أخبار ثقافية

"أحلام الدوبلير".. رؤية طازجة لعالم عَفِن!

أرشيفية
أرشيفية

في المجموعة القصصية "أحلام الدوبلير" للكاتب المصري أحمد عبد المنعم رمضان، طموح فني لافت، يسعى عبره الكاتب إلى نوع من ابتكار رؤية ما لعالمنا هذا، أعني بذلك محاولة نسج علاقات جديدة بين مكونات العالم من حولنا. قبل أن نخطو داخل هذه المجموعة، ربما يتعين علينا أن "نخلع" عيوننا ونرتدي العيون التي اختارها الكاتب لنرى بها الأشياء في ذلك العالم.


تذكرني هذه المجموعة بأجواء السرد في أدب أمريكا اللاتينية، حيث الواقعية السحرية بطرحها دائم الإدهاش. ربما يمكنني القول إن أحلام الدوبلير تستلهم مبادئ الواقعية السحرية، وإن احتفظت بنصيب من الخيال البكر الذي منحها شخصية مميزة، أنقذتها من الوقوع في فخ التكرار وإعادة إنتاج ما أبدعه رواد آخرون.


في الواقعية السحرية، نجد عالما ذا علاقات حقيقية، لكنها منسوجة وممتدة على نحو غير مألوف. فالبشر بشر، لكن خصائصهم غير بشرية. مثلا لا نحتاج إلى تشبيه إنسان بسمكة، لكن يمكننا أن ننسج حياة إنسانية كاملة في قلب محيط، كما يمكن أن يسبح البشر كالسمك وأن يتنفسوا تحت الماء، وهكذا.


وفي أحلام الدوبلير، تتخذ القصص هذا الموقع من العالم. في قصة "بائع الأحلام" نجد رجلا يتورط في نوع من "تجارة الأحلام". كان في حيه عجوز يبيع الأحلام للشباب والفتيات، كل زبون وفق رغبته، من حقه أن يطلب الحلم الذي يريده والبائع يمنحه الحلم ويحدد سعره!


يطلب البطل حلما يليق بمراهقته وقتها؛ حلما يكون فيه ليوناردو ذو القناع الأزرق، بطل سلاحف النينجا المعروف لجيل الثمانينيات، وينقذ فيه ملهمته "ميس دينا" من لص سرق حقيبتها، في مشهد مثقل بمظاهر القوة الفجة، المراهقة. يضرب اللص ويعيد الحقيبة إلى ميس دينا فتقبل خديه بنوع من الأمومة، تدغدغ خياله المراهق.


لكن كثيرا من موضوعات المجموعة تتجاوز فكرة اللعب الذكي بالعلاقات الإنسانية، وتنفذ إلى نوع من النقد الذكي لعالمنا المعاصر وما تتسم به عولمته من قدرة على تسليع أي شيء. فالأحلام تسري عليها القوانين الحاكمة لأي سلعة؛ يتفاوض البائع والمشتري على سعرها، كما يتلقى مشتريها بعض التعليمات كأن ينام على ظهره ويغلق عينيه على الحلم كي لا يسقط منهما فيضيع.

 

اقرأ أيضا: القصة والمسرحية في أدب الحسناوي.. بطل بجبل الزاوية أنموذجا

ثمة سمة أخرى متداخلة مع سياسات الإنتاج الحديثة: إعادة التدوير وانعدام الأصالة، فالمنتجات كلها تكاد تتطابق، بلا سمات تخصصها لمستهلكها، والمصنّع اللاهث وراء الربح يلتزم بإنتاج أكبر عدد من نسخ المنتج، والمستهلكون الذين تشكل وسائل التواصل أذواقهم لا يمانعون، بل ربما يميلون لزيادة استهلاك السلع ذاتها ما دام المعلنون ينفقون بسخاء على إعلاناتها. هكذا نجد العجوز يسرق الأحلام من عيون البنات ليلا ليبيعها لزبائنه نهارا!


لا شيء شخصي، حتى الأحلام؛ استطاع البشر تداولها وإعادة تعبئتها وبيعها مرارا وتكرارا.


في قصة "الحب على رقعة شطرنج" تختلط قوانين الفيزياء بقوانين الحب. يلتقي شاب بفتاة تقف على الرصيف المقابل لمحطة المترو، حاملةً جيتارها. يسرق البطل مضرب تنس من رجل يجاوره ويخرج من جيبه كرة تنس لا يعرف مصدرها، يضرب الكرة نحو الفتاة التي تسحب جيتارها وتضرب الكرة به نحوه بالجيتار كأنه مضرب تنس.


يعبر الشاب شريط المترو على جسر من مضربه وجيتارها، فيلتقيان أخيرا. نتوقع أن يتعاشقا وتنتهي القصة لكن لا، فقوانين هذا العالم تأبى تلك البساطة. يحبها وتحبه لكن الحب أمر بالغ التعقيد. تشترط عليه التقدم للزواج منها وهزيمة ابن عمها وخطيبها في مباراة شطرنج حتى يرضى والدها بتزويجهما.


لا تبدو العلاقات منطقية في أي من قصص المجموعة. لماذا ينبغي أن يهزم خطيبها في مباراة شطرنج بالذات؟ ولماذا خُطِبت إليه وهي لا تطيقه؟ تلك هي العلاقات الكاشفة لعالمنا المعاصر. تتزوج الفتيات بمن لا يحببنه لأسباب كثيرة، قد لا ترتبط بالشطرنج وإن كانت أشد تفاهة منه، كالوسامة أو الثراء أو البرستيج، مما يكون سببا في انهيار كثير من العلاقات المبنية على الوهم.


تتآمر قطع الشطرنج على خطيبها السابق لكنه يهزم البطل، فيخرج الفيل من الرقعة، يحمل البطل ويمضي به نحو شرفة حبيبته المتلهفة على انتصاره الذي لم يتم. يرحلان على ظهر الفيل الذي تحول من قطعة شطرنج إلى حيوان هائل، احتفالي، منقذ.


في قصة "المباراة" يلعب البطل مباراة غير مفهومة، فهو لا يجد الكرة أصلا، كما أنه يرتدي بلدة رسمية. ومع صافرة الحكم يجري على المستطيل الأخضر بحثا عن الكرة لكنه يصطدم بناس وأماكن وعلاقات غريبة.. ما بين رجل وأسرته يجلسون مع قدر كبير من "المحشي" على شاكلة المصطافين الريفيين المصريين، الذين يقضون الصيف على شواطئ الإسكندرية بأطعمتهم المفضلة، وكذلك فتيات فاتنات، ثم عجوز، وعلى دكة المدرب يشتمه مدرب مصري شهير عُرف بسبابه الفج. 


ثم يكتشف البطل، حين يصل إلى منطقة "الست ياردات" القريبة من المرمى، أن ضابطا على وشك اعتقاله لأنه لا يملك رقم "فانلة" الفريق، لكنه أنقذ نفسه من الاعتقال بمنح الضابط خمس جنيهات، ثم منحه خمس جنيهات أخرى فسمح له بالعبور. يكتشف البطل أيضا أن رجلا غريبا أشعل راية "الكورنر" وأعلنها أرضا مستقلة عن الملعب، احتلها ببساطة لأنها أرض أجداده، وهي صورة ترمز في تقديري إلى معنى الاحتلال وعبثية الاحتلال الصهيوني لفلسطين.


هذه بعض تقنيات كتابة المجموعة القصصية، التي أدهشتني حقا، وفتحت لي أبوابا من تأمل عالمنا المعاصر من زوايا رؤية جديدة، تليق بعبثيته واستشراء الفساد فيه، وغلبة الاستهلاكي على الشخصي والإنساني.

التعليقات (2)
sandokan
الإثنين، 01-02-2021 02:00 م
اذا نظرت في مرآة فكبر ثلاثا وقل اللهم كما حسنت خَلقي فحسن خُلُقي .. وفي جميع الاحوال تبقى المراة الحقيقية للانسان هي ضميره فهو الاعرف بنواياه وخفاياه وياتي المجتمع بالدرجة الثانية في مراحل المراة وهو ماسيمى بالتقييم الاجتماعي .. ولكن هناك عالم رهيب يعتمد على هذه المرآة وهوسلاحا ان اردناه او علاجاوكثيرة هي مجالاته الا هو الليزر فان تقنياته تعتمد على الانعكاس وتكثيف الانعكاس .. ( احلام المرايا ) يبدو ان أثر المرايا في حياتنا يتجاوز حدود الواقع لنجد كتب تفسير الاحلام تذكر تفسيرات مختلفة لرؤية المرآة في الحلم، فقد ذكر ابن شاهين في كتابه »الارشادات في علم العبارات« ان من »ينظر في مرآة من حديد او ما اشبه ذلك فإن كان متزوجا يأتيه ولد غلام وان لم ينتظر ولداً فإنه يفارق امرأته ويخلفه غيره وان كان عازبا فإنه يتزوج«. ويذكر ابن سيرين ان المرآة تدل على الجاه والولاية بقدر عظمها وصفائها فمن رأى انه اعطاها لأحد فإنه يدل على ايداع ماله .. انعكاس ( قصيدة ) تحكي المَرايا قصَّةً مَنسيَّهْ فتعودُ مثلَ قصيدةٍ أَبديَّهْ تُروى بلحنٍ صامتٍ متمرّدٍ يعصي مغاراتِ الجَوى السريَّهْ وملامحُ الأيام تعزفُ نفسَها في بَسمةٍ أو دمعةٍ فِضيَّهْ وَسْطَ العيون ينامُ ليلٌ تائهٌ في جوفِهِ آمالنا المَنفيَّهْ وتلوحُ أشباحُ الحنينِ كطفلةٍ قُصَّت ضفائِرُ حُلمِها الغجريَّهْ الشَّرخُ في المرآةِ نادى منهَكاً: أَلقِي الستارَ على المُنى الورديَّهْ لكنَّ أنغام الفؤادِ تَسارعتْ: أنَّ العزائِمَ حُرةٌ وَعصيَّهْ!
sandokan
الإثنين، 01-02-2021 11:35 ص
^^ انعكاس المرايا ^^ توجد خلف المرايا حقائق أكثر عمقاً من مجرد إظهارها انعكاس شكل الوجه، وتلك الكيلوغرامات الزائدة أو حتى الناقصة، إذ اعتقدت بعض الثقافات أنها تعكس الأرواح وتستطيع قراءة الماضي والحاضر والمستقبل، بل تنقل الناظر إليها إلى خفايا العالم السفلي! هكذا تخبرنا الأساطير و الحكايات المثيرة.. فيما يلي 8 أساطير غامضة نشرت في موقع BBCآمنت بها بعض الحضارات المنتشرة حول العالم من الفراعنة حتى يومنا هذا.. 1. لمحة عن المستقبل : استخدمت الساحرات في ثيسالي في القرن الثالث الميلادي المرايا السحرية، إذ كتبن عليها نبوأتهن بالدماء. كما استخدمها "العرّافون" أو المتنبئون الذين كانوا يقرأون الماضي والحاضر والمستقبل.. 2. تقول الحقيقة : كان يعتقد في الماضي أن المرايا تخزن ما ينعكس عليها للاستخدام لاحقاً، ولعل هذا هو أساس حكاية مرآة الأميرة "بياض الثلج" الشهيرة. ويعتقد أن بياض الثلج الحقيقية كانت بارونة من بافاريا تزوج والدها ثانية عام 1743. وكانت زوجة والدها تفضل بناتها من زيجة سابقة وتلقت مرآة هدية من زوجها الجديد. وكان يشار إلى الهدية باعتبارها "مرآة متكلمة" حيث كان يعتقد في بافاريا أن المرآة "تقول الحقيقة دائماً"، ومازالت هذه المرآة في متحف سبيسارت في قلعة اللور ببافاريا.. 3 حكايات مرعبة : ترتبط بالمرايا أيضاً بعض قصص الرعب عن أشباح سحرة ومشعوذين محتجزين بها، ولعل أشهرها قصة ماري الدموية، إذ تتطلب لعبة مرعبة معروفة في الغرب الذهاب للحمام وإغلاق بابه وترديد عبارة "ماري الدموية" ثلاث مرات، حينها ستقفز ماري له من المرآة! .. 4 جوهر الناس : تستخدم المرايا في الصين للتركيز والتقاط الطاقة وخاصة من القمر، ويزعم أن إمبراطوراً صينياً وصل إلى هذا المركز بسبب استخدامه لمرآة سحرية. وزعم كين شي هوانغ، وهو مؤسس سلالة كين في عام 25 قبل الميلاد، أن مرآته تطلعه على جوهر الناس الذين ينظرون إليها.. 5 حسن الطالع : هناك العديد من الخرافات حول المرايا، منها أنك لو حطمت مرآة ستتجنب لعنة 7 سنوات من الحظ السيئ. وكان الرومان يعتقدون أن الحياة تجدد نفسها كل سبع سنوات وبالتالي فإن الروح التي لم تجدد تحبس في مرآة محطمة، وبتجميع المرآة المكسورة على ورقة أو في حقيبة وإلقائها في النهر تتخلص من الحظ السيئ كما يمكن دفنها أيضاً. وهناك اعتقاد أنه من سوء الحظ رؤية انعكاس صورتك على المرآة بينما تتحدث لشخص ما.. 6 تغطية المرايا : في العصر الفيكتوري، كانت تُغطى المرآة لدى وفاة أي شخص وقبل جنازته حتى لا تحتجز روحه في إحداها. وقد انتشرت هذه العادة من إنكلترا إلى الكثير من أنحاء العالم بما فيها إسكتلندا وأميركا والصين ومدغشقر والقرم وبومباي في الهند، ومازال اليهود متمسكين بهذه العادة.. 7 روح الظل : اعتقدت بعض الثقافات القديمة أن المرايا تعكس "روح الظل" أو الطبيعة الحقيقية للشخص. وفي هذا الإطار تنكشف حقيقة الشياطين ومصاصي الدماء الذين لا تظهر انعكاساتهم لأنهم بلا أرواح.. 8 صنع المرآة : تصنع المرايا اليوم من مسحوق الألمنيوم، ولكن المصريين القدماء استخدموا النحاس المصقول وهو المعدن المرتبط بحتحور، إلهة الجمال وأدوات التجميل والحب والجنس والخصوبة والسحر. وكانت مرايا قبائل الأزتيك تصنع من الزجاج البركاني الذي كانوا يعتقدون أنه مرتبط بـ"تيزكاتليبوكا"، الذي يترجم اسمه إلى "الزجاج المدخن"، وهو إله الليل الذي استخدم المرايا للعبور بين هذا العالم والعالم السفلي.