هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا لمراسلتها أليسا روبين، تقول فيه إن الصواريخ التي أطلقت من شاحنة بيك آب (كيا) بيضاء على القاعدة العسكرية ك-1 في العراق، وتسببت في مقتل متعهد أمريكي، وجرحت ستة آخرين، تسببت بسلسلة من الأحداث كادت أن تؤدي إلى حرب بين أمريكا وإيران.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن أمريكا قامت بقصف خمس قواعد تابعة لكتائب حزب الله، التي اتهمتها بالوقوف وراء الهجوم، فقام عراقيون بمهاجمة السفارة الأمريكية، ثم قامت أمريكا باغتيال اللواء قاسم سليماني، وردت إيران بإطلاق صواريخ على القوات الأمريكية وأسقطت بالخطأ طائرة مدنية قتل فيها 176 شخصا.
وتستدرك روبين بأن المخابرات العسكرية العراقية تشكك الآن حول المجموعة التي أطلقت الصواريخ، وتقول بأنه لا يوجد دليل مباشر يربط أي مجموعة بالهجوم، الذي وقع في 27 كانون الأول/ ديسمبر، بالإضافة إلى أن علاقات القوى الأمنية العراقية بإيران تجعلها مترددة في ربط أي مجموعة على علاقة بإيران بالهجوم.
وتقول الصحيفة إنه في الوقت الذي يصر فيه المسؤولون الأمريكيون على أن لديهم أدلة قوية على أن كتائب حزب الله تقف خلف الهجوم، إلا أنهم لم يعلنوا عن تلك الأدلة، مشيرة إلى قول المسؤولين العراقيين بأن لديهم أدلة ظرفية تشير إلى أن الصواريخ أطلقت من منطقة سنية في محافظة كركوك مشهورة بهجمات تنظيم الدولة، ما يجعل تلك المنطقة معادية لكتائب حزب الله، التي لم توجد في محافظة كركوك منذ 2014، لكن تنظيم الدولة قام بثلاث هجمات بالقرب من قاعدة ك-1.
ويفيد التقرير بأن المخابرات العراقية أرسلت تقارير للأمريكيين في تشرين الثاني/ نوفمبر وكانون الأول/ ديسمبر، تحذر فيها من عزم تنظيم الدولة استهداف قاعدة ك-1، وقاعدة جوية عراقية في محافظة كركوك يستخدمها الأمريكيون، مشيرا إلى أن سيارة البيك آب وجدت على بعد 1000 قدم من موقع قتل فيه تنظيم الدولة خمسة رعاة جاموس شيعة في أيلول/ سبتمبر، ويقول المسؤولون العراقيون إن هذه الحوادث كلها تشير إلى تنظيم الدولة.
وتنقل الكاتبة عن رئيس مخابرات الشرطة الفيدرالية في قاعدة ك-1، اللواء أحمد عدنان، قوله: "المؤشرات كلها تقول إن تنظيم الدولة (كان وراء الهجوم).. لقد أخبرتكم بالحوادث الثلاثة التي وقعت في الأيام السابقة (للهجوم) مباشرة في المنطقة، نحن نعرف تحركات تنظيم الدولة.. فحتى نحن بصفتنا قوات عراقية لا نستطيع القدوم إلى هذه المنطقة، إلا أن نكون قوة كبيرة لأنها ليست آمنة.. فكيف يمكن لمن لا يعرف المنطقة أن يأتي إليها ويجد موقعا يشن منه الهجوم؟".
وتلفت الصحيفة إلى أن كتائب حزب الله أنكرت قيامها بالهجوم، ولم تتبناه أي مجموعة أخرى، لكن المسؤولين الأمريكيين قالوا إن لديهم خيوطا متعددة من المعلومات تشير إلى كتائب حزب الله، فقام المحققون الأمريكيون بفحص شاحنة البيك آب، وحصلوا على أدلة تفيد بأن كتائب حزب الله كانت وراء الهجوم، بحسب مسؤولين أمريكيين تحدثوا بشرط عدم ذكر أسمائهم، ولم يقولو ما الذي ربط الشاحنة بتلك المجموعة.
ويورد التقرير نقلا عن مسؤول أمريكي أيضا، قوله إنهم اعترضوا اتصالات تظهر تورط المجموعة، فيما قال المسؤولون الأمريكيون بأنه كان هناك 11 هجوما صاروخيا في شهري تشرين الثاني/ نوفمبر وكانون الأول/ ديسمبر على قواعد عراقية تستضيف قوات التحالف.
وتنقل روبين عن مسؤول، قوله إن لدى أمريكا ثقة عالية بأن أكثر من نصف تلك الهجمات، بما فيها هجوم 27 كانون الأول/ ديسمبر، قامت بها كتائب حزب الدعوة، لافتة إلى أن أمريكا لم تقدم أيا من معلوماتها علنا، ولم تشارك بها العراقيين.
وتورد الصحيفة نقلا عن رئيس الأركان لدى رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، الفريق محمد البياتي، قوله في مقابلة: "لقد طلبنا من الطرف الأمريكي أن يشاركنا أي معلومات وأي أدلة، لكنهم لم يرسلوا لنا أي معلومات".
وينقل التقرير عن مدير عام المخابرات العراقية ومكافحة الإرهاب، أبي علي البصري، قوله بأن أمريكا لم تستشر العراق قبل القيام بالهجمات المضادة في 29 كانون الأول/ ديسمبر ضد كتائب حزب الله، وأضاف: "لم يطلبوا تحليلا لما حصل في كركوك، ولم يشاركوا أي معلومات.. وفي العادة يفعلون الأمرين".
وتورد الكاتبة نقلا عن مسؤولي الدفاع والمخابرات الأمريكيين، قولهم بأنه بالرغم من عمل الأمريكيين والقوات العراقية معا في مكافحة الإرهاب، إلا أن أمريكا لا تشارك المعلومات الحساسة مع العراق؛ لأن العاملين مع إيران اخترقوا الحكومة في بغداد، وسيكشفون تلك المعلومات لطهران.
وتذكر الصحيفة أن المخابرات العراقية تقول بأن من الصعب تقييم المزاعم الأمريكية دون رؤية المعلومات الأمريكية، وأضافوا أنه لم يكن هناك شيء مميز حول شاحنة البيك آب المستخدمة في هجوم 27 كانون الأول/ ديسمبر، عدا أنه تمت إضافة منصة إطلاق صواريخ إليها وصواريخ الكاتيوشا 107 مم تستخدمها الأطراف جميعها في العراق.
وبحسب التقرير، فإن هناك اختلافا حول عدد الصواريخ التي أطلقت، ففي الوقت الذي يقول فيه الأمريكيون إنه تم إطلاق 31 صاروخا، إلا أن اللواء عدنان يقول إنه كان أول من وصل إلى موقع الهجوم، وبأنه عد 11 صاروخا، وقال عدد من الضباط العراقيين في القاعدة المستهدفة إنه قد يكون هناك 16 صاروخا، لكن بالتأكيد ليست 31.
وتنقل روبين عن علي فرحان، المزارع وعمدة قرية نبتس، التي تبعد حوال أربعة أميال عن قاعدة ك-1، وبالكاد ميل عن موقع إطلاق الصواريخ، روايته قائلا إنه كان مع أخيه يحدثه عن حرث الأرض في اليوم التالي عندما رأى الشاحنة قادمة من الجنوب الغربي -وهي مناطق صديقة لتنظيم الدولة- ثم دخلت الشاحنة شارعا ترابيا مسافة نصف ميل تقريبا وتوقفت وأطفأت أضواءها، وبعد حوالي 35 دقيقة رأى الصواريخ تنطلق منها، وكذلك اللواء عدنان الذي اتصل به العمدة للمساعدة، الذي كان يقود سيارته بأسرع ما يمكن باتجاه الشاحنة لوقف الهجوم.
وتورد الصحيفة نقلا عن اللواء عدنان، قوله: "اتصلت مباشرة بالمقر الرئيسي، وحذرته بأن الصواريخ تطلق على القاعدة العسكرية"، وأضاف أنه عندما وصل إلى الشاحنة وجد أنها تحمل ثلاث طبقات، كل واحدة منها مؤلفة من 12 قاذفة، لكن يبدو أن أقل من نصفها كان محملا بصواريخ، وأربعة منها لم تنطلق، ما يعني أنه على أكثر تقدير كان هناك 14 صاروخا تم إطلاقها.
وينوه التقرير إلى أن الأمن القومي العراقي أرسل بتقرير في 6 تشرين الثاني/ نوفمبر للأمريكيين، قال فيه بأن تنظيم الدولة يسعى لمهاجمة قاعدة ك-1 في محافظة كركوك بنيران غير مباشرة، بالإضافة إلى تقرير آخر في 25 كانون الأول/ ديسمبر، يفيد بأن تنظيم الدولة يسعى للحصول على أراض في شمال غرب القاعدة العسكرية.
وتنقل الكاتبة عن اللواء عدنان، قوله بأنه حذر الأمريكيين حول احتمال الهجوم على ك-1 على الغداء في يوم الهجوم، الذي استضاف القادة الأمريكيين في القاعدة للتباحث في الأمور الأمنية.
وتورد الصحيفة نقلا عن أحد قادة الشرطة الفيدرالية، وهو العقيد طالب التميمي، قوله بأنه رجا الأمريكيين إبقاء بالون الاستطلاع في الجو للمساعدة في منع وقوع هجوم، لكنه أنزل ذلك اليوم للصيانة.
وينقل التقرير عن اللواء عدنان، قوله إن ثلاثة صواريخ سقطت في الجانب العراقي من القاعدة، وواحد على حدود القاعدة، وحوالي سبعة صواريخ في الجانب الأمريكي، وأصاب صاروخ واحد منها على الأقل مخزن ذخيرة متسببا بانفجار ثانوي كبير.
وتورد روبين نقلا عن المسؤول عن الجانب العراقي من القاعدة العميد عامر عيسى حسن، قوله بأن القرى المجاورة تركمانية وعربية "وهم متعاطفون مع تنظيم الدولة هناك، فلماذا نلوم حزب الله وغيرهم؟".
وتقول الصحيفة إن المسؤولين العراقيين فوجئوا عندما أخبرهم المسؤولون الأمريكيون بأنهم سيقومون بتوجيه ضربات انتقامية ضد قواعد كتائب حزب الله بعد أن أعلن وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر بأن "كتائب حزب الله" هي المسؤولة عن الهجوم ضد الجيش الأمريكي.
وينقل التقرير عن المسؤولين العراقيين، قولهم إن كتائب حزب الله لم تدخل تلك المناطق منذ عام 2014 في بداية الحرب على تنظيم الدولة، كما أنكر التنظيم أي علاقة له بالهجوم من خلال المتحدث باسمه محمد محيي، الذي قال إنه إن كانت لدى أمريكا أدلة فلتقدمها، فيما يقول المسؤولون الأمريكيون إن كتائب حزب الله تعمل في أنحاء العراق كلها وتقوم بهجمات روتينية في المناطق السنية.
وتشير الكاتبة إلى أن الهجوم الأمريكي على كتائب حزب الله وما تبعه من اغتيال لقائد عسكري إيراني وآخر عراقي، قادا إلى مطالبة البرلمان العراقي بطرد القوات الأمريكية من العراق.
وتلفت الصحيفة إلى أن هناك 5 آلاف جندي أمريكي في العراق، مهمتهم الرئيسية محاربة تنظيم الدولة، وتدريب الجيش العراقي، مشيرة إلى أن الحكومة العراقية لم تطلب رسميا مغادرة تلك القوات بعد، لكن الطرفين يقولان إن العلاقة بينهما أصبحت متوترة.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول مستشار عادل عبد المهدي حتى يوم السبت، عبد الحسين الحنين: "الهوية لا تزال غير مؤكدة.. هناك شكوك ما، ولا أدعي أنني أعرف كل شيء، لكن يمكن أن يكون تنظيم الدولة أو حزب البعث".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)