هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أظهر التقرير السنوي للجنة السورية لحقوق الإنسان استمرار أعمال القتل والإبادة الجماعية للسوريين للعام التاسع على التوالي، لكنها تميّزت هذا العام بالانخفاض الملحوظ في عدد الضحايا والمجازر مقارنة مع الأعوام السابقة، وتركّزت أعمال الإبادة الجماعية في المنطقة الشمالية، وبشكل جزئي في المنطقة الشرقية، بعد أن كانت موزّعة على نطاقات جغرافية أوسع في الأعوام السابقة.
ووثّقت اللجنة في تقريرها حالة حقوق الإنسان في سوريا لعام 2019، الذي أرسلت نسخة منه لـ "عربي21"، مقتل (3522) شخصاً خلال العام، بمعدل شهري يبلغ (293) شخصاً، وهو ما يعادل نصف عدد الضحايا المسجلين في عام 2018، والبالغ (7064) شخصاً.
وأظهر توثيق الضحايا أن حوالي 60% من ضحايا عام 2019 كانوا في محافظتي إدلب وحلب وحدهما، فيما سجّلت محافظات الرقة ودير الزور والحسكة حوالي 25% من الضحايا.
ووثّقت اللجنة ارتكاب (118) مجزرة في عام 2019، وهو ما يعادل حوالي 43% من عدد المجازر التي تم توثيقها في عام 2018، وحوالي 25% من عدد المجازر الموثقة في عام 2017. وكان حوالي 70% من هذه المجازر في محافظتي حلب وإدلب وحدهما.
وشكّلت السيارات والدراجات المفخخة والعبوات الناسفة واحدة من أبرز أدوات القتل التي استخدمت في أعمال الإبادة الجماعية هذا العام، في ارتفاع واضح عن الأعوام السابقة. وجاءت هذه التفجيرات المرتبة الثانية بعد قوات النظام في قائمة مرتكبي المجازر هذا العام، حيث تسببت في 20% من هذه المجازر.
وتركّزت هذه التفجيرات في مناطق سيطرة الفصائل المسلحة، إذ وقع أكثر من 80% منها في هذه المناطق، فيما وقع معظم الباقي في مناطق السيطرة الكردية شرق وشمال شرق سوريا.
ووقعت معظم أعمال التفجير في مناطق حيوية لسكان المناطق المستهدفة، حيث استهدفت إما الأسواق المكتظة، أو المناطق القريبة من المؤسسات الحيوية، كالمشافي والمساجد، بما يظهر رغبة المنفذين في إيقاع أكبر عدد من الضحايا.
ووثّقت اللجنة مقتل 337 شخصاً في أعمال الاغتيال خلال هذا العام، وهو أعلى معدّل لضحايا الاغتيالات منذ عام 2011. وتسجّل كل أعمال الاغتيال ضد مجهول، نظراً لضعف البنية الأمنية في المناطق التي تقع فيها الاغتيالات.
ووثّقت اللجنة في عام 2019 استهداف (40) سوقاً تجارياً، كانت كلها في محافظتي إدلب وحلب، ما عدا واحد في محافظة الرقة.
وكشف التقرير عن استمرار أعمال استهداف القطاعين الطبي والإسعافي في سوريا. وقد وثّقت اللجنة السورية لحقوق الإنسان في هذا العام استهداف (73) مشفى ومركزاً صحياً، مقارنة مع استهداف (57) مشفى ومركزاً صحياً خلال عام 2018.
ووثّقت اللجنة استهداف (14) مركزاً للدفاع المدني، ومقتل (16) عنصراً من عناصر الدفاع المدني وإصابة نحو (37) عنصراً آخرين. كما أنها وثّقت استهداف (48) سيارة إسعاف وآلية إنقاذ.
واستمرّت أعمال استهداف الإعلاميين في سوريا للعام التاسع على التوالي. ووثّقت اللجنة مقتل (8) صحفيين ونشطاء إعلاميين خلال عام 2019، وإلى جانب أعمال القتل، وثّقت اللجنة إصابة (26) صحفياً وناشطاً إعلامياً خلال هذا العام، معظمهم جراء القصف العشوائي، أو نتيجة للقصف وإطلاق النار أثناء تغطية الاشتباكات.
واستمر قطاع التعليم في سوريا في تحمّل أعباء الانتهاكات والجرائم التي ارتكبت على مدار السنوات الثماني الماضية. وقد وثّقت تعرّض (177) مدرسة للاستهداف في عام 2019، في ارتفاع كبير لأعمال الاستهداف مقارنة مع عام 2018، والذي وثّقت فيه اللجنة استهداف (64) مدرسة فقط.
وشهد عام 2019 ارتفاعاً كبيراً في عدد المساجد المستهدفة مقارنة بعام 2018، حيث وثّقت اللجنة السورية لحقوق الإنسان استهداف (162) مسجداً في عام 2019، مقارنة مع (61) مسجداً في عام 2018. وجاء هذا الارتفاع على الرغم من انخفاض حدة ونطاق الأعمال القتالية عموماً هذا العام.
وتركّزت أعمال استهداف المساجد في محافظة إدلب، حيث وقع فيها ما نسبته 90% من أعمال الاستهداف الموثقة هذا العام. وكانت قوات النظام والقوات الروسية مسؤولة عن أكثر من 77% من أعمال الاستهداف، والتي وقعت في معظمها نتيجة للقصف العشوائي الذي يستهدف المدن الخارجة عن سيطرة النظام في الشمال السوري.
وانخفض معدّل الاعتقالات التي تقوم بها أجهزة النظام وبقية الفاعلين في سوريا خلال عام 2019 مقارنة بالأعوام السابقة، إلا أن ملف المعتقلين والمختفين قسرياً من السنوات السابقة لم يشهد أي تحسّن.
واستمر خلال هذا العام تسجيل حالات الموت تحت التعذيب في سجون النظام السوري، والتي يعود معظمها لمعتقلين من الأعوام الثمانية الماضية، حيث فقدت آثار هؤلاء الأشخاص في الفترة من 2011- 2014، ويقوم النظام بإعلام ذويهم بوفاتهم في سنوات سابقة. وقدّ وثّقت اللجنة مقتل 261 شخصاً تحت التعذيب خلال عام 2019، وتعود وفاة معظمهم إلى سنوات سابقة.
وواصلت مأساة اللجوء السوري تربعها على رأس قائمة أزمات اللجوء حول العالم، حيث بقي اللاجئون السوريون في عام 2019 المجموعة الأكبر عدداً بين كل اللاجئين حول العالم.
وقالت اللجنة في تقريرها إن السوريين في لبنان يواجهون أسوأ الأوضاع مقارنة مع بقية اللاجئين السوريين في دول الجوار وحول العالم، وأنهم يتعرّضون لانتهاكات متزايدة من طرف الدولة والمجموعات شبه الحكومية والأهلية، بما في ذلك ارتفاع استخدام لغة الكراهية ضد اللاجئين من قبل سياسيين ووسائل إعلام لبنانية.
وشهدت معظم مخيمات النازحين في سوريا ـ حسب التقرير ـ ظروفاً صعبة خلال هذا العام، حيث تفتقر معظم هذه المخيمات للعناية المباشرة من قبل المنظمات الدولية التي تملك الإمكانيات الملائمة لإقامة مخيمات مناسبة، وبالتالي فإنّ النازحين المقيمين في هذه المخيمات يُعانون بشكل سنوي من الحر الشديد أثناء فصل الصيف، وما يتبعه من غبار وأمراض، ويواجهون ظروفاً معيشية صعبة في فصل الشتاء، سواء من حيث البرد الشديد وما يرافقه من أمراض، أو من حيث السيول التي تغمر المخيمات في كل عام، أو حتى الثلوج عند نزولها.
وإضافة إلى ما سبق، فقد واجه مخيم الهول للنازحين في ريف محافظة الحسكة الشرقي ظروفاً معيشية خاصة، حيث تفرض قوات سوريا الديمقراطية الحصار على المخيم، وتمنع النازحين فيه من الخروج منه، رغم أن كثيراً من قاطنيه أصبح بإمكانهم العودة إلى بيوتهم بعد انتهاء سيطرة داعش على المناطق الشرقية.
يذكر أن اللجنة السورية لحقوق الإنسان هي منظمة مستقلة، تأسست عام 1997، ومقرها في لندن، وهي أول منظمة حقوقية سورية. وتصدر اللجنة تقريراً سنوياً عن حالة حقوق الإنسان في سوريا بشكل دوري منذ عام 2001.
إقرأ أيضا: حصيلة جديدة لضحايا 8 سنوات من الحرب في سوريا