هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار إعلان
التلفزيون المصري، خبر تعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا السابق، المستشار عبد
الوهاب عبد الرازق حسن، في منصب رئيس حزب مستقبل وطن (المحسوب على الأمن الوطني)
دهشة واستغراب سياسيين ومراقبين، حول ترويج التلفزيون الرسمي لحزب سياسي مستقل.
وقال مصدر إعلامي يعمل ضمن فريق التطوير الذي
يقوده ألبرت شفيق، المشرف على قنوات الأخبار بمجموعة المتحدة للخدمات الإعلامية
(التابعة للمخابرات) لـ"عربي21": "إن هناك تعليمات وصلت للتلفزيون
المصري والقنوات الخاصة بالتعاطي مع الخبر فورا".
وأكد
مصدران إعلاميان آخران في قناتي "إكسترا نيوز، ودي إم سي" "تلقيهم تعليمات بنشر
الخبر وتناوله في البرامج، وتسليط الضوء عليه باعتباره يعزز عمل الحياة الحزبية في
مصر"، مشيرين إلى أن "جميع القنوات التزمت بالتوصية بنشر الخبر على غير
العادة".
اقرأ أيضا: ماذا وراء تصفية شركة ملاحة تاريخية في مصر؟
وبعد ساعات
من نشر الخبر على جميع القنوات الفضائية الإخبارية، انخرطت غالبية البرامج
المسائية في مناقشة تفاصيله بشكل متزامن، والإشادة بتولي رئيس سابق للمحكمة
الدستورية العليا رئاسة أحد الأحزاب الداعمة للسلطة المصرية بشكل مطلق.
سابقة
بتاريخ الأحزاب المصرية
وقال حزب
"مستقبل وطن" في بيان إن "القرار يأتي في إطار إعادة تشكيل المشهد
السياسي، بما يحقق دعائم الدولة المصرية، وسعيا نحو الاستعداد لبدء مرحلة سياسية
جديدة تعتمد على تبادل الخبرات".
وتولى
المستشار عبد الوهاب عبدالرازق عبدالوهاب، رئاسة المحكمة الدستورية العليا
بدرجة وزير، لمدة عامين اعتبارا من 1 تموز/ يوليو 2016 خلفا للمستشار عدلي منصور،
الذي انتهت فترة رئاسته ببلوغه السن القانونية للتقاعد.
ويعول نظام
قائد الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، على "مستقبل وطن"، المحسوب على جهاز
الأمن الوطني في جميع الاستحقاقات الماضية واللاحقة، والذي تأسس عام 2015، لخوض
الانتخابات البرلمانية، وحصد 57 مقعدا داخل المجلس، في تجربته البرلمانية الأولى.
وكانت تقارير صحفية ومصادر مطلعة كشفت
لـ"عربي21"، في وقت سابق، أن إعادة نفوذ "أمن الدولة" على
الأحزاب السياسية كما كانت على عهدها في فترة حكم "مبارك" ضرورة حتمية، وذلك من
أجل "إنقاذ المشاهد الانتخابية المقبلة من عبث تنظيم الأجهزة الأخرى
(المخابرات العامة)، التي شهدت خروقات فجة، وحشودا هزيلة، وأداء مضطربا"،
بحسب ما تم نشره سابقا.
ورفض أعضاء
في حزب مستقبل وطن الرد على تساؤلات مراسل "عربي21" بشأن سبب تولي المستشار عبد
الوهاب رئاسة الحزب، والإطاحة برئيسه السابق أشرف رشاد، الذي واجه انتقادات كثيرة
بسبب الخروقات الفجة التي أرتكبها الحزب في الاستحقاقات الانتخابية الماضية، آخرها
الاستفتاء على التعديلات الدستورية في نيسان/ أبريل 2019.
على خطى
الحزب الوطني
اعتبر
السياسي والبرلماني المصري، عادل راشد، أن حزب "مستقبل وطن" هو استنساخ
للحزب الوطني المنحل، قائلا: "السيسي يريد أن يكون هناك حزب على غرار الحزب
الوطني المنحل (حزب النظام)، وأن تكون باقي الأحزاب "تجميلية
وكرتونية"، والمقصود به ليس الداخل المصري، وإنما الخارج ليروج لنفسه أنه رجل
ينتقل من مرحلة لأخرى في مسار ديمقراطي".
وأضاف
لـ"عربي21": "وإن كانت تحمل الخطوة في طياتها سلبيات كثيرة، إلا أنها
في الوقت ذاته قد تعطي الفرصة للبعض بممارسة الحياة السياسية".
اقرأ أيضا: بعد تفشي كورونا.. لماذا لا توقف مصر المدارس وتقيد السفر؟
واستدرك: "مع أن هذا أمر قد يبدو في غاية
الصعوبة، نظرا لسلوك النظام الواضح في ذلك، لكن السياسة تقتضي
التعامل مع الأفعال بردة أفعال مناسبة بعيدا عن التشنج والعصبية".
وأشار إلى
أن "السيسي يحكم قبضته بشكل كامل على كل مناحي الحياة في مصر، وهو الآن ينحو
منحى مبارك، وربما يكون نصحه البعض بذلك؛ لأنه لا بد من بروز شكل ما من أشكال
الحياة السياسية في البلد ليستطيع الترويج لنفسه، بهدف إيهام المصريين البسطاء بأن هناك حياة
سياسية، وأن ما يحدث هو مسار ديمقراطي جديد".
تثبيت حكم
السيسي
من جهته؛
قال السياسي المصري، محمد سودان، إنه "من الواضح أن عبدالفتاح السيسي لا يريد
بقاء جهة سياسية مستقرة؛ وذلك لضمان عدم تكوين خلايا سياسية تعمل على التسبب في
قلاقل في البلاد، وهذه السياسة دائما يستخدمها الديكتاتور القلق الذي لا يأمن
لبطانته فينقلب بين موجات لا تستمر مدة طويلة".
وفي حديثه
لـ"عربي21"، يرى بأن الأمر يتعلق "برغبة السيسي في جذب
المجموعة الاقتصادية"، التي كانت ظهيرا اقتصاديا قويا لحكم مبارك، والتي عادتْ
نظام الرئيس محمد مرسي، لأنه كان يريد إيقاف نزيف الفساد الذي يسري في كل
مؤسسات الدولة، وكان المستفيد الأول من هذا الفساد تلك المجموعة الاقتصادية التي
كانت مدعومة بنظام مبارك".
واختتم
حديثه بالقول إن "انخراط تلك المجموعة في المضمار السياسي كما كانوا في عهد
مبارك بما لا شك فيه سوف يثبت عرش السيسي الذي تهزه الأزمات الاقتصادية، وخاصة إذا تبين أن العسكريين فاشلون تماما في إدارة الملف الاقتصادي
والانخراط في كل مناحي الحياة على نحو فج".