ملفات وتقارير

هذه علاقة المؤسسة العسكرية بتراجع الاستثمار الأجنبي في مصر

يسيطر الجيش المصري على العديد من القطاعات التجارية في مصر - أرشيفية
يسيطر الجيش المصري على العديد من القطاعات التجارية في مصر - أرشيفية

أرجع اقتصاديون مصريون، السبب وراء تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر بمصر، خلال العام المالي 2018/ 2019، بنسبة 23%، لسيطرة المؤسسة العسكرية على الحياة الاقتصادية بشكل كامل، بالإضافة لعدم الاستقرار السياسي الذي تشهده مصر، والتقلبات الجيوسياسية التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط.


وحسب الخبراء الذين تحدثوا لـ "عربي21"، فإن التقرير الأخير للبنك المركزي المصري، الذي كشف تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر، يحمل العديد من الكوارث الاقتصادية التي ارتكبها نظام الانقلاب العسكري برئاسة عبد الفتاح السيسي، خاصة أن نسبة الاستثمار الأجنبي في المنتجات غير البترولية، تمثل فضيحة لخطط الحكومة فيما يتعلق بجذب رؤوس الأموال الأجنبية لمصر.

 

وكشف البنك المركزي في تقريره السنوي عن بيانات ميزان المدفوعات للعام المالي 2018/2019، تراجع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر بمصر بنحو 1.8 مليار دولار، وبنسبة 23%، مسجلا 5.902 مليار دولار، مقارنة بـ 7.719 مليار دولار في العام المالي السابق له.

 

وسبق تقرير البنك المركزي المصري تقرير آخر للبنك الدولي عن مناخ الأعمال، ووضع فيه مصر بالمركز 160 من 190 دولة، شملها التقرير، فيما يتعلق بعمليات إنفاذ العقود، ومنحها 5.5 درجة، من إجمالي 18 درجة، فيما يتعلق بجودة إجراءات التقاضي بالقضايا الاقتصادية.

 

لماذا الجيش

 

من جانبه يؤكد خبير التمويل الدولي الدكتور وليد مسعود لـ "عربي21" أن هناك العديد من الأسباب وراء تراجع الاستثمار الأجنبي بمصر، بعضها سياسية، وأخرى متعلقة بالبنية التشريعية والأداء الحكومي، رغم حوافز الاستثمار التي قدمتها مصر في تعديلات قانون حوافز الاستثمار عام 2017.

 

وفيما يتعلق بالأسباب السياسية، يوضح مسعود أن سيطرة الجيش على المشروعات الاقتصادية، كفيل بهروب الاستثمار الأجنبي، لأن المستثمر يجد نفسه في منافسة ظالمة، مع مؤسسة لها قوة سياسية وعسكرية واقتصادية، وتحصل على إعفاءات ضريبية وجمركية لا تتحق له، بالإضافة لعامل الخوف من الدخول معها في أزمات أو مشاكل، لأنه في هذه الحالة سيكون عرضة للاعتقال أو مصادرة أمواله على أقل تقدير.

 

ويضيف خبير التمويل الدولي قائلا: "جذب الاستثمارات الاجنبية، يتطلب استقرارا سياسيا، ومنافسة متكافئة، وقوانين يتم احترامها من جميع الأطراف، ووقوف الحكومة على مسافة واحدة من جميع المستثمرين، سواء المحليون أو الأجانب، وهي أمور لا تتحقق بمصر في ظل سيطرة الجيش على السياسة والأمن والقضاء والإعلام، قبل سيطرتهم على الاقتصاد".

 

ويشير مسعود إلى أنه في مقابل ما سبق، فإن هناك أسواق منافسة بالمنطقة العربية والقارة الأفريقية، لا تشهد البيئة الاقتصادية والسياسية فيها نفس المشاكل والتخوفات الموجودة بمصر، مثل إثيوبيا ورواندا وكينيا وبنين بالقارة الأفريقية، وتونس والمغرب والإمارات في الدول العربية.

 

ويذهب مسعود لنقطة أخرى، وهي أن الحكومة لم تقم بجهد حقيقي لجذب الاستثمارات الأجنبية في القطاعات غير البترولية، باعتبارها المقياس الحقيقي لقوة جاذبية الدولة لرأس المال الأجنبي، ولكن الواقع يشير لكارثة، حيث تراجع الاستثمار الأجنبي في غير المواد البترولية، لأدنى مستوى له في السنوات الماضية، بوصوله إلى 400 مليون دولار، في الربع الأول لعام 2019، مقابل 720 مليون دولار، في الربع الأول لعام 2018.

 

كلمة السر

 

ويضيف الخبير الاقتصادي سمير أبو الخير، أسبابا أخرى أدت لتراجع الاستثمار الأجنبي بمصر، منها تراجع الحالة الاقتصادية للمواطنين، ما أدى لتراجع القيمة الشرائية بالأسواق، وهو ما دفع الكثير من المستثمرين الموجودين بالفعل، لسحب جزء من استثماراتهم، وتقليل نسبة الإنتاج، لمواجهة الركود الذي تشهده الأسواق بمختلف المجالات.

 

ويؤكد أبو الخير لـ "عربي21"، أن الأوضاع الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط، عامل إضافي لهروب المستثمرين بشكل عام من المنطقة، ومنها مصر، التي تعاني من أزمات سياسية، رغم محاولات النظام تصدير صورته المستقرة للعالم الخارجي.

 

ويتوقع الخبير الاقتصادي زيادة معدلات تراجع الاستثمار الأجنبي، عن النسبة التي أعلنها البنك المركزي المصري، بعد فيديوهات المقاول والممثل محمد علي، التي كشف فيها الفساد في تعاملات الجيش، وسيطرته على الوضع الاقتصادي بالقوة والمحسوبية، ولأن محمد علي، رجل أعمال فإن رسالته سوف تصل بشكل سريع لكل رجال الأعمال الأجانب المتابعين لما يحدث في مصر.

 

ويحمل أبو الخير، السيسي، المسؤولية المباشرة في هروب رأس المال الأجنبي، نتيجة قبضته الأمنية والعسكرية، وتوريطه للجيش في كل قطاعات الاقتصاد، وهو ما أغلق الباب أمام أي محاولة يمكن أن يقوم بها رجال الأعمال المحليون والأجانب للدخول في السوق المصرية.

 

وبحسب أبو الخير، فإن رجال الأعمال لديهم قناعة بأن منافسة الجيش تمثل لهم خسارة من جميع الجوانب، ولذلك فإنهم يفضلون المجالات التي لا يعمل بها الجيش، الذي كان مهتما في البداية بالاقتصاد العقاري، ولكن مع توسعه في المشروعات الصناعية والغذائية وحتى وسائل المواصلات والإعلام، والحديد والأسمنت، والبترول والغاز، جعل رجال الأعمال يفقدون الأمل في وجود مكان لهم بالسوق المصرية.

التعليقات (2)
High Dam
الخميس، 24-10-2019 10:55 م
منذ الانقلاب العسكري عام 1952 و سيطرة جمال عبدالناصر و رفاقه على الحكم تم ارتكاب جرائم اقتصادية متوالية بدءا من تأميم الشركات و الأعمال و الأرضي الزراعية الخاصة و وتوزيعها على عامة الشعب لكسب تأييد غالبية الشعب المصري وجاء تأميم قناة السويس ضربة قاتلة في الاقتصاد بسبب المشاكل التي سببها ذلك التأميم من العدوان الثلاثي على مسر وما اتبعه من تسوية اتفاق يتم دفع تعويضات لأصحاب امتياز تشغيل قناة السويس ، و بدلا من أن تصبح مصر دولة عظمى سياسية واقتصادية تم دخول مغامرة الحرب مع إسرائيل وحدثت الهزيمة في النكبة العربية 1967 اي انه في سنوات قليلة تم تدمير الاقتصاد المصري لأجيال قادمة مع ديون متراكمة تهدد الأمن الاقتصادي المصري بصورة دائمة ، كما تمت توالي الأخطاء الاقتصادية و الاعتماد على القروض و المعونات و زيادة الديون حتى وصلنا اليوم إلى أهلى مستوى من الدين الداخلي و الخارجي في تاريخ مصر الحديث مع عدم الاستقرار الأمني و الاقتصادي و توجيه دخل الدولة إلى مشاريع اقتصادية فاشلة مثل حفر تفريعة قناة السويس و إهدار حقوق مصر المائية بالموافقة على بناء سد النهضة وما يتبعه من إنفاق المليارات لتقليل اضرار بناء ذلك السد ، وأكثر ما يسبب قرب انهيار الدولة بأكملها هو الفساد المنتشر بصورة مرعبة في جميع قطاعات الدولة تقريبا وهو ما يجعل بانهيار النظام من داخله و ينذر باقتراب ثورة شعبية تفوق ثورة شعب الجزائر على المحتل الفرنسي و الله تعالى أعلم
مصري
السبت، 05-10-2019 11:34 ص
الخراب و الدمار في مصر لا يأتي إلا من احتلال العسكر الأوباش جواسيس تل ابيب لمصر و نهبها و سرقة مواردها .