي تستند للنصوص من القرآن الكريم والسنة المطهرة؛ وبين العلاقات والروابط التنظيمية التي تستند للفكر الإداري والتنظيمي المعمول به في الكيانات ذات الهدف في مختلف الأنظمة والبلدان.

العلاقات والمفاهيم الشرعية التي اعتمدها علماء الأمة وفقا للنصوص الدينية بين إمام المسلمين وخليفتهم في جماعة المسلمين الجامعة؛ تختلف تماما عن عن العلاقات والمفاهيم الإدارية وفقا للوائح التنظيمية لجماعة من جماعات المسلمين العاملة..

في جماعة المسلمين الجامعة ندخل منطقة التكاليف الشرعية الخمسة المعلومة، فالعلاقة بين عموم المسلمين وخليفتهم المنتخب تحكمها البيعة الشرعية وما يترتب عليها من أحكام، فطاعة الخليفة ولي الأمر واجبة شرعا ما لم يأمر بمعصية، ومفارقة جماعة المسلمين الجامعة وخليفتهم تضبطها الأحكام الشرعية والنصوص الواردة فيها.

وفي جماعة التنظيم الإسلامي تكون في منطقة الاتفاق والوفاق وفقا للوائح والنظم، فالعلاقة ليست بيعة شرعية لكنها شروط انضمام وعضوية. وطاعة المسؤول أو الأمير أو القائد أو أيا كان مسماه الحركي لا تترتب عليها أحكام شرعية لكن ضوابط إدارية تنظيمية، ومغادرة الكيان أو التنظيم لا صلة لها بالأحكام الشرعية لكن بمدى قدرة العضو المعنوية والفكرية والمادية على الانتظام أو المغادرة والترك.

فربما لم يجد العضو ضالته الفكرية والنفسية داخل هذا الكيان أو ذاك، فتركه ليعمل لدعوة الله منفردا أو في كيان آخر، المهم أن يبقى عاملا لدعوة الله وفق طاقته، وأن يغادر أو يفارق أمر تحكمه الأخلاق العامة في العلاقات الإسلامية والإنسانية من حفظ الود والوفاء الجميل، وحفظ ما يتعلق بالآخرين من خصوصيات كان مؤتمنا عليها وأن يمسك لسانه لأنه محاسب على ما يقول، سواء فيما يخص التنظيم أو بصفة عامة.

على الطرف الآخر تراعي الجماعة أو التنظيم نفس الأخلاق العامة، فلا تصف العضو المغادر بأنه متساقط أو خائن أو ناكث بالعهد والبيعة، وغير ذلك من الأوصاف والكلمات الممنوعة شرعا بصفة عامة في علاقات الخلق ببعضهم البعض.

الخلاصة:

- الانضمام للجماعات الإسلامية يخضع لشروط الانضمام والعضوية ولا صلة له بالبيعة الشرعية.

- ترك أو مغادرة الجماعات لا تترتب عليه أحكام شرعية، لكن تحكمة منظومة القيم والأخلاق العامة في العلاقات الإنسانية.

- العمل لدعوة الله له أحكامه الشرعية، لكن شكل العمل في جماعة أو منفرد تحكمه الظروف الشخصية الفكرية والنفسية

- الاستدلال بالنصوص الدينية في الانضمام للتنظيمات أو تركها أو في العلاقات فيما بينها؛ صدر في الغالب من مصادر غير علمية أو بخلفيات سياسية أو مشاعر عاطفية.

- بناء القواعد الفقهية ثم استدعاء النصوص الدينية لا ستكمال الأبنية التنظيمية والسياسية فيه خطر كبير لأنه يستخدم في الشيء وضده.
التعليقات (0)