هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أعلن وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، فجر الأحد، أن عقوبات الأمم المتحدة على إيران "دخلت مجددا حيز التنفيذ"، محذرا من "عواقب" إذا فشلت الدول الأخرى في تنفيذ هذه العقوبات.
وأثارت تلك التصريحات، التي أعقبها، الاثنين، الإعلان عن عقوبات أمريكية جديدة على إيران، ردود فعل أوروبية غاضبة، فضلا عن تلك الصادرة من طهران، تؤكد عدم صلاحية واشنطن بتفعيل بند في الاتفاق النووي، كونها خرجت منه قبل أكثر من عامين.
ويطرح ذلك المشهد أسئلة حول خلفيات الموقف الأوروبي، وقدرة الثلاثي الموقع على الاتفاق النووي مع إيران، ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، على مواجهة الولايات المتحدة في هذا الإطار.
"سياق أكبر "
وفي حديث لـ"عربي21"، قال الباحث والمحلل السياسي، محمد غازي الجمل، إن هنالك مصالح مشتركة لدول الاتحاد الأوروبي في تفادي انفراد الولايات المتحدة بالملف الإيراني.
وأشار الجمل إلى وجود معارضة أوروبية للعديد من السياسات الأمريكية، التي تعتبر "أحادية الجانب"، خلافا للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن.
وتابع بأن ذلك يشمل ملفات عديدة، "كانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ، ومن الاتفاق النووي مع إيران، وسعيها لتصفية القضية الفلسطينية بعيدا عن القرارات الدولية المتعلقة بها".
اقرأ أيضا: أمريكا تفرض عقوبات واسعة على إيران و"مستعدة للمواجهة"
وأضاف أن للدول الأوروبية "حساسية خاصة للتوترات العسكرية والأمنية في الشرق الأوسط، وذلك لأنها عرضة لتداعيات أي مواجهة في محيطها، وخصوصا ما يتعلق بتدفق اللاجئين الفارين من الحروب والأزمات الاقتصادية إلى أراضيها".
وأكد "الجمل" أن لدى أوروبا إصرارا على "مسار التحرر من الهيمنة الأمريكية، ويظهر هذا في ملفات عديدة، أهمها عدم انسياقها مع التصعيد الأمريكي ضد الصين، ومعاندتها الموقف الأمريكي بشأن الاتفاق النووي الإيراني، وإصرار الأوروبيين على استيراد الغاز الروسي".
ووضع الباحث والمحلل السياسي دعوة ألمانيا إلى إنشاء نظام مصرفي مستقل عن "سويفت" الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة، في السياق ذاته.
ولفت أيضا إلى توقيع الدول الأوروبية اتفاقية خاصة لتجاوز العقوبات الأمريكية ضد الشركات التي تتعامل مع إيران، في إشارة إلى "انستكس" التي بدأ التعامل بها في نيسان/ إبريل الماضي.
"صمود مشكوك فيه"
واستدرك الجمل، بالقول: "على الرغم مما سبق فمن المرجح أن تتفادى الشركات الأوروبية الكبرى خرق العقوبات الأمريكية، وذلك خوفا على مصالحها الاقتصادية مع الولايات المتحدة"، مرجحا وجود مخاطر من المحتمل أن يواجهها الثلاثي الأوروبي في اتخاذ موقف معاكس ضد الولايات المتحدة.
وفي السياق ذاته، أكد الخبير بالشأن الإيراني، عدنان زماني، أن الدول الأوروبية الثلاث ليست لها القدرة الكافية على دعم طهران ومساندتها في صراعها مع واشنطن.
وقال "زماني"، في حديث لـ"عربي21"، إن المواقف الأوروبية المؤيدة للاتفاق النووي والمعارضة لإجراءات واشنطن تنحصر على الجانب النظري من القضية، مؤكدا أن الأوروبيين غير قادرين على اتخاذ خطوات عملية بوجه الولايات المتحدة.
ويذهب تيار آخر في إيران إلى أبعد من ذلك، حيث يرى "زماني" أن سياسات الدول الأوروبية في الأصل منسجمة مع واشنطن، وأن "ما يجري من معارضة واختلاف في وجهات النظر ما هو إلا سياسة تم الاتفاق عليها بين الدول الأوروبية والولايات المتحدة وذلك من أجل الضغط على إيران وعدم إعطائها الحجة الكافية للخروج من الاتفاق النووي".
وحول أوراق إيران في مواجهة الخطوات الأمريكية غير المسبوقة، أكد زماني أن طهران لا تتمتع بمجال كبير للمناورة في هذه المرحلة، "فهي أحيانا تعول على تهديد العالم في خفض تعهداتها النووية وزيادة نسبة تخصيب اليورانيوم".
اقرأ أيضا: FP: اتفاقيات التطبيع تشكل كابوسا استراتيجيا لإيران
وأضاف أن ذلك أصبح مفقود الأثر لا سيما بعد إعلان الوكالة الدولية للطاقة بأنها توصلت إلى اتفاق مع طهران يسمح لمفتشي الوكالة بزيارة المواقع النووية التي تطلبها الوكالة.
وتابع بأن "الورقة الثانية التي من الممكن أن تكون بيد طهران هي تهديد الملاحة الدولية والتأثير على أسواق النفط وهو تهديد بدأت أصوات من يرددونه بالانخفاض خشية تأزم الوضع ووصول الأمر إلى المواجهة المسلحة مع الولايات المتحدة".
توقيت العقوبات الجديدة.. و"التطبيع"
وفي حديثه لـ"عربي21"، قال "الجمل" إن موجة التطبيع تشجع إدارة ترامب على مزيد من التشدد في مواجهة إيران.
وأوضح أن "تشكيل كتلة من دولة الاحتلال ودول الخليج ومصر والأردن يزيد فرص نجاح سياسة الضغوط القصوى التي يعتمدها ترامب لإرغام إيران على إعادة التفاوض على الملف النووي وملفي الأسلحة الصاروخية وأدوارها الإقليمية".
واستدرك بالقول: "وإن كانت هناك عوامل أخرى قد تفشل هذه السياسة، إذ قد تدفع اتفاقيات التطبيع كلا من إيران وتركيا إلى التقارب فيما بينهما، وإلى تعزيز علاقتهما بأطراف دولية فاعلة كروسيا والصين لمعادلة الاختلال في ميزان القوى الحاصل بفعل اتفاقيات التحالف مع دولة الاحتلال".
وختم بالقول: "في حال فوز المرشح الديمقراطي جون بايدن، فمن المتوقع أن يتراجع التصعيد بين الطرفين، خصوصا وأن بايدن أعلن أنه سيعود إلى الالتزام بالاتفاق النووي، في حال عادت إيران إلى الوفاء بالتزاماتها المنصوص عليها فيه".