هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إن الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، قدم "هدية وداع، للديكتاتوريين، تؤكد إرثه"، مؤكدة أنه "طوال فترة رئاسته المضطربة، ظل متقلبا، ولا يمكن التكهن بتصرفاته".
واستدركت الصحيفة في مقال للكاتب كينغر كوليج:
"لكن ترامب لم يتغير في مجال واحد، وهو دعم المتعطشين للدم والطغاة، والذين
ينتهكون ويعذبون ويقتلون أبناء شعوبهم"، معتبرة أنه "يعد الإرث الأهم في
إدارته الديكتاتورية".
وتابعت: "حتى يكون مخلصا لهذه الشخصية، ظل ترامب
يقوي هذا الميراث في وقت تقترب فيه رئاسته على النهاية"، موضحة أنه "في الأيام
الأخيرة تحركت إدارته، وأقرت عددا من صفقات السلاح الكبيرة للسعودية والإمارات العربية
المتحدة ومصر".
وشددت الصحيفة على أن هذه الدول الثلاث لديها سجلات صارخة
في حقوق الإنسان، مبينة أن السعودية قطعت رؤوس المعارضين لها، واضطهدت المرأة
واعتقلت الناشطات المطالبات بالإصلاح، وقتلت وقطعت جثة الصحفي جمال خاشقجي.
وتابعت: "الإمارات هي بلد التعذيب والسجن التعسفي
والتغييب القسري، وفي مصر الديكتاتورية نفذت إعدامات خارج القانون وعذبت الناشطين"،
متسائلة عن ردة فعل ترامب على هذه الفظائع، قبل وبعد أن أصبح رئيسا.
تبرير الصفقات
وأشارت إلى أن ترامب مدح الزعيم المصري عبد الفتاح
السيسي ووصفه بـ"الديكتاتور المفضل"، مضيفة أنه في لفتة أخيرة، قام
بتسليح هذه الأنظمة، وتزويدها بأنظمة دفاعية متقدمة.
ويقول الكاتب إن التبرير الرسمي لكل هذه الصفقات هو مواجهة إيران التي تعتبر العدو الجيوسياسي في الشرق الأوسط. و"بناء على التصرفات
الماضية فإننا نعرف كيف ستستخدم هذه الأسلحة. وسيقوم الطغاة باستخدامها لتسهيل جرائم
الحرب في اليمن وشبه جزيرة سيناء ومواصلة السيطرة وبيد حديدية على شعوبهم- كل هذا بدعم وتحريض من الولايات المتحدة".
ويعلق الكاتب بأن الرئيس ترامب لم يكن الرئيس الأمريكي
الأول الذي يدعم أسوأ الطغاة في العالم. ونام الجمهوريون والديمقراطيون على حد سواء
في نفس السرير مع المستبدين المنتهكين من جنوب آسيا إلى أمريكا اللاتينية. إلا أن تطبيل
ترامب للطغاة خلف إرثا مقلقا وبطريقتين ويظل أسوأ من سابقيه.
اقرأ أيضا: الغارديان: تأثير ترامب سيتبخر مع خروجه من الرئاسة
الأول: قضى ترامب فترته الرئاسية وهو يدعم الديكتاتوريين
بدون أية محاذير. وكان الرؤساء السابقون يتبعون سياسة الوجهين عندما يتعلق الأمر بسياساتهم
الأجنبية المتعلقة بالديكتاتوريين. باعوا الأسلحة للحلفاء المستبدين ولكنهم كانوا يقرنون
الصفقات بعبارات تأديبية وضغوط في مجال حقوق الإنسان. وكانت العبارات التأديبية والشجب
غير كافية ولكنها أحسن من لا شيء. وأرسلت رسالة واضحة للعالم بأن الولايات المتحدة لا
تحتفي بدون شرط بالأنظمة التي تغتال الصحفيين وتقطع رؤوس المعارضين أو تغييبهم ببطاقة
بدون رجعة إلى غرف التعذيب. ونتيجة لهذا كان الطغاة المجرمون حول العالم يخافون من
تداعيات انتهاكات حقوق الإنسان. ولكن ليس في ظل ترامب.
الثاني وهو أكثر قلقا، هناك عدة أسباب مؤكدة تقودنا للاعتقاد بأن صفقات الأسلحة ربما دفعتها المصالح الأمنية الأمريكية، ولكنها ترتبط بمصالح ترامب
المالية بعد خروجه من السلطة. فعلاقة ترامب التجارية مع السعودية تعود إلى عقود. ولديه
شركات مسجلة في المملكة وبعضها يعود إلى كانون الأول/ ديسمبر 2016.
استثمارات الإمارات
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن تضارب مصالحه
في الإمارات تملأ قائمة. واعترف ترامب بأن الإمارات عرضت استثمارا بملايين الدولارات قبل تنصيبه
لكنه رفض الصفقة قبل تنصيبه. ورفض العرض لأنه كان سيترك تداعيات سلبية في الإعلام بالأيام
الأولى من إدارته. إلا أنه بعد تركه الرئاسة فمن المحتمل أن يستثمر في علاقاته، بالنظر
إلى الصفقات الأخيرة لبيع تكنولوجيا عسكرية وأسلحة مقلقة لأنها عبارة عن بداية عملية مقايضة، اخدمني أخدمك.
وذكرت أن الصفقات تعتبر عقبة أمام الرئيس المنتخب جوزيف
بايدن، ففي الوقت الذي سيحاول فيه دعم الديمقراطية في داخل أمريكا عليه إرسال رسالة
واضحة وحاسمة للعالم بأنه جاد في دعم الديمقراطية. ويجب أن يشتمل هذا على لفتات رمزية
مثل التقاط صور مع المعارضين، بدلا من الديكتاتوريين الذي يستمتعون بسحقهم. ويجب أن
تشمل خطوات أخرى مثل إعادة النظر ببيع السلاح والتكنولوجيا للأنظمة التي تستخدمها لارتكاب
جرائم حرب. وعلى بايدن إرسال رسالة لحلفاء أمريكا الديكتاتوريين بأن الدعم مشروط بإصلاحات
ذات معنى في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية.
وختمت الصحيفة بقولها: "خلال السنوات الأربع الماضية
رسم ترامب وبشكل مستمر صورة عن أمريكا التي تقف إلى جانب الديكتاتوريين. ولدى بايدن
الفرصة لعكس سياسات ترامب الكارثية في مجال السياسة الخارجية، وعليه انتهازها".