ملفات وتقارير

قرار حل إخوان الأردن.. عوامل التوقيت والضغوط الخارجية

محلل: قرار محكمة التمييز مرتبط بالانتخابات النيابية إلى حد كبير
محلل: قرار محكمة التمييز مرتبط بالانتخابات النيابية إلى حد كبير

أثار القرار الذي أصدرته محكمة التمييز الأردنية، ونشر الأربعاء الماضي، باعتبار جماعة الإخوان المسلمين "منحلة حكما، وفاقدة لشخصيتها القانونية والاعتبارية"، تساؤلات حول طبيعة العلاقة بين الحركة الإسلامية والنظام في الأردن، ومدى ارتباطها بالأحداث السياسية والضغوط الخارجية.

المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، عبدالحميد الذنيبات، قال إنه منذ عدة سنوات صدرت قرارات ظالمة بحق الجماعة، منها مصادرة العديد من الممتلكات المسجلة باسمها بطريقة صحيحة تتوافق مع المعايير القانونية.

وأضاف في تعميم داخلي خاص بالجماعة، صدر الخميس، وحصل "عربي21" على نسخة منه، أن قرار محكمة التمييز الأخير "ليس قطعيا، كما أنه ليس جديدا، وسيعاد إلى محكمة الاستئناف"، لافتا إلى أن القضاء الأردني أصدر قرارات مختلفة بحق الجماعة، بعضها لصالحها، وبعضها ليس كذلك.

جدلية التوقيت

واستغرب الذنيبات صدور هكذا قرار "في هذه الظروف الصعبة، حيث تحيط الأخطار بالأردن من جهات عديدة داخلية وخارجية، لا سيما المشروع الصهيوني الذي يسعى لتصفية القضية الفلسطينية (...) على حساب الأردن"، مؤكدا أن جماعته ستبقى موجودة وموحدة وفاعلة، وقادرة على تخطي الصعاب بإيمان أبنائها وبناتها وثباتهم.

ورغم أن القضايا المتعلقة بـ"إخوان الأردن" تنظر منذ عدة سنوات، إلا أن المستشار القانوني للجماعة، المحامي بسام فريحات، لا يستبعد تعمد إصدار القرار الأخير لمحكمة التمييز في ظل حزمة قوانين الدفاع التي أصدرتها الحكومة مؤخرا بسبب أزمة كورونا.

وأوضح فريحات لـ"عربي21": "قد يكون الهدف من اختيار هذا التوقيت ضبط إيقاع ردات الفعل الشعبية على هذا القرار".

ويأتي قرار محكمة التمييز مع ترقب المجتمع الأردني قرارا يحسم الجدل الدائر حول إجراء الانتخابات النيابية بموعدها الدستوري في 27 أيلول/ سبتمبر 2020، الذي تنتهي فيه المدة القانونية للبرلمان الحالي، أو تأجيلها بسبب أزمة فيروس كورونا وما خلفته من تبعات اقتصادية على البلاد.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي رومان حداد، أن قرار "التمييز" لا علاقة له باقتراب الإعلان عن موعد الانتخابات النيابية، ولا يهدف إلى تشكيل أي ضغوطات على الحركة الإسلامية للمشاركة فيها أو مقاطعتها.

وأكد حداد لـ"عربي21" أن القضاء الأردني نزيه، ومحكمة التمييز تؤمن بالفصل بين السلطات، وتنظر إلى ما بين يديها من دعاوى على أساس قانوني محض، مشددا على أن "التزامن بين الأحداث لا يستلزم السببية".

ورفض القول بأن الدولة الأردنية قررت حل جماعة الإخوان المسلمين بسبب ضغوطات خارجية، مقرا بأن هناك ضغوطا لاعتبار "الإخوان" حركة إرهابية، "إلا أن الأردن رفض هذه الضغوط؛ لاعتقاده أن الجماعة جزء من الفضاء العام في البلاد"، على حد وصفه.

وقال حداد إن الحركة الإسلامية جزء من الدولة، وليس شيئا خارجا عنها، فهي ممثلة في البرلمان من خلال كتلة الإصلاح، والتيار الإسلامي ما زال يشارك في الانتخابات النقابية والطلابية، مؤكدا أنه "لا يمكن أن نشهد في الأردن أي حالة إقصاء لمن يمثلون الإسلام السياسي".

تناغم أم تنافر؟

ويتزامن توقيت قرار حل "الإخوان" الأخير مع التناغم بين موقفي الدولة والجماعة إزاء خطة الضم الإسرائيلية، التي تهدف إلى ضم الاحتلال أجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن، والتي أعلن العاهل الأردني رفضه لها عدة مرات.

وقال المحلل السياسي حازم عياد إن هذا التناغم دفع الدولة إلى التأكيد على أن جماعة الإخوان لم تصحح مسارها القانوني بعد، ما أعاد العلاقة بين الطرفين إلى المربع الأول، وأكد أن هذه العلاقة ما زال مسارها طويلا، وتشوبها عمليات احتواء من خلال أدوات قانونية بالدرجة الأولى.

وأكد عياد لـ"عربي21" أن قرار محكمة التمييز مرتبط بالانتخابات النيابية إلى حد كبير، موضحا أن الدولة تريد أن تشكل تيارا ضاغطا على الجماعة؛ لتدفعها إلى المشاركة بكثافة في الانتخابات القادمة، "وهذا ما ستقدم عليه الجماعة، لتؤكد حضورها ووجودها على أرض الواقع".

وأضاف أن مشاركة الحركة الإسلامية في الانتخابات أمر مستحب لدى الدولة، التي تسعى إلى تعزيز شرعية الانتخابات من خلال مشاركة كثيفة من القوى السياسية على اختلاف تياراتها، خصوصا بعد انتخابات عام 2016 التي شهدت تراجعا في نسبة المشاركين، حيث بلغت نسبة التصويت فيها حوالي 36.1 بالمئة، بينما وصلت النسبة في انتخابات 2013 إلى 57 بالمئة.

واستبعد عياد أن يكون ثمة علاقة بين استمرار جماعة الإخوان في وضع قانوني غير مستقر، وبين ضغوطات تفرضها دول خليجية تضع الجماعة على قائمة الإرهاب الخاصة بها، مؤكدا أن العلاقات الأردنية الخليجية لا تدار من خلال الملفات المحلية الداخلية.

واستدرك بالقول إنه لا شك أن الأردن تأثر بالمناخ السياسي السائد في الإقليم عقب ثورات الربيع العربي، الذي أفرز عداء من قبل أنظمة عربية لجماعة الإخوان المسلمين؛ على إثر تأييدها لهذه الثورات، "إلا أن الأردن دولة متماسكة ولها مؤسسات قوية، والنظام الملكي فيها مستقر، وليس بحاجة إلى أن يخلط بين علاقاته الإقليمية وبين ملفات لها أبعاد محلية".

 

اقرأ أيضا: شرعية الإخوان بالأردن.. مراوحة بين قرارات القضاء والسياسة

 

التعليقات (0)