هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تطرح الحرب الدائرة في إقليم قره باغ الأذري
المحتل من قبل انفصاليين موالين لأرمينيا، تساؤلات بشأن التقدم الذي تحققه
أذربيجان، وما إذا كان بهدف "التحرير" الكامل أم لتحريك القضية دوليا،
والوصول إلى فرض شروط على طاولة المفاوضات لاستعادة الإقليم.
وقالت وزارة الدفاع الأذرية إن جيش بلادها
"لم ينسحب" من أي منطقة قام بتحريرها في الإقليم المحتل، مشيرة إلى
تحقيق "إنجازات" عسكرية جديدة في الحرب التي انطلقت في الـ 27 من
أيلول/سبتمبر الماضي.
وجاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده المتحدث باسم
وزارة الدفاع الأذرية، أنار أيوازوف، الخميس، موضحا أن كل شيء يسير وفق خطة
العملية.
وشدد أيوازوف على أن العملية التي أطلقها جيش
أذربيجان من أجل تحرير أراضيه مستمرة بكل حزم.
وكشف المتحدث عن إلحاق ضربة موجعة بالبنية
التحتية العسكرية لأرمينيا ومستودعات ذخائرها، وعمليات هروب كبيرة طالت فوجا للقوات الأرمنية.
وحتى الآن، حقق الجانب
الأذري تقدما كبيرا من الجانبين الجنوبي والشمالي للإقليم المحتل، وتمكن من
استعادة العديد من القرى والمواقع الاستراتيجية، أبرزها منطقة جبرائيل التي رفض
الانفصاليون الاعتراف بسقوطها، لكن باكو بثت مقاطع مصورة من داخلها تؤكد السيطرة
عليها.
فما هو الواقع على
الأرض، وطبيعة التحرك العسكري الأذري على الأرض؟
اقرأ أيضا: هكذا تقرأ أذربيجان موقف روسيا في قره باغ.. ماذا عن أرمن لبنان؟
المحلل العسكري العميد
الركن صبحي ناظم توفيق، قال إن المشاهد حتى الآن هو حرب تحريك للجمود الذي يطغى
على قضية الإقليم المحتل من قبل انفصاليين أرمن.
وأوضح توفيق،
لـ"عربي21"، أن "حرب التحريك تجبر الجانب الأرمني على الجلوس إلى طاولة
المفاوضات، لكن على باكو تحقيق تقدم يفضي إلى هذه النتيجة، والتقدم الحاصل حتى
الآن لا يحقق هذا الشرط، رغم أهمية المناطق التي استعيدت حتى الآن".
وأضاف: "المنطق
العسكري يقول: بما أنك أمام أرض محتلة، والجميع يعترف بأنها لك، ودخلت من مدخل
الحرب، فيجب أن تسير بكل قوة حتى النهاية، وتخوض حرب تحرير كاملة، وتنزع الأرض
بالكامل رغم أن المساحة كبيرة".
وأضاف: "وفقا لخريطة المعارك، فإن على
أذربيجان، أن تشن هجوما من كافة النواحي على الإقليم، وليس فقط من الشرق أو الجنوب
الشرقي، ثم أن تفرض إغلاقا على قره باغ، وتمنع أي إمدادات من الدخول إليها، وعند ذلك يكون
الموقف التفاوضي أكثر قوة أمام الانفصاليين، لتفرض الشروط بتسليم مدن
الإقليم".
وشدد على أن ما يجبر
الانفصاليين الأرمن على التراجع، هو "محاصرتهم، وإعلان العودة عن قرار
الانفصال الذي جرى عام 1993، وهو أمر بعيد حتى الآن إلا في حال طرأ تغير تراجيدي
على المعركة، واقتحمت القوات الأذرية الإقليم من عدة محاور".
لكن الخبير العسكري لفت في الوقت ذاته، إلى
تأثير الطائرات المسيرة على سير المعارك، وقال إنها تسببت في خسائر فادحة للجانب
الأرمني، وحققت مساعدة كبيرة في مساندة القوات والأدوات الأرضية، وهناك تقارير
عديدة تتحدث عن حجم الخسائر البشرية في صفوف الانفصاليين الأرمن.
وشدد توفيق على أن ما يحسم المعارك، وفقا
للعلم العسكري، صنفان، المشاة والدبابات، التي تسند بالقوات الجوية والمدفعية،
مهما تطورت الحروب، لأن وجود الجندي على الأرض هو ما يعني حسم المكان.
اقرأ أيضا: تصعيد جديد بقره باغ قبيل أول اجتماع للوساطة الدولية بجنيف
وقال إن الوضع الدولي
لغاية اللحظة "مائع" وبعض الدول حسمت موقفها، مثل تركيا، لكن عموم
الموقف الدولي مائع لأسباب عديدة، منها أنه لا يريد التصعيد في المنطقة، وهو ما
يمنع الجانب الأذري من مواصلة تحرير أراضيه.
وتابع: "نحن أمام
حالة انفصالية وفق القانون الدولي، ولا أحد يعترف بهذا الوضع بما في ذلك روسيا".
من جانبه، قال المحلل
السياسي محمود عثمان، إن الجانب الأذري، حسم خياراته الاستراتيجية سواء على صعيد
السياسة أو الاقتصاد، لصالح التحالف مع تركيا، وبفعل الصلات التاريخية والوضع
الإقليمي، فإنه تشجع لفتح جبهة قره باغ.
واعتبر عثمان في حديث لـ"عربي21"، أن الحرب الدائرة هناك نتاج لـ"حسابات دقيقة على صعيد التوازنات الدولية،
وانشغال أمريكا في الانتخابات، والتشتت الروسي نتيجة التمدد في ساحات كبيرة،
والوضع الاقتصادي العالمي، فضلا عن تطوير تركيا قدرات عسكرية في الحرب
الإلكترونية استفادت منها أذربيجان".
وأشار إلى استثمار
باكو في "فشل ما سميت بمجموعة مينسك، وعجزها عن تقديم رؤية أو وجود نية للحل،
وتجاهلها لأربع قرارات دولية بأن الأراضي محتلة".
لكن على صعيد المعارك، اعتبر عثمان أن "الدول
تطمح لتحقيق الحسم الكامل، لكن الواقع الدولي حاليا لا يساعد كثيرا، وتركيا
وأذربيجان لا تملكان القوة الضاربة لتحقيق الحسم مرة واحدة، والقراءة تشير إلى
أنهما سيذهبان إلى أقصى مسافة لجني أكبر الانتصارات وترك مجال للمفاوضات".
وأضاف: "المعطيات تقول إن روسيا، ليس لديها مانع من إنهاء قضية الإقليم، من أجل أن يفتح لها مجال على تركيا في المستقبل لتساومها على ملفات أخرى، وأيضا المعطيات لدى الروس لا تساعد على لعب دور رئيسي في الوقوف مع أرمينيا".