هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يبدو وكأنه لا يقهر بعد أن حصل على فترة ولاية جديدة في وقت سابق هذا العام بفوز ساحق مما عزز شعبيته كزعيم أكبر ديمقراطية في العالم. لكن بعد بضعة شهور تعرض حزبه «بهاراتيا جاناتا» لهزة صغيرة في أول مرحلة من انتخابات الولايات التي عقدت في ولاية «هاريانا» في شمال البلاد وولاية «مهاراشترا» في غرب البلاد. وخضعت هاتان الولايتان لحكم حزب «بهاراتيا جاناتا» في السنوات الخمس الماضية. والحزب الحاكم في كلا الولايتين كافح في الانتخابات كي يحافظ على سلطته هناك.
وفي ولاية «مهاراشترا»، فاز حزب «بهاراتيا جاناتا» في ائتلاف مع حزب «شيف سينا» الإقليمي اليميني المتشدد، بينما لم يحصل على الأغلبية في ولاية «هاريانا». لكن في هذه الولاية أيضاً دافع «بهاراتيا جاناتا» عن حق تشكيل الحكومة بعد أن سعى إلى الحصول على مساعدة من حزب إقليمي وعدد قليل من المستقلين. صحيح أن النتيجة إيجابية للحزب الحاكم عموماً، لكنها تحمل عدداً قليل من الدروس لزعمائه، وتوضح للمعارضة التي شنت حملة ضعيفة إلى حد كبير أنه بوسعها العودة للسلطة إذا اتحدت.
والانتخابات في هاتين الولايتين، نُظر إليها باعتبارها اختباراً لحزب «بهاراتيا جاناتا»، الذي ركز على قرارات «مودي» مثل التخلص من الحكم الذاتي الخاص في كشمير والضربات الدقيقة في باكستان. وفي «هاريانا»، لم يحصل الحزب على نصف المقاعد، بل حصد 40 مقعداً من 90 مقعداً. وفي انتخابات عام 2014، كان الحزب قد حصد 52 مقعداً وشكّل الحكومة بنفسه. وحزب «المؤتمر» الذي شن حملة انتخابية ضعيفة ويكافح كي يبقى متواجداً في مجريات السياسة، استطاع أن يرهب حزب «بهاراتيا جاناتا» قليلاً بحصوله على 31 مقعداً. وكان حزب «المؤتمر» قد حصد في انتخابات عام 2014، في ولاية مهاراشترا، 14 مقعداً فقط بينما فاز الائتلاف الذي يتزعمه الحزب الحاكم بأغلبية صريحة. وحصد حزب بهاراتيا جاناتا 105 مقاعد من 288 مقعداً، بينما حصد حزبه الإقليمي الحليف 65 مقعداً. وفي انتخابات 2014، حصد «بهاراتيا جاناتا» على 122 مقعداً وشكّل حكومة بنفسه. وهذه المرة، خسر 66 مقعداً، واضطر إلى تشكل ائتلاف حكومي. وحصد حزب «المؤتمر» 44 مقعداً، بينما حصد حزبه الإقليمي الحليف 54 مقعداً.
وهذه أول مرحلة من انتخابات الولايات منذ أن عاد «مودي» إلى السلطة بفوز كاسح في مايو الماضي. لكن منذئذ والحزب الحاكم يكافح تردي الوضع الاقتصادي مع ارتفاع البطالة إلى أعلى مستوى في 45 عاماً وتراجع النمو الاقتصادي إلى ما يزيد قليلاً عن 5% في غمرة مؤشرات على العسر في الاقتصاد الريفي، كما شعرت بعض الأقليات بالخوف بسبب اقتراح الحكومة بالشروع في عملية «التسجيل القومي للجنسية» على امتداد البلاد، اتساقاً مع تطبيقها في ولاية «آسام» في شمال البلاد، التي سيصبح فيها نحو 1.9 مليون شخص بلا جنسية. وكل هذه القضايا ساهمت في إصابة الحزب بانتكاسة أدت إلى خسارة مقاعد في كلا الولايتين.
صحيح أن الأمور انتهت بحزب بهاراتيا جاناتا إلى تشكيل الحكومة في كلا الولايتين، لكن نتائج الانتخابات أظهرت أيضاً أن الناخبين ليسوا سعداء تماماً بأداء الحكومة في كلا الولايتين. وفي مهاراشترا، عاد الحزب إلى السلطة في وضع أضعف. وعاد حليفه الإقليمي «شيف سينا» في وضع أقوى ليواصل تحكمه في الائتلاف، ويطالب بالمزيد والمزيد من المزايا. وبدأ فعلياً يستعرض قوته وانتقد عدداً قليلاً من قيادات الحزب الحاكم.
وفشل الحزب في تحقيق أداء جيد اُعتبر دليلاً على استياء الناخبين من حكومة الولاية ودليلاً على عدم القدرة على تحويل شعبية «مودي» إلى أصوات في كلا الولايتين. ولا شك أيضاً في أن مشكلات البلاد الاقتصادية بدأت أخيراً تؤثر على مجريات السياسة. والبطالة أصبحت قضية مهمة وبدأت تؤثر على المواطن العادي. وهذا يتصاعد مع ظهور تقارير من شركات كبيرة تقلص نشاطها، وعدم قدرة عمال «المياومة» على الحصول على عمل منتظم وحدوث ركود في المشروعات الصغيرة ومتوسطة الحجم. وأظهرت البيانات الحكومية التي نشرت في مايو الماضي أن البطالة بلغت أعلى مستوى لها في 45 عاماً لتصل إلى 6.1% بين عامي 2017 و2018. وهذا تضمن انخفاضاً في الاستثمارات وتباطؤاً في قطاعات الصناعة كثيف العمالة مثل السيارات والإنشاءات.
ولا شك في أن حزب «بهاراتيا جاناتا» في وضع أسوأ في كلا الانتخابين. وفي الوقت نفسه، يُنظر إلى النتائج باعتبارها مشجعة لأحزاب المعارضة من حزب «المؤتمر» إلى الأحزاب الإقليمية التي مازالت ضعيفة الحضور منذ أن اكتسح الحزب الحاكم في الانتخابات العامة الاتحادية. وهذه المرة، ترك حزب «المؤتمر» الأمر إلى قياداته على مستوى الولايات ليديروا الانتخابات وقد شنوا حملات نشطة رغم الافتقار إلى زعيم للحزب. وأظهرت النتائج أنه إذا نظم حزب «المؤتمر» منزله من الداخل، فقد يصعد حتى يتحول إلى تحد خطير على حزب بهاراتيا جاناتا.
عن صحيفة الاتحاد الإماراتية