تسريبات "الرئاسة التونسية".. ما التداعيات ومن المستفيد؟

تضمنت التسريبات التي تم تداولها في الساعات الأخيرة في تونس بين عدد من النواب، محمد عمار من التيار الديمقراطي، وراشد الخياري مستقل والنائب معاذ بن ضياف، كلاما يمس بالسلطة القضائية ورئاسة الجمهورية وعدد من النواب، وتوظيفا لملف رئيس حزب "قلب تونس" نبيل القروي.

التسريبات وصفت بالصادمة خاصة وأنها صادرة عن نائب ينتمي لكتلة وحزب ديمقراطي يناصر الثورة التونسية وشعاره مكافحة الفساد.

من جهته أكد الناطق الرسمي باسم المحكمة الإبتدائية بتونس، محسن الدالي، أن النيابة العمومية قد تعهدت بموضوع التسجيل المسرب المتضمن لحوار بين النائبين محمد عمار وراشد الخياري، وأذنت بفتح بحث مؤقت بواسطة قاضي تحقيق على معنى أحكام الفصل 31 من مجلّة الإجراءات الجزائيّة .

خطيرة

بدوره قال النائب عن حركة النهضة ووزير العدل سابقا نور الدين البحيري في تصريح خاص لـ"عربي21": "إذا صحت التسريبات فإن الأمر خطير لما يمس بالدولة والقانون والدستور، ويمثل اعتداء على القضاء وعلى النيابة العمومية".

ودعا البحيري "الأطراف المذكورة في التسريب إلى التخلي عن الحصانة لمساعدة القضاء على الوصول للحقيقة وتحمل كل طرف المسؤولية".

من جانبه وصف النائب عن "قلب تونس" جوهر المغيربي في تصريح خاص بـ"عربي21" أن "ما ورد في التسريب على درجة عالية من الخطورة، كونه يأتي عن نائب في ثاني أكبر كتلة في البرلمان ويدل على أن حزب التيار الديمقراطي يتدخل في المرفق القضائي وهذا خطير".

اقرأ أيضا: تسريبات تتهم "سعيّد" بالتحكم بالقضاء وابتزاز "قلب تونس"

وأشار المغيربي: "اتهموا حزبنا بأبشع النعوت والفساد والحال أنه في التسريب يتحدث عن التقرب إلينا ومحاولة تفكيك كتلة برلمانية".

وتابع بأن كتلة "قلب تونس متماسكة وموحدة ولن تنقسم"، "نافيا الحديث عن شراء بعض الأصوات وتوقيعهم على لائحة سحب الثقة من راشد الغنوشي رئيس البرلمان".

بدوره استنكر النائب المستقل ياسين العياري في تصريح لـ"عربي21" عملية التجسس بين النواب معتبرا التسريبات "فارغة ولا قيمة لها، ولو كانت من نائب آخر لكانت أكثر جدية".

عمار يوضح

ورفض النائب محمد عمار الذي تواصلت معه "عربي21" تقديم أي تصريح أو تعليق على التسريبات ووفق مصادر مطلعة فإن المكتب السياسي للتيار طلب منه عدم تقديم أي تصريحات إعلامية.

وبعد تداول التسريب الثاني نشر عمار في صفحته الرسمية قائلا: "التقيت بالنائب راشد الخياري ومعاذ بن ضياف في بيتي ورحبت بهما ظنا أنهما يريدان توقيع عريضة سحب الثقة من رئيس البرلمان"، واتهمهما بأنهما: "دخلوا حرمة بيتي وسجلوا سرا، ما قاموا به جريمة جزائية وسأتقدم بشكوى".

من المستفيد؟

وقال المحلل السياسي الحبيب بوعجيلة في قراءة تحليلية لـ"عربي21" في ما يتعلق بموضوع التسريبات: "لا يخفى على أحد أنها تدخل في إطار الصراع الواضح بين جبهتين يمكن تسميتهما بجبهة الائتلاف البرلماني الرئاسي (التيار الديمقراطي، حركة الشعب) وجبهة الائتلاف الحكومي حول حكومة هشام المشيشي، هذه التسريبات تذهب إلى تأكيد ما يحرص على تأكيده الائتلاف البرلماني من أن هناك تآمرا حقيقيا على الدولة كما يروجون ذلك".

واعتبر الحبيب بوعجيلة أنه "سرعان ما تمت الاستفادة من التسريبات في تحرك عدد من نواب قلب تونس، لتأكيد أن قضية القروي هي جزء من هذه الفبركة التي اعتمدها الائتلاف البرلماني الرئاسي بمساعدة من رئيس الجمهورية وفق تقديرهم".

من جانبه يعتبر الناشط السياسي والمدون الأمين بوعزيزي في حديث لـ"عربي21" أنه "إذا انطلقنا من منطوق المسربين من قام بالتسريب تقريبا هو خطاب ثوري يزعم كشف وفضح بعض القوى السياسية التي تتآمر على الثورة والديمقراطية".

واستدرك البوعزيزي: "لكن عندما نقلب الصورة وننظر من زاوية أخرى لمصلحة من التسريبات؟ شيطنة كل المشهد السياسي، نسف كل إمكانية التقاء وتقارب بين مخرجات انتخابات 2019 ولمصلحة من ذلك؟ التسريبات عمل مخابراتي بامتياز والمدعو الخياري معروف هو مجرد برغي في محرك ولا يملك الوعي".

وتابع الأمين البوعزيزي: "مضمون حديث محمد عمار يكشف لنا أمرا آخر وهو أن الكتلة التي ينتمي إليها تسمي نفسها كتلة ديمقراطية وكل سلوكها لا ديمقراطي، كتلة تعمل على التقرب من الرئيس لتشجيعه على التطرف وهو انقلاب على الدستور".

وانتهى الأمين البوعزيزي إلى أن "التسريبات ستكون نتائجها الضغط والعودة إلى طاولة الحوار والتفاوض والبحث عن تسوية".