هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في إدانة دولية جديدة للواقع الحقوقي في مصر في ظل النظام العسكري الحاكم، طالب البرلمان الأوروبي، الخميس، الدول الأعضاء ومؤسسات الاتحاد الأوروبي بالتصدي لتدهور الوضع الحقوقي بمصر، وتنفيذ الضوابط الأوروبية الخاصة بصادرات السلع للقاهرة والمستخدمة بعمليات القمع والتعذيب والإعدام.
وفي جلسته العامة، دعا البرلمان الأوروبي "السلطات المصرية للإفراج
الفوري وغير المشروط عن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين والمحكوم عليهم
لمجرد اضطلاعهم بعملهم السلمي والمشروع بمجال حقوق الإنسان".
وشدد البرلمان الأوروبي على ضرورة "وقف صادرات تقنيات المراقبة وغيرها
من المعدات الأمنية إلى مصر، والتي قد تيسر الهجمات على المدافعين عن حقوق الإنسان
ونشطاء المجتمع المدني ومنهم نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، وأي نوع آخر من القمع
الداخلي".
وندد أعضاء البرلمان بممارسات التعذيب والمعاملة غير الإنسانية للنشطاء
والمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة، والتعذيب والقمع ضد المجتمع
المدني، وما أسموه الاستخدام المتكرر والمقلق لعقوبة الإعدام والقتل خارج نطاق
القانون، والمحاكمات الجماعية، والاختفاء القسري.
اقرأ أيضا: إشادة حقوقية بقرار البرلمان الأوروبي الرافض لانتهاكات مصر
ويأتي بيان الاتحاد الأوربي في ظل مواصلة السلطات المصرية حملات القمع بحق المعارضين، ومواصلة الانتهاكات بحق أكثر من 60 ألف معتقل لأكثر من ست سنوات، حسب منظمات حقوقية.
كما يأتي البيان الأوروبي، قبل نحو أسبوعين من بحث المفوضية الدولية لحقوق
الإنسان التابعة للأمم المتحدة سجل مصر في حقوق الإنسان يومي 11، 12 تشرين الثاني/
نوفمبر المقبل، في جنيف.
المصالح تتحكم
وفي تعليقه على الإدانة الأوروبية، قال الحقوقي المصري محمد زارع:
"مؤكد أن الإدانات الدولية لملف مصر الحقوقي وبينها البرلمان الأوروبي أشبه
بالدعاوى الأخلاقية"، موضحا أنه "لا توجد وسيلة إجبار لعقاب النظام على
انتهاكه حقوق الإنسان".
وأضاف زارع، الذي يعمل نائبا رئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان ورئيسا للمنظمة العربية
للإصلاح الجنائي، خلال حديثه لـ"عربي21"، أنه "رغم أن تلك الإدانة
تأتي من مؤسسة كبيرة لكن في النهاية لن تمنع دول الاتحاد الكبرى مثل فرنسا
وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا من التعاون مع النظام المصري".
ويعتقد زارع، أن "التعاون مستمر والإدانات مستمرة، وأن الإدانات
الأخلاقية موجودة ولكن دون تأثير كبير"، موضحا أن "هذا دور البرلمانات
والمنظمات غير الحكومية وبعض الحكومات خاصة مع الانتهاكات الجسيمة".
واستدرك بقوله: "ولكن تظل الحكومات ومصالحها وإدارتها لملفاتها
الاقتصادية تجبرها على التعاون مع مصر، خاصة في إطار برامج مثل مكافحة الإرهاب
والهجرة غير الشرعية".
وأكد أنه ولذلك "سيظل التعاون قائم وملح ومزدهر ويغض الطرف عن أي
انتهاكات، ومع احترامي لهذه الإدانات سيظل للأوروبيين ملفات مهمة مع النظام
المصري".
وأشار زارع، إلى أن "السيسي، دائما ما يخرج على الغرب بقوله إن
إنسانيتنا غير إنسانيتكم، وحقوق الإنسان لدينا تختلف عنكم، ولا يخجل من حديثه عن
الحريات في العالم وأنها ليست بالضرورة تطبق عندنا، كما أن الغرب تقبله بهذا الشكل
لأنه يؤدي له مصالح وخدمات".
اقرأ أيضا: في عهد السيسي.. مصر تغرق وطفلة تموت صعقا
غير ملزم.. ولكن
وحول حجية
القرار وفقا لمواد القانون الدولي أكد الخبير في القانون الدولي والعلاقات
الدولية، الدكتور السيد أبوالخير، أن "قرارات البرلمان الأوربي غير ملزمة،
وإن كان لها تأثير في الرأي العام الأوربي والعالمي".
وبشأن تأثير ذلك القرار الأوروبي على النظام في مصر، قال الأكاديمي المصري
لـ"عربي21"، أنه برغم أن تلك الإدانة "تعبر عن الرأي العام الأوربي،
إلا أنها تمهد لفضح النظام وتعريته عالميا وجعله منبوذا".
ويعتقد أبوالخير، أنه "يمكن استغلال ذلك بتفعيل هذا القرار أمام
الجهات العالمية الأخرى مثل المحاكم الدولية وكذلك أمام الأمم المتحدة".
وأشار إلى أن دعوة البرلمان الأوروبي دوله عدم تصدير المواد التي تقمع
المواطنين "ملزم أخلاقيا، وله تأثير كبير على الرأي العام الأوربي".
وأكد الخبير المصري بالقانون الدولي أن هناك "تأثير أدبي" على
تعاملات النظام المصري مع تلك الدول "وإحراج تلك الأنظمة أمام شعوبها، ولكن
المصالح تعلو ولا يعلو عليها في السياسة الدولية".
وأوضح أبوالخير، أن غض تلك الدول الطرف عن أفعال تعتبرها جرائم دولية
يجعلها حسب القانون الدولي "شريكا في الجريمة الدولية بالصمت عليها، خاصة وأن
محاكم تلك الدول تتمتع بالاختصاص القضائي العالمي ولها الحق بمحاكمة مرتكبي
الجرائم الدولية".
وختم بالقول إن "النظام الحالي يعتقد أنه فى ظل حماية الولايات
المتحدة الأمريكية، بعيد عن أي مساءلة دولية".
جرس إنذار
من جانبه أثنى مركز "القاهرة لدراسات حقوق الإنسان" على قرار
البرلمان الأوروبي، معتبرا في بيان وصل "عربي21" نسخة منه، أنه بمثابة
"جرس إنذار في ظل الصمت الغالب على موقف المجتمع الدولي إزاء انتقام
عبدالفتاح السيسي وحكومته من المواطنين المصريين".
اقرأ أيضا: منظمة دولية تدين بشدة الحملة العنيفة ضد الحقوقيين المصريين
وقالت الباحثة بمركز القاهرة ليزلي بيكمال، إنه يجب أن يحفز القرار الأوروبي "استجابة أقوى من مؤسسات الاتحاد الأوروبي الأخرى وحكومات الدول الأعضاء للحيلولة دون انخراط مصر في حالة من القمع".
رد مصطفى بكري
وعلى الجانب الآخر، وفي تعليقه على بيان الاتحاد الأوروبي، قال الصحفي
والبرلماني المقرب من النظام بمصر مصطفى بكري، إن "مثل هذه البيانات لن تنال
من عزيمة المصريين على تخطي كل الصعاب".
وعبر سلسلة تغريدات وصف بكري، البيان بـ"الازدواجية في
المعايير"، مشيرا إلى أن الإتحاد الأوروبي غض البصر عن استخدام الشرطة الفرنسية
للقوة المفرطة ضد المتظاهرين، والتزم الصمت عند تجميد رئيس وزراء بريطانيا عمل
البرلمان لمنعه من اتخاذ موقفه من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي.
واعتبر بكري أن البيان الأوروبي يأتي "بأجندة سياسية لحسابات ودوائر
معروفة بعدائها ضد مصر"، مضيفا: "لقد أزعجهم عودة مصر إلي الساحة
والقيام بدورها العربي والإقليمي والدولي، أزعجهم تنامي القوة العسكرية المصرية،
أزعجهم نجاح مصر في تجاوز عملية الإصلاح المالي وتقدم مؤشرات مصر في التنافسية
الدولية، أزعجهم التفاف الشعب".