قضايا وآراء

أهداف تسريع وتيرة المحادثات بين الصومال وصوماليلاند

عبد الرحمن حضانة
1300x600
1300x600
بعد تصريح وزير خارجية صوماليلاند السيد ياسين فرتون، في أول اجتماع رسمي بين رئيس الصومال محمد عبد الله فرماجو ورئيس صوماليلاند موسى بيحي عبدي، في شباط/ فبراير الماضي بوساطة رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد في أديس أبابا، تزايدت التكهنات التي كانت وراء هذا اللقاء المهم والمفاجئ، إلى أن تفاجأنا بمؤتمر آخر قبل أيام في جيبوتي، فيا ترى ماهي الأسباب الحقيقة لهذه التشاورات السريعة؟

نلخص ونقول أولا؛ إن تسريع المفاوضات بين الصوماليتين هي قناعة الغرب جميعا، باعتبار أنه ليس من مصلحتهم الانقسام الصومالي بين الشمال والجنوب، فيمكن أن يؤدي هذا الانقسام إلى أستغلال روسيا أو الصين (العدوين اللدودين للغرب) الفرصة، بحيث يمكنهما أن يدعما طرفا ضد الآخر، كما فعلت روسيا في ليبيا من أجل النفط، حيث تساعد قوات حفتر بالسلاح والمرتزقة حتى أصبحت طرفا لا يستهان به في سياسة ليبيا. فلسان حال الغرب يقول: حان الوقت الذي يجب أن يتحد فيه الصومال ويكون دولة واحدة، لكي نستبق ونعقد معه الصفقات البترولية الضخمة في بحاره ، ولكي نستمر في ممارسة نفوذنا في هذه المنطقة الاستراتيجية.

والدليل أن أمريكا كانت مصممة على نجاح المؤتمر، وكانت موجودة بين اللجان الفنية التشاورية التي شكلها الطرفان لمتابعة المفاوضات، والتوصل إلى حل مستدام بين الجانبين. كما أن جميع من يسمون شركاء الصومال الدوليين، وقعوا على بيان نشرته بريطانيا قبل أيام، يدعم ويشجع هذه اللجان، ومعظهم من الدول الأوروبية وأمريكا.

ثانيا؛ أن إثيوبيا أيضا كانت مهتمة لنجاح هذا المؤتمر لتسريع اتفاقيات بينها وبين الصومال حول مصلحتها في استخدام موانئ الصومال، وتسهيل المشاريع الاقتصادية الضخمة، السياحية والتجارية، التي  وقعتها مع الصومال وإريتريا، كما أنها تريد أن تنجح بجانب الصومال الموحد في صراعها مع مصر حول مشروع سد النهضة، المزمع افتتاحه بالشهور القادمة. لذلك؛ هي تسعى دائما أن يكون قائدها الملهم آبي أحمد الذي فاز بـ"نوبل السلام"، مستمرا بنجاحه التصالحي في القرن الأفريقي. فلهذه الأسباب استخدمت أيضا بكل نفوذها لإنجاح هذا الاجتماع.

ثالثا؛ أن الصومال أصبح من أهمّ مناطق استخراج النفط البحري قبالة شرق أفريقيا، وسط اهتمام من شركات النفط والغاز الكبرى، لذلك؛ سنّت الحكومة الصومالية قانون النفط، وأطلقت أوّل جولة ترويجية لمنح تراخيص استكشاف في سبعة مربّعات (بلوكات) نفطية بحريّة للشركات النفطية، ووعدت بتقديم عطاءاتها بين 4 آب/ أغسطس إلى 12 آذار/ مارس 2021، ولكن لا يستطيع الصومال إخراج نفطه وبيعه في الأسواق وهو منقمس شمالا وجنوبا، لذلك من مصلحته أيضا أن يفتح مفاوضات بناءة مع إخوة الدم، ويحل المشاكل العالقة منذ ثلاثة عقود.

رابعا؛ إن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وافقا على تخفيف عبء الديون عن الصومال من 5.2 مليار دولار إلى حوالي 557 مليون دولار، وبموجب ذلك أيضا يمنح الصومال تمويلا جديدا مدته ثلاث سنوات بحجم 395 مليون دولار. وهذه الأموال أيضا مشترط فيها أن يفتح الصومال النقاش مع صوماليلاند.

ولكن للأسف مع كل هذه الدوافع، فشلت المفاوضات التي استمرت أربعة أيام بسبب بند حساس لاستقلال صوماليلاند؛ وهو التنقل بحرية بين الطرفين، ولكن لحفظ ماء الوجه تدخل وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف لتوقيع بنود أربعة تصالحية، أهمها استمرار المفاوضات وتشكيل لجان فنية أخرى لتقريب وجهات النظر.

لقد رحب العالم بهذه المفاوضات المفاجئة من أجل مصالحه، ورحبت الجامعة العربية بلسان أمينها العام أحمد أبو الغيط أيضا، وإن كان متأخرا. ولكن الذي شعر بالسعادة لاستئناف المفاوضات مرة أخرى، وبقلب واسع هي الشعوب الصومالية التي عانت الانقسام، لعل وعسى أن تكون هذه المحادثات بداية موفقة، وتأتي بثمار خير ووئام لكلا الطرفين في المستقبل القريب، وما ذلك على الله بعزيز.

فنرجو من اللجان الفنية في الفترة القادمة أن تكون على قدر  التواضع والمسؤولية، والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
التعليقات (0)