سياسة عربية

قيادي في "النهضة" التونسية: استقالة الجلاصي مؤسفة

القيادي في حركة "النهضة" عبد الحميد الجلاصي يستقيل احتجاجا على ضيق الديمقراطية في حزبه
القيادي في حركة "النهضة" عبد الحميد الجلاصي يستقيل احتجاجا على ضيق الديمقراطية في حزبه
أعرب القيادي في حركة "النهضة" وزير الخارجية التونسي السابق رفيق عبد السلام عن أسفه، لإعلان القيادي في "النهضة" عبد الحميد الجلاصي الاستقالة من الحركة، وأكد أن هذه الاستقالة تؤكد مرة أخرى حاجة "النهضة" إلى مشروع تجديدي يأخذ بعين الاعتبار عملية الانتقال من المعارضة إلى الحكم.

وقال عبد السلام في حديث خاص لـ "عربي21": "النهضة هي مشروع وفكرة فوق الأفراد والمصالح الذاتية. والاستقالة ليست تعبيرا عن مشروع ورؤية بقدر ما هي تعبير عن قلق وتكامل. ومفروض أن نحول حالة القلق والضيق إلى تفكير عميق مصحوب بإرادة التغيير والتطوير على ضوء رؤية ومشروع للمستقبل".
 
وأضاف: "استقالة الجلاصي يجب أن تكون حافزا لتعميق الحوار الداخلي وتحويل الوجهة من إرادة التموقع إلى إرادة التطوير والتجديد بما يستجيب لمقتضيات المرحلة الجديدة".
 
وأشار عبد السلام إلى أن "النهضة ذهبت إلى الحكم ولكن من دون تحديد رؤية ومشروع للحكم، لماذا نحكم؟ ومن أجل ماذا؟".
 
وقال: "عنصر القوة في النهضة هو خطها السياسي العقلاني الذي يتكيف مع المتغيرات ولكن الخط السياسي تعتريه بعض التأثيرات الميدانية والتقلبات الفجئية أحيانا وهذا الأمر يجب تعديله وتصويبه". 

وذكر عبد السلام أنه "شخصيا لديه انتقادات كثيرة على الطريقة التي أديرت بها النهضة إلى غاية المؤتمر العاشر في أيار (مايو) 2016 ولكن هذا لا يعني أن المنهجية التي اشتغلنا بها بعد ذلك خالية من العيوب والنقائص. كلنا يتحمل مسؤولية الأخطاء كما أن كلنا يتحمل مسؤولية التصويب والتصحيح وفق الآليات المتاحة داخل الهياكل والمؤسسات".

وأوضح عبد السلام وجود تباينات تنظيمية تعود إلى المؤتمر العاشر للحركة، وقال: "ليس هناك سر، أنه وفي مؤتمرنا العاشر وقع اختلاف تنظيمي، ولم تكن له صبغة فكرية ولا سياسية، ولكنه تراكم بعامل الوقت مما أدى إلى مثل هذه الاستقالة".

وأكد، أنه من الأحرى والأولى أن يتركز النقاش على الخيارات والسياسات والأفكار بدل التركيز على القضايا الشكلية ذات الصبغة التنظيمية".

وأشار عبد السلام إلى أن حديث القيادي المستقيل من النهضة عبد الحميد الجلاصي عن استحالة الديمقراطية في حركة النهضة فيه الكثير من الجدل، وقال: "الأخ عبد الحميد كان جزءا من مسار الحركة، على الأقل منذ العام 2011 إلى الآن، وبالتالي إذا كان هنالك خلل أو تشوه، فهو يتحمل جزءا من المسؤولية في ذلك، ولكن في اعتقادي أن هذا عبارة عن تزاحم قيادي.. فكلما اقتربنا من المؤتمر 11 إلا وسادت هذه الأجواء".

وأضاف: "تقديري أن هناك حرصا من الصف القيادي للحفاظ على السمت الديمقراطي النهضاوي، والالتزام بالقوانين وبالنظم بما يضمن التغيير في إطار الاستمرارية".

وأكد عبد السلام، أن "الرأي العام السائد داخل النهضة بشكل عام، وداخل الصف القيادي أن المؤتمر 11 سيكون في موعده، وأن يتم احترام القوانين والنظم، ولا توجد معركة على هذا الصعيد، لأن الجميع، متشبث بالالتزام بقوانين الحركة وبأعرافها السياسية والتنظيمية".

واعتبر القيادي في حركة "النهضة"، أن الذين يقارنون بين ما يجري في النهضة والخلافات التي جرت سابقا في حزب نداء تونس وأدت إلى تلاشيه، هم يعبرون عن تمنيات أقرب إلى الوهم منها إلى الحقيقة.

وقال: "النهضة مشروع كبير وليست مشروع أشخاص مهما علا موقعهم، وهو مشروع سيستمر مع تطوير نفسها وتجديد خياراتها بما يستجيب لمقتضيات المرحلة في إطار من التوازن بين التجذر في الماضي، والانفتاح على المستقبل.. المطلوب أن تكون النهضة مشروع فكري جاذب وملهم، وأن تتكيف مع المتغيرات الجديدة".

وأضاف: "عموما مثل هذه القضايا كانت متوقعة، فالنهضة انتقلت من وضع إلى وضع، فقد انتقلنا من وضع الحزب المعارض باتجاه حزب يتحمل مسؤولية إدارة الحكم، وقد جاءت الثورة مفاجئة للجميع، لم يكن الجسم النهضاوي مثل باقي الأحزاب، مهيأة لإدارة المرحلة الجديدة، ودخلت تجربة الحكم بدون سابق تفكير وتخطيط، بحكم طبيعة التغيرات النوعية التي عرفتها البلاد".

وعما إذا كانت هناك قنوات للتواصل بين النهضة والقيادي المستقيل عبد الحميد الجلاصي، قال عبد السلام: "نحن نحفظ الود وعلاقة الأخوة مهما كانت هناك من اختلافات في التقدير السياسي، العلاقات كانت ومازالت وستظل قائمة مع الأخ عبد الحميد الجلاصي، مع أن الاختلاف لا يفسد للود للقضية".

وتابع: "نحن مازلنا نختلف في التقدير، ومازلنا مقتنعين بوجود حاجة لإصلاح داخلي، وإلى تطوير الجسم النهضاوي بتعاقدات داخلية من دون الالتجاء إلى الاستقالات".

وأضاف: "علينا أن نضع في الحسبان، أن الحوار داخل النهضة مستمر، ويجب أن تكون هذه الاستقالة، دافعا لتوسيع دائرة الحوار الداخلي وتعميقه، حتى يتبلور مشروع إصلاحي لحركة النهضة يستجب للمتغيرات والاستحقاقات المقبلة".

ولفت عبد السلام الانتباه إلى أن علاقته برئيس الحركة الشيخ راشد الغنوشي لا تمنعه من توجيه النصح، وقال: "شخصيا تربطني علاقة خاصة برئيس الحركة ولكنني لن أتردد في النصح وقول الحق حينما يقتضي الأمر ذلك، لأن كل ما أريده هو تحري المصلحة والتجرد ما أمكن من الأهواء والمصالح"، على حد تعبيره.

وكان القيادي السابق في "حركة النهضة" بتونس، عبد الحميد الجلاصي، قد قدّم استقالته من الحركة مطلع الأسبوع الجاري، مشيرا إلى تحكم رئيسها راشد الغنوشي والمجموعة المقربة منه بقرارات الحركة، على حساب قادتها التاريخيين.

جدير بالذكر أن الجلاصي يعد أحد أبرز قادة "النهضة" منذ 40 عاما، كما أنه تخلى عن منصب نائب الرئيس في الحركة سنة 2015، واشتهر مؤخرا بتوجيه انتقادات لاذعة لآليات تسيير الحركة.
التعليقات (2)
جار قديم
الثلاثاء، 10-03-2020 04:02 م
و هل ابقى الغنوشي حوله من يفكر حتى تختلغون حول الفكر؟؟؟ إلى اليوم ما تزال هرطوقا؛ لقد خضت في كل شئ دون ان تقول فكرة واحدة كعادتك. عمى الغنوشي في تسليطك و امثالك على من ضحوا بكل شيء.
ابوخالد
السبت، 07-03-2020 08:02 م
ان ارتباط التنظيم بتحالفات في زمن النضال السلبي , خاصة عندما يتواجد التنظيم , اضطراريا . في الخارج , قد يكون لها ما يجعلها تفرض نفسها والى حد ما تكون (مقبولة) و نصف جائزة , وان كان هدا لا يبررها على كل حال , ولا يسأل فاعليها عنها ولا يوجد من يعتبرها ترقى الى مواقف الخيانة او المحرمات, الا في حالات قصوى ونادرة , فهدا امر في النهاية يخص التنظيم واعضائه بالدرجة الاولى , ولكن نفس العلاقات تصبح في التقييم الوطني جريمة واقل ما يمكن ان ينزل بها هو النقد اللادع وحتي اكثر من النقد, بل قد يتدخل فيها القضاء والحكومة والاجهزة الامنية وكل قوى الشعبية , حزبية او نقابية او غيرها . مثل ما حصل عقيب لقاء السيد راشد الغنوشي برئيس تركيا اردوخان لقاء سريا وعلى انفراد . للتهنيئة بالسيارة التركية الجديدة, وهدا الامر ينطبق ايضا على اي موقف او تصريح لاي مواطن في موقع المسوؤلية الرسمية . فالموقع المسوؤل رسميا او اعتباريا يلزم صاحبه اكثر , ويفرض عليه قيود , ويجعله عرضة للمسالة , وربما لكل انواع المسألة ,وهدا في حد داته يكشف الكثير , يكشف المستور ويجعل الاخطاء تطفو على السطح , وحينها يصبح بالامكان رؤيتها بالعين المجردة , واول من يراها اصحابها ويكتشفوا وبسهولة وفي حينها كم هي بشعة , مما يدعوهم الى مراجعة انفسهم واعادة التقييم وفي كل شئ . قد يجد البعض ضرورة والزامية التصحيح , وللتصحيح وسائل عديدة , كما يجد البعض ما يبررون به كل شئ . وهنا قد لا تجدي الكلمات خاصة عندما تصدر من المترفعين النرجسيين والدين يعتقدون بانهم الاكثر تميزا وقدرة على الاستيعاب , و على الفهم والالمام , وانهم وحتى وان كانوا الاخرين في الانتماء لآتون بما لم تأتيه الاوائل , وبالتالي يرون من حقهم التبرير , ومن حقهم تلقين الاخرين دروسا في الفهم , بل حتى اقناعهم و اعادة كسبهم للتنظيم , بدلا من ان يفكروا في العلة وفي العاهة والمرض ويحاولوا استخلاص الدروس و علاجها , ان هؤلاء مصابون بمرض حب الوصاية علي من هو اكبر منهم قدرا وعلى من هو اصغر منهم وعلى الجميع ان تمكنوا.....