هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا مشتركا، لكل من بورزو دراغاهي وبيل ترو، يقولان فيه إن أمير الحرب خليفة وخطته لحيازة السلطة المطلقة في ليبيا أصبحت عقبة أمام السلام في البلد.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن حفتر يقدم نفسه على أنه رجل عسكري لا يتسامح مع الأمور التافهة، وقام بتشكيل جيش وطني من بقايا أجهزة الأمن في نظام معمر القذافي السابق، واعتبر نفسه الرجل القادر على إحلال النظام في هذه الدولة المهشمة في شمال أفريقيا.
ويقول الكاتبان إنه لهذا عندما واجه بيتر ميليت، الذي عمل سفيرا لبريطانيا في ليبيا حتى عام 2018، خليفة حفتر، حول سجل نائبه في الجرائم التي ارتكبتها في المعارك، بما فيها القتل الفوري وخارج القانون، فإنه توقع ردا سريعا.
وتورد الصحيفة أن ميليت يتذكر قائلا: " قلت له إن هناك عددا من أشرطة الفيديو تظهر إعدام السجناء"، وأخبره أن هذه الإعدامات جرت "دون محاكمات، وأنه أطلق النار عليهم من الخلف، وعليك معالجة الأمر".
ويستدرك التقرير بأن أمير الحرب، الذي منح نفسه رتبة "مارشال" احتج، مشيرا إلى قول الدبلوماسي البريطاني الذي تقاعد من عمله: "لقد اعترف: لا أسيطر على القوات التابعة لي كلها".
ويعلق الكاتبان قائلين إن التناقض بين طموحات حفتر الواسعة والقدرات المحددة ظهر الآن بصفته عقبة كأداء أمام نهاية الحرب الليبية العنيفة التي تشابكت فيها مصالح الدول، مشيرين إلى أن النزاع يهدد بأن يغمر المناطق المأهولة بالسكان، ما يترك آلاف المواطنين عرضة للموت أو الإصابة، ويخلق فيضانا من المهاجرين صوب أوروبا.
وتلفت الصحيفة إلى أن حفتر ومنافسه فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني، التي تعترف بها الأمم المتحدة، كانا في برلين خلال عطلة نهاية الأسبوع، حيث حاولت كل من تركيا وألمانيا وفرنسا ومصر وروسيا دفعهما للمشاركة من أجل التوصل إلى هدنة دائمة يمكن أن تقود إلى تسوية شاملة، مشيرة إلى أنهما رفضا اللقاء وجها لوجه، إلا أن مؤتمر برلين أدى إلى اتفاق هش لوقف إطلاق النار.
ويستدرك التقرير بأن من يعرفون أمير الحرب البالغ من العمر 77 عاما، الذي أقام في واشنطن، يقولون إنه يشتري الوقت ويبني قواته ودعمه الدولي من أجل الحصول على السلطة المطلقة.
وينقل الكاتبان عن المبعوث الأمريكي السابق إلى ليبيا، جوناثان واينر، قوله: "كانت لدى خليفة حفتر الفرص كلها لتوحيد المؤسسات الليبية ومواجهة الإرهاب وتحقيق الاستقرار.. رفض كل فرصة للقيام بذلك، ومن الواضح أن هدفه هو القتال، ويبدو من الواضح لي أنه يريد أن يحل محل القذافي بصفته ديكتاتورا، وتوريث السلطة لواحد من أولاده".
وتنوه الصحيفة إلى أن حفتر يشن حربا دون توقف للسيطرة على البلاد منذ حوالي ستة أعوام، واستطاع إغراء عدد من القوى الإقليمية والدولية لتقديم المصادر له بوعد تحقيق نصر سريع لكن دون نتيجة، مشيرة إلى قول واينر مازحا: "دائما ما يقول إن النصر سيتحقق بعد أسبوعين"، وكتب واينر الغاضب من تحرك حفتر لإغلاق موانئ النفط تغريدة على "تويتر" اتهمه فيها "بابتزاز" البلد.
ويجد التقرير أن اللاعبين الدوليين والإقليميين يتحملون مسؤولية الأزمة المستمرة دون نهاية، التي دخلت الآن عامها التاسع، وأصبحت بشكل واضح ومتزايد حربا بالوكالة.
ويورد الكاتبان نقلا عن الخبير الذي يدير مركز استشارات لإدارة المخاطر "غلوبال سترات" أوليفر غويتا، قوله: "يتحمل الطرفان اللوم بقدر متساو"، وأضاف: "الموضوع الرئيسي لا يتعلق بالقضايا الليبية، لكن الطرفين لن يستسلما، وهناك الكثير على المحك".
وتفيد الصحيفة بأن حفتر وضع شروطه لوقف الحرب، التي تصل إلى حد استسلام منافسيه في طرابلس، الذين يصفهم بمجموعة من الإرهابيين والقتلة، وإلزام حكومة الوفاق بحل الجماعات المسلحة التي تدافع عن العاصمة أمام تقدم قواته.
وينقل التقرير عن أكرم بوحليقة، وهو أحد كبار مساعدي حفتر، قوله: "لا اتفاق إلا بناء على هذه الشروط، شروط الجيش الليبي.. لم يوافقوا فلن يحصل شيء"، وأضاف بوحليقة أن حفتر أكد أكثر من مرة ألا طموحات سياسية له، رغم أنه أخضع برلمان طبرق وحوله لمجموعة من "البصيمة"، وتابع قائلا: "لم يطلب المارشال حفتر السلطة.. رفض أن يكون رئيسا، وقال أكثر من مرة إنه كبير في العمر ويجب أن يكون لليبيا حاكم شاب لا يتجاوز عمره 40 عاما".
ويستدرك الكاتبان بأنه رغم سيطرته على الشرق ومناطق الجنوب، التي يوصف وجوده فيها بأنه غير قوي، إلا أن معظم سكان ليبيا يعيشون في شمال- غرب البلاد، بما فيها طرابلس، التي يحاول السيطرة عليها، ومصراتة، التي كانت على خط المواجهة مع القذافي.
وتشير الصحيفة إلى أن مسؤولين سابقين يرون أن حفتر يعد بأكثر مما يستطيع تقديمه، ويقولون إن مشروعه لا يمكن تحقيقه، وسيؤدي إلى الفوضى ومزيد من العنف، لافتة إلى أنه حتى اسم قوات الجيش الوطني الليبي هو تعبير عن شعور شوفيني يعمل على تقسيم البلاد أكثر من توحيدها، التي تضم الأمازيغ وقبائل التيبو المرتبطة بتشاد والطوارق المرتبطين بقبائل الصحراء.
ويورد التقرير نقلا عن واينر، قوله: "لن يوافق سكان غرب ليبيا على القبول بحكم ديكتاتور.. حتى لو سيطر على طرابلس فلا توجد قوات كافية للسيطرة عليها".
ويقول الكاتبان إنه مهما حدث في المستقبل لليبيا، فإن المسؤولين السابقين الذين تعاملوا مباشرة مع حفتر، حذروا بشكل متكرر من أنه رجل عسكري لا يتسامح مع المعارضة، ونموذجه ومعبوده هو الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي أدخل بلاده في حالة من القمع السياسي لم تشهد مثلها في العصر الحديث.
وتنقل الصحيفة عن واينر، قوله: "من الناحية النفسية فهو رجل عسكري.. لا يؤمن بالعملية الديمقراطية أو العملية السياسية أو التسويات، وهدفه هو السيطرة على كل شيء في ليبيا، بما في ذلك تصدير النفط".
ويجد التقرير أنه برفعه شعار محاربة الإسلاميين فإنه حصل على دعم مصر والإمارات، اللتين قدمتا السلاح له، وعلى دعم من روسيا التي طبعت عملة نقدية له، وتطمح باستعادة دورها في البلاد، فيما كانت فرنسا هي التي منحته نوعا من الاحترام، وتعاونت القوات الفرنسية الخاصة مع قوات حفتر لقتال المتطرفين الجهاديين في جنوب البلاد، وقال مسؤول سابق: "لقد رأوا فيه رجلهم.. يساعدونه ويراهنون عليه ويقدمون له حماية سياسية".
ويبين الكاتبان أنه من خلال الاعتماد على قوى خارجية لدعمه فإن حفتر قام بتنفير أعدائه، وأصبحت تركيا من أقوى الداعمين لحكومة طرابلس، ونشرت قوات في ليبيا لمواجهة المرتزقة الروس، أما الجزائر، التي تعد القوة العسكرية الأقوى في شمال أفريقيا، فهي معادية لحفتر، وتراه عميلا لمصر على حدودها.
وتقول الصحيفة إن "من يعرفون حفتر يقولون إنه مدفوع بحس الغضب والخيانة، فقد دعم انقلاب القذافي ضد الملكية عام 1968 ليتم التخلي عنه عندما قبض عليه في حرب تشاد، وخرج للمنفى حيث أصبح رصيدا أمنيا، وعاد بعد سقوط القذافي وتم تجاهله في مرحلة ما بعد الثورة، وهو الشخص الوحيد الذي يخون قادة العالم، فقد قوض المبادرات الدولية للسلام، وأهان مضيفيه في فرنسا وإيطاليا وأخيرا روسيا، حيث أغضب راعيه الرئيس فلاديمير بوتين بإفشاله محادثات موسكو".
ويورد التقرير نقلا عن غويتا، قوله: "حتى القوى الأجنبية باتت تنظر إليه نظرة شك، وبأنه لم يعد قادرا على تقديم ما يعد به".
ويلفت الكاتبان إلى أن حفتر هدد بالزحف نحو طرابلس منذ عام 2014، وهو زعم بدا سخيفا، حيث كان على بعد 600 ميل عنها في الشرق، فيما هناك قلة تعتقد أنه سيتخلى عن هدفه وقد باتت العاصمة قريبة منه، ويرون أن انتصاره يعني عملية سياسية تجعله تحت عملية ديمقراطية وحكومة محاسبة، وهذا هو ما رفضه في نيسان/ أبريل 2019 عندما شن هجوما غير مبرر قبل يوم من مؤتمر للتسوية كان سيعقد في مدينة غدامس.
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى قول السفير البريطاني السابق ميليت: "لقد فوجئت عندما شن الهجوم في نيسان/ أبريل، وقبل أيام من المؤتمر الوطني"، وأضاف: "كان بإمكانه الحصول على 80% إلى 85% من المطالب التي يريدها ودور قوي في العملية السياسية، وأنا مندهش لكونه تخلى عن هذا كله مقابل شيء يشبه المقامرة، وهذا يظهر أنه مفرط في الثقة في نفسه".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)