صحافة دولية

NYT: فقر ومجاعة وأمية.. هذا ما ينتظر العالم بعد كورونا

"قد نشهد مجاعات في أكثر من 30 بلدا" حول العالم بعد كورونا- CC0
"قد نشهد مجاعات في أكثر من 30 بلدا" حول العالم بعد كورونا- CC0

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا للصحفي نيكولاس كريستوف، اعتبر فيه أن جائحة أخرى من الفقر والجوع والأمية ستتبع جائحة فيروس كورونا المستجد الحالية. 

وفي مقاله الذي ترجمته "عربي21"، نقل "كريستوف" عن ديفيد بيزلي، حاكم ولاية جنوب كاليفورنيا السابق والمدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، تحذيره مجلس الأمن هذا الأسبوع، قائلا: "نحن لا نواجه جائحة صحية فقط، بل أيضا كارثة إنسانية عالمية.. وقد نشهد مجاعات في أكثر من 30 بلدا".


كما شدد "بيزلي"، في تحذيره، على أن العالم يواجه أكبر أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية.


ويرى الكاتب بدوره أن الدول النامية تعاني من نقاط ضعف كبيرة، مثل العشوائيات المكتظة والأنظمة الصحية التي تفتقر إلى الأطباء، وحيث لا توجد أجهزة تنفس اصطناعي تقريبا. ويوجد عشر دول في أفريقيا ليس فيها أجهزة تنفس أبدا.

ويضيف: "نوجه الناس لحماية أنفسهم من فيروس كورونا بغسل أيديهم بالماء والصابون، ولكن أشخاصا أكثر في العالم يملكون هواتف محمولة (5 مليار)، ممن يستطيعون غسل أيديهم في البيت (4.8 مليار)".


وبالنسبة للأطباء والممرضين في البلدان الفقيرة، لا يواجههم فقط تحدي الكمامات، فأكثر من ثلث المراكز الصحية في البلدان الفقيرة لا تملك مرافق غسل الأيدي، بحسب الأمم المتحدة.

إن مناظر الجثامين تتحلل في شوارع مدينة غواياكويل في الإكوادور، تبرز المخاطر التي تواجهة الدول النامية.

ومع ذلك، فإن هنالك حسابات في الاتجاه الآخر، فالفيروس غالبا ما يقتل كبار السن، وخاصة من يعانون من ظروف صحية معينة. والدول النامية لديها ميزة كبيرة في هذا الإطار، إذ إن نسبة من هم فوق الخامسة والستين من العمر تبلغ اثنين بالمئة فقط من سكان أنغولا وبوركينا فاسو وكينيا. وفي هاييتي تصل هذه النسبة إلى خمس بالمئة، وفي الهند ست بالمئة. في المقابل، فإن نسبة هؤلاء في إيطاليا هي 23 بالمئة وفي أمريكا 16 بالمئة، بحسب أرقام البنك العالمي.

وكذلك فإن 70 بالمئة من الأمريكيين يعانون من البدانة المفرطة، وهو أحد عوامل خطر الإصابة بفيروس كورونا. وتلك نسبة كبيرة مقارنة بما هو عليه الحال في الدول النامية.


يتساءل الكاتب تاليا عن محصلة تلك العوامل، وكيف ستؤثر على الدول الفقيرة في ظل الجائحة الفيروسية.


وينقل "كريستوف" عن "إستر دافلو"، وهي خبيرة اقتصادية من جامعة مساتشوستس التقنية (MIT)، وحائزة على جائزة نوبل العام الماضي، إجابتها على تلك التساؤلات بالقول: "لا نعرف".

بدوره قال الدكتور "ديفيد نابارو"، خبير الصحة العالمية في الأمم المتحدة: "يمكن أن يكون لدينا فرضيات، والفرضيات فيها بصيص أمل".

 

اقرأ أيضا: مركز بحث إسرائيلي: 4 سيناريوهات لمستقبل العالم بعد عام

 

ويعلق الكاتب بالقول: "كمسألة طبية بحتة، لست متشائما بخصوص التأثير على العالم النامي كما هو حال معلقين آخرين. ولكني أخشى أن تكون الآثار غير المباشرة مدمرة".


ويوضح أن الجائحة الفيروسية تسببت بإيقاف حملات مواجهة مرض "شلل الأطفال"، وهو ما ينسحب أيضا على حملات توزيع فيتامين "أ"، الذي ينقذ أرواح الأطفال ويمنع العمى. كما أغلقت الكثير من برامج التغذية المدرسية مع إغلاق المدارس.

وفي بنغلاديش حيث تأثر الاقتصاد بشكل كبير بسبب فيروس كورونا، أظهر استطلاع أجرته مجموعة مساعدات إنسانية تدعى "براك"، أن دخل العائلات تراجع بمعدل 75 بالمئة، وتراجع دخل عمال المصانع بنسبة 79 بالمئة، والسائقين بنسبة 80 بالمئة، وعمال المدن بنسبة 82 بالمئة، والخادمات بنسبة 68 بالمئة وسائقي "الريكشا" بنسبة 78 بالمئة. وأربعة من كل 10 مشاركين في الاستطلاع، كان لديهم طعام يكفي لثلاثة أيام أو أقل.

والمدارس مغلقة في العديد من البلدان، وبعض الطلاب وخاصة البنات لن يعودوا للمدارس أبدا. فعندما تكون العائلات بحاجة ملحة للطعام والمال، فاحتمال أن يكونوا قادرين على دفع رسوم المدارس، وخاصة للبنات سيكون أقل، فيما سيحاولون العيش من خلال تزويج بناتهم، حتى الصغيرات منهن، لنقل مسؤولية إطعامهن لبيت آخر. 

وينقل المقال عن الاقتصادي "أمارتيا سين" قوله إن وجود المرض يقتل، وكذلك غياب وسائل العيش، مشيرا إلى أن وسائل عيش الناس في البلدان الفقيرة دمرت بالإغلاق، بانهيار السياحة ونهاية التحويلات القادمة من الأقرباء في الخارج.

بدوره قال "عارف حسين"، رئيس الاقتصاديين لبرنامج الغذاء العالمي، "إن كوفيد-19 كارثي للملايين الذين يتعلقون فعلا بخيط رفيع. وهي ضربة بمطرقة للملايين الآخرين الذين لا يستطيعون الأكل إلا إذا اكتسبوا أجرا".

ويحذر برنامج الغذاء العالمي بأن الجائحة قد يضاعف عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع الحاد، ونحن نعرف أنه عندما يعاني المواليد الجدد وصغار السن من سوء التغذية لا ينموا الدماغ لديهم بشكل جيد، وقد يعانون من مشاكل إدراكية طيلة حياتهم. وسيتأخرون هم وبلدانهم لعقود أخرى إن لم نستطع معالجة أزمة الجوع عام 2020.

وفي وقت من الألم الشديد والضغط الاقتصادي على العالم الغني، فإن هذا سيكون صعبا، ولكن المساعدات ضرورية، سواء على شكل إعفاء من الديون أومساعدات مباشرة.


ويختم المقال بحديث لـ"كندي أوديدي"، مدير عام شوفكو، وهي مجموعة مكافحة فقر محلية، شدد فيه على أن: "الطعام قليل فعلا.. وفقد كثيرون وظائفهم، ومجتمعاتنا تعيش أولا بأول، ولا توجد شبكة أو نظام أمان. وقال لي صديق طفولة بالأمس إنه يفضل الموت بفيروس كورونا على الموت جوعا".

التعليقات (0)